روى ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام - يعني أيام العشر - قالوا يا رسول الله : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) أخرجه البخاري وأبو داوود) . وإنه لحريٌ بالمؤمن الكيّس الفطن أن يغتنم هذا الفضل في هذه المواسم التي تمر في عمره فكم أدركها أناسٌ ، وآخرون قصر بهم العمر أن يدركوها عاماً آخر ، ومما ورد في فضل العمل في هذه الأيام من العبادات التكبير ، فيسن للمسلم أن يكبّر الله ويكثر من ذكر الله أيام العشر وأيام التشريق ، وللرجل أن يجهر بها ، وأما المرأة فلا تجهر . والتكبير نوعان فالأول : التكبير المطلق : (اي غير مقيد بأدبار الصلوات الخمس) ، فللمرء أن يكبر في أي وقت وأي مكان فقد (كان عمر - رضي الله عنه - يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ، ويكبّر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً ، وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه ، وتلك الأيام جميعا وكانت ميمونة تكبر يوم النحر ، وكان النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد) (رواه البخاري) وعن عمر - رضي الله عنه - قال : (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) (أخرجه أحمد) . والثاني التكبير المقيد : (اي مقيد بأدبار الصلوات الخمس) ويبدأ من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق وهو الثالث عشر من ذي الحجة ، وصفة التكبير أن يقول : الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد . وإن مما يؤسف له قلة إظهار التكبير في الأسواق والطرقات في هذا الزمان ، ولقد أصبح البعض يخجل من التكبير في الأسواق ، وداخل البيوت ، بل قد يلاحظ المرء أن البعض قد يرمقك بعينه متعجباً عندما يرى من يجهر بالتكبير!! ، ذلك أن البعض لم يألف هذه السُّنَّة ، والبعض الآخر لم يعتد من نفسه وأسرته تطبيق هذه السُّنَّة .إن إحياء الصالحين لسُّنَّة سيد المرسلين وإحياء سنة التكبير في الأسواق والشوارع في وقت كثرت فيه الصوارف عن إظهار السنن وقل من يظهرها فيه أجر عميم ، وتربية إيمانية عملية طيلة أيام العشر وأيام التشريق. أخي المحتسب .. أخي رجل الهيئة .. إن قيامك بالتذكير وإشهارك لسُّنَّة التكبير في الأسواق وداخل الحوانيت عملاً بسنة أجرها لك وتحض الآخرين على الاقتداء بك ، فإنك تحض الرجل والمرأة ، والصغير والكبير ، والبائع والمشتري ، والغني والفقير على هذه السُّنَّة العظيمة . أخي رجل الهيئة كريم السجايا .. كم أفراد المجتمع بحاجة إلى أن يتعلموا من رجل الهيئة التطبيق العملي للسنن والواجبات والسمت والوقار ، مجسداً في الطرقات ، كما أن أفراد المجتمع يتعلمون من العلماء وطلاب العلم الأدب والعلم في المساجد ودور العلم منهم ، فقد لا يشاهدون العالم في السوق ، أما رجل الهيئة فإننا نقابله دائماً في السوق وعلى قارعة الطريق .. فهل يا ترى تجسدت لنا القدوة الصالحة ؟ (*) الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر