المتتبع للحوادث الإرهابية المؤسفة والمبكية في مجتمعنا ووطننا مؤخراً يلاحظ عدة أمور جوهرية من وجهة نظري كأستاذ متخصص في علم الإجرام والبحث الجنائي وأردت هنا أن اذكرها للعلم والفائدة لإخواني المواطنين والمواطنات من هذه الأمور: أولاً للأسف الشديد إن الزخم الإعلامي المسلط على هذه الفئة الفاسدة والمنحرفة بكل معاني الكلمة لم يصل للمستوى المنشود حتى الآن.. لا أدري لماذا هل لأنهم مواطنون وما زلنا ننتظر عودتهم تائبين، لعل ذلك يكون صحيحاً ولكن يجب إحقاق الحق وإبطال الباطل فهذه الفئة الباغية والفاسدة، كثير من الناس في الإعلام يشبهونهم بالخوارج الذين كانوا يحاربون وجهاً لوجه ولا يغدرون مثل هذه الفئة الفاسدة التي لم نعرف منها سوى الغدر والخيانة والقتل من الخلف بدون مواجهة حقيقية، فهذه الشرذمة الفاسدة أقرب للقرامطة منهم للخوارج.. لذا أرى وهذه فقط أفكار شخص كما قلت متخصص في الإجرام والبحث الجنائي أن يركز الضوء على هذه الفئة الفاسدة إعلاميا بنشر تاريخ كل منهم وآمل من العلماء والدعاة والخطباء بيان حال هذه الفئة لأنهم تجاوزوا الخطوط الحمراء كلها بعد ما اتجهوا لقتل رجال الأمن بالطعن من الخلف كما حصل في حادثة القصيم والتي راح ضحيتها أربعة من الشباب الذين كان دورهم الأساس هو حمايتنا نحن والسهر على أمننا وبعد تفجير مبنى المرور بالرياض فالمرور ليسوا كفاراً ولكنهم مسلمون مصلون. ثانياً يجب محاربة كل من يشجع هذه الفئة الضالة بفكر أو مقال فهذه الفئة الضالة هدفها نحن جميعاً أبناء الوطن خاصة بعد الحوادث الأخيرة في الرياضوالقصيم حيث لم يكن الضحايا من الكفار ولا غيرهم وإنما المسلمون، فسقطت حجة من قد يجد لهم عذراً من ضعاف الإيمان والعقل والبصيرة بعد هذه الأحداث، ويجب أن يحاسب كل من يشجعهم في بغيهم وفسادهم فنحن الآن وأقولها حزينا في حرب معلنة مع هذه الفئة الفاسدة ويجب بأي ثمن أن تجتث هذه النبتة الخبيثة من جذورها. ثالثاً يجب أن تعلمنا هذه الأحداث أمراً مهماً للغاية وهي كما قال المثل إن (الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لايراها إلا المرضى) فنعمة الأمن التي لا يقدرها كثير من شباب هذا الوطن للأسف الشديد فإذا أراد مثلاً السفر من الرياض لمكة المكرمة أو الشرقية أو الجنوبية أو الشمالية يعد السيارة والوقود والإطارات والملابس وأغراض الأكل ولكنه لا يعد سلاحاً لحماية نفسه وهذه من أكبر نعم رب العالمين على مجتمعنا ولذلك قدم سيدنا إبراهيم - عليه السلام - الامن على الشرك عندما دعا لسكان هذه المنطقة الآمنة بقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ}، فكثير من شبابنا اليوم يأخذ الأمن على أنه حق مكتسب وهذه المحنة آمل أن تكون منحة من رب العالمين لتعلمنا أهمية الأمن في حياتنا وأن لا نبيعه بأي ثمن وأن هذه البلاد كانت وستبقى للأبد إن شاء الله آمنة مطمئنة ولكن يجب أن يعرف كل مواطن أن هناك ثمناً لهذا الأمن يُدفع بدم أبنائه البررة من رجال الأمن الذين يسهرون لينام الجميع ويقتلون ليعيش المجتمع وأهله في سلام فلهم منا كل التقدير والمحبة والدعاء. رابعاً للأسف الشديد والمحزن حقاً أن الفئة الضالة ما زالت تعيش بيننا فالمجرمون في جدة والذين تم القضاء عليهم لم يكونوا يعيشون في الصحراء بعيدا عن الناس ولكن في وسط أحياء سكانية كذلك من كانوا في الرياض، إذا فهناك تقصير واضح وجلي من السكان المواطنين فيجب أن نحمي بلادنا من هذه الفئة الضالة وذلك بالتبليغ عنهم حالاً ودون تأجيل فمن غير المعقول أنهم لم يخرجوا من منازلهم وصورهم تعرض في كافة وسائل الإعلام، إذا فلا عذر لأحد عندما يشاهد أحداً منهم فيجب عليه التبليغ حالا... كيف يا أخي المواطن تنام وأنت تعرف أن في جوارك حية سامة قد تقتلك في اية لحظة كذلك يجب مساءلة من استأجروا منهم منازل كيف اجرتهم وكيف لم تتأكد من هوياتهم؟. وأرجع وأقول إن على الجيران مسؤولية مضاعفة في التأكد من جيرانهم كذلك على أئمة المساجد والعمد في الأحياء التأكد من