وفاة والد الأستاذ سهم الدعجاني    نفاذ تذاكر "كلاسيكو" الاتحاد والنصر    «فار مكسور»    طبيب يواجه السجن 582 عاماً    مطربة «مغمورة» تستعين بعصابة لخطف زوجها!    بسبب المخدرات .. نجوم خلف قضبان السجن!    مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يوقع عددًا من مذكرات التفاهم    التشكيلي الخزمري: وصلت لما أصبو إليه وأتعمد الرمزية لتعميق الفكرة    الملحم يعيد المعارك الأدبية بمهاجمة «حياة القصيبي في الإدارة»    تقدمهم عدد من الأمراء ونوابهم.. المصلون يؤدون صلاة الاستسقاء بالمناطق كافة    «كورونا» يُحارب السرطان.. أبحاث تكشف علاجاً واعداً    ساعتك البيولوجية.. كيف يتأقلم جسمك مع تغير الوقت؟    الرياض يتغلّب على الفتح بثنائية في دوري روشن للمحترفين    «مبادرات التحول الاقتصادي».. تثري سوق العمل    في عهد الرؤية.. المرأة السعودية تأخذ نصيبها من التنمية    «قمة الكويت».. الوحدة والنهضة    مملكة العطاء تكافح الفقر عالمياً    هل يمكن للبشر ترجمة لغة غريبة؟ فهم الذكاء الاصطناعي هو المفتاح    مرآة السماء    ذوو الاحتياجات الخاصة    اكتشافات النفط والغاز عززت موثوقية إمدادات المملكة لاستقرار الاقتصاد العالمي    الاتحاد السعودي للملاحة الشراعية يستضيف سباق تحدي اليخوت العالمي    انطباع نقدي لقصيدة «بعد حيِّي» للشاعرة منى البدراني    عبدالرحمن الربيعي.. الإتقان والأمانة    رواد التلفزيون السعودي.. ذكرى خالدة    روضة الآمال    قيمة الهلال السوقية ضعف قيمة الأندية العربية المشاركة في المونديال    المغرد الهلالي محمد العبدالله: لا مكان لنيمار والمترو الأفضل وحلمي رئاسة «الزعيم»    هيئة الترفيه وأحداثها الرياضية.. والقوة الناعمة    فصل التوائم.. البداية والمسيرة    «متلازمة الغروب» لدى كبار السن    نائب وزير الموارد البشرية يزور فرع الوزارة والغرفة التجارية بالمدينه المنورة    الاستدامة المالية    رسائل «أوريشنيك» الفرط صوتية    وكالة الطاقة الذرية: إيران تخطط لتوسيع تخصيب اليورانيوم بمنشأتي نطنز وفوردو    "راديو مدل بيست" توسع نطاق بثها وتصل إلى أبها    إنصاف الهيئات الدولية للمسلمين وقاية من الإرهاب    بالله نحسدك على ايش؟!    عريس الجخّ    كابوس نيشيمورا !    لولو تعزز حضورها في السعودية وتفتتح هايبرماركت جديداً في الفاخرية بالدمام    «COP16».. رؤية عالمية لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي    حملة توعوية بجدة عن التهاب المفاصل الفقارية المحوري    مفتي عام المملكة ونائبه يستقبلان مدير فرع الرئاسة بمنطقة جازان    أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه    برنامج مفتوح لضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة "بتلفريك الهدا"    رئيس مجلس أمناء مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يعقد اللقاء السابع عشر    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الدورة ال 162 للمجلس الوزاري التحضيري للمجلس الأعلى الخليجي    بالتضرع والإيمان: المسلمون يؤدون صلاة الاستسقاء طلبًا للغيث والرحمة بالمسجد النبوي    الدكتور عبدالله الوصالي يكشف سر فوزه ب قرص الدواء    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    أكدت رفضها القاطع للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.. السعودية تدعو لحظر جميع أسلحة الدمار الشامل    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدير البنك الأهلي التجاري ناصر العبيدان: البداية الخاطئة في تكوين الأسرة سبب العشوائية
مفاهيم خاطئة وعادات اجتماعية كبّدت خسائر مالية للأسر
نشر في الجزيرة يوم 09 - 07 - 2003

المصروف المالي في هذه الأيام صار أمراً لا فكاك منه بالنسبة للآباء إذ أصبح حاجة ضرورية ومهمة كلاً على حسب حدة وطبيعة الاحتياجات لكل أسرة.
