سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحوار .. شفافية.. صراحة.. بعيداً عن التعرض للأشخاص أو الأفكار أو المذاهب المملكة تواجه هجمة شرسة في عقيدتها وأمنها.. فتمسكت بثوابتها الشرعية ورسخت العلاقة بين أفرادها
* مكةالمكرمة - عبيدالله الحازمي - عمار الجبيري - أحمد الأحمدي : انطلقت مساء يوم أمس الأول بمكةالمكرمة فعاليات اللقاء الثاني للحوار الوطني تحت عنوان «الغلو والاعتدال رؤية منهجية شاملة» الذي ينظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني والذي يستمر لمدة خمسة أيام بفندق متروبوليتان. وقد بدأت الجلسة الافتتاحية التي رأسها معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ورئيس الحوار الوطني الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين وبحضور الاستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمر أمين عام مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بالقرآن الكريم ثم القى معالي الشيخ صالح الحصين كلمة رحب فيها بالمشاركين وشكرهم على مشاركتهم في فعاليات هذا اللقاء مشيرا إلى أن هدف اللقاء الأول كان موضوعه فكرة الحوار في ذاتها وترسيخه ليكون اسلوبا من اساليب الحياة لانه يخدم الاصلاح العام فهو وسيلة للتعرف على اتجاهات الرأي العام وايصالها لصانع القرار او المنظم كما انه قناة للتعبير الحر البناء للتخلص من أساليب الحرية المطلقة في التعبير. وبين الشيخ الحصين أنه تم خلال اللقاء الأول الاتفاق على عقد سلسلة من اللقاءات بحيث يخصص كل لقاء لبحث موضوع معين مؤكدا أن دور اللجنة يختص بإدارة الحوار دون التدخل فيه حيث ان التعبير عن الرأي يكون بمنتهى الشفافية والصراحة والابتعاد عن كل ما يؤثر على الحوار وبعيدا عن الهمز او الغمز سواء للاشخاص او الافكار او المذاهب او الجماعات. واستعرض معاليه بعض الحقائق عن الاعتدال وهي ان القرآن الكريم هو المصدر للتصور السليم والطريق السليم للعلاج مشيرا إلى أن الاعتدال في القرآن ورد في أكثر من 70 موضعا مبينا أن الغلو ظاهرة إنسانية في كثير من الاحيان وله أكثر من سبب ومن ذلك الغلو من الجانب المخالف والغلو بحكم طبيعة الإنسان يوجد فيه ويكون له ميل وهذا ما يشكل خطورة في التعامل وان القرآن الكريم نهى في أكثر من موضع عن العدوان وان الطبيعة تندفع إلى الاسراف في جانب معين وان القليل من الناس ينظر نظرة شمولية ولاجل هذا ظهرت خطورة الغلو في هذا العصر. ثم القى نائب رئيس اللقاء وعضو مجلس الشورى الدكتور راشد الراجح كلمة أكد فيها أن اللقاء الاول الذي عقد في الرياض كان حوارا وطنيا ناجحا وعمل بالمقتضى الشرعي مبينا الهجمة الشرسة التي تواجهها المملكة في عقيدتها وامنها واستقرارها واقتصادها ومكانتها اقليميا وعربيا واسلاميا و دوليا مما دعا الى ترتيب لقاء وطني للحوار الفكري يناقش فيه بعض القضايا من اجل تحصين تمسكها بدينها وثوابتها الشرعية وتوثيق عرى الوحدة الوطنية وترسيخ اواصر العلاقات بين افرادها وتوثيق صلاتها بالعالم الاسلامي في إطار الوسطية والاعتدال والبعد عن الغلو والتطرف. وعدد الدكتور الراجح النتائج الايجابية التي حققها اللقاء الأول ومنها الموافقة السامية الكريمة على إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني واستمرارية هذا الحوار وعقده في أكثر من موقع اضافة إلى تفعيل دور المرأة وذلك بمشاركتها في اللقاءات والمناقشات واستكتاب بعض الباحثين بتقديم بحوث في اللقاءات وتحديد موضوع لكل لقاء وزيادة عدد المشاركين في كل لقاء حيث كان عدد المشاركين في اللقاء الأول 30 فيما بلغ عددهم في هذا اللقاء 60 مشاركا من بينهم 10 سيدات. عقب ذلك القى الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني فيصل بن عبدالرحمن بن معمر كلمة رفع فيها عظيم شكره وامتنانه لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز على موافقته السامية على إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني كما رفع شكره وامتنانه لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني على رعايته لهذا المركز وهذا اللقاء ومتابعته لجميع نشاطاته كما رفع شكره لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام على اهتمام سموه وتشجيعه لفعاليات مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني. وبين ابن معمر انه سيتم خلال هذا اللقاء طرح 15 بحثا مقدمة من عدد من اصحاب الفكر والعلم والادب تتناول محاور اللقاء الشرعية والإعلامية والسياسية والاقتصادية والتربوية مبينا ان هذه البحوث ستكون المدخل لفعاليات اللقاء. كما استعرض في كلمته اللجان التي تم تشكيلها لمتابعة اعمال اللقاء ومهام كل لجنة. اثر ذلك بدأت الجلسة المغلقة التحضيرية لهذا اللقاء حيث القيت عدد من الكلمات من المشاركين في هذا اللقاء حيث حث الشيخ حسن الصفار المشاركين على استشعار المسؤولية الملقاة على عاتق كل مشارك مشيرا الى انها مسؤولية كبرى تجعلنا نتحملها تجاه هذا الوطن الغالي مؤكدا ان القيادة لا تنتظر المديح بل تنتظر الآراء الصائبة والنصيحة السديدة من اجل مصلحة الامة والوطن. وأكد الشيخ الصفار على اخلاقيات وآداب الحوار التي تتفق مع تعاليم ديننا الحنيف معتبرا أن هذا اللقاء يهدف إلى خدمة المصلحة الوطنية وليست لتصفية حسابات فكرية مثنيا على زيادة عدد المشاركين في هذا اللقاء ومشاركة المرأة في اللقاء وعدها خطوة موفقة في مسيرة الحوار الوطني. كما تحدث في الجلسة كل من الدكتور صالح بن سعود العلي عضو مجلس الشورى والدكتور عبدالرحمن الشبيلي والدكتور عبدالله الغذامي. جلسات العمل وقد بدأت أمس جلسات العمل للقاء الوطني الثاني للحوار الفكري الذي يعقد تحت عنوان «الغلو والاعتدال رؤية منهجية شاملة» والذي ينظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني وذلك بفندق مترو بوليتان بمكةالمكرمة والذي يستمر لمدة خمسة أيام. حيث تم خلال الجلسة الاولى طرح البحوث المقدمة في المحور الشرعي للقاء وهي البحث الأول بعنوان «مشكلة الغلو نظرة شرعية شاملة» مقدم من الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق اوضح فيه أن الغلو نوع من انواع مواقف الخلق من دعوات الرسل اذ الناس ما بين متمسك بالحق مستقيم على طريقه ومفرط زائغ مضيع لحدود الله وغال تجاوز حدود الله وكل اولئك وجدوا فيمن سبق امة محمد صلى الله عليه وسلم وهم في امته متوافرون. واشار أن الغلو الذي وقع في الامة على نوعين الاول الغلو الكلي الاعتقادي وهو المتعلق بكليات الشريعة وامات مسائلها وهذا الغلو اشد خطرا من الغلو الجزئي العملي لانه يتجاوز حدوداً خاصة عمل الانسان ليكون هو المحدد لمواقفه من الخلق ومنه يحدث الافتراط اما النوع الثاني فهو الغلو الجزئي العملي وهو ما كان متعلقا بجزئية او اكثر من جزئيات الشريعة العملية سواء اكان قولا باللسان ام عملا بالجوارح. وبين أن مشكلة الغلو اضحت من اهم المشكلات في العصر الحديث وصارت هماً يؤرق اعداء الاسلام والمسلمين كما هي هماً يؤرق اهل الاسلام ولهذا الاهتمام مظاهر منها اهتمام الساسة بهذه المشكلة في معظم اصقاع العالم وكثرة الكتابات والمؤلفات والمقالات والندوات عن هذه المشكلة وتصدر الاخبار المتعلقة بالغلو نشرات الاخبار والصفحات الاولى من الجرايد واغلفة المجلات حيث اصبحت مشكلة الغلو مشكلة مركبة ولم تعد قاصرة على غلو الغلاة بل اكتنفتها ظروف زادت الامر اشكالا ومن ذلك عالمية المشكلة حيث ان الغلو من السمات الظاهرة في هذا العصر وصار في كل بلد وفي كل حضارة طوائف عرفت بتلك الاعمال وتختلف طبيعة كل فئة بحسب الحضارة التي تنتمي اليها او الدين والمذهب الذي يعتنقه افرادها كما ان للعالمية وجها آخر فقد نقل الاعلام المعاصر الاحداث الارهابية من المحلية الى العالمية وصار الحدث منقولا في الساعة ذاتها الى العالم كله. وبين الباحث أن من الظروف التي اكتنفت مشكلة الغلو اندراس المفهوم الصحيح للغلو حيث اصبحت المفاهيم المتعلقة بالغلو مفاهيم نسبية تحملها كل طائفة على ما يوافق اهواءها وذلك على المستوى المحلي وعلى المستوى العالمي اصبحت المفاهيم ضائعة في جو من الضبابية والاختلاف ومن الظروف ايضا تعقد المظاهر والاسباب وتشابكها حيث ان مما يعقد المشكلة في العصر الحديث تعدد مظاهرها وتعدد اسبابها ومواردها حيث لم تعد تلك المشكلة التي ليس لها مظهر او مظهران بل تعددت المظاهر وتنوعت كما تنوعت وتعددت وتشابكت الاسباب لتشكل المشكلة المعاصرة. وكذلك تصدي اصناف متعددة لهذه المشكلة من الظروف التي اكتنفت الغلو حيث ان الواقع المعاصر يظهر ان هذه المشكلة اضحت نهبا لآراء متباينة تباين اتجاهات المتكلمين والكاتبين فيها بحسب تباين عقولهم ومشاربهم وعقائدهم بل واصبح التصدي للغلو والارهاب سلما لاغراض دنيوية كثيرة وكل ذلك زاد المشكلة تعقدا وزاد في اضطراب الرؤية ورشد الرأي والقرار حولها وكذلك من الظروف ايضا انقسام الناس ما بين مهول ومهون حيث ان تهويل المشكلة يفقد الدارس لها الرؤية الصحيحة كما ان تهوينها يفقد الرؤية الصحيحة ايضا وعندما يفتقد العدل في التعامل مع القضايا المتشابهة تزداد المشكلة تعقدا بل يصبح ذلك الجور في التعامل جزءا من المشكلة ذاتها وبهذا يتضح ان المشكلة لم تعد مشكلة الغلو فقط ولكنها مشكلة الغلو ومشكلة الخطر في فهم الغلو ومشكلة تصدي من ليس بأهل للكلام في المشكلة للكلام فيها ومشكلة اتخاذ الغلو ذريعة لمحاربة الاسلام ومشكلة انقسام الناس ما بين مهول ومهون. واكد الباحث انه اذا اريد ابتغاء ضبط منهجي رشيد لدراسة الغلو فلابد من ضبط للمصطلحات والالفاظ التي تدور حين الكلام عن هذه المشكلة لان للمصطلحات اثرها الخطير في دراسة الظواهر الفكرية والاجتماعية حيث اصبحت المصطلحات ادوات في الصراع الحضاري والفكري سواء بين الامم والحضارات ام في داخل الامة ذاتها اذ يهتم اعداء اي مبدأ او فكرة في الصراع مع المبادئ الاخرى بالالفاظ والمصطلحات وهما مصطلحان يرمزان الى حالة معينة في التاريخ الغربي ونقلها الى العالم الإسلامي اتسم بكثير من التشويش وعدم الوضوح. وبين الباحث ان الساحات