كثيرة هي الأحداث والصور التي يصادفها الإنسان في حياته منها ما واجهه بشكل مباشر ومنها ما واجهه آخرون ونقلوها بتفاصيلها الدقيقة إليه. وإليكم بعضاً من هذه الصور: المرآة الأولى: إدارة عامة تعنى بشؤون المتقاعدين: عندما تسلمهم الأوراق أو المعاملة أو عندما تتابع وصولها من جهة أخرى إلى الإدارة يناولك موظف الاستقبال أو الاستعلامات كرتاً به أرقام وتحويلات الجهاز لتتصل فقط بعد ذلك دون عناء أو جهد هكذا يقولها لك ثم عندما تتصل في اليوم الموعود لا تجد مجيباً، تعاود الاتصال مرات ومرات دون جدوى.. تمزق الكرت المطبوع مائة مرة لعدم جدواه وقد تمزق ثيابك ومن حولك ومهما فعلت لن يرد عليك واحد لا على الهاتف المجاني ولا سواه تضطر أن تقوم بذلك بنفسك تذهب من أقصى الشرق أو الغرب أو الشمال أو الجنوب إلى وسط المدينة لتسأل ماذا طرأ على معاملتك لتجد أنها لم تتقدم خطوة واحدة وتمضي يومك كاملاً من موظف إلى آخر تتوسل لهذا وقد تنحني للآخر حتى يقدمها لك خطوة من عشرات الخطوات.. ويتكرر السيناريو مع كل خطوة قادمة لتجد نفسك فصلت من عملك أو حسم راتبك كاملاً او نحو ذلك وانت تركض بل قل تلهف وراء المعاملة التي سيطول إنجازها.. يقول احدهم وكل معقب واعطه المقسوم لكي ينجزها لك في أسرع مما تخيل؟ المرآة الثانية: شركة تأمين تقود سيارتك بهدوء أحياناً وتسرع أحياناً لكي تنجز بعض أعمالك المتراكمة واللامتناهية أو قد تكون متجهاً نحو مقر عملك وما أن تطل على طريق الملك فهد أو طريق خريص حتى تشاهد المنظر المألوف ارتال من السيارات تسير ببطء شديد تخفف السرعة أكثر استعداداً للوقوف في ذلك الطابور الطويل وفي لحظة تسمع صرير إطارات سيارة مسرعة لتنظر في المرآة التي تعلو رأسك لتراه متجهاً نحوك بكل سرعة وتنتهي بارتطام شديد في سيارتك.. وتبدأ معاناة من معاناة الحياة الحديثة من الاتصال بالمرور وسحب السيارة وتقديرها وتخليص الأوراق من إدارة المرور لتصل إلى شركة التأمين التي غلظت عقودها بميثاق عظيم من الالتزام والاهتمام بالعميل لتجده فيما بعد ميثاقاً أسس على الوهم والتسويف وقل ما شئت.. تنفق اضعاف ما قدره لك أصحاب الورش اضعافاً مضاعفة هذا بخلاف ما خسرته من وقتك وجهدك وصحتك فقد تتجه مباشرة بعد خروجك من شركة التأمين إلى مستشفى للتداوي من سكر أو ضغط أو نحوه. المرآة الثالثة: في المطار المطار أو الميناء الجوي يمثل واجهة حقيقية لكل بلد فأول ما يقابله الزائر أو السائح هو المطار, ولا شك انه يعطيه انطباعاً معيناً عن البلد وأهله، فأما ان يكون انطباعاً جيداً او العكس. ولا يتوقف الأمر على ذلك بل يجب احترام الذوق والأدب العام، وللمواطن أو المقيم حق في المطالبة بايقاف او منع كلما يخدش الذوق العام على الأقل في تلك الفترة التي يكون فيها في المطار أو الطائرة. في مطار الطائف وعندما كنت في صالة الانتظار شاهدت التالي وسأترك الحكم لكم: المشهد الأول شاب سعودي يبدو في منتصف العشرينيات من عمره تقريباً يرتدي بدلة شبه رياضية له شعر متوسط إلى طويل مربوط من مؤخرته وكأنه أحد لاعبي كرة القدم في الغرب. لو كان غربياً لكان الأمر طبيعياً لكن أن يكون من أبناء المملكة فليس لائقاً ان يظهر شاب من شباب المملكة وفي مكان عام كهذا بهذا الشكل المقزز ليراه الطفل والشاب والمرأة والرجل والشيخ ورجل الأمن والمقيم وعامل النظافة على السواء. المشهد الثاني شابان سعوديان ايضاً في نفس السن تقريباً يرتدي كل منهما بدلة قصيرة ملونة وغير متناسقة (التي شيرت) أو نحوها، وشنطة صغيرة محمولة على الكتف أو على الظهر لا فرق (شنط أطفال) او هكذا تبدو، وكأن الشابين ذاهبان إلى ملعب لكرة المضرب أو مسبح أو ناد رياضي وليس إلى الطائرة. المشهد الثالث: في الطائرة وعندما كان طاقم الطائرة يستعد للإقلاع فإذا بالمضيف السعودي الذي لم أشاهده مبتسماً إلا مع ذلك الرجل الذي يعرفه فبعد أن سلم عليه دعاه ليصطحبه إلى مقعد في درجة أعلى من تلك التي كان يجلس على مقعدها.. وبعد فترة ليست بالقصيرة عاد ذلك الرجل ليأخذ حقيبته اليدوية وبشته ليكمل الجلسة هناك في المكان الذي لا يستحق الجلوس فيه طالما ابتاع تذكرة لدرجة أقل. حتى الجلوس على مقعد في الطائرة يتغير طالما هناك معرفة وتنتقل من درجة إلى أخرى حتى لو لم تدفع الثمن المقابل. الاقتراح اقترح على الخطوط السعودية أو الأجهزة الحكومية التي تعمل في المطارات من أمن أو غيرها ان تتبنى حملة توعوية تهدف الى احترام الذوق والمكان العام ومن يوجد به من الشيخ الى المرأة والطفل وفي نفس الوقت تطرح الجزاءات التي تترتب على من يخالف أو يخدش الذوق العام، وبعد الانتهاء من الحملة يبدأ التطبيق بتحرير مخالفات تحت مسمى (مخالفة عدم احترام الذوق العام مثلاً) تسدد لاحقاً كما هو الحال في المخالفات المرورية. المشهد الرابع وأثناء استعداد الطائرة للاقلاع وبعد إذاعة الإعلانات التحذيرية بشكل لطيف والتي تتعلق بالأمن والسلامة للطائرة والمسافرين. تسمع هواتف محمول لا تزال أصواتها تصدح في المكان؟ أعان الله ملاحي ومضيفي الطائرات. متى نشعر بالمسؤولية واحترام الأنظمة؟ أم نحن بحاجة الى تحرير مخالفات حتى داخل الطائرة وفي الهواء.