رغم تأكيد الولاياتالمتحدة وأوروبا ضرورة تقديم تنازلات في الملف الزراعي والدعم المخصص للصادرات لاستئناف مفاوضات تحرير التجارة المتعثرة ، توجد مؤشرات قوية تلقي ظلالاً من الشك حول نوايا الدول الغنية تجاه الدول الفقيرة ، حيث ترى الاخيرة ان مصالحها باتت مهددة بسبب سياسات الاغنياء الرامية إلى تحقيق اكبر قدر من المكاسب على حساب مصالحها . وتبدي الولاياتالمتحدة واوروبا موافقة مشروطة لتخفيض الدعم المخصص للمزارعين والمصدرين مقابل فتح الدول النامية لاسواقها امام منتجاتها وهو ما ترفضه الدول الفقيرة على اساس ان تلك الخطوة سوف تضر بمصالحها بسبب عدم قدرة منتجاتها على مجاراة المنتجات الامريكية والاوروبية من ناحية الجودة والانتاج الكبير . وترى واشنطن ان الدول النامية ينبغي عليها اتخاذ خطوات عاجلة لازالة العقبات التي تحول دون وصول المنتجات العالمية اليها ؛ من اجل الاسراع بتحرير التجارة الدولية 0 وأوضح الممثل التجاري الامريكي روبرت زوليك انه توجد فرصة مواتية لتدشين جولة جديدة من مفاوضات تحرير التجارة العالمية تركز على تخفيض الدعم الزراعي والرسوم الجمركية والعقبات الأخرى التي تعرقل حركة التجارة بين الدول . واشار إلى ان واشنطن حريصة على احتواء الخلافات مع الاعضاء بمنظمة التجارة العالمية بشأن الدعم الزراعي والرسوم الجمركية ؛ للتوصل إلى اتفاقيات فعالة لتحرير التجارة . وتطالب مجموعة العشرين التي تضم في عضويتها دولا نامية كالبرازيل الدول الغنية باسقاط الدعم المخصص للمزارعين وفتح اسواقها امام منتجات الدول الفقيرة . وتلوح في الافق امكانية التوصل إلى اتفاق بين الدول الغنية والفقيرة حول تحرير التجارة في اعقاب المرونة التي ابداها الاتحاد الاوروبي بشأن الغاء دعم الصادرات الزراعية ، والتخلي عن المطالب المتعلقة بصياغة قواعد جديدة تحكم عمليات الاستثمارات والمنافسة العالمية والتدخل الحكومي ، وهي اجراءات اصر الجانبان الاوروبي واليابان على التفاوض بشأنها ، الا ان الدول الفقيرة ترى ان التصريحات الاوروبية مجرد حبر على ورق ؛ لان التنازلات الاوروبية والامريكية مقرونة بفتح الدول النامية اسواقها على مصراعيها امام صادرات الدول الغنية وهو ما سوف يهدد المنتجين بالدول الفقيرة . وتستبعد الدول النامية التوصل إلى اتفاق بحلول يوليو المقبل بشأن الدعم الزراعي الذي عرقل مفاوضات تحرير التجارة بالدوحة وكونكان ؛ نظرا لاصرار الدول الغنية على اجبار الدول الفقيرة على فتح اسواقها امام صادرات الاغنياء ورفضها تقديم تنازلات للفقراء بدون مقابل . وقال المحلل مايك جلوفر ان الموافقة المشروطة من الجانبين الاوروبي والامريكي على اسقاط الدعم الزراعي تمثل ضغوطا متزايدة على الدول النامية للاستجابة لمطالب الاغنياء بفتح اسواقها امام الصادرات العالمية . وترى البرازيل ان الصيغة الاوروبية الامريكية المتعلقة بتخفيض الدول النامية للرسوم المفروضة على وارداتها الزراعية تعني حرمان الفقراء من الوصول لاسواق الاغنياء 0 وتري العديد من الدول النامية ان الصيغة التي تقترحها الدول الفقيرة بشأن خفض او الغاء الدعم الزراعي الذي تقدمه حكومات الولاياتالمتحدة وأوروبا للمزارعين هي الافضل لتحقيق تكافو الفرص بين الاغنياء