تعقيباً على ما كتبه الكاتب عبد الله الكثيري في جريدة الجزيرة بعنوان (بنات الناس) الذي تطرق فيه إلى تعامل بعض حديثي الزواج مع زوجاتهم وتدخل بعض الآباء والأمهات في شؤون الولد والبنت قبل الزواج بإرغام أحدهم على قبول الزواج من الآخر، ثم تدخلهم بعد ذلك في الشؤون الخاصة للزوجين، فإذا وقعت المشكلات بينهما تدخل أحد الآباء أو الأمهات في ذلك ليصب الزيت على النار فيقع ما لا تُحمد عقباه. إن اختيار الزوج أو الزوجة ليس بالأمر السهل، إنه من أصعب القرارات التي يتخذها الإنسان في حياته، سواء من قِبَل الولد أو البنت أو والديهما، إنه قرار صعب للغاية. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا أتاكم مَنْ ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض). فربط رسول الله صلى الله عليه وسلم الدين بالخلق. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (استوصوا بالنساء خيراً). ويقول أيضاً: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي). ويقول: (وخالِق الناس بخلق حسن). فالدين بدون الخلق الحسن والمعاملة الحسنة لا يشفع لصاحبه بشيء، وقبل الدين المعاملة. فبعض الشباب إذا ارتبط ببنت الناس تجد فيه من العيوب الكثير الكثير، نذكر بعضاً منها على سبيل المثال: * إنسان متغطرس ومتعجرف. * بخيل ومتكبِّر. * لا يقبل من زوجته أي مناقشة أو أفكار أو رأي، ورأيه عند نفسه هو السديد، بينما هو العكس. * البعض منهم يسهر حتى آخر الليل مع الشلة، يتركها وحيدة في المنزل وهو يستمتع مع أصحابه بالمرح والفرح وإسعاد نفسه دون زوجته. * أحمق وضعيف العقل. * تجده في البيت أسداً وكلمته لا تنزل الأرض، بينما هو مع الأصدقاء كالنعامة. * يغار منها ويحقد عليها؛ لأنها مثقَّفة أكثر من ثقافته، وعقلها أكبر من عقله. * يضربها لأتفه الأسباب. * بعض الشباب مصاب بمرض أو عدة أمراض؛ كالأمراض النفسية وغيرها، ووالداه وأصدقاؤه يخفونها عن أبي البنت عند سؤالهم عنه قبل الزواج. هذه بعض من كل، فبعض الآباء والأمهات -هداهم الله- لا يتقصَّوْن الحقائق، ولا يجتهدون في الأسئلة عن الولد أو البنت عند الخطوة الأولى قبل الزواج، وهي من أصعب مراحل خطوات مشروع الزواج، فالبعض منهم يقول: فلان في دين الله، وملازم لجماعة المسجد، ووالده من الأخيار الطيبين. فهذا لا يكفي أبداً، فنصيحتي للوالدين والشباب والشابات قبل الإقدام على اتخاذ قرار مشروع الزواج تقصِّي الحقائق ومراقبة الولد والبنت في كل شيء، وفي كل كبيرة وصغيرة، وخاصة في الآتي: * دراسة أفكار وآراء وسلوك الطرفين، ومعرفة إذا كانت متقاربة وتتوافق وتنسجم مع بعضها البعض. * الدين - العقل - الأخلاق. * معاملته ومعاملتها مع الناس. * لا يكفي سؤال أقارب وأصدقاء أحد الطرفين عنه، بل يجب البحث والتحري من مصادر أخرى. هذه الأمور تحتاج إلى زمن لا يقل عن ستة أو ثمانية أشهر على أقل تقدير، وبعد التأكد من كل شيء ومن كل كبيرة وصغيرة يبتعد الآباء والأمهات عن إرغام أحد الطرفين على قبول الزواج من الطرف الآخر إلا بالمشورة الحسنة وبدون أي ضغوط، ثم بعد ذلك يُصلِّي كلا الطرفين صلاة استخارة، وكما قيل: ما خاب مَن استشار، ولا ندم مَن استخار.فأعتقد -والله أعلم- أنه إذا اتُّبعت هذه الخطوات قبل الزواج فإن قرارات الطلاق ستكون نادرة إن شاء الله. وربما قال قائل: إن تطبيق هذه الطريقة في مشروع الزواج صعب للغاية، وقد تكون مستحيلة، فأقول له كما قال الكاتب وفَّقه الله: إن بنت الناس ليست سلعةً تُشترى من السوق. وهذه الطريقة فيها شيء من الصعوبة، ولكنها ليست مستحيلة. ولأن عقد القران مصير أبدي، وخاصة من قِبَل البنت، لذا يجب سلوك كافة الطرق المؤدية إلى نجاح مشروع الزواج، كما أتمنى من كل الشباب والشابات التوفيق والحياة السعيدة، وفَّق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح.