سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قلة الوعي الاستثماري لدى الأفراد خطر يهددّ سوق الأسهم السعودية بعد انسحاب 8000 مشترك من الصناديق الاستثمارية.. محللون ومديرو شركات استثمارية ل «الرياض»:
أرجع خبراء ماليون ومسؤولون في شركات استثمارية كبرى، انسحاب نحو 8000 مشترك من الصناديق الاستثمارية السعودية في نهاية الربع الأخير من العام الماضي إلى غياب الوعي الاستثماري لدى الأفراد بأهمية تنويع وتوزيع الأصول الاستثمارية، إلى جانب أن الكثيرين لا يزالون ينظرون إلى دور صناديق الاستثمار في الأسواق المالية، بشكل هامشي، بسبب سيطرة المضاربين الأفراد على حركة السوق المالية السعودية والتي تصل إلى أكثر من 90 في المائة من حجم التداولات اليومية. وكان تقرير لمؤسسة النقد العربي السعودي، قد كشف الأسبوع الماضي أن الصناديق الاستثمارية السعودية شهدت بنهاية الربع الأخير من العام الماضي خروج نحو 8000 مشترك، أي ما يعادل نسبة تراجع 2.2 في المائة ليستقر عدد المشتركين عند 356.3 ألف مشترك. ووفقاً للتقرير، فقد شهدت الصناديق السعودية تراجعا في عدد مشتركيها بنسبة 1.3% او ما يعادل 4900 مشترك في الربع الثالث من نفس العام. فيما سجل عدد المشتركين معدل انخفاض سنوي بلغت نسبته 5 في المائة، أي ما يعادل نحو 18.6 ألف مشترك. واتفق الخبراء الماليون في تحقيق موسع مع «الرياض»، على أن صغار المستثمرين يبالغون في توقعاتهم لحجم العوائد من أسواق الأسهم، إلى جانب عدم ثقتهم في أداء وكفاءة مديري الصناديق، مشددين على أن قلة الوعي الاستثمارى باتت تشكّل خطراً على السوق، الأمر الذي يتطلب تكثيف برامج لتوعية المستثمرين بدور الصناديق الاستثمارية التي أثبتت خلال السنوات الأخيرة كفاءتها وأنها الخيار الاستثماري الأمثل، باعتبارها أفضل الأدوات المالية. غياب الوعي الاستثماري وهنا، رأى مازن بغدادي نائب رئيس صناديق الاستثمار في شركة إتش إس بي سي العربية السعودية المحدودة، أن هناك نوعا من غياب الوعي الاستثماري، حيث لا يوجد عند المستثمر الفرد أي فكرة عن الهدف الاستثماري للصناديق والقيمة المضافة من الاستثمار في الصناديق لما فيها من إدارة نشطة لإدارة الأصول باحترافية. وقال: "بعض الصناديق الاستثمارية حققت خلال العام الماضي أداء جيداً وصل إلى حوالي 30 في المائة، لكن بعض المستثمرين ابدوا تخوفهم من الاستثمار في الصناديق مفضلين الاستثمار المباشر في الأسواق، لحماية أموالهم بأنفسهم خوفا من هبوط مفاجئ لأسواق المال على غرار ما حدث في عام 2008، وذلك بسبب نظرة المستثمر على المدى القصير فقط". النظرة الهامشية وأكد بغدادي، أن هناك نوعاً من عدم الواقعية في التوقعات من سوق الأسهم، حيث إن كثيراً من المتعاملين، خصوصاً الصغار منهم، يبالغون في توقعاتهم لحجم العوائد من أسواق الأسهم، التي هي في الأساس أدوات استثمار للمدى الطويل، وليست للمضاربة وتحقيق العوائد السريعة، مبيناً أن قلة الوعي الاستثماري باتت تشكّل خطراً على السوق، والدليل تأثيرها السلبي لجهة انسحاب بعض المستثمرين من الصناديق الاستثمارية، ما تسبب في تحقيق جزء من الخسائر التي لحقت بتلك الصناديق في الأعوام السابقة. وأضاف: "لا يزال يُنظر إلى دور صناديق الاستثمار في السوق السعودي بشكل هامشي، بسبب سيطرة الأفراد على حركة هذه الأسواق بنسبة تصل إلى أكثر من 90% من حجم التداولات، لذلك فإن هذه الصناديق لا تستطيع لعب دور مهم في استقرار هذه الأسواق، ورفع مستوى كفاءتها". شح السيولة فيما أرجع سهيل حيان مدير الصناديق في شركة صائب بي إن بي باريبا لإدارة الأصول، انسحاب نحو 8000 مشترك من الصناديق الاستثمارية السعودية في نهاية الربع الأخير من العام الماضي، إلى عدة أسباب أبرزها مشاكل السيولة لدى بعض المتعاملين والمستثمرين الأفراد، وقلة العائد عند بعض المستثمرين خاصة مع أداء السوق الضعيف في الأربع سنوات الأخيرة عند مقارنتها بتلك العوائد التي حققها السوق بالفترة التي سبقت السنوات الأربع الماضية، إلى جانب قلق المستثمرين وعدم ثقتهم في السوق في المستقبل، غياب الوعي الاستثماري لأهمية تنويع وتوزيع الأصول وحرفة ادارة الصناديق، انخفاض السوق الكبير في 2008 والذي اثر على ثقة المستثمرين بشكل عام. وعن ما إذا كان هذا الانسحاب عائداً لرغبة المستثمرين في البحث عن الربح السريع أو عن أرباح هذه الصناديق المخيبة لآمال المستثمرين المتوقعة، قال سهيل حيان إن هذا يعود لوجود تركيز من المستثمرين على العائد المطلق وليس على العائد المعدل للمخاطرة، وعدم المعرفة الحقيقية لفائدة تنويع الأصول والنظرة للربح السريع الكبير، إضافة إلى أن وسائل الإعلام ساهمت بشكل كبير في تعزيز فكرة التقييم على أساس العائد المطلق فقط وتجاهل العائد المعدل على المخاطر. خيبة الأمل أمام ذلك، أكد محمد القويز العضو المنتدب والشريك المؤسس في شركة دراية المالية أن أصول صناديق الاستثمار شهدت انخفاضاً في الفترة الأخيرة نظراً لسحوبات عدد من المستثمرين الناتجة عن خيبة أملهم من أداء هذه الصناديق ومن الاستثمارات عموماً، موضحاً أن هناك أسبابا عدة لخيبة أمل المستثمرين، أبرزها عدم فهم الكثير من المستثمرين بأن أداء الصندوق زاد أو قل، فإنه يدور في أفق السوق الذي يستثمر فيه، فالعديد من الأفراد استثمروا في صناديق الأسهم السعودية متوقعين أنها ستحقق الربح في سنوات الرخاء وأنها لن تتعرض لأي خسائر في سنوات الانخفاض، أي أنها استثمارات شبه مضمونة، كما كان هناك غياب للاستشارة المستقلة لدى معظم الشركات الاستثمارية التي ركزت على بيع المنتجات الرائجة دون إعطاء وزن لمدى تناسب هذه المنتجات مع حاجات المستثمر وقدرته على تحمل المخاطر. وأكد القويز أن المستثمر الفرد يعتبر أكثر تذبذباً بطبعه من المستثمر المؤسسي وبالتالي فهو أكثر عرضة للانجراف مع موجات الجشع في أوقات الرخاء والذعر في أوقات الشدة التي هي من سمات الأسواق العالمية، ولنا في ذلك مثال في الولاياتالمتحدة التي هي عقر دار الأزمة المالية الحالية والأكثر تأثراً بوطأتها، ولكن بالرغم من ذلك فإن سوق الأسهم الأمريكية انخفضت بنسبة نحو 45% في عام 2008، أي كانت أفضل أداء من السوق السعودية في نفس العام بما يفوق 10%، بالرغم من أن السوق السعودية كانت أقل تعرضاً للأزمة الاقتصادية العالمية من الولاياتالمتحدة. وأحد الأسباب لهذه المفارقة هو أن ما يفوق 75% من التداولات في السوق الأمريكية من مستثمرين مؤسسيين بينما النسبة في المملكة لا تتجاوز 5%، لذا فإن زيادة نسبة المستثمرين المؤسسين يزيد بطبيعة الحال من استقرار الأسواق. وقال القويز: "على مدى السنوات الخمس الماضية ارتفعت أصول صناديق الاستثمار من 60 بليون ريال إلى 89 بليون ريال، بمعدل نمو سنوي بلغ 8 في المائة تقريباً، بينما انخفض مؤشر سوق الأسهم في الفترة ذاتها من 8,200 إلى 5,600 بمعدل انخفاض سنوي بلغ 7.4%، وهذا يدل على أن قطاع الصناديق الاستثمارية مستمر بالنمو على المدى الطويل". الثقة في الأسهم السعودية إلى ذلك، أعرب أحد مديري صناديق الاستثمار عن اعتقاده بأن السبب الحقيقي لخروج جزء من المستثمرين في الصناديق الاستثمارية بشكل عام هو عدم قناعتهم بأهمية الاستثمار طويل الأمد في هذه الصناديق، والجزء الآخر خرج من الصناديق لفقدانه الثقة في سوق الأسهم عموما، وهذا واضح من حجم التداول في سوق الأسهم، فعلى سبيل المثال، قبل انهيار السوق في فبراير 2006، بلغ حجم التداول اليومي قبل الانهيار حوالي 40 مليار ريال، مقابل حوالي 2.50 مليار في اليوم خلال 2010. وأكد أن جزءا كبيرا من المستثمرين الأفراد في سوق الأسهم السعودي يبحثون عن تحقيق الربح السريع، كذلك جزء كبير منهم يستمتع كونه يدير أمواله في السوق خصوصا هؤلاء الذين يتوفر لديهم مزيد من الوقت. دور البنوك والشركات الاستثمارية وحول دور البنوك والشركات الاستثمارية لتعزيز هذا الوعي في المستقبل، عاد مازن بغدادي نائب رئيس صناديق الاستثمار في شركة إتش إس بي سي العربية السعودية المحدودة ليؤكد أن هناك ضرورة لتكثيف برامج توعية المستثمرين بهذا القطاع وأهميته لمستقبل الأفراد، خصوصاً لما يوفره من نمو لرأس المال على المدى الطويل، حيث إن كثيرا من المستثمرين لا يعلمون حتى اليوم الدور الفعال للصناديق الاستثمارية فضلا عن اعتقاد البعض أنه لا يستطيع الاستثمار من خلالها وأنها مقتصرة فقط على كبار المستثمرين، كما يجب توضيح الفرق الإيجابي بين أداء الصناديق والمؤشر على المدى الطويل والذي يصل في بعض الصناديق إلى 200% في خلال فترة العشر سنوات الأخيرة. انتقادات مديري الصناديق وفيما يتعلق بالانتقادات التي توجه لمديري الصناديق وأنها تتحمل الجزء الأكبر من خسائر المستثمرين، شددّ بغدادي على أن الانتقادات التي وجهها البعض لإدارة الصناديق بسبب تراجع أدائها، ليس منطقياً أو موضوعياً، والدليل على ذلك أن أداء الصناديق عن الفترات الطويلة تحقق المنشود منها وتحقق أرباحا بمعدل أفضل من المؤشر علما بأن أداء صناديق الاستثمار عادة ما تكون مرتبطة بأداء الأسواق التي تستثمر فيها، فإذا انخفضت مؤشرات الأسواق، فإنه لا يمكن لهذه الصناديق أن تتلافى هذا الانخفاض بالكامل خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار أن جميع أسهم الشركات المدرجة في الأسواق خلال 2008 على سبيل المثال تراجعت بنسب كبيرة. وتوقع مازن بغدادي نائب رئيس صناديق الاستثمار في شركة إتش إس بي سي العربية السعودية المحدودة، أن تؤدي زيادة شركات الاستثمار العاملة في الأسواق المالية إلى دعم ثقة المستثمرين، وذلك من خلال تبني استراتيجية الإفصاح والشفافية في جميع تعاملاتها مع المستثمرين تشجيعاً على زيادة حجم استثماراتهم، فضلاً عن زيادة أعداد مديري الصناديق المحترفين الجدد ومديري الثروات والمحللين الماليين في شركات الاستثمار، مما سينتج عنه زيادة للبحوث والتحليلات المالية للشركات المدرجة وبالتالي زيادة الوعى الاستثماري. حدة المنافسة قال سهيل حيان مدير الصناديق في شركة صائب بي إن بي باريبا لإدارة الأصول إن صناعة ادارة الأصول ستستفيد من زيادة المنافسة بين الشركات الاستثمارية في الأسواق المالية، وذلك من خلال الكمية وجودة البحوث ومعدلات الإفصاح وزيادة الطلب على الموظفين المؤهلين، مضيفاً: "مع احتدام هذه المنافسة في المستقبل سنجد عودة كبيرة للمستثمرين إلى الصناديق التي ستحقق أداء جيداً تبعاً لهذه المتغيرات. وطالب بضرورة أن تسارع الحكومة بتشجيع الادخار والاستثمار على مختلف الأصعدة انطلاقاً من المؤسسات الحكومية والخاصة إلى الأفراد، وذلك عبر إطلاق برامج وحوافز مثل ما حدث في دول متقدمة كأمريكا. مزايا الصناديق الاستثمارية وحول أبرز مزايا الصناديق الاستثمارية، قال محمد القويز العضو المنتدب والشريك المؤسس في شركة دراية المالية: "تتعدد مزايا الصناديق الاستثمارية، فلديك مثلا اقتصاديات الحجم والتي من خلالها يستفيد المستثمر في صناديق الاستثمار من المزايا المحققة من ضخامة أحجام رؤوس الأموال المستثمرة، والتي غالبا ما تكون أكبر من تلك التي يمكن أن يستثمرها كل فرد لوحده، بالإضافة إلى متطلبات رأس مال قليلة، كون