أعرب الاتحاد الأوروبي في بروكسل عن (تضامنه مع الشعب الفلسطيني) وذلك اثر تدهور صحة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي تتأرجح حالته بين الحياة والموت حسب مصادر طبية. وقالت الرئاسة الهولندية للقمة الأوروبية: إن وزراء خارجية الدول الأوروبية ال25 الذين وضعوا البيان الختامي للقمة، أعربوا عن عزمهم على التعاون مع القيادة الفلسطينية الجديدة من أجل مواصلة الجهود للتوصل إلى تسوية للنزاع مع إسرائيل. وقال وزير خارجية هولندا برنار بوت في تقديمه لنتائج القمة (أولاً، أعربنا عن تضامننا مع الشعب الفلسطيني). وأضاف (أعربنا عن الأمل أيضاً في أن نتمكن خلال الفترة المقبلة من العمل مع قيادة شرعية وقيادة فلسطينية جديدة وأن يضعنا ذلك على طريق السلام في الشرق الأوسط). وأشار بوت إلى أن الأوروبيين يعدون أنه لا تزال هناك (نافذة ملائمة) بعد الانتخابات الأمريكية (كي تكون هناك قضية مشتركة مع الولاياتالمتحدة وأخيراً حل) النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وأكّد أن الوزراء يدعمون اقتراحات الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية خافيير سولانا حول (مبادرات ملموسة) على المدى القصير لتحقيق الإصلاحات الفلسطينية وتقديم مساعدة للشرطة المدنية الفلسطينية ودعم عملية انتخابية في الأراضي الفلسطينية. وجدد بوت التأكيد أيضاً باسم الوزراء ال25 على دعم الاتحاد الأوروبي لحل النزاع الشرق الأوسطي من خلال التفاوض بين الطرفين وعلى أن يؤدي إلى قيام دولتين مستقلتين، فلسطين وإسرائيل تعيشان بسلام وأمان مع حدود متصلة. إلى ذلك أعلن الأمين العام للحزب الاشتراكي الفرنسي فرانسوا هولاند في ليموج - وسط فرنسا - أن (الغياب شبه المؤكد) للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات سيخلق فراغا كبيراً في فلسطين. وقال خلال اجتماع عقد في ليموج: إن (الغياب شبه المؤكد لعرفات سيخلق فراغاً كبيراً في فلسطين وستخيم بدون شك عوامل من الشك). وأعرب عن أمله في أن يكون هذا الاختبار مناسبة لاستئناف عملية السلام والمفاوضات. وأضاف (أنها مسؤولية بالنسبة للفلسطينيين ولكنها مسؤولية ثقيلة بالنسبة للإسرائيليين) داعيا الأوروبيين إلى لعب (دور الوسيط من أجل المساهمة في تحقيق السلام). وعدّ أن الرئيس الأمريكي جورج بوش (لن يفعل أي شيء لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني). ويعد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات (75 عاماً) الذي يواجه أهوال المرض الممثل الشرعي للفلسطينيين، منذ أكثر من ثلاثين عاماً، بالنسبة للحكومات المتعاقبة في فرنسا أكانت يمينية أم يسارية. وأقيمت أول علاقات غير مباشرة بين باريسوعرفات في نهاية الستينات بعد وقت قصير على توليه زعامة منظمة التحرير الفلسطينية. وبعد تدخل من المدير المساعد المكلف بشؤون شمال أفريقيا والشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية فيرنان رويون، وبمبادرة من جمعية التضامن الفرنسية - العربية، أرسل عرفات محمود همشري ممثلاً له إلى باريس، فأقام الأخير علاقات غير رسمية مع وزارة الخارجية. واغتيل همشري في باريس عام 1973، وقد طالت الشبهات أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية. وافتتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في باريس بشكل رسمي في عهد الرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان ورئيس حكومته جاك شيراك في العام 1975. وكانت فرنسا في حينه البلد الغربي الأول الذي يقيم علاقات مع منظمة التحرير. واستبدل قلق بإبراهيم الصوص الذي أقام علاقات متينة مع الأوساط السياسية الفرنسية، إلى أن خلفته ليلى شهيد التي تشغل اليوم منصب مفوضة فلسطين في فرنسا. وعلى الرغم من ذلك، لم تستقبل باريسعرفات في السبعينات عندما كان يتخذ مقراً له في بيروت. إلا أنه التقى وزير الخارجية الفرنسي جان سوفانيارغ لأكثر من ساعة خلال حفلة استقبال رسمي في 21 تشرين الأول - أكتوبر 1974 في العاصمة اللبنانية. وتعززت الصلات غير المباشرة بعد ذلك، كما تم تبادل رسائل بين الطرفين نقلها وسطاء. وساهمت فرنسا مرتين بإجلاء عرفات عندما كانت حياته في خطر: الأولى في العام 1982 من بيروت التي حاصرها الإسرائيليون، والثانية من طرابلس في العام 1983 في حين كانت القوات السورية تحاصرها. وشرح رئيس جمعية التضامن الفرنسية العربية لوسيان بيترلان لوكالة فرانس برس وقد التقى عرفات في مناسبات عدة خلال الأعوام ال35 الماضية، أن لفرنسا أهمية كبرى بالنسبة إلى الزعيم الفلسطيني. وأضاف (كان يشبه المقاومة الفلسطينية بالمقاومة الفرنسية، كما يكن تقديراً كبيراً (للجنرال شارل) ديغول، وهو يحمل وساماً قدمه له هذا الأخير بنفسه) وفق ما يؤكد عرفات. كما أشار بيترلان إلى أن الزعيم الفلسطيني كان (يقدّر سياسة فرنسا العربية)، موضحاً أن باريس (اشترطت عليه أمراً واحداً للذهاب أبعد من ذلك، وهو أن يعترف بإسرائيل). وكان على الزعيم الفلسطيني انتظار العام 1989، عندما استقبله الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتيران، الذي كان يدعم إسرائيل بشدة، كرئيس دولة فعلي. فأعلن عرفات عندها بطلب من الرئيس الفرنسي أن البند حول عدم الاعتراف بإسرائيل الوارد في شرعة منظمة التحرير الفلسطينية أصبح (باطلاً). ومنذ ذلك الحين تعززت العلاقات بين البلدين وكثرت الزيارات. وقد انتقد الرئيس الفرنسي الحالي جاك شيراك أمام نظيره الأمريكي جورج بوش والسلطات الإسرائيلية عزلهما لعرفات منذ كانون الأول - ديسمبر. وشدد شيراك على أن عرفات لا يزال (الممثل الشرعي) لشعبه الذي انتخبه على رأس السلطة الفلسطينية في العام 1996. وللدلالة على استمرارية العلاقات الجيدة بين البلدين، قرر الرئيس الفرنسي استقبال عرفات في باريس لتلقي العلاج، كما عاده أول أمس الخميس في مستشفى بيرسي العسكري في كلامار قرب العاصمة الفرنسية ساعات قليلة قبل الإعلان عن موت عرفات (الدماغي).