أنهى مؤتمر شرم الشيخ الدولي حول العراق أعماله بعد ظهر أمس الثلاثاء باعتماد بيان ختامي يدعم العملية السياسية في العراق ويؤكد الدور القيادي للأمم المتحدة في رعايتها، حسب ما قال مسؤول عربي شارك في المؤتمر. وأكّد المسؤول أن مشروع البيان الختامي الذي أعد قبل المؤتمر أقر بدون أي تعديلات. ويشير البيان الختامي بصفة خاصة إلى الطابع المؤقت للقوات الأجنبية في العراق ويؤكد أن ولايتها في هذا البلد (ليست ممتدة إلى ما لا نهاية)، كما يدعو إلى عقد مؤتمر وطني عراقي موسع. ودعا المشاركون في المؤتمر الدولي بشرم الشيخ عن المستقبل السياسي للعراق الحكومة العراقية المؤقتة إلى ضمان أكبر مشاركة ممكنة في الانتخابات المقررة في 30 يناير كانون الثاني المقبل. وقال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط: إن خلاص العراق يكمن في إنجاح الانتخابات وضمان أن تشارك فيها كل (القوى الرشيدة تحقيقاً لأهداف الشعب العراقي في تقرير مستقبله السياسي وتأسيساً على قاعدة صلبة من الإجماع الوطني). وأضاف (وهو إجماع لن يتحقق إلا بتوسعة دائرة الحوار بين القوى الوطنية وجسر الهوة التي تفصل بين الأطراف المختلفة ونبذ سياسة العنف والترهيب والاستخدام المفرط للقوة والتي لم ولن تؤدي إلا إلى زيادة الفرقة والانقسام والخراب والدمار). وأكّد أحمد أبو الغيط أن قرار مجلس الأمن الدولي 1546 حول العراق هو المرجع الأساسي لتسوية المسألة العراقية بما يؤدي إلى إنهاء الوجود العسكري الأجنبي. ودعا أبو الغيط إلى تطبيق الإجراءات التي نص عليها القرار 1546 من أجل التوصل إلى (عراق موحد يمارس كامل حقوقه السياسية). وقال: إن (سياق الأحداث وتطور الأمور في منطقة الشرق الأوسط تؤكد ضرورة العمل على تحقيق استقرار العراق على ألا ينفصل ذلك عن العمل الدؤوب من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط). وتابع ابوالغيط أن (ذلك يفرض أهمية التوصل من غير تأخير إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية يقوم على انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية وفقاً لقرارات الأممالمتحدة والشرعية الدولية). وحذّر أبو الغيط من أن (سياسة الكيل بمكيالين لن تؤدي إلا إلى زيادة مشاعر اليأس والإحباط لدى الشعب الفلسطيني وتغذية عوامل القلق والتطرف في المنطقة بما في ذلك العراق نفسه). من جهته قال كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة في الجلسة الافتتاحية (مع اقتراب الانتخابات يجب أن يبذل كل جهد ممكن لتوفير حوافز لمختلف الجماعات العراقية للمشاركة في عملية مصالحة وطنية). وأبلغ الوفود في منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر (يجب إقناع أوسع نطاق من الرأي العام العراقي بأن هناك مصلحة مشتركة في إقامة دولة موحدة تنعم بالسلام). ويضم المؤتمر نحو20 وزير خارجية بعضهم من دول شاركت في غزو العراق العام الماضي والبعض الآخر من حكومات عارضت الغزو. وينصح بيان معد سلفا الحكومة العراقية بالدعوة لعقد اجتماع يضم أكبر قدر ممكن من الجماعات السياسية قبل الانتخابات لتشجيع المشاركة الكاملة فيها. وقال ميشيل بارنييه وزير خارجية فرنسا أحد أقوى معارضي الغزو إن جميع العراقيين يجب (أن يكون لديهم شعور بالملكية). وأضاف (نحن عازمون على إنجاح الانتخابات العامة... يجب أن تجرى في كل أرجاء البلاد بكل نزاهة وأن تكون مفتوحة أمام كل القوى المكونة للمجتمع العراقي التي تقبل قواعد