في مثل هذا اليوم من عام 1970 بدأ سريان وقف إطلاق النار على الجبهة المصرية - الإسرائيلية لمدة تسعين يوماً وذلك بناءً على ما جاء في مبادرة روجرز الأمريكية والتي قبلها الطرفان. كانت حرب الاستنزاف تدفع اليهود في المنظمة الصهيونية العالمية، إلى ضرورة تحقيق سلام بين مصر وإسرائيل، من شأنه أن يعيد لإسرائيل توازن وجودها في المنطقة، بعيدا عن أوهام التوسع والسيطرة. وباءت محاولات الإسرائيليين للقاء بالرئيس عبد الناصر من خلال الرئيس اليوغسلافي تيتو بالفشل، بسبب معرفة الرئيس عبد الناصر بضعف الدور الذي تلعبه المنظمة الصهيونية العالمية في التأثير على قادة الكيان الصهيوني المحتل للأراضي العربية. ولكن المحاولة الأكثر جدية جاءت مع تولي ويليام روجرز مهمة وزير الخارجية للولايات المتحدة وتكليفه من خلال الرئيس نيكسون بحل مشكلة الشرق الأوسط، في الوقت الذي تولى فيه غريمه وخصمه اللدود هنري كيسنجر حل أزمة فيتنام. كان الرئيس عبد الناصر لا يزال ينظر إلى حرب الاستنزاف بأنها التأكيد والإصرار على عدم التسليم بالهزيمة. وكانت تأثيرات هذه الحرب على القادة الإسرائيليين تعبر عن خوفهم من المستقبل. فقد نقل على لسان وزير الدولة الإسرائيلي (جاليلي) قوله في اجتماع مجلس الوزراء: أسائل نفسي إلى متى نستطيع تحمل الخسائر العالية التي نتكبدها في حرب الاستنزاف. وحين عرض مشروع روجرز على الرئيس عبد الناصر كان يدرك ما فيه من مثالب وما فيه من ايجابيات، ولكنه اثر عدم الرد تاركا لردود الفعل الإسرائيلية على المشروع أن تأخذ مداها. وقد شجع عدم الرد المباشر من قبل مصر الولاياتالمتحدة على المتابعة، وخاصة أن زيارة عبد الناصر إلى روسيا قد فتحت الباب لوصول قوات سوفيتية إلى مصر. ووصل جوزيف سيسكو في شهر إبريل 1970 وقد صارحه الرئيس عبد الناصر بموقف مصر من المشروع وتحفظها على قبوله لأسباب عدة أهمها انه مشروع أمريكي محض دون أي دور للاتحاد السوفيتي الذي يشكل طرفا في معادلة القوة في الشرق الأوسط. إضافة إلى أن الحل الذي يركز على قرارات الأممالمتحدة لابد من أن يحظى بمشاركتها الفعالة. إضافة إلى أن العالم العربي يرى في أمريكا حليفا مساندا لإسرائيل في عدوانها. ولهذا فهو يرفض قبول أي مشروع لا تمارس فيه الولاياتالمتحدة ضغطا مباشرا وملموسا، حيث هي القوة الوحيدة القادرة على التأثير في القرار الإسرائيلي. وفي النهاية قدمت الولاياتالمتحدة مشروعاً متوازناً حظي بقبول مصر وبذلك تم وقف إطلاق النار.