عقد النفس البشرية تلجأ إلى التزاوج لتتناسل، وتتكاثر بأعداد مهولة لا تمكن من حصرها، أو نتبع كمّها، وبالتالي حلّها عقدة.. عقدة. ولأننا ضد فكرة دور الطب النفسي في علاج، أو حلّ الكثير من العقد.. وأن لطب النفس عيادة كباقي العيادات الأخرى نحتاج زيارتها واستشارة الاخصائي، أو استشاري الطب النفسي.. لأن مساحة العقد النفسية امتدت، وتفرعت وتراكمت بعضها فوق بعض لدرجة أن التصقت وأبت الفكاك.. فظهرنا بسلوك يدل على أن هناك تراكمات حياتية وأزمات نفسية أسرية واجتماعية واحتكاكات خارجية وملاحظات ومرئيات ولّدت أسئلة وعلامات تعجب ظلّت على تعجبها فتفاقمت الحالة والحالات، وبالتالي ظهرنا بسلوك أفرز عقداً نفسية نعاني منها.. ويلمسها ويعاني منها من يحتك بأشخاص تناسلت فيهم وتكاثرت وامتدت. النظرة الأولى للشخص لا تعطي انطباعاً واضحاً عنه.!! يتحدث بطلاقة، يجادل، يناقش، يبتسم، يضحك، يقدم خدماته، يرفض، يستجيب. بوجه عام هو إنسان طبيعي 100% بيد أن وضعه النفسي المتأزم، وعقده وتراكمات حياته لا تتضح إلا أمام من يتعمق في تعاملاته معه.. ويحتك به عن قرب.. كزوجته (مثلاً).. أو صديقه المقرب منه (جداً). والزوجة أكثر المتضررين من عقد الرجل (الزوج).. لأنها دنت منه.. وعاشت ساعات ليله.. وجل نهاره. آكلته.. شاربته.. اختلفت معه واتفقت.. ناقشته واشتد النقاش.. عارضته وثبتت ثم تراجعت. المعارضة في البدء كان لها التقبل.. ومع تقادم الشهور والسنين بدأت تتضح على السطح حالته النفسية نتاج التراكمات!! فهل سيوافقها إن هي عرضت عليه زيارة عيادة الطبيب النفسي.. أم سيمطرها بالشتائم ويرعد.. ويبرق.. ويزبد..!! وقد يكون المتضرر الزوج، وصاحبة العقدة النفسية هي الزوجة.. علماً بأن العقدة النفسية في البدء لا تظهر كعقدة واضحة للمحتكين بصاحبها.. بل كتصرف مستغرب أو ردة فعل غير معقولة. كأن تزامل (فلاناً) وتجالسه ثم تقترب منه أكثر فتتوطد العلاقة بينكما وتقوى لتصل لمرتبة الصداقة والتقاء الروحين.. قلما تنفصلان.. وما أن يشعر خليلك بعمق العلاقة وشدة تمسكك به حتى يأخذ في الابتعاد شيئا فشيئاً.. ليست رغبة منه في تركك، أو أنه ملّ منك (وطابت نفسه)!! بل ليلمس ويدرك عن كثب شدة تمسكك به، ومدى صدقك، بدليل أنه كلما اقتربت منه وتعلقت به كلما أخذ في البعد والصد.. وما أن يشعر ببعدك أو بنيتك في البعد حتى يبحث عنك ويعتب عليك في عدم سؤالك عنه.. وما أن تعاود وصله حتى يبتعد.. وهكذا دواليك. هذا الصنف من البشر لو بحثت في ماضيه لوجدت لديه عقد ولّدت عنده هذا الشعور من حيث لا يدرك. والتعامل أو توطد العلاقة مع هكذا صنف من البشر متعب لو دققت فيه، ودرسته دراسة مستفيضة. كذلك الشاب الضعيف الشخصية وسط أسرته، المغلوب على أمره لشدة في تعامل والده أو والدته معه منذ الصغر، وكثرة تعنيفهم له، وعنفهم معه ودوام توبيخهم وتقييد حرياته، حينما يرتبط بفتاة يشهر سيف الظلم والقهر والتسلط ضدها فتصبح ضحية عنف وتسفيه عاشه أسرياً. حالة كهذه قد تتسبب في دمار بيوت، وتشتت أسروانفصال، لو أن الطب النفسي منح حيزاً من الاهتمام لأمكن علاج عقدة هذا الشاب وعاشت زوجته معه بمأمن من ظلمه وقهره وعدوانه. بيد أنه قد يشتكي الأنفلونزا فيسارع نحو مكافحتها بمسكنات.. وأبر.. (ومسحات فيكس).. ويقهر زوجته ويظلمها ويتجنى عليها بعقده النفسية.. والأهل يطالبونها بالصبر حيث جهاد المرأة في بيت زوجها!! وبمجرد انفجار لغم العقدة النفسية تخلف وراءها دماراً شاملاً.. ليس للزوجين فقط.. بل لأسرة مصيرها الضياع، والعلة تراكمات نفسية وعقد لم نقنع بعد بأن لها عيادة أسوة بعيادة الباطنية، وعيادة الأسنان، وعيادة الأذن والأنف والحنجرة، وعيادات قد تستحدث متى ما احتاج الوضع الصحي لها.. ليستمر التعطيل لعيادات الطب النفسي في الداخل والخارج على حد سواء. [email protected]