سعادة المشرف على صفحة عزيزتي الجزيرة سلمه.. الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اطلعت على تعقيب الاخ تركي القهيدان على ما سبق ان كتبته من خلال صفحة عزيزتي الجزيرة عن الشقة وضارج وعينها بتاريخ 30/12/1423ه وكان تعقيبه على ذلك من خلال جريدة الرياض بعددها رقم 12800 يوم الجمعة الموافق 11/5/1424ه وقد عقب باسهاب وتعليقا على ذلك اقول وبالله التوفيق بادئ ذي بدء لماذا جاء التعقيب عبر جريدة الرياض؟ رغم ان المقال المعقب عليه نشر بجريدة الجزيرة بحثت عن سبب لذلك فلم اجد بل وجدت الاخ الكريم يكتب في كلتا الجريدتين احيانا ومعلوم للقراء ان التعقيب يكون من خلال الوسيلة التي نشرت بها المعلومة المعقب عليها؟.. ولكن اقول لعل لديه عذراً لذلك، اما من ناحية تعقيبه فهو لم يأت بجديد مفيد، بل انه نهى ان نأخذ عن المتأخرين وارشد الى كتابه رغم انه من المعاصرين ولعلي استعرض ما تطرقت له بعض الكتب التي اطلعت عليها حول هذا الموضع: أولا: جاء في معجم ما استعجم من اسماء البلاد والمواضع للبكري المتوفى سنة 487ه تحقيق مصطفى السقا، ما نصه «ضارج بكسر الراء بعده جيم، قال اليزيد وابو زيد الضرير ضارج ماء لبني عبس.. وقال الطوسي: ضارج موضع باليمن» انتهى. المقصود منه هنا وهو ذكره لموضعين هما ضارج وانه ماء لبني عبس والموضع الآخر انه موضع باليمن كما نسبه للطوسي، وطالما هو ماء لبني عبس فبنو عبس معلوم سكنهم بالجواء وخبر عنترة بن شداد العبسي ليس مجهولاً. ثانيا: معجم البلدان للحموي المتوفى سنة 626ه جاء فيه ما نصه «الا ان ابا عبيد السكوني قال ان ضارجا ارض سبخة مشرفة على بارق، وبارق كما ذكرنا: قرب الكوفة، وهذا حيز بين المدينة واليمن وليس له مخرج الا ان تكون هذه غير تلك، وقيل لبني الصيداء من بني اسد وبينهم وبين بني سبيع فخذ من حنظلة» وفي هذا الكلام ساق خلافا حول موقع هذا المسمى ولم يعط تحديدا معينا للموقع المقصود في البيتين الواردين في قصة القوم القادمين من اليمن الى المدينةالمنورة. هذا شيء من خبر بعض المتقدمين عن هذا الموضع واعرج الآن على اقوال بعض المتأخرين والمعاصرين حول ذلك: أولا: صحيح الاخبار لابن بليهد - رحمه الله - جاء فيه «وامرؤ القيس من اليمن واكثر اقامته في نجد وقال ومن عادة الشعراء المتقدمين ذكر المواضع المتباعدة في القصيدة الواحدة بل في البيت الواحد» والشاهد من هذا هو ان يكون امرؤ القيس قال بيتي الشعر اللذين ذكر بهما ضارج حال وجوده في نجد وبالقصيم او شماله بالذات ومما يؤيد ان المقصود بهما هو ضاري القصيم هو ورود اسمه مقرونا بمواقع اخرى بالقصيم مثل قو، وساق، والعذيب، والاخيرة سبق ان كتب عنها مفصلا المهندس عبد العزيز السحيباني في هذه الصحيفة. ثانيا: ورد في ديوان امرؤ القيس، الصادر عن دار صادر «ولد امرؤ القيس في نجد في اوائل القرن السادس».. قال في حاشيته تيممت قصدت ضارج موضع في بلاد بني عبس. ثالثا: الشيخ العبودي اسهب في شرحه عن هذا الموقع في معجمه بلاد القصيم والشيخ العبودي معلوم اجتهاده في البحث والتحري سواء في هذا المعجم او غيره مما قام بتأليفه من الكتب. رابعا: الاستاذ عبد الله الشايع في الجزء الثاني من كتابه نظرات في معاجم البلدان استعرض ما دار حول هذا الموقع بشكل مفصل واستقر رأيه على تأييده لما ذهب اليه الشيخ العبودي عن هذا الموقع حيث قال ما نصه «ولكل ما تقدم فاني اميل الى القول بأن ضارجا الذي عناه امرؤ القيس هو ضاري الذي تكلم عنه استاذنا العبودي» صفحة 258 منه،، هذا من ناحية الكتب، اما من ناحية الموقع فهاك ادلتي قبل ان ادخل في مناقشة مقالك: 1- التواتر بأن ضارج الشقة جاهلي منذ ان سكن الحميدي بن حمد العنزي واولاده الشقة بعد قدومه اليها من بلدة التويم في سدير منذ اربعمائة سنة تقريبا وكذا من سكنها معهم بعد ذلك من غيرهم واجزم ان تواتر بطول هذا الزمن لا يخطىء. 