صدر مؤخراً عن هيئة السوق المالية دليل الادخار والاستثمار ، الذي تناول مفهوم سوق المال ومهامها ، وكذلك أدوات السوق المالية التي تضم أسهم الشركات الممتازة والعادية ، وكذلك أدوات الدَّيْن القابلة للتداول والوحدات الاستثمارية الصادرة عن صناديق الاستثمار .. ويحتوي الدليل ايضاً على هيكل السوق المالية ، ودور الوسطاء والمضاربة والاستثمار ، بالإضافة إلى مخاطر الاستثمار التي تضم معدلات التضخم ، التي يُقْصد بها الارتفاع الكبير والمستمر في أسعار معظم السلع والخدمات التي يحتاج إليها الفرد في حياته اليومية ، وتؤثر معدلات التضخم على القيمة الشرائية للنقود . فالمقدار نفسه من النقود يشتري سلعاً أقل حالياً مما كان يشتريه في أعوام سابقه ، ويقاس التضخم بما يعرف بمعدلات التضخم فعندما يقال إن معدل التضخم في المملكة كان 2 في المائة لهذا العام ، فهذا يعني زيادة أسعار معظم السلع والخدمات بنسبة 2 في المائة عن سنة القياس . وفي الوقت نفسه فإن هذا يعني انخفاض القوة الشرائية للنقود بالنسبة نفسها ، وعندما يكون معدل العائد على الاستثمار أقل من معدل التضخم السائد فهذا يعني تحقيق المستثمر خسائر غير منظورة . وانخفاض العائد الذي يكون بسبب الوضع السياسي أو الاقتصادي العام مثل انخفاض العائد على أدوات الدَّيْن أو انخفاض معدلات النمو الاقتصادي أو أوضاع سياسية واجتماعية غير مستقرة .. وقد يكون سبب انخفاض العائد راجعاً إلى مجال الاستثمار نفسه دون غيره ، أو إلى صندوق الاستثمار نفسه .. فعلى سبيل المثال قد يؤدي سوء إدارة الاستثمارات إلى انخفاض عائدها ، وفي أحوال كثيرة خسارة نسبة من رأس المال ، وعليه فمن الواجب بناء القرار الاستثماري على أسس مدروسة ، والتأكد من كفاءة القائمين على الاستثمار قبل المساهمة في أي نشاط استثماري . وبالنسبة لخسارة رأس المال فيجب أن يدرك المستثمر أن شراء وبيع الأوراق المالية يمكن أن يضاعف رأس المال ، كما يمكن أن يؤدي إلى خسارة نسبة عالية منه ، وعليه فمن المفترض أن يدرك المستثمر هذا النوع من الأخطار قبل الإقدام على الاستثمار . وتناول الدليل أنواع الاستثمار فأوضح ان الاستثمار يرتبط في أذهان العديد من الناس بتوافر مبالغ مالية كبيرة قد لا يملكها معظمهم ، ولكن تكمن الحقيقة في أن الادخار والاستثمار أكثر أهمية لأصحاب الدخل الثابت أو محدودي الدخل والثروة .. ومن المناسب التأكيد هنا على المثل الشائع (أول الغيث قطرة) ، ومن يدخر مبلغاً بسيطاً بشكل شهري أو سنوي ويستثمره بشكل مناسب ، فمن المتوقع له أن يجني عوائد مجزية بعد فترة من الزمن .. فعلى سبيل المثال إذا ادخر فرد مبلغ خمسة آلاف ريال واستثمرها ، فإن عائداً سنوياً لا يتجاوز 5 في المائة خلال عشرين عاماً سوف يجعل المبلغ المستثمر يتجاوز ثلاثة عشر ألف ريال ، أما إذا كان معدل العائد السنوي نحو 10 في المائة فإن المبلغ نفسه سوف يتجاوز ثلاثة وثلاثين ألف ريال للمدة نفسها . وفي حال ارتفاع معدل العائد إلى نحو 15 في المائة فإن المبلغ المستثمر للمدة نفسها سوف يتجاوز ثمانين ألف ريال ، ويعتمد عائد الاستثمار على ثلاثة متغيرات أساسية هي : المبلغ المخصص للاستثمار ومعدل