اهتمت وزارة التربية والتعليم اهتماماً كبيراً بالاختيار الجيد لمديري المدارس ووضعت شروطاً تربوية ومواصفات شخصية وتقديرات عالية، مع مقابلات شخصية.. وأوكلت الأمر إلى إدارات التربية والتعليم بالمناطق بتطبيق اللائحة. وحسن الاختيار، لذا فإن الأمانة التي يحملها مديرو التعليم واللجان المكلفة بالاختيار كبيرة وعظيمة فهل أديت هذه الأمانة على الوجه المطلوب؟ بعيدة عن الوساطة والعواطف الذاتية بشتى أنواعها المختلفة والتقديرات الوهمية!! الجواب بنعم!! فالوطنية هي الأهم حتى يكون الرجل المناسب في المكان المناسب, وكما قال الشاعر: إن الفتى من يقول ها أنذا وليس الفتى من يقول كان أبي فمن الملاحظ أن بعض المدرسين يتجه إلى العمل الإداري محبة في الراحة وهروباً عن التدريس مع عدم الرغبة بحمل دفتر التحضير والمتابعة لأنه يعتقد أن الإدارة المدرسية جلوس على كرسي دوار ومكتب فاره وجريدة تقرأ وأحاديث مع الزائرين والمدرسين بعيداً عن العمل الميداني!! فنجده ينافس ويحاول بإلحاح على الترشيح!! وهذا يؤثر على مسيرة التربية والتعليم لأن الإدارة المدرسية فن ومهارة وقيادة حكيمة وبحاجة إلى قائد فني ذكي ماهر نشيط حازم قوي الشخصية صحيح البدن خالٍ من الأمراض كالسكر الذي يؤدي إلى سرعة الانفعال مع الآخرين والحموضة التي تؤدي إلى سوء التصرف ناهيك عن الأمراض البدنية التي تؤدي إلى الخمول والكسل، لذا فإنه بحكم على المدرسة بمديرها، فالمدير الناجح والمتميز يعطي مدرسة متفوقة وناجحة في جميع الجوانب المنزلية والتعليمية. ومن صفات بعض مديري المدارس أنه يحمل وكيل المدرسة كل صغيرة وكبيرة، يثير المشاكل ولا يعرف لها حلاً سريع الغضب لا يقبل عذراً يتصف بالحدة والشدة سليط اللسان، مصاب بداء الغرور والعظمة يردد كلمة عظموني عظموني، يعتبر نفسه من أفضل المدرسين، هو الآمر الناهي فلا يقبل نقاشاً ولا يستأنس برأي، صاحب (شللية) من يخدمه ويتعامل معه بالسمع والطاعة يكون هو الأفضل والأقرب وذلك على حساب العمل الميداني!! وبعض مديري المدارس يحب التميز فنجد اسمه في دفتر الدوام الرقم الأول ولا يكتب اسمه بل يكتب (مدير المدرسة) واأسفاه!! فالرقم الأول دائماً له محجوز!! وفئة من مديري المدارس يسيرون على نهج بعيداً عن الأسس التربوية، فإذا كنت من أولياء الأمور وحضرت اجتماعاً للمدرسة وبدأ النقاش مع المدير سمعت آراء وأفكاراً ساذجة فيها يردد ما يحفظه ويعتمد على التكرار وكأنه يدور في دائرة مغلقة أو كمن يكرر نظره إلى السماء!! كيف لا وبعض مديري المدارس لا يحملون الشهادات الجامعية!! فئة منهم كانت تحمل شهادة معهد إعداد المعلمين الابتدائي وهذه الشهادة لا تعادل شهادة الكفاءة المتوسطة، ولكن التقاعد النظامي هو السبب في ابتعادهم عن الإدارة المدرسية وفيهم كذلك من يحمل دبلوماً رزاعياً ومن ضمنهم من يحمل دبلوم مركز الدراسات التكميلية!! وشهادة معهد إعداد المعلمين الثانوي وكما إنني أكتب ذلك مذكراً إلا أنني أقول إن الإدارة المدرسية أحياناً تتميز برغم عدم وجود المؤهل الجامعي!! وفئة من مديري المدارس على كرسي الإدارة