الإعلامية والثقافية شهدت مولد مصطلحات كثيرة ذات صلة بالغلو ولعل من اشهر ذلك مصطلحي الاصولية والارهاب وان هذا المصطلح لايزال ينتشر بحسب وجود الاحداث وطبيعتها وقد اصبح هذا المصطلح مصطلحا عالميا ومعياراً للتفريق بين الدول والهيئات واضحى استخدام مصطلح الارهاب نوعا من الارهاب الفكري وقد جمعت عشرات التعريفات لجهات رسمية وعلمية في انحاء العالم ولاحظت من خلال هذا الحشد لتعريفات الارهاب ان المفهوم غامض غير محدد وشدة التباين في تحديد معنى المصطلح وتعدد التعريفات وانها نسبية وحمالة وجوه وافتقاد العيار وعدم وفاء اللفظة للمعاني الداخلة فيها. وكشف الباحث ان اظهر الالفاظ الشرعية المتعلقة بهذا النوع من الانحراف الغلو وعليه مدار هذا اللقاء وبالتأمل في النصوص الناهية عن الغلو النصوص التي فيها معالجة لبعض قضاياه والنصوص التي فيها قيام الدين على اليسر ورفع الحرج تتضح ملامح الغلو فيما يلي: - أولا :أن يكون الغلو متعلقا بفقه النصوص وذلك بأحد امرين الاول تفسير النصوص تفسيرا متشددا والثاني تكلف التعمق في معاني التنزيل. - ثانيا: أن يكون الغلو متعلقا بالاحكام وذلك بأحد امرين ايضا الزام النفس او الآخرين بما لم يوجبه الله عز وجل تعبدا وترهبا وتحريم الطيبات التي اباحها الله على وجه التعبد وترك الضروريات او بعضها. - ثالثا: ان يكون الغلو متعلقا بالموقف من الآخرين وذلك بأحد امرين ان يقف الانسان من البعض موقف المادح الغالي الذي يوصل ممدوحه الى درجة العصمة فيجعله مصدر الحق وان يقف الإنسان من بعض الناس موقف الذام الغالي فيصم المسلم بالكفر والمروق من الدين او يصم المجتمع المسلم بأنه مجتمع جاهلي. وتطرق الباحث إلى بعض تعرفات الغلو التي اجتهد العلماء في وضعها حيث اورد تعريف شيخ الاسلام ابن تيمية للغلو وهو «الغلو مجاوزة الحد بأن يزاد في الشيء في حمده او ذمه على ما يستحق ونحو ذلك» كما اورد تعريف الشيخ سليمان بن عبدالله بن عبدالوهاب الذي عرف الغلو على نحو ذلك واورد تعريف الحافظ بن حجر الذي عرف الغلو بأنه «المبالغة في الشي والتشديد فيه بتجاوز الحد». ونبه الباحث على بعض الملاحظات وهي أن الغلو في حقيقته حركة في اتجاه القاعدة الشرعية والاوامر الآلهية ولكنه حركة تتجاوز في مداها الحدود التي حدها الشارع وان الغلو ليس دائما فعلا بل يدخل فيه الترك ايضا وان نسبة الغلو الى الدين بقول «الغلو الديني» او «التطرف الديني» تجوز في العبادة اذ الغلو انما هو في اسلوب التدين لا الدين نفسه وان الحكم على العمل بأنه غلو يجب ان يتأتى فيه وينظر إلى العمل بدقة فقد يحكم عليه بأنه غلو مع انه سليم وكن الوسيلة اليه قد تكون من باب الغلو فيقع الخلق من هذا الباب وانه ليس من الغلو طلب الاكمل في العبادة ولكن من الغلو الاثقال على النفس إلى درجة الملل. وتطرق الباحث الى طبيعة مشكلة الغلو وحجمها مؤكدا ان معرفة طبيعة الغلو مدخل مهما لتقويم المشكلة وعلاجها في كل عصر من العصور حيث يمكن اجمال التساؤلات التي تجلي الاجابة عنها طبيعة الغلو في العصر الحديث فيما يلي هل المشكلة فعل ام ردة فعل وهل هي مشكلة مرحلية ام دائمة وهي تربوية او اجتماعية ام مشكلة سياسية ام هي اعم من ذلك ام هي مشكلة محلية في بلد واحد ام عالمية ام مشكلة نابعة من المجتمع ام هي وافدة وهل هي فردية او جماعية. وأجاب الباحث في بحثه عن هذه