في أحد الأيام الماضية كنت أقلب (تقويم أم القرى) وإذا بي أفاجأ بأن الورقات المتبقية منه قليلة ولم يبق على نزع الورقة الأخيرة إلا بضعة أيام ويأفل نجم هذا العام وتغيب شمسه التي يوم القيامة يوم العرض الأكبر على الله سبحانه وتعالى فبالأمس القريب كنا نودع العام الماضي 1423ه ونستقبل هذا العام 1424ه فما أسرع الأيام وتتابع الليالي.. الله أكبر.. أعوام تمضي اثر أعوام ونحن غافلون فرحون بمضي الأيام لتتحقق أمانينا وفي ذلك قال الشاعر: إنا لنفرح بالأيام نقطعها وكل يوم يمضي يدني من الأجل فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً فإنما الربح والخسران في العمل إن هذه الليالي والأيام التي نُسر ونفرح بانقضائها هي من أعمارنا وتقربنا من الأجل الذي سيلاقينا لا محالة فنحن بني الإنسان مجموعة أيام كلما مضى يوم مضى بعضنا وفي مضي الأعوام والشهور والأيام والساعات بل الدقائق والثواني عبر جمَّة ولكن لمن كان له قلب قال تعالى: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ} إن في ذلك لعبرة للمعتبرين الذين يقدرون الأوقات ويشحون بها كشح أكثرنا بالدرهم والدينار في سالف الدهر وحديثه ومن أولئك: الذي قيل له: لم تأكل الكعك ولا تأكل الخبز فقال: إن بين أكل الكعك ومضغ الخبز مقدار خمسين آية من كتاب الله تعالى: (صورة مع التحية لمن لا يعرف القرآن إلا في رمضان). نعم.. ليس هذا القول وهذه الحادثة من نسج الخيال بل هي حقيقة ماثلة للعيان ولا غرابة فيها عند أولئك الرجال أولئك أبالي فجئني بمثلهم. إننا والله وتاالله لمسؤولون عن أوقاتنا أفي طاعة الله استثمرناها أم في المعاصي قطعناها؟ {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ}. قال صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند الله حتى يُسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه...)، وقال عليه الصلاة والسلام: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ) هذا الحديث والذي قبله وغيرهما أكثرنا يعرف ذلك ولكن أين من يعتبر ويتعظ؟ وفي مطلع العام الجديد 1425ه نسأل الله أن يجعله عام خير وعز للإسلام والمسلمين في كل مكان ليجدر بنا أن نقف مع أمتنا وقفة صادقة في سبيل عزها ورقيها ولا يتأتى ذلك إلا بمحاسبة أنفسنا وأطرها على الحق أطرا وخصوصا في ظل هذه الأحداث والفتن المدلهمة والتي أخبر عنها الصادق المصدوق- صلى الله عليه وسلم - نسأل الله النجاة من الفتن وماظهر منها وما بطن. فكل فرد منا على ثغر من ثغور الأمة مهما كان موقعه الله الله أن تؤتى الأمة من قِبله وبذلك يصلح البيت المسلم وتستقيم أركانه ثم الحي والمدينة والدولة وصولاً للغاية السامية التي ينشدها كل مسلم وهي عز الإسلام والمسلمين وعودة الهيبة المسلوبة المفقودة وماذلك على الله بعزيز. وبمناسبة قدوم هذا العام الجديد أقول: إن علينا أن نعتز بديننا وهويتنا فنحن أمة قائدة متبوعة لا مقودة تابعة لها خصوصيتها وشخصيتها الفريدة على مدى الدهور ومر العصور ومن الجوانب المشرقة: التأريخ بالتاريخ الهجري الذي يرمز إلى حدث لا يضارعه حدث فمن جرَّائه خرج الناس من الظلمات إلى النور وهو هجرة النبي- صلى الله عليه وسلم - من بكة إلى المدينة النبوية ليشع منها نور الهداية وترفرف راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ويدخل الناس في دين الله أفواجا. فجزى الله كل خير الفاروق العادل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب أبو حفص رضي الله عنه وأرضاه حيث اختار هذا الحدث الفريد ليكون استهلالة للتأريخ لنا نحن المسلمين وليس لمولد الرسول - صلى الله عليه وسلم- ففي ذلك تشبه بالنصارى الذين غلوا في عيسى عليه السلام ولا لوفاته- صلى الله عليه وسلم- لأنه حدث أحزن المسلمين، فيه توقف الوحي وانتقل خير البشرية إلى جوار ربه عز وجل بعد أن أدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده فصلوات الله وسلامه عليه. اللهم اختم عامنا برضوانك واجعل العام الهجري الجديد عام خير وعز للإسلام والمسلمين يارب العالمين. معلم لغة إنجليزية - م. الشيخ البليهي - بريدة