في خطوة ثقافية طال الانتظار لها أصدرت وزارة التربية والتعليم أول مشروع ثقافي موجه تحت اسم (سلسلة معارف) الذي تعتزم الادارة العامة للثقافة تطويره مستقبلا بما يخدم التوجهات والتطلعات المرجوة لدى الطلبة والطالبات. ويمثل إصدار هذه السلسلة الثقافية بداية لنشاط الوزارة في مجال الاصدارات الثقافية الموجهة التي تعتزم الادارة العامة للثقافة اصدارها بشكل دوري - كما أكد ذلك مدير عام الثقافة - ضمن سلسلة (معارف) للاسهام في المسيرة الثقافية لبلادنا ولتمثل نافذة يطل منها أبناؤنا الطلاب على تراث الأجداد. المجموعة الأولى من هذه السلسلة حملت خلاصة القصص الشعبي الذي قام بتأليفه للأطفال والناشئة الرائد والأديب المعروف الأستاذ عبدالكريم الجهيمان واشتملت على عشر قصص تتراوح صفحاتها بين 10-30 صفحة تقريبا مزودة برسومات مستوحاة من هذه القصص وبما يعبر عن ماضينا المجيد وخصوصية انسان هذه البلاد الغالية والقصص هي على التوالي. وفي كلمة ضافية تصدرت هذه المجموعة كتب معالي الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد الرشيد وزير التربية والتعليم قائلاً عن هذه المبادرة: (تمضي الحياة بنا على السُنّة التي أرادها الله لها، وتمر على هذه الأرض أفواج بشرية تختلف لونا ولسانا ومنهجا وعملا وسلوكا، لكن يبقى من هؤلاء من يكون لاسهامه في هذه الحياة دور بارز يؤكد توهجه وتألقه في حياته، وتبقى له ملامح وبصمات في مسيرة مجتمعه ووطنه. عبدالكريم بن عبدالعزيز الجهيمان أديب لامع من هذه الأرض الطيبة استطاع في عصر لم تكن فيه شبكة اتصالات ولا ثورة معلومات أن يجعل لنفسه مكانا بارزاً في مسيرة الثقافة في بلادنا، ما زال هذا المكان يتألق، ويزداد بريقه بمرور الايام، ويتعمق الاحساس في أذهان أفراد المجتمع، خاصة في عصر تكاد تطغى فيه العولمة على كل ثقافة خاصة، ومع ذلك كان لهذا النهج أثره في جذب الكثير من أفراد المجتمع الى ثقافته وتراثه. وقد استطاع عبدالكريم الجهيمان أن يبني مجده الثقافي بعصامية لا تعرف مللاً ولا كللاً، ومن خلال اتجاهه الى ثقافة المجتمع الشعبية في عفويتها وبساطتها، يقوم بها جمعا وتدوينا ليحفظ تلك (الذاكرة الشعبية) من الزوال، ويجعل منها سجلاً خالداً لحركة كفاح الآباء والأجداد، كما تحكي ذلك (موسوعة الأمثال الشعبية) و(موسوعة الأساطير الشعبية)، وكتاباته المتنوعة في الموضوعات الاجتماعية الأخرى. وتقديراً لجهود الأستاذ عبدالكريم الجيهمان واسهاماته، جاء تكريمه من أعلى مستوى في بلاده: المملكة العربية السعودية، لدوره الريادي في المجال الثقافي، من خلال اختياره ليكون الشخصية الثقافية لمهرجان الجنادرية السادس عشر. ووزارة التربية والتعليم في نطاق مساهمتها في النشاط الثقافي في البلاد، من خلال مشروعاتها ونشاطاتها الثقافية المتخصصة، يسرها أن تشارك في تكريم هذا الرائد بطباعة عدد من قصصه الشعبية ذات المضمون الاجتماعي الهادف، بعد شيء من التصرف، وأن تُعرِّف الجيل الجديد بالدور الثقافي الذي قام به هذا المبدع خلال سنوات عمره المبارك). وفي قراءة سريعة لقصص الأستاذ الجهيمان يتضح بأنها تجمع بين فن التشويق وفن السرد واختيار الموضوع المحبب للأطفال والناشئة وجميع هذه العناصر - وغيرها - من أهم ما يحتاجه القارئ وخصوصا تلاميذ وتلميذات المراحل الابتدائية والمتوسطة في بلادنا. هذه القصص التي قد لا تكون غائبة عن محبي وقراء الأدب الشعبي بشكل عام والأستاذ الجهيمان بشكل خاص تمثل عملا أدبيا في ثقافتنا السعودية لم يسبق الأستاذ عبدالكريم الجهيمان إليه أحد، ولعل بعض من هذه القصص سبق أن صدر في اطار سلسلة ثقافية قدمها المؤلف للأطفال والناشئة ضمن سلسلة مكتبة الطفل في جزيرة العرب وتؤمنها مكتبة أشبال العرب اللتان أطلقهما الأستاذ عبدالكريم الجهيمان قبل زهاء عشرين عاما. ولعل من الجدير بالذكر في هذا المقام أن نذكر بأن الجهيمان لم يكن بذلك المربي البعيد عن التربية والتعليم في بلادنا. فقد بدأ معلماً، فمديراً في الحجاز. ثم مؤسساً لأول مدرسة في محافظة الخرج في منتصف القرن الهجري الماضي تقريباً. ثم مدرساً لأنجال بعض أصحاب السمو الأمراء. ولم يقف جهد الأستاذ عبدالكريم عند هذا بل تخطاه الى التأليف في المقررات والمناهج المدرسية قبل انشاء وزارة المعارف (التربية والتعليم حاليا). وكان من أبرز مؤلفاته التربوية كتاب الفقه، وكتاب السلوك والتهذيب وغيرها من المؤلفات. وليس بعيداً عنا مبادرته السخية التي تكفل بموجبها ببناء متوسطة السهباء بمحافظة الخرج التي حملت اسمه بمبلغ تجاوز المليوني ريال.