بكل الشكر وبالغ العرفان شرفت بأن أهدى إليَّ الأستاذ حمد بن عبدالله القاضي نسخة من مؤلفه المنتظر، والكتاب المرتقب، «رؤية حول تصحيح صورة بلادنا وإسلامنا». وهو إهداء ثمين القدر، بالغ النفع، جاء كالماء للظامئ في تيه الصحراء، في يوم شديد القيظ، فارتويت حقا.. وقرأته بوعي وتمهل وتوقف.. لماذا؟ لأن مؤلف الكتاب أحد رموز إعلامنا المعاصرين، الذين برزوا في مجال الإعلام السعودي والعربي بصورة الجد والتوازن، وبكفاءة المتمكن من خبرته الإعلامية والمستوعب بجدارة لما يتناوله من قضايا معاصرة.. والإعلاميون الكبار والأستاذ حمد القاضي من نجومهم حين يكتبون فإنما يتناولون الأمور وقد رأوا أبعادها وما يحيط بها في شتى مصادر الإعلام الخارجي، فتجيء رؤاهم ثمرة تأمل بعيد عميق مما يجعل لها ثقلاً وأهمية ومصداقية هي جديرة به حقا. يقع الكتاب المتميز الطباعة، المتأنق في الإخراج في مائة واثنتي عشرة صفحة متناولاً أشد قضايا الساعة سخونة، وأكثرها على الإنسان العربي المسلم ولوجاً وإلحاحاً. كتب الكثيرون في الصحف والمجلات عن قضايانا المعاصرة، وتناولوا بعض ما يوجه إلى بلادنا وعقيدتنا وحياتنا من اتهامات لا صحة لها، ولا دليل على ثبوتها، إنما هي مجرد افتراءات من الأعداء الحاقدين، وقذائف شر من الخائفين الماكرين، الذين يعرفون حقيقة قوة الإسلام في خيره وعدالته ومسالمته وكأنهم لشدة خوفهم من حقائق سمو الإسلام، ونبل معاملاته، وسهولة اقتناع الناس به يثيرون حوله التهم والشبهات. أقول لهم، ما بالكم تخدعون أنفسكم، وتكذبون مشاعركم التي توقن بعظمة الإسلام.. ها نحن نسمع كل يوم عن إسلام الكثير من أبناء الجاليات غير المسلمين طواعية واختيارا.. ولم نسمع يوما عن واحد من المسلمين أو الذين أسلموا ترك دين الإسلام، لأنه عانى منه أو من أهله سوءاً. أقول لهم: اسألوا الذين أسلموا هنا في المملكة أو في بلاد أخرى لماذا أسلمتم؟! - وستعرفون الحقيقة الدامغة.. هي أن الإسلام دين الحب والخير والسلام والعدل والمؤاخاة والرحمة والبناء والعطف والحب والعمران. والجواب جاء جاهزاً في هذا الكتاب المرتقب الجامع بإيجاز واستيفاء لكل ما يعن لحياتنا وإسلامنا من قضايا، وما يتعرض له ديننا لحنيف من عداوات. أستاذي الكريم الأستاذ حمد القاضي لقد قرأت كتابك بنهم ودقة.. تركت كل شيء وتفرغت لقراءة رؤاك المستنيرة، وطموحاتك المخلصة السامية، وأمنياتك العالية في تصحيح صورة بلادنا وإسلامنا في عيون من أصابهم العشى أو الصم أو الذين ران الحقد والغل على قلوبهم وطم س على عقول هم.. فلم يروا حتى بصيصاً من نور الهداية والحق اليقين.. جزاك الله بما قدمت للدين والوطن من خير، وبما كشفت من خفايا تحاك، ومؤامرة غادرة تدبر. ولقد جاءت المقدمة الضافية الشاملة المحددة لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز - وزير الداخلية - حفظه الله - الذي تكرم بقراءة الكتاب في أصله - وسجل مقدمته - التي جاءت أكبر وأسهب مقدمة لكتاب، فقد وضح - حفظه الله - الكثير من الأمور.. جاءت كمشاعل على طريق إبراز الحق، وإنارة طريق الصواب - وكيف لا.. وهو العين الساهرة على حماية الوطن والدين، واليد القابضة بحزم على الخادعين العابثين. قال صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز: «إنني أدعو إلى قراءة هذا الكتاب وبخاصة الآباء والمربين، وأتوق أن يحثوا أبناءهم وطلابهم على قراءته، وقراءة كل كتاب يكشف عن سماحة الإسلام بوعي وعلم». وقال سموه: «وقد اقترحت على الكاتب الكريم أن يقوم بترجمته إلى عدد من اللغات الحية، كالإنجليزية والفرنسية، واللغات التي يتكلم بها المسلمون مثل الأردية وغيرها. وقال سموه في تقديمه الكريم لهذا الكتاب أيضاً: «إن الباحثين عن الحقيقة في الغرب والشرق سوف يجدون الحقائق ما ثلة أمامهم عن سماحة إسلامنا عندما يقرأون تعاليم الإسلام قراءة صحيحة؛ فيرون إيمانه بالحوار، ودعوته للسلام مع الآخرين، وصيانة للأرواح والأعراض والممتلكات. وقال سموه - حفظه الله - «وسوف يدرك المغرر بهم أن الإسلام هو دين الحوار والسماحة، وليس دين الغلو والقسوة». منهج واضح المعالم، حجج قاطعة اليقين تحملها هذه الكلمات لصاحب السمو الملكي، المسؤول عن حماية هذا الكيان العظيم دينا ودولة وهو صاحب الحاءات الثلاث كما جاء في إهداء هذا الكتاب: الحلم والحكمة والحزم. وإذا كان من سؤال حول دوافع تأليف هذا الكتاب، ولماذا كانت هذه الرؤية الناضجة، الثاقبة، الملبية للحجة، الكاشفة للحقيقة؟ يقول الأستاذ حمد القاضي مجيبا عن سؤالي لقد رأيت كثيرا من الظلم والضيم لنا، عقيدة وإنسانا، ولقد أقضني أن خطابنا الإعلامي في عالمنا العربي والإسلامي لم يرق إلى مستوى هذا التحدي الذي واجهنا، أو بالأحرى جابهنا به الإعلام الغربي في تشويهه لديننا وهويتنا عمداً في أكثر الأحيان، وجهلاً في آونة أخرى. تناول المؤلف - الواعي المستنير - في بدء الكتاب قضية «المسلمون والأحداث الأخيرة» وطالب بأن نوضح ملابسات وأبعاد القضايا والتهم التي كانت أهم أسباب اتهام الإسلام بالغلو، والمسلمين بالإرهاب وهي مهمة أهل العلم والرأي، ودور وسائل الإعلام، وواجب المؤسسات الحكومية والمؤسسات الإسلامية الشعبية. وساق المؤلف - جزاه الله خيرا - بعض التهم الكاذبة، ورد عليها رد اليقين. ومنها اتهام الإسلام بأنه يحث على الوصول إلى أهدافه بأية وسيلة.. إنهم لا يعرفون أهداف الإسلام.. ليست من أهدافه أبداً إبادة الشعوب، ولا شن الحروب بلا مبرر، ولا تخريب البلدان وطمس الحضارات، ولا من أهداف الإسلام التصفيات العرقية، ولا العداوات لغيره من الأديان ليس من أهداف الإسلام إشاعة النزاعات وبث روح الفرقة بين أبناء الشعوب كما يفعل المدَّعون. أقول لهؤلاء الأغبياء الأعمياء: هل علمتم ما هي أهداف الإسلام الكبرى قبل أن تتهموه؟ إنهم لا يعلمون، أو يعلمون وينكرون، لأنهم من الحق يخافون.. يعلمون عن يقين في قلوبهم وعقولهم الأهداف العليا للإسلام هي الحق والعدل والخير والحب والسلام والأمن والطمأنينة واحترام الإنسان. ومن الاتهامات التي يرددها هؤلاء الحمقى المغرضون: اتهام المؤسسات الخيرية والإغاثة الإسلامية بمساندة الإرهاب.. عجبا والله.. هل إطعام الفقير وإيواء المشردين وعلاج المريض وكسوة المسكين إرهاب وتخريب، وبماذا تسمون ما توزعونه وتقدمونه للشعوب الفقيرة المتخلفة في جنوب بلاد إفريقيا.. لماذا لا يسمى كمثل ما تعمله مؤسسات الخير والبر الإسلامية إرهابا وتخريبا. ثم تحدث الكاتب عن قضية كبرى هي «بين التدين والتطرف» وطالب وسائل الإعلام الغربية بأن تفهم أن هناك بونا شاسعاً بين الاعتدال في الدين والتطرف فيه، ويجب عدم الخلط بين التمسك بالدين الحنيف والالتزام بأركانه وبين الغلو والتطرف فيه. وذكر أن هذه الحقيقة الناصعة يلزم مفكري الأمة الإسلامية وإعلامييها توضيحها لمفكري ووسائل الغرب، وبخاصة بعد التشويش الذي حصل بسبب أحداث الحادي عشر من سبتمبر في أمريكا، التي تلتها في العالم الإسلامي. ورؤية ثاقبة واعية «من الداخل تبدأ الخطوة الحاسمة لجلاء الصورة»، يؤكد كما هو الواقع الحقيقي أن الإسلام دين الحق والسلام والتعمير لا دين الهدم والتخويف والتفجير. وأنه من كل ذلك ومن يفعلونه براء. أضيف إلى قول الأستاذ حمد القاضي مؤكداً أن الإسلام دين البناء والرقي وما هذه الحواضر التي أقامها المسلمون منذ زمن الفتوحات وحتى اليوم باقية شامخة بالعلم والتمدين والحضارة إلا شاهد على أن ديننا هو دين البناء والتعمير، لا الهدم والتخريب. وهذه مئات المراكز الثقافية الإسلامية التي شيدها خادم الحرمين في شتى بقاع الدنيا إلا رمزاً جديداً لبناء الإسلام.. لدور الإسلام في نشر العلم والرقي والحضارة.. وحسن السير والسلوك. يقول المؤلف في ذلك من هنا علينا أن نواجه هذا الفكر المنحرف الذي خرج عن مبادئ الإسلام بانحرافه وغلوه وأول خطوات ذلك هو السعي إلى معالجة الانحراف؛ لكيلا يستشري في شباب الإسلام من جانب، ثم المواجهة الحازمة لكل من يعتنق المنهج الانحرافي من جانب آخر. وفي رؤيته حول «الإسلام ومحاربة الإرهاب» ذكر أثابه الله عن ذلك خيرا «لكم يؤلمني بحسباني عربيا مسلما غياب أو بالأحرى تغييب حقيقة أن أول دين حارب الإرهاب هو الإسلام، وقد جاء اسمه كمصطلح في القرآن الكريم والسنة النبوية باسم (الحرابة) التي تعني قطع الطريق والإفساد في الأرض وقتل النفس. وهؤلاء جزاؤهم في القرآن جزاء حازم وكبير، ألا وهو القتل أو الصلب أو النفي من الأرض. وحدد المؤلف بكل وضوح إشكالية الخلط بين الإرهاب والجهاد في وسائل الإعلام الغربية، بينما الإرهاب والجهاد من خلال الرؤية الإسلامية متناقضان. وفي لقائنا الآخر - إن شاء الله - نرى كيف جاءت رؤية الكاتب الكبير حول موضوعات أخرى كثيرة تناولها.. منها: فرية الوهابية - والشيخ محمد بن عبدالوهاب يرد بنفسه، وقضية الإسلام والتعددية، وسماحة الإسلام، والإسلام واهتمام الإنسان.. وسماحة علماء الإسلام.. وقضية مناهجنا المتهمة البريئة، والعمل الخيري الإسلامي، واتهام الإسلام بتهميش المرأة المسلمة، وبعض الآليات التي يراها لتصحيح صورة الإسلام والمسلمين إن شاء الله.