منذ أكثر من عشر سنوات أو قد تزيد على العشرين سنة, فالاهتمامات انتهت والابتكارات فشلت فلا جديد ولا تجديد سوى صور تتكرر في كل عام!! وبعضهم يهتم بالنشاط المدرسي اهتماماً زائداً على حساب العمل الميداني بهدف الحصول على خطاب شكر يعلق بالإدارة. مميزات مدير المدرسة 1- علاقته مع المدرسين.. فالمدير الناجح هو الذي يستطيع أن يجمع بين رضا المدرسين وبين العمل على الوجه المطلوب، فإذا تنافر أحدهما عن الآخر، فلا تكون النتيجة إيجابية بأي حال من الأحوال، فيجب على مدير المدرسة أن يفرض حبه واحترامه على جميع المدرسين وأن يشعرهم بأنه زميل يتعاون معهم، يتأثر لتأثرهم، يلقبهم بأحسن الألقاب، يتعاطف معهم في حوائجهم، وفي ظروفهم الصحية والنفسية والعائلية. وعدم إقفال دفتر الدوام لمن ليس له عادة في التأخر أو تطبيق ما تطلبه إدارة التربية والتعليم ألا وهو قفل دفتر الدوام قبل بداية الحصة بربع ساعة. وذلك مع بداية طابور الصباح!! فإن استفزاز المدرس من بداية الدوام يتأثر نفسياً مما يؤثر على عطائه وعمله في التدريس وهذا لا يخدم العملية التربوية في شيء!! فالأفضل والطريقة الأحسن أن مدير المدرسة لديه معرفة تامة عن دوام المدرسين، فإذا تأخر مدرس أن يكتب اسمه في دفتر الدوام ومن ثم يقفل الدفتر ويأخذ مدير المدرسة الطباشير ويذهب إلى الفصل ويبدأ بإعطاء الدرس حقه.. فإذا حضر المدرس إلى المدرسة متأخراً وهو يعلم بذلك ونظر إلى دفتر الدوام وإذا باسمه مكتوباً ولم يقفل الدفتر عن اسمه فإنه يوقع بنفس راضية ومحبة للعمل وإذا ذهب إلى الفصل لأداء حصته رأي مدير المدرسة في مكانه وبعد السلام يقابله المدير بتحية المحبة والابتسامة فإن ضميره سيؤنبه ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتأخر مرة أخرى إلا بسبب ظروف قاهرة. أما ما يستخدمه بعض مديري المدارس من الإسراع بقفل الدفتر وإثارة المشاكل فإن هذا يسقط هيبة المدير ويؤثر على العملية التربوية. فإن المدير الذي يستطيع أن يفرض حبه وتقديره على زملائه يستطيع أن يجد آذاناً صاغية وقلوباً متعاطفة ونفوساً مستجيبة!! كما أنه يحب الاستئناس بآراء المدرسين بأخذ آرائهم التي تخدم التربية والتعليم والابتعاد عن المناقشات الحادة التي تؤدي إلى الانفعالات.. والملاحظة الدقيقة من جميع الجوانب والمتابعة لكل مدرس والتوجيه السليم بطلاقة وجه، كما يجب عليه أن يشكر ويقدر ويشجع في مواقف الشكر. ويوجه ويرشد في مواقف الخطأ!! 2- علاقته مع التلاميذ.. يحب على مدير المدرسة أن يعرف جميع التلاميذ في المدرسة وأنهم أبناؤه. يعطف عليهم ويعرف أفكارهم وحالاتهم الاجتماعية والصحية والنفسية والمادية والعلمية والثقافية والدينية والوطنية!! فقد تكون حالة من هذه الحالات سبباً في ضعف الطالب وتهاونه وعدم حله الواجبات المنزلية وقد يكون فاشلاً في الدراسة بسبب حالة من الحالات لم تكتشفها المدرسة ولم تلاحظها. فإن أبناءنا أمانة في عنق مدير المدرسة والمدرسين بالتوجيه السليم والأفكار النيرة التي تخدم الدين والوطن!! كما يجب على مدير المدرسة أن يربط العلاقة بين المدرسين والتلاميذ بالعلاقة المستمدة من العطف والحنان لا من الشدة والصراخ التي تؤدي إلى نفور التلاميذ وانجرافاتهم لا سمح الله، ويحرص كل الحرص على تحبيب التلاميذ لمدرسهم ومدرستهم وزيارتهم في الفصول وكتابة تقرير شامل عن كل طالب في المدرسة يرجع إليه في زيارة أولياء الأمور وفي دفاتر المتابعة وفي النتائج الشهرية. 