التساؤلات بما يكشف طبيعة الغلو في حياة المسلمين المعاصرة. كما تطرق الى حجم مشكلة الغلو مؤكدا انه اذا اريد دراسة حجم المشكلة فلابد النظر لذلك من زاويتين الاولي الحجم العددي اي عدد الجماعات او عدد الاشخاص الموسومين بالغلو وعدد الحوادث المنسوبة اليهم والثانية الحج النوعي اي نوعية الغلو وقدر خطورته وبعده عن الوسطية. وبين الباحث أن اسباب الغلو هي العوامل المؤدية الى الوقوع في الغلو بايجاده من الاصل او بالمد للغالي في غلوه اكانت متعلقة بالجانب الذاتي للغالي ام للجماعة الغالية ام كانت متعلقة بالبيئة المحيطة به محذرا انه عند دراسة اسباب الغلو من الوقوع في منحنيين خاطئيين اولهما ان تكون دراسة الاسباب تبريرا للغلو وايجاد للعذر عند الغلاة فهذا المنهج التبريري لا يولد في المال الا مزيدا من الغلو ويجعل الغالي يسقط غلوه وجرمه على الناس وثانيهما ان لا يكون ذكر الاسباب جلدا للذات واتهامها للمجتمع وكثير ما نرى ان بعض الكاتبين في اسباب الغلو يصعدون الامر ويرفعون اللجهة وكأن المجتمع برمته متهم بينما الغلاة انفسهم مبرَّؤون فهم ضحايا فترى نقدا لمؤسسات في المجتمع بصورة عامة وبغير منهجية علمية واضحة وكان الغالي المفجر المكفر ليس الا صنيعة لغيره وهذا ظلم للمجتمع وللامة ويحمل في طياته لونا من تبرئة الغلاة. وبين الباحث ان من اسباب الغلو الجهل بالكتاب العزيز والسنة ومنهج السلف ومقاصد الشريعة والسنن الربانية وحقيقة الايمان وعلاقته بالاعمال وكذلك الجهل بمراتب الاحكام ومراتب الناس وباللغة العربية والتاريخ اضافة الى الاسباب المتعلقة بالمنهج العلمي ومنها الاعراض عن العلماء والتأويل والتحريف واتباع المتشابه وعدم الجمع بين الادلة والتعامل المباشر مع النص والفهم الحرفي له والاجتهاد من غير اهله والانحراف في الاهتمام بأحاديث الفتن وكذلك الاسباب المتعلقة بالمنهج العلمي وهي الاستعجال والتعصب وعدم تقدير ظروف الناس واعذارهم والاسباب النفسية وهي افتقاد التوافق وعدم اشباع الحاجات الانسانية والاضطرابات النفسية والسلوكية والانفعالية والطبيعة الشخصية الموجهة او القائد والاسباب التربوية وهي ضعف البصر واليأس واتباع الهوى والجدال واختلال مناهج التعليم وطبيعة الشباب والاسباب الاجتماعية وهي مسألة الحكم بغير ما انزل الله والفساد العقدي وترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واختلال العلاقة بين الحاكم والمحكوم والاتهام والاستهزاء والطعن بالدين والعنف والتعذيب واختلال الاوضاع الاقتصادية والاسباب المتعلقة بغياب دور العلماء وانتشار العلمانية في كثير من المجتمعات المسلمة وفساد كثير من وسائل التوجيه والتأثير وضعف الشورى والهزائم السياسية ومشكلة غياب الهوية والاسباب العالمية ومنها التآمر على الدين الإسلامي عالميا وسقوط الدولة العثمانية «الخلافة». واوضح الباحث علاج الغلو في واقع امره ومن تلك الأسس والضوابط ان مرجع تحديد الغلو هو الشريعة وأن يكون المعالج مؤهلا للمعالجة ومن الاسس ايضا التوازن والرجوع إلى الوسطية والنظر في الاعتبارات التي يبني عليها اختلاف حكم الغلو والغالي وهي التفريق بين الغلو المكفر وغير المكفر والتفريق بين الغلو في امر جزئي وفي امر كلي والتفريق بين الغلاة بالنظر للعلم وعدم العلم والتفريق بين الغلاة بالنظر للاجتهاد والتقليد والتفريق بين الغالي