لا يخفى علينا جميعا ما يواجهه ابناؤنا الطلاب من تحديات معاصرة، وأفكار دخيلة في زمن كثرت فتنه وتنوعت مغرياته، بل وأصبح أبناء المسلمين عامة وأبناؤنا خاصة مستهدفين من كل جانب، واصبحت القنوات الفضائية وشبكات الانترنت تتسابق في بث سمومها وتضرب في بيوت المسلمين أطنابها، فمرة يدغدغون المشاعر، ومرة يثيرون الشبه، ويسعون جاهدين الى خلخلة المجتمعات المحافظة في دينها واخلاقها وقيمها، فتداخلت الثقافات والقيم من خلال ما يوجه، واصبح العالم كله قرية واحدة..، ولا يخفى على احد تأثير ذلك الغزو الفكري والاخلاقي على ابنائنا الطلاب في دينهم وسلوكهم واخلاقهم ووطنيتهم.. وها نحن اليوم نلمس في وقت وجيز الارقام المزعجة في ارتفاع نسب الجريمة، وامتلاء دور الاحداث، وتنادي الجهات الأمنية بمختلف اداراتها بالوقوف امام هذا الزحف المخيف. وما حصل مؤخرا ايضا في مملكتنا الحبيبة من احداث مؤسفة تهدد امن هذه البلاد ووحدتها ومقدراتها، ممثلة بتفجير بعض المنشآت، وتخريب بعض الممتلكات، واعتقاد فاعليها بأن ذلك الى الله قربة! ولاشك ان علاج مثل هذه الظاهرة يحتاج الى تكاتف الجميع، وخصوصا المؤسسات التربوية والتعليمية، لأن هذه الأفكار والمعتقدات لا يمكن ابدا ان تعالج بالقوة او الزنزان، ولكنها تعالج بالحجة والبرهان، وفتح باب الحوار. والذي نعتقده ان مؤسساتنا التربوية ذات الاتزان والوسطية هي الأنسب والأولى لعلاج مثل هذه المشاكل، بل ان التخطيط لرعاية الشباب رعاية موجهة تستهدف التوجيه الاسلامي والرعاية الخلقية، وتنمية المواهب الفكرية والثقافية هو من سياسة التعليم في مملكتنا العربية السعودية وفقا لما ورد في الفقرة «215». وبهذه المناسبة وفي ظل هذه الاحداث المؤسفة احب ان أسلط الضوء على نشاط تربوي مهم له دوره الفعال، وأثره الملموس في التصدي لمثل تلك الانحرافات الخلقية او الفكرية، الا وهو نشاط التوعية الإسلامية الذي يتسم بالاتزان والوسطية ومواجهة التحديات المعاصرة والأفكار المنحرفة، فضلا عن كونه مستهدفا لجميع الطلاب، وليس مقصورا على فئة معينة، بل ويستهدف ايضا المعلمين، والمجتمع بأسره من خلال تلك المخيمات التوعوية، والحملات التطوعية، ولقد لمسنا - ولله الحمد - الأثر الفاعل لتلك البرامج المتميزة على الدين والسلوك والأفكار والأخلاق، فكم هدى الله بها من ضال، وأرشد بها من تائه وحيران، وكانت بحق حضنا دافئا ومأمونا لابنائنا الطلاب، وحصنا حصينا عن كل فكر وافد او دخيل، فأشبعت حاجات ابنائنا الطلاب وفق اطر مدروسة ومتزنة، ولم تدع للأيدي العابثة والملوثة مجالا للتشكيك في ولاء ابنائنا الطلاب تجاه دينهم أو ولاة أمرهم. ولقد أبقت برامج التوعية الإسلامية المتنوعة والشاملة انطباعاً متميزا لدى المجتمع بأسره تجاه ولاتنا وفقهم الله بشكل عام، والوزارة بشكل خاص، وبيّنت مدى حرص واهتمام المسئولين على نشر الخير، والدعوة إلى الله، والحرص على هدايتهم ، ولقد كنّا نسمع دوما بين الفينة والأخرى آيات الشكر والتقدير والدعاء والثناء لولاة الامر والمسؤولين على دعمهم واهتمامهم بذلك، ولاشك ان هذا التوجه الكريم وهذا الاهتمام الكبير ليس بمستغرب على ولاة امرنا أو المسؤولين في وزارة التربية والتعليم، بل ليس مستكثرا عليهم. وعموما فبرغم ايماننا العميق بجدوى تلك البرامج التوعوية وأثرها الكبير على الميدان وحرص الوزارة ايضا على دعمها ماديا ومعنويا وبشريا الا انها في ظني لا زالت قاصرة عن تحقيق ما يطمح اليه المسؤولون، وما يتطلبه الواقع، وخصوصا في ظل الاحداث الأخيرة فبحكم قربنا من الميدان التربوي، وما نعايشه ونسمعه من طلبات رواد التوعية الاسلامية المتتابعة، ومعاناتهم المشتركة حول عدم امكانية توظيف برامج التوعية الاسلامية على ارض الواقع بالقدر المطلوب بسبب ما يكلفون به من انصبة دراسية مرتفعة ارهقت كاهلهم، وما يترتب عليها من تحضير وواجبات.. واشراف يومي، وحصص انتظار.. الخ. لذا وفي ظل هذه الظروف الفكرية المعاصرة الخطيرة، والحاجة الملحة، فإننا نقترح على معالي وزير التربية والتعليم ان يكمل ذلك التميز وذلك الاهتمام من خلال دعم طاقاته الميدانية المفعلة له حتى تكون القدرات مواكبة للمتطلبات، فتكون النتائج على مستوى التطلع والطموحات، وذلك بأن يعامل رواد التوعية الاسلامية بالمدارس معاملة رواد النشاط من حيث انصبة الحصص الاسبوعية، على ان لا يقتصر تمييزهم على المرحلة الثانوية فحسب، بل في جميع المراحل، ولو تم تطبيق ذلك تدريجيا وبحسب وفرة المعلمين، وعلى قدر تمييزهم يزداد عطاؤهم، خصوصا واننا نعيش في عصر قد تغيرت متطلباته، وتضاعفت مسؤولياته، ونؤمن بأن واقع اليوم ليس هو واقع الأمس. ولكم اثلجت صدورنا كلمات معالي وزير التربية والتعليم أ.د. محمد بن احمد الرشيد عندما قال في احدى المناسبات: «فبرامج التوعية الاسلامية تمثل اهم البرامج، وعلينا ان نذلل كل الصعوبات والعقبات التي قد تواجه التنفيذ» أ.ه. وهذا ما شجعنا على طرح مثل هذا الاقتراح وتسليط الضوء عليه حرصا على حماية وطننا وشبابنا ومقدراتنا من كل فكر دخيل، او يد عابثة تسعى الى تفريق الصف والوحدة، وزعزعة الامن، وهذا ما نادى به قادتنا - وفقهم الله لكل خير - في كل محفل وفي كل مناسبة، وانه لا مساومة في الدين أو الوطن. فشكر الله لمعالي وزير التربية والتعليم، ولوكيل الوزارة للتعليم، وللأمانة العامة للتوعية الاسلامية بالوزارة حرصهم الدائم على دعم برامج التوعية الاسلامية والارتقاء بها، وسعيهم الجاد في تذليل الصعوبات والعقبات التي قد تواجهها، واقول هنيئا لكم بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل اجر فاعله»، فبحجم اعداد طلابنا ودعمكم نلتم الاجر الكبير.