أكد محللو وخبراء الاستراتيجية العسكرية ان الاعتداء الإسرائيلي على سوريا يمثل تغيرا في الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية والتي انتقلت من استراتيجية الحدود الآمنة إلى الضربات الآمنة أو الضربات الوقائية وهو نفس النهج الذي تسير عليه الولاياتالمتحدةالامريكية إلا ان هذا المنحى الجديد في السياسة الإسرائيلية من شأنه ان يفجر المنطقة بكاملها. وقال المحللون والخبراء العسكريون ان الاعتداء على سوريا يحمل ابعادا خطيرة ومدمرة على المنطقة وسيدخلها في دوامة حرب واسعة في حال تكرار هذه الغارات الإسرائيلية وقالوا ان المزاعم التي بررت بها إسرائيل عدوانها على سوريا وهي ضرب مقرات ومنظمات الفصائل الفلسطينية ليست إلا حجج واهية وانما الهدف الرئيسي هي اخضاع سوريا للاملاءات الامريكية والإسرائيلية.. الجزيرة التقت نخبة من المحللين وخبراء الاستراتيجية العسكرية حول الاعتداء الاسرائيلي على سوريا وابعاده وتداعياته المباشرة وغير المباشرة. تحول استراتيجي يرى الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء طلعت مسلم ان الغارة العسكرية على سوريا تمثل تغييرا كبيرا وخطيرا في الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية وان شئنا الدقة فهو ليس تغيرا بل تطورا وقفزا سريعا للمخاطر فضرب سوريا يعني ان رد الفعل الاسرائيلي على عمليات المقاومة الداخلية التي تقوم بها الفصائل الفلسطينية حماس والجهاد لن يقتصر على هذه الفصائل بل الرد سيكون خارج اراضي السلطة الفلطسينية وان الهدف من الاعتداء الاسرائيلي على سوريا هو لفت الأنظار إلى ان ثمن الهجمات الاستشهادية سوف يدفعه كل من له صلة بهذه الهجمات واسرائيل بهذا تحذو حذو الولاياتالمتحدة في حربها المزعومة ضد الارهاب خارج حدودها غير ان إسرائيل فتحت مجال الحرب في المنطقة وفتحت الباب أمام مزيد من اعمال المقاومة فإسرائيل قامت بعمل إجرامي ارهابي باعتدائها على سوريا واختراق مجالها الجوي ومثل هذه العمليات الوحشية من شأنها أن تؤجج نيران الغضب العربي العارم ولابد من وقفه عربية شجاعة للتصدي لهذه الممارسات الإسرائيلية غير المسؤولة وان هذه السياسة العسكرية الإسرائيلية لن تحقق الأمن لإسرائيل كما تدعي فالأمن حلم بعيد المنال لإسرائيل. ويضيف مسلم إذا كانت إسرائيل تريد من اعتدائها على سوريا لفت الأنظار بعيدا عما يحدث فهذا لن يحدث لان فصائل المقاومة واعية ومدركة لمثل هذه المخططات الإسرائيلية أما إذا كانت تريد اشعال المنطقة وضرب سوريا لصالح امريكا فهذا توقيت خاطئ وتدفع السياسة الأمريكية والاستراتيجية ثمنا كبيرا له لانه سيفتح المجال أمام حرب واسعة ضد الوجود الامريكي ذاته ويعتقد الخبير الاستراتيجي ان إسرائيل لن تكتفي بالاغارة على سوريا رغم الادانات الدولية فهي ستقوم بين الحين والآخر بشن مثل هذه الغارات والتمادي فيها ما لم يتم ردعها عن هذه السياسة الخرقاء. ومن جانبه يرى اللواء زكريا حسين عميد اكاديمية ناصر العسكرية الاسبق ان الاعتداء على سوريا واختراقها المجال الجوي السوري وضرب مناطق على أراضيها يعد إعلان حرب على سوريا مما يوجب الدفاع عن أنفسنا والحجة التي تزعمها إسرائيل في انها تضرب مقرات ومنظمات للفصائل الفلسطينية هذه حجه واهية فإسرائيل اخترقت مجال دولة لها كيانها واستقلالها وضربت مناطق فيها وبهذا تكون أعلنت الحرب عليها فلابد من التصدي لهذه العدوان وعدم الاكتفاء بكلمات الشجب والادانة. ويضيف زكريا ان السياسة الإسرائيلية اصبحت خطرا على المنطقة وعلى المجتمع الدولي وإذا كانت إسرائيل تريد ان تهرب من اوضاعها الداخلية الصعبة نتيجة عدم قدرتها على حماية مواطنيها والهرب من التزاماتها في تحقيق الأمن لاسرائيل والاخطاء التي ترتكبها حكومة شارون في السياسات المتبعة الداخلية وعدم مصداقيتها في كل شيء ارادت ان تفتح جبهة اخرى بحجة مطاردة فصائل المقاومة وحتى تجاه هذه المزاعم تريد إسرائيل تحميل مسؤولية حماس والجهاد إلى الأطراف الإقليمية وذلك بعدما اصبحت مسألة طرد عرفات أو إقصاءه مسألة غير فعالة لاسرائيل فهناك تنسيق امريكي اسرائيلي بالابتعاد عن عرفات مع الإبقاء على قرار طرده وإقصاءه كوسيلة اعلامية غير ان إسرائيل تريد استغلال الموقف الجاري مع الفلطسينين في نشر الفوضى واشاعة اجواء الحرب بالمنطقة والهجوم على سوريا والضغط على السلطة الفلسطينية لضبط