المتأول وغير المتأول والتفريق بين الداعية الى الغلو وغير الداعية والتفريق بين الغلاة المقاتلين وغير المقاتلين مبينا أن منهج معالج الغلو على سبيل التفصيل يختلف باختلاف حالة الغلو المعينة والاسباب التي ادت اليها. كما طرح في الجلسة البحث الثاني المقدم من الدكتور عبدالرحمن معلا اللويحق عن مظاهر الغلو المعاصر أوضح فيه ان الغلو آفة عقدية تظهر في صورة عقائد واعمال يقع فيها الغلاة يفارقون بها الوسطية ويتمايزون بها عن اهل الاعتدال حيث ترجع تلك المظاهر الى وصول عامة وملامح ظاهرة تتضح فيما يلي ان يكون الغلو متعلقا بفقه النصوص وان يكون الغلو متعلقا بالاحكام وأن يكون الغلو متعلقا بالموقف من الآخرين مؤكدا ان هذه الدراسة «البحث» ليس المقصود به الحصر وانما التمثيل لبعض المظاهر التي نعاني منها وخاصة في الفترة الاخيرة. واشتمل البحث على مظاهر الغلو في التكفير ومنها تكفير الحكام وتكفير المعين دون مراعاة للضوابط الشرعية وتكفير من لم يكفر الكافر بزعمهم والغلو بتحريم العمل في الوظائف الحكومية وتكفير العاملين فيها واباحة قتل بعضهم والقول بجاهلية المجتمعات المسلمة والغلو فيما يتعلق بالحكم على الدار كما اشتمل البحث على مظاهر الغلو المتعلقة بالعنف والخروج على الحكام وتتضمن الخروج على الحكام والتفجيرات والاغتيالات كما اشتمل البحث على مظاهر الغلو في الولاء والبراء ومنها الغلو في التعصب للطائفة او الجماعة والغلو بجعل الجماعة او الطائفة مصدر الحق والتعصب للائمة والقادة والغلو في البراءة من الكفر والغلو في البراء من المجتمعات المسلمة والقول بهجرة المجتمعات المسلمة وتكفير المقيم. كما اشتمل البحث على مظاهر الغلو المتعلقة بالتشديد على النفس والناس وتضمن التشديد على النفس والتشديد على الناس. اما البحث الثاني فقد تناول الصلة بين الحاكم والمحكوم وحقوق المواطنة وواجباتها وعلاقة ذلك بالغلو للباحث الدكتور عبدالله بن ابراهيم الطريقي والذي اكد ان اهمية الموضوع تأتي من العلاقة الانسانية شديدة التعقيد بالغة الدقة حيث يتنازعها عوامل مختلفة وربما متناقضة كالدين والعقل والنفس والعادة كما قد يتجاذبها طرفان متقابلان مثل الحق والواجب والابوة والبنوة الكبير والصغير الامير والمأمور ومراد النفس فاذا لم تكن ثمة معايير دقيقة واضحة يتعامل الناس على اساسها فان العلاقة بينهم سيسودها الاضطراب والصراع والتظالم سواء بين الافراد انفسهم او بينهم او بين حكامهم ورؤسائهم. فالاسلام قد رسم خريطة العلاقات بدقة متناهية وحدد الحقوق والواجبات لكل صنفين متقابلين مثل الخالق والمخلوق الراعي والرعية الولد والولد والزوجين الغني والفقير العالم والجاهل فأعطى كل صنف حقه ونصيبه. وبين ان قضية العلاقة بين الراعي والرعية والحاكم والمحكوم من اهم تلك الاصناف والاسلام شرع من الحقوق والواجبات لكل منهما ما يوثق تلك العلاقة بينهما ويشيع روح الاخوة والتعاون ومن هنا تأتي اهمية هذه الدراسة. واكد الباحث اهمية منهجية الدراسة تعتمد على عدة مناهج منها: المنهج التأصيلي والمنهج الاستنباطي والمنهج التحليلي والمنهج النقدي. وبين الباحث ان الدراسة تنقسم الى قسمين وهي الصلة بين الحاكم والمحكوم وحقوق المواطنة وواجباتها كما بين الافكار الرئيسية للدراسة والتي تعتمد على تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم والتي