العائد والمدة ، ويستطيع المستثمر أن يتحكم في المبلغ المستثمر والمدة الزمنية للاستثمار ، ولكنه لا يستطيع التحكم في معدل العائد ومن خلال دراسة بيانات معدلات العائد للعديد من المنتجات الاستثمارية المختلفة ( ودائع ، اسهم ، أدوات دَّيْن) خلال فترة زمنية طويلة نسبياً (نحو خمسين عاماً) اتضح أن متوسط العائد على الودائع لا يتجاوز 3 في المائة ، مقارنة بمتوسط عائد على أدوات الدَّيْن بلغ نحو 7 في المائة ومتوسط عائد يتجاوز 13 في المائة على الأسهم . وللحصول على أفضل النتائج للاستثمار بأنواعه ، فمن اللازم على الفرد أن يضع خطة متكاملة للادخار والاستثمار مع الالتزام بها بشكل كامل ، وفيما يلي عرض موجز لأهم أنواع الاستثمار المتاحة : الودائع المصرفية التي تقدمها البنوك عبر مجموعة من الخيارات ، للحصول على عائد على المبالغ المودعة لديها ، وتختلف شروط تلك الخيارات من بنك لآخر ، ولكنها تتميز بمستوى أمان استثماري عال جداً ، وبالقدرة على تسبيلها بسهولة ولكن في الوقت نفسه فإن العائد عليها منخفض مقارنة بغيرها من الاستثمارات . وذكر الدليل أن الأسهم تتميز بالعديد من المزايا الاستثمارية إذا أحسن الفرد اختيار الشركات التي يستثمر فيها ، وأخذ في الاعتبار الظروف الموضوعية عند تقييمه الشركات ولاسيما ربحيتها وحسن إدارتها . فيما تعطي أدوات الدَّيْن على اختلافها عوائد جيدة ، كما أن احتمال خسارة رأس المال غير واردة ، إلا إذا كانت صادرة عن جهة غير موثوقة ولكن العائد عليها في العادة اقل من العائد على الأسهم . واشار الدليل إلى أن الاستثمار في العقارات يتطلب توافر مبالغ كبيرة قد لا تكون لدى معظم الناس ، ويعتبر الاستثمار في العقارات لا سيما في المملكة من مجالات الاستثمار الجيدة إذا احسن الفرد الاختيار وابتعد عن المساهمات العقارية غير المرخصة . وقال الدليل : إن الاستثمار في العديد من الفرص عالية الربحية ( اسهم - عقارات) يتطلب حداً أدنى من الخبرة ، وأحياناً كثيرة مبالغ مالية كبيرة قد لا يستطيع الفرد توفيرها ، ومن المعروف أن تكلفة الاستفادة من خبرات المتخصصين في مجالات الاستثمار المختلفة عالية جداً ، وقد تجعل من الاستثمار نفسه غير مريح ، وبناءً عليه فقد يكون أسلوب الاستثمار من خلال صناديق الاستثمار المختلفة من أفضل وسائل الاستثمار المتاحة لصغار المستثمرين . وتطرح صناديق الاستثمار في المملكة من قبل البنوك التجارية ويستثمر فيها أموال مجمعة من عدد كبير من المستثمرين ، وتتميز صناديق الاستثمار عن غيرها بالعديد من المميزات ومن أهمها : - تنوع الاستثمارات وبالتالي التقليل من الأخطار وتوزيعها . - الاستثمار في مجالات قد لا يتمكن صغار المستثمرين منفردين من الاستثمار فيها بسبب كبر حجم المبلغ الذي تتطلبه . - توافر خبرات مالية استثمارية لدى الصناديق . - القدرة على تسييل الاستثمار وتحويله إلى نقود عند الحاجة وبتكاليف منخفضة . ومن المهم التنبه إلى الحقائق التالية التي يجب على المستثمر معرفتها والسؤال عنها قبل الاستثمار في صناديق الاستثمار : أ - التأكد من أن الصناديق مرخص لها من الجهة المعنية بإصدار التراخيص (هيئة السوق المالية - مؤسسة