أصدر الاستاذ الاديب عبدالعزيز بن محمد الاحيدب انتاجه الجديد المسمى «تحفة العقلاء في القهوة والثقلاء» فكان احدى لآلىء الفكر والتأليف في هذه الايام. وجميل جدا ان يخوض رجال السيف كأمثال الزعيم الاحيدب ميدان القلم فيصولون فيه ويجولون، بل وحري بالتقدير والاعجاب ان نرى مؤلفا وكاتبا اجتماعياً اديبا وظريفا كالاستاذ الاحيدب جمع بين عمله العسكري الرسمي ودراساته الشخصية في علوم الدين واللغة والادب والتاريخ والصحافة فأفاد مما استفاد ونفع مما انتفع. ومؤلفه النفيس هذا تحفة«كما اسماه» رائعة في موضوعها واسلوبها فحديثه الممتع عن القهوة واستقصاؤه اخبارها وتاريخها قديما وحديثا يضطر القارئ الى الانصراف بكليته منجذبا إلى الشيق من الطرائف، والطريف من الشواهد والقصص والاشعار الشعبية والفصيحة. وجدير بالاعجاب ايضا لملمة كل هذا الشتات بعيد الاطراف من اقوال الادباء وحكايات الظرفاء واشعار الزجالين ما بين مادح وقادح، وناعت وماقت للقهوة التي أضحت اليوم مرتشف الخاص والعام في بلاد العرب والعجم والاجانب في الغرب والشرق، هذه النبتة العريقة المنشطة المنبهة التي عاصرت الاجيال واثارت الجدل والمناظرة والخلاف في العصور الإسلامية حين اشتغل رجال العلم والفقهاء بالاجتهاد والافتاء في الحلال والحرام ناهلين من الهدي النبوي والشريعة المطهرة. وأيم الله فان مجالس القهوة في العصور المتأخرة بالمشرق عامة وفي البلاد العربية خصوصا كان لها اثر كبير في تنمية الصلات الاجتماعية والعلائق السياسية بين الأفراد والجماعات قبل ان تخلق النوادي وصالات المدنية الحديثة كما ذكر المؤلف ذلك في فصول كتابه. وفي أبواب الكتاب المشتملة على تعريف القارئ بقهوة البن وشجرتها وتاريخها وعادة شربها وفوائدها ومضارها وموقف الدين والمجتمع منها وأقوال العلماء وآراء الفقهاء فيها ومساءلاتهم حولها، وأخيرا ما قيل فيها من شعر ونثر فصيح وعامي وعلاقة القهوة وندماتها بالثقلاء والظرفاء في مجالسها وما قيل في ذلك. في كل هذا معين لا ينضب للمتعطشين إلى التسلية والسمر ومحبي الادب وعشاق المعرفة وطلابها.. فأكثر من نصف الكتاب منقولات من الشعر والادب والحكم والاقوال مجموعة بمقدرة وسعة اطلاع تستدعي الاعجاب لاحتوائها على أكثر ما تغنت به نجد وبلاد العرب في هذا المجال. ولم يجانب الحقيقة حين ذكرها العقيد يحيى المعلمي في مقدمة الكتاب حيث قال: لم يقصر الاخ الزعيم ما زخرت به حافظته ووعته ذاكرته على نفسه وجلسائه بل انه حرص على أن تعم الاستفادة منها كل من يرغب في الاطلاع عليها. لقد سبق للمؤلف ان زود المكتبة العربية بفرائد من مجهوداته فأصدر من تأليفه :«حكم قيمة من مآثر العرب» «والممتاز من الاحاجي والالغاز» والجزءين الاول والثاني من كتابه «حكم وأدب من مآثر العرب» ثم كتاب «النكت والطرائف». واليوم اضاف مؤلفه الجديد الذي طبعه في مؤسسة «الجزيرة» للطباعة والنشر فجاء بشكله الجذاب واخراجه وتبويبه وطبعه الانيق كتابا جديرا بالمطالعة ومرجعا يستحق الاقتناء. نشكر المؤلف على اهدائه نسخة من كتابه ونرجو له الرواج والانتشار.