وتكون الأسرة أو العائلة مستقرة وسعيدة عند نجاحها في الإدارة المالية بعد نجاحها في التربية السليمة، وتكون أكثر سعادة لو انها خططت للمستقبل وتمكنت من الادخار استعداداً للمستقبل وتوجهاته المتقلبة.
وما أكثر الرغبات مع العشوائية في المصروفات المالية لكثير من الأسر في وقتنا الحاضر قادت إلى المصائد والسقوط في مأزق جعل طعم الحياة مراً وقاسياً شمل نواحي كثيرة في حياة الأسرة على الرغم من ان هناك توجيهاً شرعياً يحكم انفاق المسلم في إطار شمول الشرع لكافة جواني حياته وكسب المال وانفاقه من الأمور التي سيسأل عنها المسلم يوم القيامة.
في طرحنا لهذه القضية الاقتصادية الأسرية سوف نتناول في البداية تحليلاً لوضع الأسرة المالي وتخبطها العشوائي في ذلك بالإضافة إلى طرح بعض الأسباب التي أدت إلى تدهور الوضع المالي، بعد ذلك نتناول العديد من الحلول التي سوف تساعد الأسرة في تقنين المصروفات المالية والحفاظ عليها من الانزلاق أمام المغريات وطريقة الادخار الذي لا تعد له كثير من الأسر أي اعتبار في حياتهم وحتى لا نطيل عليك عزيزي القارئ دعنا نقرأ آراء المشاركين في موضوعنا إذ يقول الأستاذ ناصر سليمان العبيدان مدير فرع البنك الأهلي التجاري بمحافظة الجبيل: لا شك ان التخطيط أسلوب حضاري لا يقتصر على حد معين بل في جميع أمور الحياة ومنها الأسرة، فما نراه اليوم من التخبط العشوائي لدى بعض الأسر في إدارة المصروفات جعل طعم الحياة مريراً «ايجارات متراكمة، اقساط مرهقة، فواتير خدمات غير مسددة..» تخبط في توزيع الدخل «الراتب» منذ أول الشهر..
إذاً لابد من وجود ضابط للمصاريف مقارنة بالدخل والاستغناء عن الكماليات والاكتفاء بالضروريات حسب الأولوية.
وأضاف يقول إن البداية الخاطئة في تكوين أسرة منذ بدايتها على العشوائية من دفع المهر والمسكن والأثاث مرهقة تفوق الدخل وسبب مشاكل مادية وبالتالي إلى مشاكل أسرية قد تنتهي لا قدر الله إلى الطلاق وهدم الأسرة بدلاً من بنائها، فالعبرة إذاً ليس الحصول على المال، فالكل يأتيه رزقه كما قدر الله تعالى له، ولكن العبرة في الإدارة والتخطيط.
تكرار الأزمات
وعن تكرر مواقف الأزمات لعدة مرات في بعض الأسر والحاجة إلى اقتراض من أي باب كان يقول الأستاذ ناصر إلا ان هذا موقف متكرر في كثير من البيوت، قد تتغير تفاصيله من أسرة لأخرى، لكن السبب في الغالب هو عدم التنظيم والتخطيط الجيد لدخل الأسرة، مثل هذا الموقف قد يؤدي لثورة الزوج أو إلى ابتعاده ليبحث مدى إمكانية تدبيره لمثل هذا المبلغ، أو القائه باللوم على الزوجة، لأن ربة المنزل يتوقع منها تذكيره بمثل هذه الأمور.
الاقتراض ليس حلاً للعجز
ويؤكد ان بعض الأسر تعاني من عجز في تغطية احتياجاتها اليومية أو الضرورية لذا يلجأ بعض أرباب الأسر إلى أعمال غير مناسبة لهم لسد احتياجات أسرهم مثل فتح بقالة أو العمل كسائق لسيارة أجرة، أو عمل بسطة على أحد الطرقات، أو الاستدانة، وهو ما يخلق للأسرة عجزاً جديداً في المستقبل، مبينا ان العديد من الموظفين يلجؤون للاقتراض من البنوك لحل مشاكلهم الآنية بغض النظر عما ستسببه هذه القروض من مشاكل عديدة في المستقبل.
