ببالغ الأسى والحزن تلقيت نبأ وفاة الشيخ محمد العبدالله الجميح وقت كنت في زيارة لمنزله مساء يوم الأربعاء 9-3- 1425ه، وقد وقع علي خبر وفاته فلم أكد أصدق ذلك الخبر أو كما قال المتنبي: فزعتُ فيه بآمالي إلى الكذب حتى تحقق لي أن ما كنت أخشاه قد وقع نعم لقد رحل عنا مأسوفاً عليه كما رحل عنا من قبل أولو العزم من رجالنا وأعلامنا وأبنائنا مأسوفاً عليهم أجمعين، وتلك سنة الله في خلقه وقضاؤه فيهم الذي لا راد له، ولقد قيل: وإذا المنية أنشبت أظفارها ألقيت كل تميمة لا تنفع لقد كان للراحل صفات كريمة وأخلاق فاضلة ومساهمات خيرية، ومن هنا فإن حياته ستظل ممتدة بقدر امتداد أخلاقه وأعماله الخيرية التي خلفها؛ إذ ما كل مَن وارته القبور بميت، ولله در القائل: والموت نقاد على كفه جواهر يختار منها الجياد وقول الآخر: وما المرء إلا كالشهاب وضوئه يحور رماداً بعد أن كان يسطع لقد كان رحمه الله يتمتع بدماثة الخلق والحلم والأناة والصبر والكرم وتقديره لأصدقائه وزواره، وكثيراً ما سمعته يتحدث عن أيام كفاحه الأولى وما واجهه من متاعب ومشقات، وطالما ردَّد على مسامعنا صوراً من تلك الأيام؛ حيث بدأ أعماله التجارية بالجد والعمل والصدق؛ فقد برز كرجل أعمال ناجح وعاصر التجارة من بدايتها وعاش نموها وازدهارها، ولا شك أنه أحد نماذج رجال الأعمال السعوديين المشرفة الذين بدأوا من الصفر وحققوا النجاح، وسيظل اسمه بارزاً بين رجال الأعمال في بلادنا بتعدد مشاريعه التجارية. رحمه الله رحمة واسعة، ولكل أجل كتاب، والله تعالى هو المستعان، والصبر في المصائب من أوامر الإسلام. اصبر لكل مصيبة وتجلَّد واعلم بأن المرء غير مخلَّد وكل نفس ذائقة الموت، فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون. هذا هو عزاؤنا بالفقيد، والله مع الصابرين، ولقد قال الإمام الشافعي: دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفساً إذا حكم القضاء وقيل: وغير الله وجه ليس يبقى وكل غيره لا بد فانِ أحسن الله لنا العوض في أبنائه المشائخ محمد وعبدالرحمن وحمد العبدالعزيز الجميح وأبناء الفقيد عبدالله وإبراهيم وعبدالعزيز وعبدالرحمن وحمد ومنصور، سائلاً الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه وأصدقاءه الصبر والسلوان {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }.