انطلق أمس الثلاثاء في تمام الساعة العاشرة والنصف صباحاً بتوقيت السعودية الصاروخ الروسي - الأوكراني (دنيبر) من قاعدة (بيكانور) الفضائية في كازاخستان حاملاً ثلاثة أقمار اصطناعية سعودية (سعودي كوم سات 1 و 2) و(سعودي سات 2)، إضافة إلى أقمار أخرى من فرنسا، وإيطاليا، والولايات المتحدةالأمريكية. وقال الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد المشرف على معهد بحوث الفضاء في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية ورئيس فريق عمل المشروع إن عملية الإطلاق تمت بنجاح كامل- ولله الحمد- حيث تم وضع هذه الأقمار الثلاثة على مدار يقع على زاوية (98) درجة، وهو مدار متزامن مع الشمس لغرض التصوير الضوئي. وأكد الأمير تركي أن هذه الأقمار تم أرسالها بهدف الإستفادة منها في المجالات السلمية والأغراض المدنية ولا علاقة لها بالمجالات العسكرية مبينا أن القمرين الأولين (سعودي كوم سات 1 و 2) عبارة عن أقمار اتصالات صغيرة الحجم (تزن 12 كيلو جراما) ومنخفضة المدار، ويستفاد منهما تجارياً لتوفير خدمة نقل المعلومات من مناطق نائية، ولتعقب وتحديد مواقع المركبات عن طريق جهاز آلي موضوع على المركبة نفسها ويكون متصل بالقمر الاصطناعي، ويقوم بإرسال معلومات أولاً بأول عن موقعها، وأيضاً من مهام هذا القمر نقل المعلومات من أماكن نائية سواء في مجال البيئة أو الأرصاد. ويتصف القمران (كوم سات 1 و2)، بأنهما مقاومين للتغيرات الحرارية، وقابلان للاهتزازات والصدمات، كما أنهما ضد الصدأ والتصدع، ومنخفضا التكلفة، وهما مصنوعان من مادة الألمنيوم، ومكعبي الشكل، وبحجم 23 - 30 سم مكعب. ويتكون نظام الاتصالات في القمرين كوم سات 1و 2، من جهازي إرسال وجهازي استقبال ومودم، ويمكن الاستقبال والإرسال الصوتي أو الرقمي بالأقمار من جميع أنحاء العالم حيث يمكن لمحطتين تبعدان عن بعضهما 4000 كلم التخاطب الصوتي أو تبادل الرسائل الرقمية عن طريق التخزين والتحويل الرقمي. ويرسل القمر إلى محطة التحكم الأرضية في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في الرياض، معلومات عن حالة أجهزته ومكوناته مثل درجة الحرارة لكل جهاز، أو أحد مكوناته، وكذلك الجهد والتيار الكهربي وحالة الأجهزة، فيما تقوم المحطة الأرضية باستقبال هذه المعلومات بصورة دورية حيث تستخدم لتشغيل الأقمار بكفاءة عالية، ومتابعتها آلياً والتحكم بها وتوجيهها. وهناك عدة تطبيقات للقمرين التجاريين (كوم سات1 و 2)، مثل نظرائهما الثلاثة السابقة، (سعودي سات أو ب وج)، من أهمها: تحويل المعلومات من مواقع نائية مما يسمح بمراقبة الأداء، وتطوير واختبار وحدات نقل المعلومات من مواقع نائية إلى محطة الاستقبال عبر القمر بطريقة آلية، حيث يتم تحويلها إلى موقع إنترنت كي يمكن قراءتها من أي مكان في العالم. وأثبتت هذه التجارب كفاءة عالية في نقل المعلومات من حيث الاعتمادية العالية وقلة التكاليف مقارنة بالقراءة اليدوية ووسائل الاتصالات البديلة، ويتم أيضاً نقل البيانات من طرفيات ثابتة أو محمولة وتسمح بنقل بيانات قصيرة إلى محطة أخرى عبر القمر الاصطناعي عند مروره فوقها، كما يمكن استخدام مثل هذه الأقمار في أخذ صور فضائية للأرض، وهذا يتطلب استخدام لواقط ذات أطياف متعددة، ويمكن الاستفادة من هذه الأقمار في إجراء الأبحاث والتجارب العلمية المتعلقة بالفضاء. وأضاف الأمير تركي أن القمر الثالث (سعودي سات 2)، الأكبر حجماً (يزن 30 كيلو جراما)، وهو مخصص للتجارب العلمية التي تشمل التصوير الضوئي، ومخصص أيضا للاستشعار عن بعد (لتصوير الأرض من الفضاء)، ويتصف بأنه ذو دقة أفضل من (15) متراً، حيث يمكن من خلاله بوضوح رؤية الأشياء التي بحجم 15 متراً، من خلال آلتي تصوير مثبتة فيه، ويمكن التحكم باتجاه القمر بدقة وتوجيهه للمنطقة المراد تصويرها، ويستفاد منه في تطبيقات عديدة مثل: تخطيط المدن والزراعة والدراسات الجيولوجية والبيئة. ويحتوي القمر أيضاً على تقنية تجريبية جديدة في مجال إنتاج وتخزين