جدة - فيصل سجد - إبراهيم المدني - عبدالهادي المالكي - غفران إبراهيم تباينت الآراء بين مؤيد ومعارض حول المشروع الذي تدرسه وزارة العدل بالتعاون مع وزارتي الداخلية والصحة لتعريف الفتاة السعودية بماضي الخطيب الذي يتقدم لها للزواج، وذلك بالاطلاع على السجل الصحي والقضائي والأمني، وذلك بهدف التقليل من معدلات الطلاق في السعودية. د.العمري:المشروع فيه تعدي على الخصوصية وبحاجة إلى إعادة نظر: وعليه قامت البلاد باستطلاع وطرح للموضوع ومناقشته من كافة أطراف المجتمع وأطيافه، حيث تحدث أستاذ القانون بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور يوسف بن بكر العمري وبشكل مفصل عن هذا المشروع فقال "إن الموضوع متشعب ومعقد وكما يعلم الجميع أن الله غفور رحيم وتواب رحيم ونظام الدولة يسامح الشخص المخطئ بعد مرور خمس سنوات، لكن هل نظرة المجتمع تتساوى بين شخص خرج من السجن قبل عشر سنوات وشخص خرج منذ أشهر؟ كلهم ذو سابقة هل يكون هناك تساوي بالموضوع؟ إذا سمح للمرأة الاطلاع على ماضي المتقدم لخطبتها أليس من حق المتقدم الاطلاع على ماضي المرأة؟ هل يظهر في هذا ما يسمى بالستر؟ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" رواه الترمذي. إذن الحديث واضح وصريح لا يذكَر بالماضي والعرف المتبع هو السؤال عن الشخص المتقدم في عمله ومعارفه بدون الحاجة لمعرفة ماضيه عن طريق ملفه السري الموجود لدي الدولة. (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء) سورة القصص. وأليس من المعقول أن الذي تاب يكون بتوبته هداية وصلاح أكثر من غيره؟ نأتي بعد ذلك على علاج حالات الطلاق بالمجتمع أليس من المفترض أن تكون هناك دورات إجبارية يشترط فيها النجاح ولا يسمح بالتجاوز أو الإعفاء "أسوة بتحاليل وفحص ما قبل الزواج" للمقبلين على الحياة الزوجية وحسن المعاملة بالمودة والرحمة والنفقة وعن كل ما يتعلق بالزواج. غير ذلك يعتبر تعديا على الخصوصية وهذا ما يرفضه الجميع. ولدي عدة تساؤلات ونقاط حول السجل الصحي والأمني والقضائي، أليس هناك ما يسمى بالكشف الصحي لما قبل الزواج ويشمل جميع الأمراض المعدية؟ لماذا لا تضاف فقرة للكشف عن المخدرات إذا كان المتقدم متعاطيا أم لا؟، أليس هناك كشف للتعاطي عند المتقدمين للوظائف؟ وهذا سيكون حافزا للتوقف عن تعاطي المخدر وما شابه. أيضا كما أعلم أن السجل الأمني والقضائي للشخص بالمملكة العربية السعودية سري ولا يمكن الاطلاع عليه إلا لفئة قليلة من مسؤولي الدولة ولأسباب معينة. وهناك عدة أمثلة لمن ابتعد عن الصراط المستقيم وتمت مناصحته فتاب واستقام، وتم الإعفاء عنه أو قضى محكوميته أليست هذه معلومات سرية؟ هل لهذا الموضوع علاقة بصلاحه أو عدم صلاحه كزوج؟ وهناك من تم الحكم عليه بجريمة ما وقضى محكوميته وتم إصلاحه وخرج للمجتمع فردا بناء. فهل نحاسبه على ماضيه ونسبب له الإحراج؟ وقد يكون هذا الكشف عن الستر سببا لعودته لما كان عليه بالماضي ونكون بذلك ضخمنا المشكلة ولم نعالج نسب الطلاق المرتفعة بل ساعدنا على بقاء الفتيات في منازلهن وبذلك يفوتهن قطار الزوجية ويبقين "عوانس". مشايخ وأئمة مساجد: اتباع المنهج النبوي الرباني في الزواج أجدى وأنفع: ومن الجانب الشرعي قال إمام جامع البر بحي الوزيرية بجدة والمأذون الشرعي الشيخ أحمد بن عواض الزهراني: " لا أتفق مع من يطالب بالكشف عن أسرار المقبلين على الزواج مهما كانت المبررات. وأن الله عز وجل حث على الستر ومن باب العدل ينبغي كذلك على الرجل أن يعرف عن