الموت حقٌ والآجال مقدّرة ولن تموت نفسٌ حتى تستكمل رزقها .. لقد ودّعنا معشر الألمعيّين والمحبين في «منطقة عسير» رجلاً من خيرة رجالات الدولة، وافاه الأجل في مدينة «أبها» على أثر مرض أقعده عدة سنوات.. ذلكم هو المقدم يحيى بن علي آل هازم الألمعي من أعيان ووجهاء قبيلة «قيس» إحدى قبائل رجال ألمع العريقة. وقد عرفتُ الفقيد منذ أربعين عاماً فوجدته رجلا شجاعاً صلْباً يُتعب نفسه ومن معه في أداء الواجب وخدمة هذا الوطن.. كان كريم النفس تكثر على لسانه النكات بحيث لا يخلو مجلسه من طُرفة أو دعابة على الرغم من شخصيته القوية واعتداده برأيه في المحاورات الاجتماعية أو السياسية، له من الأبناء «ياسر» و«أحمد». ولقد حدّثني من رافقه في مهمّات أمنيّة عن شجاعته وإصراره على أداء الواجب على الوجه الأكمل، ومن ضمن الحالات النادرة: انه كان في مهمة أمنية في بعض الجهات وكان برفقته مجموعة من الأفراد، وقد تم القبض على بعض المطلوبين وحملوهم في سيارة رجال الأمن إلا أنه تمكن أحد المقبوض عليهم الفرار في الليل فانطلق المقدم «يحيى الألمعي» وراءه وطارده عدة كيلومترات جرياً على الأقدام حتى أمسكه وعاد به مخفوراً مقيّداً. وهناك مواقف كثيرة يعرفها الذين تعاملوا معه عشرات السنين.. أقول هذا لأن بلادنا في حاجة إلى الأمن ورجاله، ومن قدم خدمة لوطنه ومواطنيه وجب ان يشاد بجهوده حياً أو ميتاً، وفقيدنا الغالي أحد هؤلاء الرجال الذين شاركوا في حماية هذا الوطن والمحافظة على أمنه في مجالات شتى، بقي أن نشيد بصبر «أم ياسر» وثباتها عندما بلغتها وفاة زوجها وشريك حياتها ورفيق دربها أكثر من خمسين عاماً، وكأنها تستشعر قول النبي صلى الله عليه وسلم «صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة». رحم الله الفقيد وأنزل عليه شآبيب الرحمة والرضوان.