3- علاقته بإدارة التربية والتعليم.. إن العمل الخالص لله سبحانه وتعالى لا تؤثر عليه المؤثرات فيجب على مدير المدرسة ألا ينظر إلى خطاب شكر فيعمل أو انتقادات وتوجيهات فينفر، أو تؤثر عليه تدخلات المشرفين في أعماله الإدارية بكل صغيرة وكبيرة حتى لو كانت التدخلات من غير ذوي الاختصاص. يتقبل ذلك بصدر رحب ونفس طيبة، فالثقة موجودة والاجتهادات الزائدة إنما هي ضوابط العمل!! والتجارب مع مرءوسيه والرد على خطاباتهم والتعاون معهم لأن الجميع في خدمة التربية والتعليم. الغربة في المراكز إن ترشيح مدير المدرسة مديراً لسنوات طويلة وفي مدرسة واحدة أكثر من خمس سنوات تؤدي إلى ضعف العمل والإنتاج والملل والكسل وفي النهاية إلى الفشل الإداري فيا حبذا من وزارة التربية والتعليم أن تفرض الغربلة في المراكز وألا تزيد خدمة المدير في المدرسة أكثر من خمس سنوات مهما كانت الأحوال، فإن كان مديراً متميزاً وناجحاً وتعذر البديل ينقل إلى مدرسة أخرى حتى يتجدد العطاء وينقل خبراته، من مدرسة إلى مدرسة. كما أنني أؤيد التجديد في طريقة ترشيح مديري المدارس، فالوقت الحاضر اختلف عن الزمن الماضي بالتقنيات الحديثة وأجهزة الكمبيوتر، فيا حبذا أن يكون الترشيح والتبديل من قبل قسم مستحدث في وزارة التربية والتعليم مهمته ترشيح مديري المدارس وما يتعلق بأعمالهم وغربلتهم ويكون الترشيح بوضع استمارة من قبل الوزارة لتقييم مديري المدارس أو من يرغب الترشيح من المدرسين وهذه الاستمارة تكون بدراسة مستوفاة، كما أنني أناشد الوزارة بوضع صلاحيات لمديري المدارس حتى يكون العمل أكثر انضباطاً وعطاء وحتى يكون مدير المدرسة له هيبة وقدر ومقدار. أما في وقتنا الحاضر فهو يسير بلا صلاحيات ومثله مثل غيره أمام المشرفين، شخصية ضعيفة فكيف يكون هذا المدير قائداً ناجحاً؟ فيجب أن يرشح مدير المدرسة الذي يحمل الثقة بنفسه جزئياً أمام الآخرين في أعماله وتصرفاته وفق اللوائح والأنظمة. لذا فإنني أقول وأكرر بأن مدارسنا بحاجة إلى مدير متميز وناجح وقوي في شخصيته حاملاً للصلاحيات التي تساعده على أداء عمله بيسر وسهولة. خاتمة أسأل نفسي كثيراً: هل الواسطة أو العواطف الذاتية واختبار فئة معينة سبب في اختيار بعض مديري المدارس؟ فيما اعتقد صوابه أن الثقة ولله الحمد في المسؤولين بإدارات التعليم كبيرة وخاصة مديري التعليم، لذا فإن جوابي سيكون بلا، فالاختيار لا يخضع لفئة معينة!! ولكن النظرة الثاقبة والاستبيانات هي الفيصل!! وستكون الإجابة بنعم أو لا!! لذا فإنني أطرح الرأي للمسؤولين بإعادة النظر في طريقة ترشيح المشرفين ومديري المدارس، فالمثل يقول أعطني مديراً أعطك مدرسة!! وأنا أقول: أعطني مدير تربية وتعليم أعطك مدارس.