وأضاف يقول: «لا يوجد حل ناجع ونهائي لحل مشكلة العجز الذي تعاني منه الأسرة في ظل هذه الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة سوى الضغط على نفسها للحد من نفقاتها بأكبر قدر ممكن»، وفي كل الأحوال فإن تكييف حاجات الأسرة مع ظروفها بات قيمة أساسية.. تبدو واضحة في بنود انفاق الراتب الشهري.
الادخار
وعن موضوع الادخار الذي بات لا يشغل حيزاً ذا أهمية في تخطيط الأسرة لمصروفاتها المالية فيقول: في بداية الزواج يكون الادخار أسهل من أي وقت آخر خلال رحلة الحياة الزوجية، وذلك لعدة أسباب أولاً: ان عدد أفراد هذه الأسرة الجديدة قليل، فردان فقط بالتالي فإن مصروفاتهم اليومية بسيطة. ثانياً: عدم احتياج عش الزوجية لصيانة مكلفة ولا للتجديد، فالشباب في الغالب يبدؤون حياتهم الزوجية بعد شراء كل احتياجاتهم الأساسية من أدوات كهربائية وأثاث والخ.. ثالثاً: كما انه من المعتاد شراء كل من العروسين ملابس جديدة قبل الزواج تكفي لفترة ليست قصيرة، بالتالي فإن الشباب المتزوج حديثاً عليه ان يتحمل مسؤولية حياته المستقلة منذ اليوم الأول، فعليهم الادخار استعداداً لطفل ينعم به الله عليهما أو أي التزامات أخرى قد تطرأ على تلك الأسرة الجديدة».
وأضاف يقول: يجب تعليم وتربية أفراد الأسرة بأهمية الادخار مع تعريفهم وإعلامهم بالوضع المادي لأنه سيساعد رب الأسرة في عدم مطالبته بطلبات مرهقة، أيضاً توعية أفراد الأسرة بأهمية الترشيد في كل شيء من كهرباء ومصروفات كالهاتف ومشتريات وغيرها، فعلى المدى الطويل سيحقق بإذن الله ما خطط له وأيضاً كمعين له بعد الله في الحالات المادية الطارئة.
واختتم مشاركته بالقول: يقاس النجاح بمدى قدرة رب وربة الأسرة على عدم ظهور عجز قد يضطرهما إلى الاقتراض، سواء من الأهل أو الجيران، مثلما تلجأ الدول إلى المؤسسات الدولية المانحة.. مع الفارق انه لا توجد هنا شروط سياسية أو اقتصادية تفرض على المقترضين.
تحمل المسؤولية دون الآخرين
ويشاركنا أيضاً الأستاذ مسفر الجهني بتحليل الوضع المالي لبعض الأسر حينما يتحمل أحد الزوجين دون الآخر المسؤولية الكاملة عن الشؤون المالية للأسرة، مشيراً إلى ان ذلك يعود لسببين هما:
الأول: ان تقدير احتياجات الأسرة وكيفية توزيع الدخل أمور قد يشوبها القصور، لأنها تحمل وجهة نظر طرف واحد فقط، والثاني: ان تلك المسؤولية تشكل ضغطاً نفسياً على صاحبها لشعوره بأن على عاتقه حملا كبيرا بالإضافة للتوتر الذي يصيبه عند أول تحفظ أو تساؤل قد يصدر من الطرف الآخر، وهو ما يشعره بعدم التقدير وعدم الثقة في قدراته على إدارة الأمور، لذا فإن المشاركة بين الزوجين في مناقشة وإدارة الشؤون المالية للأسرة أمر أساسي وهام، لتجنب الكثير من مشكلات الحياة اليومية، وبالتالي الحفاظ على العلاقة الحميمة بين الزوجين والحياة المستقرة داخل الأسرة.
صعوبة وضع ميزانية للأسرة
ومن خلال التصفح في كتاب الإدارة المنزلية للدكتورة كوثر حسين كوجك قد عرض لطريقة إعداد ميزانية الأسرة اخترنا منها ما يلي:
* أولاً: يتم تدوين «المصروفات الثابتة»: ويرصد تحت هذا العنوان جميع المصروفات التي لابد من انفاقها في الفترة المحددة للميزانية ويفضل ان تكون سنة وقد تشمل ما يلي:
ايجار السكن، أقساط تأمين، أقساط مشتريات، مصروفات مدرسية، تجديد رخصة السيارة، فاتورة التليفون، اشتراك النادي، مصروفات طوارئ، مصروفات أخرى، تختلف هذه القائمة من أسرة لأخرى، وفي أي الحالات فإن بند الطوارئ يجب ان يعتبر من المصروفات الثابتة في كل الظروف.