الطاقة، وسيتمكن المرصد السعودي لليزر التابع لمعهد بحوث الفضاء من قياس موقع هذا القمر في مداره بدقة عالية جداً تصل إلى ثلاثة أجزاء من الألف من المتر. وأوضح الأمير تركي بن سعود، أنه تم تصميم وصناعة الأقمار الثلاثة في معهد بحوث الفضاء في المدينة على أيدي متخصصين سعوديين، أما ما يتعلق بالهياكل الخارجية للأقمار فصنعت في شركة (الفنار) السعودية، بينما تم صناعة الألواح الشمسية في شركة ( بي بي سولر) السعودية تحت إشراف المختصين في المعهد، وتشحن هذه الأقمار بعدد من الطرق منها: أشعة الشمس، الأشعة المنعكسة من الغلاف الجوي للأرض (البيدو) ، وذلك في حالة الظلام، تحول الخلايا الشمسية الفوتونات الساقطة عليها، أو عن طريق شحن البطاريات من الخلايا الشمسية، فيما تقوم اللوحة الإلكترونية بتنظيم الطاقة وتوزيعها لبقية أجزاء القمر الاصطناعي بناء على حاجته. وأضاف الأمير تركي أنه أصبح لدى المملكة الآن ستة أقمار صناعية تسبح في الفضاء، حيث تم في المرة الأولى إطلاق القمرين السعوديين سعودي سات-1 أ , ب في 26-9-2000م، تبعه للمرة الثانية إطلاق سعودي سات-1ج في 20-12-2002م من قاعدة بيكانور بكازاخستان عن طريق الصاروخ الروسي دنبر، وقد تم تغيير مسمى المنظومة إلى (سعودي كوم سات) بعد النجاح في التجارب الثلاثة الأولى والتأكد من القدرة على تقديم خدمات الاتصال بشكل تجاري. وبهذا الإنجاز العلمي تؤكد المملكة ريادتها عربياً في مجال علم الفضاء والتي بدأت منذ العام 1985م بالمشاركة الفاعلة للأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز في رحلة المكوك الفضائي الأمريكي ديسكفري ليصبح بذلك أول رائد فضاء عربي مسلم، كما أن المملكة عضو دائم في لجنة استخدام الفضاء الخارجي التابعة للأمم المتحدة، والتي تضم في عضويتها 65 دولة من بينها ثماني دول عربية، وتتولى هذه اللجنة التي تأسست في عام 1959مراجعة التعاون الدولي في مجالات الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي واقتراح البرامج التي يمكن للأمم المتحدة رعايتها في هذا المجال، وتشجيع تبادل المعلومات حول الأبحاث المتعلقة بها ودراسة المشكلات القانونية التى يمكن أن تنشأ نتيجة استكشاف الفضاء الخارجي. وقد بدأت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية منذ وقت مبكر في إنشاء وتطوير المركز السعودي للاستشعار عن بعد الذي يعد نواة معهد بحوث الفضاء، ويحتوي المركز على محطة لاستقبال الصور الفضائية تعد من أكبر المحطات على المستوى العالمي بالنسبة لاستقبالها معلومات من عدة أقمار . كما يضم معهد بحوث الفضاء عدة مراكز معنية بعلوم وتقنية الفضاء هي: مركز تقنية الأقمار الصناعية، مركز تقنية الطيران، مركز تقنية الضوئيات، مركز الدراسات الرقمية، مركز تقنية المعلومات الجغرافية، ومركز تقنية المواد المتقدمة. ويقوم مركز تقنية الأقمار الاصطناعية بمعهد بحوث الفضاء في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بجميع النشاطات المتعلقة باهتمامات المدينة في مجال الاستفادة من استخدامات تقنيات علوم الفضاء في المجالات السلمية، ويهدف المركز إلى تصميم وتطوير وتصنيع أنظمة الأقمار الاصطناعية والمحطات الأرضية اللازمة لها، وكذلك تطوير تطبيقاتها في المملكة، وقد قام المركز بتصميم وبناء وإطلاق ثلاثة أقمار اصطناعية خلال الأربع سنوات الماضية بالإضافة إلى الأقمار الثلاثة الحالية بكفاءات سعودية، كما قام بتصميم وبناء طرفيات للاتصال بالأقمار الاصطناعية الصغيرة فضلاً عن المحطات الأرضية للتحكم بها، وتتماشى النشاطات في مركز تقنية الأقمار الاصطناعية مع الاتجاه العالمي نحو استخدام الأقمار الاصطناعية الصغيرة في المدار المنخفض لأغراض الاتصالات والاستشعار عن بعد، حيث تقدم مجموعة من هذه الأقمار تغطية أرضية أطول وبتكلفة أقل من أقمار المدار الثابت، وذلك لانخفاض تكلفة الإطلاق والمرونة في متطلبات بناء القمر، كما أن محطات الاستقبال تكون صغيرة الحجم وقليلة الاستهلاك للطاقة.