خطفت يد المنون إحدى خيرات هذا المجتمع الصالح واحدة ممن أخذن على عاتقهن هموم الفقراء و المرضى والمعوزين سخرت وقتها وصحتها ومنزلها لتقديم ما يمكن بيد وعين حنونتين لمن هم في حاجة دون رياء أو نفاق أو منة إنها إحدى المخضرمات في هذا العصر ولعلي أعرفها عن قرب لكونها والدة زوجتي أم سلطان إنها الخالة والفقيدة (لولوة بنت عبدالله الجريفاني) حرم الخال أحمد بن عبدالعزيز المنصور الزامل لقد كانت رحمها الله فريدة من نوعها في عبادتها وسلوكها ونهجها بالحياة لقد قضت أجمل الأوقات مع ربها سبحانه واضعة نصب عينيها الخوف منه والرغبة بما عنده، قرأت القرآن ورددت الأحاديث تبسمت للجميع صغيراً وكبيراً لسانها رطب بالدعاء والنصح كان ينبوعاً من الكلمات الطيبة الحانية تلهج بالدعاء والشكر لله ولعباده.. شهد لها البعيد قبل القريب بدورها الأسري والاجتماعي، تؤثر على نفسها وصحتها في سبيل الضيف والقريب والجار، كانت زاوية كل حي تسكنه فالجميع باختلاف مشاربهم وبيئاتهم يقدرونها ويفتقدونها حريصة.. على لم شمل الجميع والألفة والمحبة للنساء والرجال تشارك الجميع الأفراح رغم المشقة وكذا الأتراح رغم العناء لقد كانت محل الرأي والمشورة للكبير والصغير.. وصفها الآخرون بشمعة المساكين والضعفاء، تخفي زكواتها وصدقاتها احتراما للمحتاج ونفسيته تقوم على توزيع ما الله به عالم من طعام وخلافه.. كانت محبوبة مجتمعها لا تحب المظاهر والشهرة، تمقت الغيبة وأكل لحوم البشر ومن هنا شيدت جسور محبة وعطف ووفاء مع من يعرفها، ومن لا يعرفها ترى أنها تعرفه وتقدم ما يجب نحوه.. نهجت منهج الصالحات قولاً وعملاً، شاركت رفيق دربها الصابر بقضاء الله الخال أحمد بن عبدالعزيز المنصور مرارات الحياة وحلاوتها، عانت - قدس الله روحها - وتحملت ونصحت عن أمراض العصر من قيل وقال، لزمت الصمت في كثير من أمورها، تعرف الله حق المعرفة لذا لا تخوض بحديث لا يعنيها، لقد أيقنت أن مشوار الحياة قصير وأن بهرجة الدنيا وزخارفها لا تساوي غضب قريب أو جار أو قطيعة رحم. في هذا المقام أعزي الفقراء والأيتام والمرضى ،كانت لهم الأم الحنون ولن ينسوا أياديها البيضاء نحوهم في الأعياد وليالي الشتاء وشهر الصوم. لقد عايشت مرضها يرحمها الله منذ بدايته وأعرف عنه ما لم تعرفه عانت مرارات الألم بشكل كبير لم تَشْكُ لأحد حالها رغم تعرضها لأبشع الأمراض وأقساها، تعرض جسدها الطاهر لأنواع من العلاج المؤثر والصعب ظلت صامدة تهلل وتصلي ترحب وتسأل، كان المرض يستفحل وصدرها ينشرح بالذكر والعبادة كانت تتألم بصمت الصابر المؤمن إن الله قريب لعباده ومن عرف الله بالسراء عرفه بالضراء وإن الله قادر على كل شيء. سنفتقد صوتك وصورتك وأحاديثك ونصائحك.. كل شيء يذكر فيك مجلسك سجادتك صلاتك ملابسك قرآنك الكريم.. نعم ..الله عالم بعباده وكنت تعبدين الله ليلاً ونهاراً تدعين لنفسك وإخوانك المسلمين، نحن عطشانون لسماع دعائك كان دعاء المرأة المؤمنة الصالحة تتقرب إلى الله لتفوز بالجنة وأنت إليها إن شاء الله. أعزي نفسي وزوجتي وأولادي بفقدانك وأبتهل إلى الله أن يجبر مصاب زوجك الكريم وقد قدم الكثير لقد سهر معك والمرضى ليال طوالاً يقرأ عليك الآيات تلو الآيات وينفث بالدعاء لك لقد كان كبيراً في كل شيء صامداً صابراً أمام قضاء الله.. عمل طيلة مرضك ما يحلو لك من غذاء وقدم الدواء وأصر المرض أن ترفضي طلبه، لم يحتمل زيارتك هرب من الواقع ليقرأ كتاب الله إنها رأفة وحنان ووفاء الرجال في أحلك الأوقات إنها العشرة الزوجية النقية لا تثريب عليك فالكل راض عنك.. أكرر عزائي لأم سلطان الابنة الوفية البارة بوالديها جميعهم وأدعو الله أن يثبت إيمانك وعقلك ودينك وأن يرحم والدتك أم يوسف كما يعرفها الكثير، وأن يجعل قبرها روضة من رياض الجنة ومجالسها مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين من عباده ولن ينقطع عمل ابن آدم بوجود ذرية تدعو له ورددي معي: أبكيك حتى نلتقي في جنة برياض خلد زينتها الحور قلبي وجفني واللسان وخالقي راض وباكٍ شاكر وغفور