الديمقراطية). وفشلت فرنسا في الأسابيع التي استغرقتها المفاوضات بشأن البيان الختامي في إقناع الولاياتالمتحدة وبريطانيا والحكومة العراقية بقبول تحديد موعد نهائي لسحب القوات. ويكرر نص البيان الراهن صياغات قرار الأممالمتحدة الذي سمح فعليا لحكومة عراقية مستقبلية بأن تدعو القوات الأمريكية والبريطانية للبقاء إلى أجل غير مسمى. وقال: أنان في الجلسة الافتتاحية القصيرة للمؤتمر التي اقتصرت على كلمته وكلمة وزير خارجية مصر الدولة المضيفة أحمد ابوالغيط إن (استعادة الأمن أمر أساسي ومن حق السلطات العراقية). وأضاف (لا أحد ينتظر منها الاستسلام للإرهاب غير إنه قد يكون حريا بها أن تفكر مليا فيما يترتب على أعمالها من آثار أعم) في إشارة إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين في العراق في العمليات العسكرية ضد المتمردين. ودعا كوفي انان إلى (المصالحة الوطنية) في العراق، مؤكداً أنه (مع اقتراب موعد الانتخابات لا بد أن يبذل كل جهد ممكن من أجل توفير حوافز لمختلف الشرائح العراقية للمشاركة في عملية للمصالحة الوطنية تقوم على الحوار والاستعداد للتواصل ومعالجة الشواغل والمظالم المشروعة). وتابع (ينبغي إقناع الرأي العام العراقي على أوسع نطاق ممكن بأن يرى أن من مصلحته المشتركة تتمثل في وجود إمكانية للعمل من أجل أن تعم البلد الوحدة والسلام). يذكر أن الحكومة العراقية حددت الثلاثين من كانون الثاني- يناير المقبل موعدا للانتخابات في العراق. كما دعا إلى (عملية سياسية جامعة تقوم على التشارك وتتسم بالشفافية)، مشيراً إلى (الانتخابات المقرر عقدها في كانون الثاني-يناير تعد جزءاً حاسماً من عملية التحول السياسي). وعدّ انان أن (انعدام الأمن في العراق على نطاق واسع، بما في ذلك العمليات الإرهابية العشوائية، أكبر عقبة أمام عملية التحول السياسي). ودعا (المجتمع الدولي أن يعمل كيد واحدة في إطار قرار مجلس الأمن 1546) وإلى (توحيد الجهود حول مهمة دعم عملية السياسي في العراق). وطالب الأمين العام للأمم المتحدة (دول المنطقة بأن تبادر إلى تقديم المساعدة من أجل تطبيع العلاقات الإقليمية والدولية للعراق). ومن جهته أكد وزير الخارجية المصري على ضرورة السعي بشكل متزامن إلى تحقيق الاستقرار في العراق والسلام في الشرق الأوسط. كما دعا الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في شرم الشيخ إلى (وقف إطلاق النار في الفلوجة وكافة المناطق الساخنة الأخرى) وإلى عقد مؤتمر للمصالحة في العراق قبل الانتخابات المقرر إجراؤها في 30 كانون الثاني-يناير المقبل. وأكّد موسى في كلمة ألقاها أمام المؤتمر الدولي حول العراق (الأهمية الحيوية لإطلاق عملية تصالح عراقي). كما دعا إلى (مؤتمر عراقي جامع يتم فيه استيعاب جميع أطياف العراق قبل الانتخابات، حيث يمكن أن يعطيها زخما ويضيف لها شمولاً وتأييداً وطنياً عاماً يسهم في نجاحها ويبني مصداقيتها). وقال موسى (إن ما يحدث في الفلوجة لا يساعد على الثقة ولا يمكن أن يشكل قاعدة لسلام اجتماعي في العراق ولن يسمح بتحرك نحو عقد سياسي عراقي جديد). وأضاف إن الجامعة العربية تطالب (بوقف نزيف الدم) كما سبق أن نددت (بجريمة قطع رقاب الأبرياء) في إشارة إلى قتل الرهائن في العراق. وحذّر من أن (استمرار الحال على ما هو عليه لن تنتهي معه المقاومة ولا العنف ولا الإرهاب ولا الاحتلال ونكون كمن يصب الزيت على النار وليس هذا - مؤكداً - هدف مؤتمر شرم الشيخ).