المرأة التي يرغب بالزواج والأصل الصحيح لا يحبذ أحد أن يطلع على ماضيه ولا أرى مبررا لكشفه لمجرد الرغبة بالزواج. وأضاف: "نبي الهدى والرحمة أوضح أركان الزواج وبين في أحاديث كثيرة الأسس التي تربط بين الشاب والفتاة والرجل والمرأة عند الرغبة في الزواج ولم نلاحظ أي تعسر، أنصح المقبلين على الزواج اتباع المنهج النبوي". ومن جهة أخرى قال عمدة حي مدائن الفهد الشرقية والوزيرية والإسكان الشيخ محمد بن حسن عطية الزهراني: "من المؤسف أن تسمع مثل هذه المطالبات الغريبة التي لا تصب في مصلحة الأمة وأن الله سبحانه وتعالى أمر بالستر على المخطئ وأن الإنسان غير معصوم من الخطأ وإن لم يذنب لأتى الله بقوم يذنبوا فيستغفرون فيغفر الله لهم. والمرأة في الإسلام كما هو معروف تنكح لمالها وحسبها ونسبها وجمالها فاظفر بذات الدين تربت يداك وهذه قاعدة شرعية في الإسلام". وفي ذات السياق تساءل المستشار أكرم بن محمد عبدالعزيز عن الأهداف المنشودة لطرح مثل هذه الأفكار وقال:" إن الكشف عن ماضي الزوج هو عقبة في طريق حياة المجتمع الذي يتميز بحرصه على احترام خصوصيات الآخرين,وتنتهك أسرارهم وتعطي نتائج سلبية وأقترح عدم الشروع في مثل هذا المشروع لأن التطبيق سيترك جوانب غير مجدية". وفي الاطار ذاته حذر المستشار علي حسن الزهراني من الانجراف في مثل هذا المشروع الذي يخترق الخصوصية وكشف الأسرار فكل المجتمعات تحافظ على الخصوصية ولا تتدخل في الآخرين. وبعد حمده لله والصلاة والسلام عليه ذكر الإمام والخطيب بجامع أبو بكر الصديق الشيخ وليد محمد سعيد طيب أنه وبعد التقصي والإستقراء فإن هذا النوع من البيانات الشخصية تحتاج إلى مسلكين، المسلك الأول ترى الأسرة في مثل هذه الأمور الستر وأنه من الواجب الشرعي في حق الغير الستر على العيوب والأخطاء الشخصية، وعليه فإن هتك خصوصية الأزواج فيه فتح باب شر على المجتمع بحيث يقبل الرجل على الزواج من خارج المجتمع المحلي، وبالتالي تزداد العنوسة في المجتمعات. المسلك الآخر يرى أنه لا بأس من الإطلاع على ماضي الزوج، وما يعوق طريق الحياة الزوجية. والصواب أنه يكتفي بقاعدة ضرورية ويقتصر في السؤال على ما يؤدي الغرض، وما يشكل عند هموم الناس في مثالب الحياة الزوجية وذلك كالأمراض النفسية والإدمان وما يتفق عليه أنه عيب شرعي يمنع من استمرار الحياة الزوجية وأما السؤال فوق المحتاج إليه فهو خارج عن الضرورة الشرعية. طلاب الجامعة: سمعة الخاطب بين أقاربه واعوانه كفيله بالغرض: وفي تجمع طلابي من كلية الاقتصاد والادارة قال الشاب حاتم محمد:" إن القرار يعتبر فيه إجحاف بحق الخاطب لكونه يأتي من طرف واحد فقط أما إذا كان من طرفين بحيث تقدم الفتاة سيرة ذاتية لها حتى يكون هناك مساواة في القرار. واعتبر الاطلاع غير مشروع على خصوصيات الشباب المقبلين على الزواج ولا أعتقد أن أحدا معصوم من الخطأ وأبناء آدم خطاؤون وخير الخطائين التوابون ولو نفترض أنني أب وحريص على ابنتي أو ابني فلن اطلبه سيرة عن سوابقه بل اكتفي بالسؤال عنه بين زملائه وفي عمله وعند أقاربه". وقال أيضا الشاب فهد بن راجح الجنيبي:"أنا غير مقتنع بمثل هذا القرار أو المشروع لما فيه من اطلاع على أسرار الناس حتى أن الشرع يرفض مثل هذه القرارات وهو مشابه للتجسس المنهي عنه والشيء الآخر أنه قد يكون أحد أرباب السوابق وتاب إلى الله وقد قبل الله توبته فعلينا أن نتجاوز عن الماضي ونتطلع إلى المستقبل المشرق بعيداً عن وساوس الشيطان غير اننا بهذا الأمر نجبر الخاطب على