السكان فيجب أن نحارب هؤلاء القرامطة بكل وسيلة للقضاء عليهم فإلى متى إخواني نقف وقفة المتفرج لا المشارك لحماية وطننا؟. خامساً يجب أن يعرف الجميع هنا في المملكة أننا في سفينة واحدة إذا قام سفيه فاسد بخرقها وتخريبها فسوف نغرق جميعاً، إذاً يجب أن نضرب على يديه بالحديد والنار ليقف عن فساده وغيه ويجب اجتثاث هذه الفئة الباغية. سادساً يجب أن يسأل كل منا نفسه سؤالاً بسيطا لماذا كل هذا من هذه الفئة، ومن المستهدف؟. الآن في إحدى الدول العربية تطورت الأحداث حتى وصلت إلى أن أمثال هذه الفئة الضالة تدخل البيوت وتقتل أسراً كاملة فقط لإثبات وجهة نظرهم، هل سوف نجلس وننتظر إلى هذه الأوقات وأدعو الله أن لا يكون ولكن يجب وجوباً أن لا نكون سلبيين في تعاملنا مع الأحداث فكل منا يجب أن يكون رجل أمن مسؤولاً عن وطنه كما هو مسؤول عن منزله. ماذا لو أن أحدهم وضع قنبلة في منزلك ألا ترتاع وتتضايق.. الخ الخ، وطنك هو بيتك الكبير فيجب أن تكون حرمته أكبر حرمة من بيتك الصغير. ولمصلحة من قتل من قتل من رجال الأمن وهنا بيت القصيد للعنوان هل نحن فعلاً مع الإرهاب أو ضده وقد نكون ضده ولكن بسلبية بأن تضيق صدورنا للمناظر السيئة وننقل الإشاعات من هنا وهناك.. وأرى أن كل مواطن منذ هذه اللحظة يجب أن يفتح عينيه جيدا في الحي الذي يسكن فيه وعندما يشعر بشيء غريب يجب الاتصال على الجهات الأمنية. يا اخواني كفانا سلبية فقد قتل مواطنون صالحون مسلمون كان عملهم حمايتنا كلنا فيجب أن ننتقم من القتلة بطريقة متحضرة وذلك أن كلا منا يفتح سمعه وبصره ويبلغ عن أي مشبوه في الحي فهذه الفئة الباغية لا تسكن في القمر ولكن داخل احيائنا السكنية ورجال الأمن الذين غدروا وقتلوا كان عملهم حمايتنا في هذه الأحياء فيجب علينا رد الجميل وحمايتهم. سابعاً أرى أنه يجب علينا في هذه الفترة الحرجة من تاريخ أمتنا أن نكون أعواناً لرجال الأمن فهم إخواننا وأحبابنا وأبناؤنا فالكلمة الطيبة صدقة فكلما مررت بدورية أمنية قل لهم كلمة مشجعة، دعهم يعرفون أننا نحبهم ونقدر عملهم وعندما تتوقف للتفتيش لا تبين لرجل الأمن الضجر والملل فهو يؤدي عمله أولاً وأخيراً لحمايتك أنت وأسرتك. أخيراً يجب أن يكون تركيزنا في هذه الفترة على إنهاء هذه الحالة المرضية عاجلاً فلو ذهبت لطبيب جراح وعندك مرض ما وأخبرك بوجوب إجراء عملية جراحية ولكنك فضلت المسكنات وتركت المرض يزداد لكانت النهاية وخيمة ولكن الحل هو العملية والتي سوف تؤلم لبعض الوقت ولكنها إن شاء الله ستقضي على المرض وهذا هو المطلب مع هذه الفئة الضالة، إذ لابد من بترها عاجلاً غير آجل حتى لا يزيد شرها فالفتنة نائمة لعن الله من أيقظها وكما قال تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} وحتى نرتاح جميعاً ونعود إلى خطط التنمية الحقيقية لمجتمعنا والذي آن الأوان كما قلت لتكون هذه المحنة منحة فنعرف ونقدر فيه الامن ورجاله ونعرف قيمة وطننا وقيمة التضحية للوطن فالوطن يحتاج منا الكثير وكما قيل لا تقل ماذا فعل وطنك لك ولكن قل ماذا فعلت أنت لوطنك. حفظ الله وطننا المملكة العربية السعودية آمنة مطمئنة فقد كانت المملكة وستظل دائماً إن شاء الله تعالى في مصافي الدول الأقل جريمة في العالم وهذه فقط حمّى ستزول قريبا بتوفيق الله تعالى أولاً ثم بجهود أبناء هذا الوطن البررة، كل في مجاله وعمله ولنكن كلنا عيوناً ساهرة للوطن فقد أعطانا وطننا الكثير والآن يطلب منا القليل فهل سنعطيه..؟، أنا واثق من ذلك إن شاء الله. أدعو الله أن يحمي وطني المملكة العربية السعودية بقيادة والدنا وقائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه وأدام عليه الصحة والعافية وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني وحكومتهم الرشيدة وحفظ الله رجال الأمن في هذا الوطن، وطن الحب والعطاء والتضحية. والله الهادي لكل خير، والحمد لله أولاً وأخيراً. (*)وكيل كلية العلوم العربية والاجتماعية بالقصيم وأستاذ علم الإجرام والبحث الجنائي