صناديق الاستثمار هي أوعية استثمارية تقوم بجمع رؤوس أموال مجموعة من المستثمرين وتديرها وفقاً لاستراتيجية وأهداف استثمارية محددة يضعها مدير الصندوق لتحقيق مزايا استثمارية لا يمكن للمستثمر الفرد تحقيقها بشكل منفرد في ظلّ محدودية موارده المالية المتاحة وعدم قدرة الأفراد على إدارة استثماراتهم بشكل منفرد والتي قد تعود عليهم بخسائر جسيمة كما حدث للمستثمرين العام 2006 في سوق الأسهم السعودي عندما اندفع الأفراد إلى السوق بمدخراتهم وبيع ممتلكاتهم وأخذ القروض والتسهيلات المصرفية والدخول بها للاستثمار ظناً منهم بأنها فرصة للثراء السريع من دون وعي أو خبرة أو حتى معرفة بأساسيات الأسواق بل إن التوصيات الوهمية هي من كانت توجههم إلى سهم معين ولم يكن السوق منظما بالشكل المطلوب ولم تكن الرقابة مفعلة، ونتج عنها تضخم في سعر المؤشر الذي وصل إلى أرقام خيالية تسببت في كارثة لمعظم المستثمرين وخسروا جل استثماراتهم حتى الصناديق الاستثمارية التي كانت تشتري في تلك الفترة لم تسلم من الخسائر ولكنها بكل تأكيد كانت خسائرها أقل بكثير من خسائر الأفراد ومع ذلك كان يمكن تفادي الكثير من تلك الخسائر لو كانت الصناديق الاستثمارية تدار باحترافية أكثر. يشتمل الصندوق الاستثماري على مجموعة من الأوراق المالية تُختار وفقاً لأسس ومعايير محددة تحقق أهداف الصندوق الاستثمارية، علاوة على تحقيق فائدة التنوع للمستثمر بالصندوق التي تؤدي إلى خفض مستوى المخاطر الإجمالية للاستثمار، وتتجنب استثمارات الصناديق القيود التي تقع عادةً على استثمارات الأفراد، فيتحقق لها مزيد من القدرة على التنويع، وانخفاض في تكاليف بيع وشراء الأسهم، وتتكوَّن أرباح الصناديق الاستثمارية عادةً من الأرباح الرأسمالية، أي الأرباح الناتجة عن تحسن أو تغير أسعار الأوراق المالية المستثمر بها إضافة إلى أرباح التوزيعات، إن وجدت، للأوراق المالية، وقد يتعرض الصندوق للخسارة وذلك في حالة انخفاض قيمة الأوراق المالية المكونة لأصول الصندوق. كانت السعودية هي الأسبق عربياً في خوض تجربة الصناديق الاستثمارية، حين أنشأ البنك الأهلي التجاري أول صندوق استثماري باسم ''صندوق الأهلي للدولار قصير الأجل'' في ديسمبر 1979، ولم تصدر قواعد وتنظيم صناديق الاستثمار السعودية إلا بعد هذا التاريخ بنحو 14 عاماً، أي في بداية العام 1993. واستمرت البنوك السعودية نتيجة لنجاح هذه التجربة في إصدار العديد من الصناديق الاستثمارية المتنوعة، علماً أن إدارة هذه الصناديق انتقلت حالياً إلى شركات الوساطة المرخص لها من هيئة السوق المالية، وقد تحسن كثيراً أداء الصناديق الاستثمارية بعد فصلها عن البنوك وجذب خبرات مؤهلة لإدارة الصناديق، وكذلك وجود التنوع في مجالات استثماراتها ما بين عالية المخاطر ومنخفضة المخاطر ومتوسطة المخاطر، ولكن بمراجعة أداء الصناديق نجد أن هنالك تباينا كبيرا بين مديري الصناديق وهذا يعود إلى نجاح استراتيجية مدير الصندوق وقدرته على تجنب المخاطر واقتناص الفرص والنظرة المستقبلية الجيدة. عدد الصناديق التي طرحتها شركات الوساطة المالية المرخصة من قبل هيئة السوق المالية حتى الآن 268، منها 202 صندوق تعمل وفق الضوابط الشرعية، الصناديق التي تعمل في سوق الأسهم السعودي 101 صندق تمثل حوالي 38 % من حجم الصناديق الاستثمارية وحققت صناديق الاستثمار في الأسهم المحلية خلال عام متوسط أرباح 8,57 وحقق أعلى صندوق أرباح تقدر بحوالي 18 % وهذا إنجاز جيد يحسب لمدير الصندوق، ولكن المخيب للآمال أن هنالك صندوقا حقق خسارة في حدود 9 % ويعود السبب إلى استثمار هذا الصندوق في أسهم الصناديق العقارية ريت التي انخفضت بشكل حاد وقد يحتاج الصندوق إلى فترة طويلة لتحقيق أرباح إما عن طريق توزيعات صناديق الريت أو ارتفاع سعر الأوراق المالية، الصناديق المتوازنة تعد من الصناديق متوسطة المخاطر تستمر في أدوات الدين والمرابحات والأسهم وهذا التنوع قد يخفض من مخاطر الصندوق ويحقق عوائد جيدة حيث بلغ متوسط العوائد السنوية حوالي 6.26 % للصناديق المتوازنة المحلية وحوالي 2.30 للصناديق المتوازنة الدولية، الصناديق العقارية حققت خسائر بحوالي 6 % ويعود السبب إلى انخفاض السوق العقاري خلال السنوات الماضية وقد يستمر الانخفاض خلال السنوات القادمة، الصناديق الأقل مخاطرة هي الصناديق التي تستثمر في أدوات الدين أو المرابحة ولكن عوائدها منخفضة أقل من 2 % سنوياً. مع تباين أداء مديري الصناديق يحتاج المستثمر البحث بشكل دقيق قبل الاشتراك في أي صندوق استثماري عن مدير الصندوق الأكفاء للاستثمار معه ويستطيع المستثمر معرفة كل التفاصيل من خلال الرجوع إلى موقع تداول والبحث عن فئة الصندوق واستعراض قائمة مديري الصناديق واختيار الصندوق الأعلى ربحية ليس ذلك فحسب بل يجب مراجعة أداء مدير الصندوق خلال الخمسة سنوات الماضية، ويحتاج المستثمر إلى تخفيض هوامش المخاطرة بالاستثمار مع أكثر من مدير صندوق، وكذلك توزيع الاستثمار على عدة فئات ولعل الصناديق المتوازنة خيار جيد للمستثمرين. المستثمرون يخاطرون بمدخراتهم في التداول في سوق الأسهم بدون خبرات تجنبهم المخاطر وحسب دراسات فإن حوالي 70 % من المستثمرين الأفراد يخسرون في سوق الأسهم بالإضافة إلى الاستثمار مع شركات أو أفراد غير مرخص لهم تذهب برؤوس أموالهم إلى عالم المجهول ولا يستطيع المستثمر استرداد حقوقه؛ لأنه لا توجد مرجعية لهم ولذلك يجب أن تتجه تلك الاستثمارات إلى الصناديق المتخصصة ليكون لدينا سوق يعمل وفق أسس وأنظمة وممارسات عادلة تحول أسواقنا من الاستثمار الفردي إلى الاستثمار المؤسسي. *محلل مالي حسين بن حمد الرقيب * Your browser does not support the video tag.