المبلغ الأدنى للاستثمار بالصناديق منخفضا عادة مما يتيح لصغار المستثمرين شراء أسهم الصناديق بكميات تناسب دخلهم، إلى جانب الإدارة المحترفة للصناديق وتمكنها من توظيف مديري استثمار محترفين، يتمتعون بدراية وخبرة ومهارات أكثر في عالم الاستثمار بالإضافة إلى كونهم متفرغين تماما لاستثمار أصول الصناديق. ولعل من أهم مزايا الصناديق مسألة تنويع الأصول فالصناديق لها القدرة على تنويع أصولها على عدد من الأسهم بسبب اقتصاديات الحجم التي تتمتع بها، أما أهم مزاياها راحة البال، حيث تبقى دوما أقل مخاطرة. الاستثمار المؤسسي وتوقع القويز، أن تشهد الفترة المقبلة توجه نسبة أكبر من المستثمرين لجهات الاستثمار المؤسسي الأكثر استقراراً، وأن تشكل الصناديق الاستثمارية شريحة أكبر من عالم الاستثمار، مضيفاً: "العديد من الأسواق الأخرى التي مرت بتجارب مقاربة للملكة صعوداً وهبوطاً، أثبتت أن المستثمرين يعودون بعد فترة لتوظيف مدخراتهم مع جهات الاستثمار المؤسسي، مما يمكنهم من التركيز على أعمالهم اليومية بدلاً من إضاعة أوقاتهم أمام شاشات الأسهم". وعن ما إذا كان أداء الصناديق الاستثمارية مؤخراً مقنعاً بما فيه الكفاية لتطلعات المستثمرين، قال القويز: "لقد قمنا بحصر أداء مختلف صناديق الأسهم السعودية منذ بداية عام 2002 إلى منتصف عام 2009 وحسبنا متوسط أداء جميع تلك الصناديق، ومن ثم قارنا أداءها بأداء مؤشر السوق ككل، ووجدنا أن متوسط أداء الصناديق في تلك الفترة قد تغلب على أداء السوق بصفة عامة، حيث كان متوسط الأداء السنوي للصناديق 15.5%، بينما كان متوسط الأداء السنوي للسوق ككل في الفترة ذاتها 12.5%، وهذا يعني أن من استثمر 100 ريال في السوق ككل في بداية الفترة كان سيحصل على 257 ريالا في نهاية الفترة، لكن الشخص الذي استثمر في صناديق الأسهم السعودية كان سيحصل على 317 ريالا خلال الفترة نفسها، وقد حرصنا في هذا التحليل على ألا نختار صندوقاً بعينه، بل أخذنا متوسط أداء مختلف صناديق الأسهم السعودية الموجودة في بداية الفترة لكيلا يكون التحليل منحازاً لصندوق معين، بالإضافة إلى أنه إذا كان أداء الصناديق أفضل من السوق خلال تلك الفترة، فيمكن استنباط أن أداء بقية المستثمرين (معظمهم من الأفراد) كان أسوأ من السوق خلال الفترة ذاتها (ذلك لكي تكون محصلة أداء الصناديق وأداء الأفراد هي الأداء الفعلي للسوق). وهذه النتيجة متوقعة إلى حد ما بالنظر إلى أن معظم الصناديق الاستثمارية تتمتع بخبرات وكوادر وموارد مالية ومصادر معلومات أفضل من معظم المستثمرين الأفراد، مما يعطيها ميزة نسبية في مجال الاستثمار لتحقيق عوائد أفضل. أرباح الصناديق الاستثمارية وبخصوص أرباح الصناديق الاستثمارية، أكد أحد المحللين أن هذه الأرباح تختلف طبقا لأداء مدير الصندوق وطبقا لنوعية الصندوق كذلك، فهناك صناديق تستثمر في سوق الأسهم السعودي بالكامل، وهناك صناديق تستثمر في أسهم الشركات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وهناك صناديق تغطي قطاعات معينة، كقطاع البتروكيماويات والقطاع البنكي، وهناك صناديق تستثمر في الشركات ذات الحجم المتوسط والصغير. فعلى المستثمر معرفة الاستثمار والنوعية المناسبة له. واستبعد الاتهامات التي تشير إلى أن الشركات الاستثمارية تتحمل خروج المستثمرين بشكل جماعي، حيث إن أداء الصناديق متباين، ولكن للأسف لا يعي المستثمر الفرد المخاطر المتعلقة بالاستثمار بالأسهم، فانهيار 2006 خير دليل على هذه المخاطر، ولكن مع هذا، الى الان نجد أن المستثمرين الأفراد يسحبون استثماراتهم من الصناديق الاستثمارية والتي عادة ما تكون أقل خطورة، ويتجهون إلى المضاربات اليومية في السوق والتي هي أكثر خطورة.