تستند الى ادلة شرعية كثيرة بالاضافة الى ان العلاقة تستند الى انظمة سنه ولي الامر ويأتي في مقدمتها النظام الاساسي للحكم وان العلاقة تقوم على أسس متينة منها الالتزام بالعبودية لله والمساواة العامة بين الحاكم والمحكوم والقيم الخلقية كالعدل والنصح والرفق والصدق والمبادىء الدستورية «التبعية، الشورى الطاعة، المسئولية» واوضح أن العلاقة في الاسلام لها خصائص تميزها عن نظريات السياسية الاخرى ومن ذلك انها جزء من العبادة وتقوم على الاحترام المتبادل بين الطرفين وعلى الثقة بينهما والاخوة الاسلامية وان سلطة الحاكم مستمدة من الشرع الحنيف ومن الامة فهي مركبة من «الولاية والوكالة» وان الناس في علاقاتهم بالحكام طرفان اما الغلو في التقديس واما الجفاء والتفريط وان المواطنة الحقيقية هي التعايش الصادق والمثمر بين ابناء الجنسية الواحدة في تعاونهم على البر والتقوى وكذلك للمواطنة حقوق وهي نوعان الاول الحقوق السياسية «تولي الوظائف حق الانتخاب والترشيح وابداء الرأي» وثانيا الحقوق العامة «الحقوق الشخصية حرمة السكن وحقوق التعليم وحق الكفالة والتمتع بمرافق الدولة» وان المواطنة يترتب عليها مسئوليات وواجبات وهي اجمالا واجبات البناء «الانساني والعمراني» وواجبات الحراسة كالامر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله». وخلص الباحث الى نتائج منها الصلة بين الحاكم والمحكوم في الاسلام قوية ومتينة اذا ما عرف كل من الطرفين ماله من حقوق وما عليه من مسئوليات واداء كل منهما على الوجه الصحيح وان الخلل الذي يحصل في العلاقة بين الطرفين يعود سببه الى احد امرين الجهل بالحقوق والواجبات والانانية وحب الذات والسيطرة وان الناس في المواطنة طرفان ووسط فأحد الطرفين الذي يغلو في مفهوم الوطنية فيعظمها ويظل عليها عاكفا حتى تكون غاية حياته ومماته والطرف الثاني الذي يجفو في حق وطنه فلا يسعى الى نفع فيه ولا يعنيه امرا امته في شيء بل تسيطر عليه الانانية وربما تسبب في الاضرار في وطنه واما الوسط فالذي يعرف في المواطنة حقها وقدرها وذلك يجب المصلحة ودرء المفسدة وفق التشريع الاسلامي. وكذلك خلص الباحث الى توصيات منها ان من اجل توثيق الصلة بين الحاكم والمحكوم ينبغي تفعيل سياسة الباب المفتوح التي نصت عليها المادة 43 من النظام الاساسي للحكم ونصها: مجلس الملك ومجلس ولي العهد مفتوحان لكل مواطن ومن له شكوى او مظلمه او من له حق وان من حق كل فرد مخاطبة السلطات العامة بما يعرض له من الشئون. وكذلك نصت المادة الثانية عشرة من النظام ايضا على ان تعزيز الوحدة الوطنية واجب وتمنع الدولة كل ما يؤدي من الفرقة والفتنة والانقسام لذا ينبغي تربية المواطن على اسلوب الحوار والنقد الهادف سواء بين الافراد انفسهم على مختلف مراتبهم واطيافهم ام بين الافراد والمسئولين لما في ذلك من تعزيز العلاقة وكسر حواجز الرهبة والحذر وتحبيب النفوس بعضها الى بعض ونشر الشفافية بين الجميع وانتشار الامن الفكري. وكذلك لعله قد يكون من المناسب تفعيل مبدأ الشورى ليكون ارضا صلبة تقوم عليها مصلح الدولة كلها ويكون للمواطن مشاركة فاعلة من خلاله ويمكن ان يجري التفعيل من جوانب عديدة مثل الاخذ بمبدذأ الانتخاب لاعضاء المجلس او بعض من خلال تنظيم دقيق وابداء المقترحات والمرئيات في المجلس واستجواب المسئولين المقصرين من قبل المجلس.