كثيراً ما يتحدث الناس في مجالسهم العامة والخاصة عن التقاعد والمتقاعدين لأن ذلك يمس شريحة كبيرة ووقورة من المواطنين الذين خدموا في الدولة مدة طويلة ثم أحيلوا على التقاعد أو ممن قاربت أعمارهم سن الإحالة على التقاعد. والعاملون المحالون على التقاعد, أو الذين سوف تتم إحالتهم على التقاعد قريباً مواقفهم من التقاعد متباينة فمنهم من يرغب فيه ويتقبله بصدر رحب ويعتبر ما بعد التقاعد بداية لمرحلة جديدة من الجد والاجتهاد والعطاء المتواصل المدروس المتزن الناضج الذي صقلته التجربة والخبرة الطويلة وذلك على كافة الأصعدة الأسرية والاجتماعية والعملية وبعضهم يعتبره أمراً واقعاً لا محال له سواء رضي به أو سخط. ولكنه لا يعرف ماذا يمكن أن يعمل بعد ذلك فهو لم يحسب حساباً لهذا اليوم ومفوضاً أمره لله. ومنهم المتشائم الخائف من الضياع إن هو ترك الوظيفة الحكومية التي اعتاد عليها سنين طويلة. ولقد شاءت الظروف أن أكون أحد الحاضرين لمجلس تدور به مثل هذه الأحاديث وكان يسند إلي بعض التساؤلات بحكم عملي في جهة حكومية لها علاقة وثيقة بالتقاعد والمتقاعدين. قال لي أحد الحاضرين: لو أن وزارة الخدمة المدنية تسمح بمنح من بلغت خدماته أكثر من (35) سنة ويطلب الإحالة على التقاعد المبكر مكافأة راتب الثلاثة أشهر التي تُصرف لمن يحال على التقاعد لبلوغه السن النظامية. لطلبت الإحالة على التقاعد المبكر من الآن لأنني في الدرجة الأخيرة من المرتبة التي أشغلها ولا أتوقع المستثناة بوزارة الداخلية. وقال لي آخر: أنا سوف تتم إحالتي على التقاعد لبلوغي السن النظامية قريباً, ولكن عمري المدون في حفيظة النفوس التي تعينت بموجبها ليس عمري الحقيقي فلو قمت بتعديله من قبل الأحوال المدنية إلى العمر الحقيقي فهل استفيد من هذا التعديل لغرض الاستمرار في الخدمة. قلت له: لقد نصت المادة (3/4) من اللوائح التنفيذية لنظام الخدمة المدنية على أن (تكون إحالة الموظف على التقاعد لبلوغه السن النظامية وفقاً لتاريخ ميلاده المدون في حفيظة نفوسه حتى تاريخ 1 - 7 - 1409 ه ولا يعتد بأي تغيير في تاريخ الميلاد بعد ذلك لغرض الاستمرار في الخدمة أو العودة إليها). ولكن قد يكون هناك حالات تصحيح وليس تعديل على تاريخ الميلاد يمكن إجازتها بعد دراستها والاتفاق عليها بين الأحوال المدنية ووزارة الخدمة المدنية. كما سألني أحدهم قائلاً: أنا سوف أحال على التقاعد لبلوغي ستين سنة هذا العام فهل يجوز للجهة التي أعمل بها أن تقوم بالتعاقد معي على الوظيفة التي أشغلها أو على غيرها من الوظائف الشاغرة وإذا لم يوجد لديهم وظيفة شاغرة فهل يجوز التعاقد معي في إحدى الجهات الحكومية الأخرى التي يتوفر لديها ذلك. قلت له: إن التعاقد بعد الإحالة على التقاعد له قواعد وضوابط محددة فمتى ما توفرت لديك هذه القواعد والضوابط جاز التعاقد معك. قال لي: هل يمكن أن تذكر لي أهم هذه القواعد والضوابط. قلت له: نعم وبكل سرور من ذلك ما يلي: * أن لا يتم التعاقد مع الموظف المحال على التقاعد لبلوغه السن النظامية ممن يشغل المرتبة (15) فما دون أو ما يعادلها في السلالم الوظيفية الأخرى على وظيفته السابقة أو على الحصول على ترقية قبل حلول موعد التقاعد بقوة النظام. قلت له: إن المكافأة التي تتحدث عنها وهي ما يعادل راتب ثلاثة أشهر خصصها واضع النظام لأربع حالات هي: 1 - المنسق من الخدمة. 