تفاعلاتها الداخلية واتباع سياسة جديدة تجاه إسرائيل تعتمد بالدرجة الاولى على درء المخاطر الإسرائيلية. توريط سوريا ويؤكد احمد إبراهيم خبير الشؤون العسكرية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية أن الهدف الأساسي من الضربة العسكرية هو التصعيد ضد سوريا وتوجيه رسالة تحذيرية لها وليس استهداف أماكن تابعة لمنظمات المقاومة الفلسطينية داخل سوريا وقال انه حسب المعلومات المتاحة فان حركة الجهاد الاسلامية الفلسطينية ليست لديها معسكرات تدريب أو مواقع داخل سوريا وأكدت ذلك المصادر السورية ومصادر الجهاد أكثر من مرة والمعروف ان سوريا استجابت من قبل للمطالب الامريكية واغلقت مكاتب المقاومة الفلطسينية في دمشق وامتنعت عن تقديم مساعدات لها. وأشار إلى أن إسرائيل استهدفت من الضربة نقل الصراع إلى مستوى آخر ليكون صراعاً اسرائيلياً سورياً بدلا من ان يكون مع الفلسطينيين فقط وقال ان هذا التصعيد الاسرائيلي نتيجة لممارسات إسرائيلية قائمة منذ فترة ليست بالقصيرة والاتجاه نحو التصعيد مع سوريا ليس جديدا على إسرائيل فهي تسعى منذ عامين أو ثلاثة على الاقل لاستهداف سوريا وفتح جبهة جديدة على الجانب السوري وتنامي هذا الاتجاه بقوة منذ عام 2002 واضطرت إسرائيل للتراجع عن خططها بهذا الشأن استجابة للضغوط الامريكية بسبب انشغال واشنطن بالتحضير لحرب العراق وعدم رغبتها في فتح جبهة جديدة تؤلب العرب عليها وذلك على الرغم من ان امريكا لا تعارض من حيث المبدأ فكرة التصعيد الإسرائيلي ضد سوريا والاختلاف فقط بين بوش وشارون في هذا الشأن كان على التوقيت الذي يمكن فيه بدء هذا التصعيد. وقال إبراهيم ان إسرائيل تسعى من خلال هذه الضربة لتوريط سوريا في مواجهة عسكرية معها لتحقق اهدافها بغض النظر عن مزاعمها بتوريط سوريا في دعم منظمات المقاومة الفلسطينية وأيا كانت الاسباب والمبررات فهي تسعى لاختلاق مبررات وهمية لترفع درجة هذا التصعيد وتورط سوريا في مواجهة من هذا النوع وربما هدفت إسرائيل من الضربة اظهار تفوقها العسكري والتكنولوجي وقدرتها على الوصول إلى العمق السوري. وقال انه إلى جانب إظهار إسرائيل لتفوقها العسكري فإنها هدفت إلى إحراج القيادة السورية من خلال إظهار عجزها عن مواجهة مثل الاختراقات الإسرائيلية للعمق الداخلي السوري رغم ان الضربة لا تعني ذلك بالفعل خاصة وان المعلومات تشير إلى أنها وجهت من الأجواء اللبنانية عن طريق أسلحة ذكية فالقدرات العسكرية السورية ليست ضعيفة عن مواجهة هذه الاختراقات ولكن إسرائيل تتفوق بفعل المساعدات الامريكية التي تضمن لها التفوق النوعي والكمي في مواجهة الدول العربية كافة. سيناريوهات التصعيد ويقول الدكتور محمد عبدالسلام الخبير والمحلل العسكري ان إسرائيل تتبنى منذ فترة عددا من السيناريوهات للتصعيد مع سوريا أما عن طريق حرب واسعة النطاق أو حرب محدودة النطاق وما حدث خلال الضربة الاخيرة يوضح ان إسرائيل اختارت طريق الحرب المحدودة عن طريق عمليات مسلحة تقوم بها الجماعات الفلسطينية وبالذات في شمال إسرائيل واتهام سوريا بالوقوف وراءها ثم الرد على ذلك إسرائيليا بعمليات إسرائيلية داخل العمق السوري أو ضد الاهداف السورية في لبنان. واشار إلى ان الهدف الاهم من الضربة كان محاولة اعادة الثقه للرأي العام الإسرائيلي في الجيش الإسرائيلي واظهار قدرته على الردع بعد ان فشل بكل ترسانته العسكرية في قمع الانتفاضة الفلسطينية، وقال ان هناك اتفاقا بين العسكريين والإسرائيليين على ان الجيش الاسرائيلي فقد كثيرا من هيبته وقدرته على الردع أمام الرأي العام الاسرائيلي بسبب الانتفاضة التي يصعب حسمها من خلال التفوق العسكري الاسرائيلي بوصفها عمليات محدودة يصعب ردعها وفي المقابل تتشوق إسرائيل إلى الدخول في مواجهة عسكرية تقليدية تستخدم فيها قوات ضخمة وهو ما ترغبه إسرائيل في عمله مع سوريا لاستعادة مصداقية الردع العسكري الاسرائيلي. وحول احتمالات زيادة التصعيد قال د. عبدالسلام ان السياسة السورية تركز على استنفاذ الحلول الدبلوماسية أولا وتكثيف الضغوط الدولية والاقليمية والعربية على حكومة شارون لردعها ومنعها من التصعيد العسكري وتدرك سوريا ان تصعيد الموقف سيكون لصالح إسرائيل ويتيح لها الفرصة لتغيير الأولويات على الساحه الاقليمية ويضر بالقضية الفلسطينية وتسعى سوريا لتفويت الفرصة على إسرائيل لتوريطها في مواجهة عسكرية.