النقد العربي السعودي) . ب - دراسة جميع ما يتعلق بنشاط الصندوق وكفاءة العاملين عليه والسجل الاستثماري للصندوق والمخاطرة المترتبة على الاستثمار فيه . ت - فهم جميع التكاليف والرسوم المترتبة على المساهمة في الصندوق أو الخروج منه . وذكر الدليل أن هناك ثلاثة أنواع رئيسة من الصناديق هي : - صناديق الدخل : وتستثمر معظم أموالها في الودائع وأدوات الدين وتتميز بانخفاض العائد وثباته وقلة المخاطرة . - صناديق النمو : وتستثمر معظم أموالها في أسواق الأسهم وتكون المخاطرة فيها عالية ولكن عائد الاستثمار مرتفع . - صناديق متوازنة : وهي مزيج من الصندوقين السابقين ، وبالإضافة إلى أنواع الصناديق الاستثمارية السابقة هناك ما يعرف بالصناديق المفتوحة والصناديق المغلقة . - الصناديق المفتوحة : هي الصناديق التي ليس لها رأسمال معين ويمكن للمستثمرين الدخول أو الخروج منها في أي وقت ، وليس لها عمر زمني محدد وقد يكون هناك جزاءات مالية عند رغبة العميل الخروج منها في وقت غير المتفق عليه في اتفاقية الصندوق . - الصناديق المغلقة يكون عدد الوحدات الاستثمارية في هذا النوع من الصناديق محدداً ولها أجل محدد وواضح ، وينتهي الصندوق بانتهاء الهدف منه وتجري تصفيته وتوزيع أرباحه أو خسائره على المساهمين . وحول كيفية التخطيط للاستثمار ذكر الدليل أن الاستثمار يحتاج إلى تخطيط واع ، يأخذ في الاعتبار الوضع المالي الحالي للفرد وما يأمل ويمكن الوصول إليه خلال فترة زمنية محددة ، ولكي تقوم بالاستثمار بشكل منهجي وواع فلا بد من وضع استراتيجية واضحة تأخذ في الاعتبار المتغيرات الآتية : - الوضع المالي الراهن للفرد : مثل متطلبات المعيشة سواء المعتادة ( الغذاء والملبس والمواصلات) ، أو غير المعتادة مثل إصلاح السيارة أو سفر مفاجئ. - الهدف من الاستثمار : يختلف الهدف من الاستثمار من شخص لآخر ، فعلى سبيل المثال يهدف معظم الأفراد من الاستثمار إلى شراء سيارة أو منزل أو ضمان دخل جيد بعد التقاعد ، أو توفير مستوى تعليمي لأطفالهم ، وفي الغالب فإن الشخص يهدف إلى تحقيق جميع الأهداف السابق ذكرها ، كما أن ترتيبها حسب الأولوية يختلف من شخص لآخر ، وعليه فمن المناسب تحديد الأهداف من الاستثمار وترتيبها حسب الأهمية . حجم المخاطر الاستثمار محفوف بالمخاطر ولكن من الممكن تقليلها أو زيادتها تبعاً للهدف من الاستثمار ، فكلما زادت احتمالات العائد كلما كانت المخاطر اكبر ، ويعتبر تحديد حجم المخاطر موضوعاً شخصياً ويختلف تقديره من شخص لآخر ، فمن المعروف أن احتمالات المخاطرة تقل في الغالب مع التقدم في السن والمستوى التعليمي ، كما أن البعض محب للمخاطرة أكثر من غيره ، المهم هنا هو التأكد من فهم حجم المخاطر قبل الدخول في الاستثمار أياً كان نوعه . حقوق المستثمر يغلب على الكثير ولا سيما عند الاستثمار في صناديق الاستثمار الخجل والتردد من السؤال عن حقوقه كمستثمر ، ولذلك فمن المهم التأكد من فهم الحقوق والواجبات المترتبة على الاستثمار ، وقراءة جميع الوثائق والنماذج المتعلقة بالاستثمار التي تقدم من قبل من يتم التعامل معهم من البنوك والوسطاء والاستفسار عن جميع ما يصعب فهمه منها .