الاستمرار أو الرجوع لما كان يعمل في السابق لأن المجتمع لا يتقبله كما فيه اجحاف بحق الشاب والذي من المفترض أن يحصل هو كذلك على نفس القرار بحق الفتاة حتى تكون هنالك مساواة" . وقال الطالب رشيد الرشيد أنه يؤيد هذا المشروع إذا خص قضية معينة فقط أما أن يكون شاملاً لجميع حياته فهذا فيه ظلم واعتقد أن سؤال الأقارب وسمعته كفيلة بذلك ومن تاب تاب الله عليه". وأضاف الطالب عدنان صالح:"هذا القرار بالرغم أنني أرغب في تطبيقه على أهلي إلا أنني أشعر أن فيه إجحافا بحق الشباب واتمنى أن يطبق على الفتاة حتى يكون هنالك إنصاف وأعتقد أن الشخص إذا رجع إلى رشده في أي أمر من الأمور فهو لا يحتاج لمثل هذا القرار ..والله يغفر الذنوب جميعاً". وكان للطالب فراس الغامدي وجهة نظر مختلفة تماما حيث قال:" أنا أوافق على هذا القرار ولا مانع لدي ولكن ما بعد الزواج إذا حصل من الزوج كل الأشياء التي أصدر من أجلها القرار فما هو الحل إذن هل يتم إصدار قرار جديد يخص ما بعد الزواج حيث أنه لا تضمن أن يدخن الزوج ويخالط شللا فاسدة ويدخل في المخدرات وأشياء أخرى يعملها في سن المراهقة المتأخرة؟، لذلك أرى أن يصلي الأب صلاة استخارة ويسأل عن الخطيب بين أقرانه وعند معارفه وأقاربه وعلى الخطيبة أيضا أن تصلي صلاة الاستخارة فإن أريد لها الخير اطمأننت به وتتيسر أمورها". واتفق معه الشاب أحمد الزهراني وقال:"إن الطيبين للطيبات والخبيثين للخبيثات وليس معيارا أن يُطلب سيرة عن ماضي الخطاب حيث أن الأسر قادرة على تحديد مستقبل أبنائها فالرسول صلى الله عليه وسلم قال:" من أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، ولم يقل ابحثوا عن ماضيه وليست بالضرورة أن تكون حالات الطلاق في المملكة لهذه الأسباب بل العكس أغلبها أسباب تافهة ويستغرب القضاة في المحاكم من بعض الحالات التي تأتي إليهم والتي قد يعث بعضها على الضحك". مطالب بتطبيق هذا القرار على الفتاة السعودية ولا أحد معصوم عن الخطأ: وقال الشاب عمر يوسف إنه المشروع فيه تضخيم وزيادة عن اللزوم بمثل هذه القرارات فالفحص المبكر قبل الزواج أعتقد أنه كاف وقبله المجتمع وهذه خطوة جيدة أما أن تؤخذ السيرة الذاتية عن حياة الشخص فهذا نوع من أنواع التجسس غير الأخلاقي ويزيد من عزوف الشباب عن الزواج والذي سوف يؤدي بدوره إلى مزيد من"العنوسة" وضياع مستقبل الشاب بين كشف لماضيه وغلاء المهور من ناحية أخرى". واختتم حديث الشباب الطالب إبراهيم الجبلي وهو غير مؤيد لهذا القرار حيث قال:" كل شخص له الأحقية في الاحتفاظ بماضيه وقد يكون الله عز وجل قد ستر عليه فكيف بنا نحن ننبش ماضيه وتاريخه فماذا لو كان الخاطب كافرا وأسلم وذهب لخطبة فتاة هل نرفض تزويجه لأنه كان كافراً؟. ويفترض اذا طبق القرار أن يطبق كذلك على الفتاة ولا يكون حكراً على الزوج لأن ذلك تمييز عنصري بين الرجل والمرأة وهناك أسباب أخرى للطلاق ليست بالضرورة يطلق بالأسباب التي وضع من أجلها القرار فهناك حالات طلاق بسبب تشجيع زوج لفريق رياضي وزوجته لآخر فيطلق زوجته بناء على خسارة فريقه وهلم جرا". وفي تجمع نسائي قالت نسوة إن المصارحة من الطرفين شيء لطيف وحميد ولو أن الماضي ليس من شروط الحاضر ويعتقدن أن نسبة العنوسة في ازدياد إن اعتمد ذلك المشروع ومن الناحية الشرعية أمر الله سبحانه وتعالى بعدم التجسس والظن الآثم وهناك خطوة رائعة هي بأن يكتب العريس سيرة حياته من أولها ويقدمها لزوجته في المستقبل فإن قبلت به كان خيراً وإن لم تقبل لكان أيضاً خيراً.