يحسب المجموع الكلي لهذه المصروفات ويقسم الناتج على 12 شهراً عدد أشهر السنة فيعرف بذلك المبلغ الذي يجب ان يرصد شهرياً لمواجهة هذه التكاليف عند حلول موعدها، وبهذا نتجنب ما قد يحدث من ارتباك عند اكتشاف حلول موعد دفع أي من المصروفات التي لا تتحمل التأجيل أو التأخير.
* ثانياً: يتم تدوين «الدخل المالي»: ويسجل تحت هذا العنوان كل النقود المتوقع الحصول عليها أثناء السنة المقبلة. وقد تشمل: راتباً شهرياً، صافي ايراد سنوي «أراضي، مباني وخلافه»، صافي أرباح من تجارة، أرباحاً سنوية «أسهما أو سندات وخلافه»، مكافآت دورية، أجوراً عن اعمال إضافية، إعانات مالية، ومصادر أخرى.
إذا كان رب الأسرة طبيباً أو محامياً أو زراعيا، يكون التقدير تقريبيا، أما في حالة الراتب الثابت المنتظم، كالموظف، فيكون أقرب إلى الواقع، يحسب المجموع الكلي لهذه الدخول مع مراعاة عدم المبالغة في تقدير أي منها.
* ثالثاً: تدوين «صافي الدخل»: وينتج من طرح جملة المصروفات الثابتة من مجموع الدخل المالي.
هذا المبلغ المتبقي هو ما ينفق في أبواب الصرف اليومية من غذاء وكساء ومصاريف تشغيل البيت، مواصلات، كذلك المصروفات الشخصية والاجتماعية، طبيب وأدوية وغيرها من المصروفات التي لا تحتسب من مصاريف طارئة، الواقع ان هذا التقدير لا يمكن القيام به على وجه الدقة إلا بعد الاحتفاظ بميزانية لمدة عام كامل، وعلى المبتدئين محاولة التقدير التقريبي ومقارنته بالواقع عند استعمال الميزانية.
اتخاذ القرار مهم
أما المواطن/ حمد فارس الهاجري رب أسرة كبيرة يبلغ عدد أفرادها 15 فكانت له مشاركة مميزة بطرح أفكار لتقنين تدبير المصروفات المالية في الأسرة الكبيرة حيث قال في البداية: ليس المهم ان نحصل على المال، فإن الحصول عليه سهل وميسر، خصوصاً في مجتمع مثل مجتمعنا، يعيش في رغد من العيش، والفضل لله تعالى، لكن المهم هو المحافظة على المال الذي تحصل عليه ومعرفة كيفية انفاقه بحكمة وتدبير، واتخاذ قرار صارم بتنفيذه وقد سئل أحد الأغنياء: كيف جمعت هذه الثروة الضخمة؟! فأجاب: بقلة المصاريف وحسن تدبيرها.
وهنا أحب ان أقدم بعض الأفكار التي تساعد الزوجين في المحافظة على الميزانية العائلية وتوفير المال وهي كالتالي:
تكليف شخص بالمتابعة
1/ لابد من ان يكلف الزوجان شخصاً تكون مهمته مراقبة المصروفات ومتابعة الايرادات للأسرة، وقد يكون الزوج هو المؤهل بالدور أو الزوجة أو أي شخص آخر، المهم ألا تكون المسألة عائمة وضائعة، «على البركة»، بل لا تأتي على البركة إلا عندما يتحرى الإنسان الأسباب ويتابعها.
2/ لابد من كتابة كل دخل الأسرة من الايرادات سواء كانت هذه الايرادات من راتب شهري أو مكافأة سنوية أو ميراث أو وصية أو عائد استثماري، وكذلك كتابة ما يصرفه الزوجان يوماً بيوم من مطعم ومشروب وملبس وتعليم وأدوية ووسائل اتصال ونقل وأثاث وخدم وغير ذلك.
3/ لابد ان يكون من يتعامل مع التخطيط والميزانيات مرنا، تحسباً للظروف التي قد تحتاج إليها الأسرة من غير حساب، فيكون مستعداً لذلك، بحيث يجعل الميزانية تستوعب أي مستجدات طارئة.
4/ لابد ان يجلس الزوجان مع أبنائهما للتحدث بخصوص الميزانية، وكتابة الحسابات حتى يتعلم الابن ان الوالدين يخططان للأسرة ويقدران المصاريف، فليس كل ما يشتهيه يشتريه، إلا إذا سمحت الميزانية بهذا كما ان الأبناء يستفيدون من ذلك كيفية إدارة حياتهم المستقبلية.
خطط للمستقبل
5/ إن المحافظة على الميزانية تتطلب معرفة الوالدين بالخطط المستقبلية للعائلة أو الأهداف التي يسعيان إلى تحقيقها حتى يستطيعا ان يدخرا من المصروف ما يلبي حاجات الأسرة المستقبلية من بناء البيت وتزويج الأولاد ومصاريف المناسبات والاستعداد للإجازات والترفيه، أعني انه كلما كانت الأهداف واضحة كلما كانت النتيجة للميزانية سليمة ومطمئنة.
التباس المفاهيم
أما الكاتب ظافر القحطاني فقد تحدث هنا عن أسباب الخلل الاقتصادي في حياة كثير من الأسر حيث يقول: هناك أسباب كثيرة تقف وراء هذا الخلل فمن تلك الأسباب كالتقليد ومجاراة الآخرين وكذلك الاغراق في الكماليات وحب المظاهر الكذابة دون الالتفات إلى ما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم انه قال: المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور.
وكذلك من الأسباب الفهم المغلوط لمعنى الكرم والبخل، فالبعض يخلط بين الكرم والاسراف والبعض الآخر يخلط بين البخل والاقتصاد، وهذا من التباس المفاهيم فالكرم والاقتصاد صفتان محمودتان والبخل والاسراف صفتان مذمومتان وقد وصف الله سبحانه وتعالى عباده بقوله «والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما» فالتوسط في كل الأمور مطلب ومنها الانفاق، فليس من البخل التماس الأسواق ذات الأسعار المعتدلة أو استغلال بعض المواسم أو المعارض لشراء بعض الأغراض اللازمة بأسعار أقل، وليس من البخل إجراء المكالمات الهاتفية في أوقات التخفيض، كما انه ليس من الكرم شراء ما لا يحتاج أو التكلف في الولائم وطبخ ما لا يؤكل من الطعام.
ومن أسباب الخلل الاقتصادي كذلك العادات الاجتماعية الخاطئة التي يكتوي بنارها الكثير من افراد المجتمع دون ان يحاولوا مقاومتها أو تصحيحها وذلك خشية كلام الناس.
ثم يشير الكاتب ظافر إلى ان انعدام الوعي الاقتصادي لدى الأسرة مع وجود ضغوط من قبل الزوجة والأبناء أدت إلى انعدام أي تنسيق في ميزانية الأسرة ولا نظام ادخار ولا مراعاة للأولويات دون النظر في العواقب وكيفية التسديد خصوصاً مع انتشار نظام التقسيط في شيء.
ويسترجع الكاتب في مشاركته بالرجوع إلى التاريخ حيث يقول: لقد كانت الواحدة من نساء السلف تقول لزوجها إذا أراد الخروج لالتماس الرزق «يا فلان اتق الله فينا ولا تؤكلنا إلا حلالاً فإننا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار»، أما اليوم فالصورة مختلفة كلياً، بسبب ضعف الإيمان وضعف الوعي وضعف القوامة..
آلية عشوائية للمصروفات
أما الأستاذ عوض المالكي فقد شاركنا بالقول: في واقع مجتمعنا الحالي واقع مؤلم لأن الأسرة لا تملك آلية لمصروفاتها المالية، ويتم الآن بشكل عشوائي وعلى رب الأسرة ان يعلم ان المال أمانة استرعانا الله عليها، وان نرعاها حق رعايتها فلا نسرف ولا نقتر في انفاقنا، ولكن هناك وسطية في الانفاق، قال تعالى: {وّالَّذٌينّ إذّا أّنفّقٍوا لّمً يٍسًرٌفٍوا وّلّمً يّقًتٍرٍوا وّكّانّ بّيًنّ ذّلٌكّ قّوّامْا}.
ومشاركتي هنا لا تعني البخل ولكني تعني ان نعطي كل ذي حق حقه، ولرب الأسرة والزوجة والولد والبنت نصيب من هذا المال لا يطغى أحد فلا يهدر الانفاق على أهله ويترك مثلاً ولده أو ابنته في عالة من العيش، كما انه يجب ان لا يكون هم الإنسان الجري وراء هذا المال وتقديسه وما إلى ذلك وإنما يكون لتدبير أموره والاستفادة منه في حياته بشكل جيد وفي أوجه كثيرة.
