في مثل هذا اليوم من عام 1934 تمكنت أول سفينة مهاجرين يهود من كسر الحظر الذي فرضته سلطات الاحتلال البريطانية على الهجرة اليهودية إلى فلسطين. وكان الخوف العربي من الهجرة اليهودية إلى فلسطين قد تفجر في أعقاب صدور وعد وزير الخارجية البريطاني أرثر بلفور لليهود بمساعدتهم في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين التي احتلتها بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى. فمنذ احتلال القدس ظهر التواطؤ الاستعماري البريطاني مع الصهيونية حيث سمحت بريطانيا لوفد صهيوني برئاسة (حاييم وايزمن) بالحضور إلى القدس، وقام الكولونيل (رونالد ستورز) حاكم القدس العسكري ببذل مساعيه ليعقد اجتماعات مع وجهاء واعيان العرب مع أعضاء اللجنة الصهيونية والتي كانت تقوم بشرح أهداف الزيارة لإزالة مخاوف الفلسطينيين من إقامة الوطن القومي اليهودي في بلادهم. وحاول (ستورز) إقناع أعيان المسلمين ببيع ممر حائط المبكى مقابل 80 ألفا من الجنيهات، الأمر الذي رفضه المسلمون. ولم تكتف الإدارة العسكرية بالسماح للجنة الصهيونية بزيارة القدس ومحاولتها شراء ممر حائط المبكى بل سمحت للجنة الصهيونية برئاسة (حاييم وايزمن) أن تعقد اجتماعات في مدن فلسطين التي زارتها، حيث عقدت اللجنة الصهيونية مؤتمرها في مدينة يافا، أعلن فيه اليهود برنامجا متكاملا من أجل إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين يكون لليهود حق تقرير شؤونهم واتخاذ (نجمة داوود) شعارا للعلم الصهيوني واستعمال ارض إسرائيل بدلا من فلسطين. وقوبلت البعثة الصهيونية بمظاهرات واحتجاجات من عرب فلسطين عمت معظم مدن فلسطين، وخلال ذلك شعر الفلسطينيون بعمق التحالف البريطاني الصهيوني مما دعاهم إلى تشكيل الجمعيات وإقامة المؤسسات الاجتماعية والثقافية والسياسية في القدس وغيرها ومن أهمها النادي العربي في القدس برئاسة (الحاج أمين الحسيني) والجمعية الإسلامية وجمعية الفدائية، والمنتدى العربي، ونادي الإخاء وغيرهم. وتمحورت نشاطات هذه الجمعيات في تسليح الأعضاء بالأسلحة الخفيفة، وتدريس بعض الشبان اللغة العبرية لمتابعة ما ينشر في الصحف اليهودية وتعليم الأطفال مبادئ الوحدة العربية والعمل على بث الدعاية بين بدو شرق الأردن وتركيز الجهد على الضباط الفلسطينيين في عمان حتى يكونوا على أهبة الاستعداد إذا أعلنت سياسة موالية للصهيونية. كما تم تشكيل جمعية إسلامية مسيحية يهدف برنامجها إلى مقاومة السيطرة اليهودية ومكافحة النفوذ اليهودي والحيلولة دون شراء اليهود للأراضي. وأمام الضغط الشعبي الفلسطيني على سلطات الاحتلال البريطاني اتخذت سلطة الانتداب قرارها بحظر الهجرة اليهودية إلى فلسطين ولكنه كان قرارا صوريا وذرا للرماد في العيون حيث إنه لم يدخل حيز التنفيذ الفعلي إلا في حالات قليلة.وتؤكد الوثائق التاريخية أن هجرة اليهود استمرت حتى 1948 وهو تاريخ انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وإعلان قيام الكيان الصهيوني تحت اسم إسرائيل بمباركة من بريطانيا.