الأدب الشعبي أدب خصب مغر للباحثين في بحوره الغزيرة، وهناك الكثير من الكتاب والباحثين المهتمين بالأدب الشعبي قاموا بالخوض في مجالاته بالبحث وتطرقوا الى الكثير من الشعراء الكبار واسلوبهم الجميل في بناء القصيدة، ولم يغفلوا طريقة تعاملهم مع الآخرين، وقد يكون الباحث في الأدب الشعبي يتوفر لديه الجانب الشعري، ولكن يصعب عليه غالباً الجانب الخاص بحياة الشاعر المراد البحث عن شعره. الأستاذ عبدالعزيز عواض الوذيناني احد هؤلاء الباحثين في الأدب الشعبي، حيث تطرق في بحثه لشخصية بارزة في الشعر والشجاعة انه تركي بن صنهات بن حمد بن حميد الكريزي المقاطي. يقول الوذيناني في بحثه عاش تركي بن حميد في القرن الثالث عشر الهجري ولد ما بين عام 1215ه وعام 1225ه في منطقة الحجاز وقضى فيها نصف عمره، وأكد الباحث ان فترة حياة تركي بن حميد في الحجاز لم يستطع الحصول على أية معلومات عنها. توفي تركي بن حميد عام 1280ه في وادي الجرير. وقال الباحث: لتركي بن حميد شعر اتسم بالجزالة وبالحكم النادرة وقال الأديب عبدالله بن خميس في «الأدب الشعبي» عن قصيدة «تلعب طرب» بين يدي الآن من شعره قصيدة جزلة يحسده كثير من الشعراء عليها فمنها كثيرمن الحكم النادرة التي تستغرب أن تكون من ابن البادية الناشئ بين النجاد والوهاد. وعلق الدكتور حمود بن ضاوي القثامي على بعض من أبيات هذه القصيدة «تلعب طرب» بقوله والقوة الحقيقية هي التي جددها تركي بن حميد الذي قالها في عصر التنظيمات القبلية عندما اعتبر السلاح هو الأساس بصرف النظر عن نوعيته ومسماه المهم ان يحقق لصاحبه النصر او يزرع الخوف او الردع في قلوب الاعداء، فقد ذكر السلاح «السيف» والمال «الكيس» والرأي السديد «العقل» والتخطيط السليم «تأسيس» والمشورة والاستفادة من اراد الآخرين «تعلم» اي اسأل واستمع. والقصيدة هي: تلعب طرب وانا بنومي هواجيس ما سهرك بالليل كثر الهمومي أسهر الي نامت عيون الهداريس وبالليل اراعي ساهرات النجومي اوجس بقلبي مثل دف النحاحيس الله يلوم اللي لحالي يلومي اشوف عدلات الليالي مقابيس ولا احد من الدنيا عظامه سلومي الى ان قال: قالوا جهلت وقلت جهل بلا قيس الجاهل اللي يما يعرف اليمومي من لا يدوس الرأي من قبل ما ديس عليه داسوه العيال القرومي ومن لا يقلط شذرة السيف والكيس تبدي عليه من الليالي ثلومي ومن لاخذا الدنيا بميز وتقييس مثل الذي يسبح بليل يعومي والقصر ما يصلح على غير تأسيس ومن لا تعلم ما تسر العلومي اللي توافق مشور السوء وابليس تبر منه وعز ربي يدومي ويقول الباحث تركي بن حميد لم يكن فارسا وشاعرا بل كان حريص على مجالسة الرجال والاخذ منهم، وهذا ما كان جليا في قصيدته التي يوصي فيها ابنه عبيد بمكارم الأخلاق ويتشوق فيها الى مجالس الرجال وشرب القهوة ويذكر فيها بالصلاة وفضلها في أوقات نوم الغافلين. وقد وصلت شهرة تركي بن حميد الشعرية الى الكثير من مختلف انحاء الجزيرة العربية ويدلل الباحث على هذه الشهرة بتلك القصة قصة ذلك الرجل من شمر عندما اخذ يسامر ضيفه وكلما سأله عن بيت من الشعر لم يعرفه الضيف حتى اتى الى أبيات تركي فسأله عن قائلها فقال الضيف لا اعرف فأخذ الرجل الدلة فأراقها وقال الذي لا يعرف هذه الأبيات ولا قائلها ما يستاهل القهوة والقصيدة هي: يا ما حلا يا عبيد في وقت الاسفار جذب الفراش وشاب ضو المناره مع دلة تجذا على واهج النار ونجر ليا حرك تزايد عباره في ربعة ما هي بتحجب عن الجار ولا من خطو اللاش شب ناره النجر دق وجاوبه كل مرار ما لفه الملفوف من دون جاره وأخير منها ركعتين بالاسحار لا طاب نوم اللي حياته خساره تلقاه في يوم يضيعن الافكار يوم على المخلوق ما اطول نهاره وقم في قصير البيت حشمه ومقدار لو جار فادمح له ولوبه خساره ترى النبي وصى على الجار لو جار خذ الحذر يا عبيد عقب النذاره رافق قوي الدين حفاظ الأسرار ينفعك في يوم يجي به كراره ترى الهوى والغي هن شر الاشرار ومن داس عار الناس داسو لعاره جنب ردي الكار ما فيه تعبار ما فيه من فعل المناعير شاره جنب عنه خله لقصاف الاعمار واحفظ وصاتي يا رفيع المناره واسلم ودم بالخير يا طير غيمار وصلوا على المختار ما غار غاره ها هو تركي بن حميد يسطر لنا اروع قصيدة احتوت على الكثير من الحكم والنصائح التي يستفيد منها الإنسان في كل الأوقات.