نقاط لتدبير أموال الأسرة
وهنا بعض النقاط التي تعين رب الأسرة لتدبير أمواله بشكل سليم:
1/ ان يضع جدولاً شهرياً يتتبع فيه مصروفاته، فليست المسألة ان تخرج من جيبك مالاً وتصرفه، بل لابد ان تتبع المصروفات وتسجل كل صغيرة وكبيرة وفي نهاية كل شهر تقوم بمراجعة الجدول وتنظر للمصروفات، وما هي المصروفات الضرورية التي لابد ان تستمر في الشهر التالي، وما هي المصروفات التي يمكنك الاستغناء عنها؟
مثلاً كثير من الأسر تكثر شراء الملابس والألعاب والسفر، وهذه الأمور يمكن ان تستغني عن مصروفاتها المالية لأمور تعد أكثر منها أهمية، وبعد تحديد النفقات الضرورية تبدأ بالقضاء على هذا النوع من المصروفات للأشهر القادمة.
2/ أيضاً من النقاط المهمة لتحديد التوفير في ميزانية الأسرة ان يحدد لكل فرد من الأسرة مصروف شهري لا يتعداه أي فرد في أي حال من الأحوال، فإذا تجاوزت في شهر من الأشهر فإنه يكون عليه سلف ويسدده الشهر الذي يليه ليعرف الإنسان كيفية إدارة المال الذي بين يديه.
3/ أيضاً من الأشياء ازدواجية المهام بين أفراد الأسرة، فمثلاً تجد ان الأب يذهب للسوق ويشتري أغراضاً للمنزل ومن ثم يأتي الابن ويشتري نفس الأغراض، فلو توزعت الأدوار كأن يقوم الأب بمتابعة الفواتير والخدمات وما إلى ذلك وأحد الأبناء يهتم بتوفير المواد الغذائية والمستلزمات الضرورية للمنزل وما إلى ذلك، أقصد ان يكون هناك تنسيق فعلي للمصروفات والأدوار.
4/ أيضاً من الأمور المهمة الاستعداد للمناسبات المختلفة فكثير ما ننظر للأسواق وتمتلئ عند المناسبات أو قبلها مثلا الأعياد والزواجات، فلابد من الاستعداد لهذه المناسبة بما يقابله من مصروفات مالية بفترة كافية لتجنب تقلبات الأسعار التي قد تهلك وتنهي أوراق الأسرة المالية.
5/ أن يقوم رب الأسرة باقتطاع جزء من الراتب ويضعه في مكان آخر لا يمكن الوصول إليه في حال من الأحوال إلا في الظروف الضرورية والطارئة، وذلك بأن يقوم بوضع حساب غير حسابه الجاري الذي بين يديه ويتداوله ببطاقته بنفس البنك مثلاً ولا يمكن الدخول والوصول لهذا الحساب إلا عن طريق البنك مباشرة «حساب كما يقولون أصم أبكم» وبذلك سيساعده على التوفير وستظهر نتائجه في نهاية كل سنة.
فوضى مالية
الشيخ سليمان الماجد القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض يقول في حديث له بإذاعة الرياض على هذا الموضوع: أؤكد على ان كثيراً من المشكلات المالية أدت إلى اضطراب وضع الأسرة المسلمة من جميع النواحي بل أزعم حتى من النواحي الأخلاقية والتمسك بهذا الدين كان سببه انها انفقت ما لا تحتاج إليه لتبيع ما تحتاج إليه.
وبلغني حوادث وحالات كثيرة أدت إلى أمور خطيرة في موضوع التربية والأخلاق، والسبب الفوضى المالية وعدم الانضباط بمثل هذه القواعد التي تقنن أموال الأسرة.
وأضاف يقول: إن موضوع الضبط المالي للأسرة المسلمة سبيل لأشياء كثيرة أقلها عند الله عظيمة وان كانت عند بعض الناس أقلها الصدقة.
وبعض الناس بسبب فوضاه المالية لا يعرف انه يتصدق والسبب انه عندما يأتي منتصف الشهر أو ثلثاه أو أقل وليس في جيبه شيء وتمر الأعوام والدهور ولم يتصدق، بينما غيره نفس الاشكالات ونفس المصدر والدخل والأسرة وتطابق في أشياء كثيرة نجده عندما ينتهي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.