يتساءل الإنسان دائماً عن العلاقة بين التعليم والتربية، وهل يلزم من كون الإنسان معلماً أن يكون مربياً؟ ونقصد بالتربية التربية على القيم والأخلاق والسلوكيات الحميدة، وهذا السؤال يبدو أنه سؤال وجيه له حقه من النظر والاعتبار، وأما من يجيب فإن كنت تنتظر الإجابة من القائمين على هذا الأمر أعني التربية والتعليم فإن الإجابة سوف تكون بنعم وهذه الإجابة مبنية على الأصل والأساس في المعلم وهو أن يكون مالكاً لمقومات التربية ما يمكن أن يوصله لتلاميذه وطلابه بله لزملائه ومرؤوسيه، وأما إن كنت تنتظر الإجابة من الواقع فإنني أتوقف في هذا الأمر وألجم لساني عن الإجابة لكنني أعلن للجميع أنه من حقي ومن حق غيري أن يثير هذا التساؤل وهو: هل يملك المعلم مقومات التربية؟ كما أنه من الحق المشاع أن يقال بأن واقع عدد من المعلمين هو على النقيض من ذلك، وخذ على سبيل المثال ذلك المعلم الذي يبذل قصارى جهده عندما يكون المشرف التربوي في زيارة له داخل الفصل ولكنه في المقابل قمة في الإهمال والتسيب إذا غاب عنه الرقيب؟ وهذا أمر كنا نلحظه أنا وزملائي حتى في المرحلة الابتدائية، فقل لي بربك كم يربي هذا التصرف في نفوس الطلاب من مساوئ - حدث ولا حرج - وهذا مثال بسيط قد يصدر من بعض المعلمين بعفوية، لكن ماذا نقول في ذلك المعلم الذي يمتهن كرامة الطالب بألفاظ نابية وجارحة والذي هو في الحقيقة سلوك يدل على أن ذلك المعلم فاقد لأدنى متطلبات التربية ومقوماتها، بل إنني أعرف أن بعضاً من المعلمين متميز في تربية الفشل في نفوس تلاميذه، وأذكر أن أحدهم وهو مدرس للتربية الرياضية يجعل تشكيلة الفريقين بناءً على مستواهم الدراسي!! إنني أقول وبصوت عال وداعاً للمجاملات في تقييم واقع المعلمين، فلا بد من إعادة النظر في وضعهم، حيث أمنتهم الدولة على فلذات أكبادنا فتأثير المعلم حتى مع كثرة الصوارف ما زال باقياً، كما يجب أن نسمع من وزارة التربية والتعليم خطوة جريئة في هذا المضمار مع اعترافي بأنه أمر من الصعوبة بمكان وهذا هو فرقها - أعني التربية - عن التعليم والذي يمكن أن يقاس ويعرف من خلال نتائج الطلاب مثلاً ومستواهم الدراسي. وليعلم الجميع أن الطلاب هم أحوج إلى المربي الناصح الحكيم العاقل الذي يعطيهم من حنانه وعطفه وتوجيهاته والتي تبقى مغروسة في أذهانهم وعقولهم وتصيرهم إن شاء الله رجالاً صالحين في مجتمعهم يساهمون في بنائه ورقيه، وهذا أمر يتنافس فيه أصحاب العزائم الصادقة والنوايا الصالحة ممن جعلوا التربية السليمة شعاراً لهم، أما من سواهم فهم عالة على البلاد والعباد يستنزفون أموال الدولة ويأخذون ولا يعطون ولا يخرج من تحت أيديهم جيل يعتمد عليه المجتمع، بل إن نتاجهم فاسد، وبما أن التربية كلمة واسعة تحمل العديد من المعاني والدلالات فإن من أهم ما يجب أن يقوم به المربون أن يتفاعلوا مع أحداث المجتمع أياً كانت، ولعل من أخطرها وأشدها ضرراً وإفساداً ما حصل من حوادث إجرامية في هذه البلاد المباركة، فهل قام المعلمون في مدارسهم بالدور الواجب عليهم في هذا المجال أم لا؟