2 - المحال على التقاعد لعجزه الصحي عن العمل. 3 - المحال على التقاعد لبلوغه السن النظامية. 4 - ورثة الموظف المتوفى. وبالتالي فإن وزارة الخدمة المدنية غير مخولة نظاماً صلاحية إجازة صرفها لغير هذه الحالات. كما قال لي أحدهم: أنا عمري قارب (الستين) سنة ولا أرغب الإحالة على التقاعد, فهل أطلب من المسؤولين في جهة عملي تمديد خدماتي إلى سن (الخامسة والستين). قلت له: إن تمديد الخدمة لمن بلغ عمره (ستين) سنة ليس من صلاحيات الجهات الحكومية بما فيها وزارة الخدمة المدنية, وإنما ذلك قصور على مجلس الخدمة المدنية الذي يجوز له في الظروف التي يقدرها الموافقة على مد خدمة الموظف مرة أو أكثر حتى إكماله سن (الخامسة والستين) من العمر وفق معطيات معينة مثل ندرة التخصص أو التأهيل العلمي أو الخبرة أو تعذر شغل الوظيفة بالبديل المناسب سواء من داخل الجهاز أو من خارجه ولم يستثنَ من ذلك سوى شاغلي وظائف معينة كوظيفة (غسالي الموتى) وبعض الوظائف وظيفة أخرى في جهته أو في غيرها إلا بموافقة من مجلس الخدمة المدنية على ذلك وذلك في أضيق الحدود ولأسباب تمليها اعتبارات الندرة في التخصص أو الخبرة أو عدم وجود البديل. * كما أنه يجوز بقرار من معالي وزير الخدمة المدنية بناء على توصية مشكلة لهذا الغرض الموافقة على التعاقد مع الموظف المحال على التقاعد بناء على طلب من الجهة الحكومية للقيام بأعمال بعض الفئات الفنية أو الحرفية أو أعمال الحراسة المشمولة بلائحة المعينين على بند الأجور, شريطة أن تتوفر في الموظف المتعاقد معه متطلبات شغل الفئة المراد التعاقد معه عليها, وأن يكون لائقاً صحياً وقادراً على العمل. * أيضاً فإنه يجوز للجهة الإدارية التعاقد مع المستخدم المحال على التقاعد لشغل إحدى الفئات المشمولة بلائحة المعينين على بند الأجور إذا توفرت لديه الشروط المحددة لذلك, وان يكون لائقاً صحياً وقادراً على العمل, وان لا يتجاوز سنه (الخامسة والستين) عاماً, ويجوز عند الضرورة القصوى استمرار التعاقد معه بعد سن (الخامسة والستين) بقرار من معالي وزير الخدمة المدنية يقضي بالموافقة على ذلك بناء على توصية من اللجنة المشكلة لهذا الغرض. وفي ختام كلامي قلت له: هذه هي أهم القواعد والضوابط المنظمة للتعاقد بعد الإحالة على التقاعد حسب ما أعرفه, أرجو أن يكون وضعك الوظيفي يتفق معها لتسعد بالموافقة على التعاقد معك. قال لي: بكل تأكيد لقد أسعدتني بما ذكرته وسوف أسعى - إن شاء الله - بطلب الموافقة على التعاقد معي, وبالله التوفيق. * الإدارة العامة للمراجعة/وزارة الخدمة المدنية