والفقراء ودفع مفاوضات تحرير التجارة للامام . واشارت إلى ان الولاياتالمتحدة واوروبا تفرض رسوما تتراوح ما بين 100 في المائة و250 في المائة على عدد من السلع التي تصدرها الدول النامية وهو ما يعيق صادرات الفقراء لاسواق الدول الغنية . وتهدد الخلافات بين الدول الغنية والفقيرة جولة المفاوضات المقرر ان تعقد في جنيف في الفترة من 29 - 30 يوليو القادم ، وترمي إلى التوصل إلى اتفاق مرض بشأن الدعم الزراعي . واوضح روبرت زوليك الممثل التجاري الامريكي ان الدول النامية ينبغي عليها ان تبدي قدرا من المرونة وتدشين مقترحات ايجابية ؛ للتوصل الى اتفاق لدعم مفاوضات تحرير التجارة وطالب زوليك دول الاتحاد الاوروبي بانهاء الدعم المخصص للمزارعين الاوروبيين ؛ للتوصل إلى اتفاق للمضي قدما في الجهود الرامية إلى التوصل الى اتفاق لتحرير التجارة العالمية . وتشكو الدول النامية من الدعم الزراعي الذي تقدمه الدول الغنية لمزارعيها الذي يصل إلى حوالي 300 مليار دولار سنويا ، وتتهم تلك الدول بالاضرار بصادراتها . ويرى البنك الدولي والامم المتحدة ومنظمات غير حكومية ان تخفيض أو الغاء الدعم الزراعي الذي تقدمه الدول الغنية لمزارعيها سوف يدعم اقتصاديات الدول الفقيرة ويزيد من مساهماتها في التجارة العالمية . ويرى المحلل الاقتصادي جاي دي جونكير ان واشنطن تسعي إلى صياغة اطار عام يحظي بموافقة الاوروبيين لمواصلة مفاوضات تحرير التجارة ، ولتجنب الفشل قبل تحديد معدلات خفض الدعم . وأضاف ان الدول الفقيرة ترى ان الدعم الزراعي يضر بصادراتها الزراعية التي يصعب عليها منافسة المنتجات الامريكية والاوروبية الرخيصة الثمن بالاسواق الدولية . ويرى محللون اقتصاديون امريكيون ان الدول النامية ينبغي عليها تجاهل نصيحة عدد من المنظمات غير الحكومية بتوفير الحماية لمنتجاتها في مواجهة الصادرات الغربية ؛ لأن ذلك يوفر الذرائع للمصدرين الامريكيين والاوروبيين لمطالبة حكوماتهم بالابقاء على اجراءات الحماية التي تضر بمصالح الدول النامية بصورة رئيسية . وقال المحلل جاي دي جونكير ان مطالب المنتجين الغربيين تتحدد وفق الخطوات التي يتخذها المنافسون بالاسواق الدولية ، مشيرا إلى ان دعاوى الحماية تتزايد بالولاياتالمتحدة كلما اصر الشركاء التجاريون باوروبا والدول النامية على حماية مصالح المصدرين على حساب تحرير التجارة 0 واشار إلى ان الاتفاق على اطار عام لتسوية الملفات العالقة التي تعيق تحرير التجارة سوف يضمن مصالح الدول الصناعية والنامية على حد سواء . كما أضاف انه توجد ثلاثة عوامل تدعو إلى التفاول بشأن امكانية احتواء الخلافات بين الدول الكبري والنامية بشأن تحرير التجارة وتتمثل في أولا : تلميحات الهند بتخفيف القيود المفوضة على وارداتها بعد الانتخابات العامة التي جرت موخرا واسفرت عن فوز حزب الموتمر الذي تتزعمه سونيا غاندي . ثانيا : سعي الجانبان الاوروبي والامريكي إلى التحرك للتوصل إلى تسوية للملفات العالقة ، واستئناف المفاوضات التي تعثرت خلال اجتماع كونكان بالمكسيك . ثالثا اتجاه الولاياتالمتحدة لاتخاذ مواقف مرنة جديدة بشأن ملفات تحرير التجارة ، وهو ما يدعو إلى التفاول بشأن امكانية نجاح الجولات القادمة لتحرير التجارة .