استوقفني خبر نشرته الجزيرة بعددها الصادر «11385» في 6/10/1424ه المتضمن رداً من مدير عام مكتب التربية العربي لدول الخليج د. سعيد المليص حيال الانتقادات والتهم المستمرة من وسائل الإعلام الأمريكية تجاه مناهج التعليم بدول الخليج بأنها تدرس الإرهاب وتحرض على العنصرية.. أقول إنه ليس بمستغرب أن يمارس الإعلام الأمريكي ورديفه الصهيوني دوره بترويج هذه الأباطيل والتجني على مناهج التعليم وخصوصا المملكة بأنها تفرخ الإرهاب وتغذيه وتحرض على العنف والكراهية والعداء لأمريكا.. فالعداء الذي تشعر به أمريكا تجاهها ليس من صنع مناهجنا الدراسية ولا مؤسساتنا التربوية بل من صنع سياستها الخارجية القائمة على التدخل السافر في شؤون الدول الداخلية والخارجية وترهيب دول المنطقة وشعوبها ومحاولة فرض النظام الغربي ونمطه على شعوب العالم الإسلامي والعربي وهذا الكره ليس من شعوب العالمين العربي والإسلامي وحدهما بل حتى الشعوب الآسيوية والإفريقية تكن العداء والكره لأمريكا فهل هذا ناتج من المناهج الدراسية؟ بكل تأكيد لا. بل ان الشعوب الأوروبية أيضاً تصور أمريكا بأنها هي العدو الأول لشعوب العالم كما ذكرته استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخرا في دول الاتحاد الأوروبي.. فهذا العداء والكره الذي تواجهه أمريكا لم تصنعه المناهج أو تغذيه المؤسسات التربوية كما يعتقدون أو يظنون لأن الشعوب لها مشاعر وأحاسيس ولها كرامات ومقامات لا يمكن أن ترضى بالذل أو المهانة مهما كان مصدرها.. ولو سألت أمريكا نفسها لماذا هي المستهدفة بالكره والعداء لوحدها؟! بينما فرنسا وألمانيا والصين وكوريا الشمالية وروسيا وكثير من الدول الغربية وهي دول صناعية ومتقدمة ومتطورة بكافة المجالات ومع هذا لا تعاني من هذه المشاكل التي تعاني منها أمريكا.. إن حب السيطرة وسياسة الهيمنة التي تسعى أمريكا لفرضها على كثير من دول العالم وخصوصا العالم الإسلامي والعربي هي المولد الحقيقي لهذا الكره والعداء فما فعلته بالشعب الفلسطيني لا شك أنه مما يزيد بكرهها وبغضها لأننا لا يمكن أن نتحمل ما نشاهده من صور الإجرام وعمليات الإهانة والترهيب في حق إخواننا وأخواتنا من قتل وتعذيب وتدمير وتخريب. وأقول للدكتور المليص إن المشكلة الحقيقية لا تكمن بالإعلام الأمريكي الذي لا نستغرب منه مثل هذه الأكاذيب وترويج الأباطيل وتلفيق التهم الذي أصبح سمة له وسياسة يتبعها لترويج مخطط السياسة الأمريكية.. لكن المشكلة الحقيقية هي في واقع إعلامنا العربي والذي أصبح ناقلاً للإعلام الغربي مقلدا له في سياسته الإعلامية. ولم يقم بدوره المفروض بمقارعة الإعلام الأمريكي ودحض أكاذيبه وتفنيد أباطيله وفضح أمره ونشر حقائق ومسببات الكره والعداء الذي يواجهه.. لكن أصبح إعلامنا ومع الأسف يكيل لنا التهم ويروج تلك الأكاذيب ويزيد من الشكوك حيال مناهجنا التعليمية ومؤسساتنا التربوية. فالأحداث التي تعرضت لها المملكة خلال الأشهر الماضية من قبل فئة ضالة ومجرمة حاولت العبث بأمن هذا البلد واستقراره تسرع بعض من الكتاب وأطلقوا العنان لأقلامهم لتصول وتجول بالعديد من الصحف والمجلات بإلقاء اللوم وتوجيه التهم لمناهج التعليم ومؤسساته دون تثبت أو تأكد وهم من أجهل الناس بمحتواها.. فهذه المناهج خرجت الملايين من أبناء المملكة وعملوا بكل قطاعات الدولة المدنية والعسكرية فهل يحق لهؤلاء الكتاب وهم خريجو هذه المناهج أن يصفوها بأنها تغذي الإرهاب وتشجع على العنف وتغرس الكره والعداء لأمريكا وغيرها؟! وإذا كانت إننا بحاجة إلى خطاب إعلام عربي شريف يتسم بالاستقلالية والمصداقية وأن يتحرر من التقليد والتبعية ويقوم بدوره الحقيقي كما يفعل الإعلام الغربي وينتج أسلوبا علمياً وحضارياً لإيضاح الصورة وإفهام أمريكا أن ما تواجهه من كره وعداء وبغض هو بسبب سياتها الخارجية تجاه الشعوب الإسلامية والعربية وليس بسبب المناهج الدراسية أو مؤسساتنا الدينية والخيرية وأنه يجب عليها أن تعيد النظر في خططها التي تستهدف رسم خارطة للعالم العربي من جديد وفرض الديموقراطية الغربية على دول المنطقة وأن تكف عن تدخلها بشؤون الدول وأنظمتها إن هي كانت جادة في تحسين صورتها وتوثيق علاقتها وأن تعلم أن القوة لا يمكن أن تقابل بالاستسلام والعنف يواجه بالعنف وكفى من فيتنام وفلسطين وأفغانستان والعراق درساً وعبرة إن كانت تعتبر. ناصر بن عبدالعزيز الرابح مشرف تربوي بتعليم حائل