2- اكتشاف الاستاذ اللعبون للاشجار المتحجرة قرب الموقع يدل دلالة قاطعة بقدم الموقع ووجود الماء فيه بوفرة، وكذا قرب نبع الماء من سطح الارض في البشمة ووجود بحيرة الملح. 3- ما قيل عن ولادة امرؤ القيس بنجد وصولاته وجولاته فيها. 4- ما سبق الاشارة اليه مما ورد في كتاب معجم ما استعجم للبكري من ان ضارجا ماء لعبس ومعلوم سكن بني عبس للجواء. 5- من المعلوم ايضا ان القبائل في نجد وغيرها كانت قبائل رحل ومن يبحث في حياتها يجد كم موقع سكنته هذه القبيلة او تلك بحثا عن الماء والكلأ، ومن استوطن منها في موقع معين فانها تشد الرحال الى حيث وجد الكلأ متى اجدبت مواطنها ولو بالتحالف مع اخرى ثم تعود لموطنها بعد ذلك وحتى عهد قريب وهذا شأنها حتى تم توحيد هذه البلاد على يد الملك عبد العزيز - رحمه الله - حيث بدأ بتوطين البادية. 6- بناء على الفقرة السابقة فلا غرابة ان يقال الشعر في الشرق ويربط فيه موقع بالغرب او يقال في الجنوب ويقصد به موقع في الشمال او الوسط او العكس كما انه قد يقال حين مرور الشاعر او القبيلة بالموضع. 7- ان الاسم ظل محافظا عليه طول هذا الزمن رغم وقوعه قرب بلدة الشقة الاولى «الهدامة» ومن بعد ذلك وقوعه بين الشقتين العليا والسفلى بل اكثر من ذلك زراعة الموقع من قبل بعض ابناء الحميدي. 8- من خلال وقوفي واياك على الموقع قلت لي ان غيري اوقفك على هذا المكان، وما الاتفاق بالدلالة على الموقع الا قرينة من ضمن هذه القرائن فلم يكن تخرصا بل هو نقل من جيل لآخر حتى الجيل الحاضر من ابناء الحميدي. ومع اتفاقي معك ومع غيرك بأن هناك تعدداً لمواضع تحمل نفس الاسم الا ان القرائن متى تكاثرت تعاضدت ومتى تعاضدت استقر الاخذ بها، ثم ان ما سبق اجمالا هو دليلي على هذا الموقع، ومعلوم ان الاثبات مقدم على النفي شرعا. وبعد هذا وذاك دعني ادخل في مناقشة بعض ما ورد في تعقيبك: أ - قولك «وما يعنينا هنا ان تلك الاخشاب لا ترجع الى زمن او عصر زهير البتة لا من بعيد ولا من قريب» هذا كلام قطعي بالنفي يحتاج الى اثبات صحته بالادلة. ب - قولك ويبدو لي ان الكاتب الفراج فات عليه الرجوع الى بعض المصادر ويظهر انه لم يطلع على ما ذكرته في كتابي الموسوم.. صفحة 356 فقد تحدثت بما فيه الكفاية.. الخ. اقول ان كتابك من ضمن كتب المعاصرين ولا يعتبر من المراجع التي رأيت الرجوع اليها، ولك ان تعلم ان اسرتي لم تسكن هذا الموقع منذ بضع سنين بل هي كما اوضحت اعلاه مئات السنين فالمعلومة متوارثة لا مستجدة. ج - قولك «لا اتفق مع العبودي وايضا مع الوشمي فيما ذهبا اليه» اقول لا يلزم من عدمه العدم وهنا اود التنبيه ان ما ذكره الدكتور الوشمي رحمه الله من ان موقع ضاري تحت الجسر الخرساني في الموقع المسمى المثلث غير دقيق وان هذا وهم منه او ممن نقل له ذلك، حيث ان ذلك المكان هو مكان الشقة الاولى التي انشأها الحميدي والمعروفة بين الاهالي بالهدامة، ولا يزال يتوارث هذا الموقع بعض من ذريته اما ضاري فيقع شمالا عنها كما سبق ان ذكرت. د - ما ذكرته من تشابه في الاسماء في جزيرة العرب وكثرتها فذلك حقيقة فليتك اقنعت نفسك به واسلمت قلمك اليه. ه - هناك تناقض آخر في تعقيبك حينما قلت «ان كثيرا من المواقع قد تغيرت اسماؤها القديمة بأسماء حديثة كما اختلف عدد من الباحثين في تحديد عدة مواقع اثرية ومعالم طبيعية» وانت جعلت عنوان تعقيبك ما نصه «من نقل عين ضارج من الحجاز الى القصيم» فكيف حكمت بذلك وانت الذي نقلت الاختلاف فيه، كما ذكرت تغير الاسماء، هذا من جهة ومن جهة اخرى فضاري القصيم لم يتغير اسمه البتة وانما قلبت جيمه ياء فقط فأصبح «ضاري» بدلا من «ضارج» ومخرج الحرفين متقارب ان لم يكن واحدا فلا يعد ذلك تغييرا للاسم هذا ما امكن كتابته باختصار عن ذلك والله الموفق والهادي الى سواء السبيل. محمد بن عبد الرحمن الفراج