يؤدي سوء التعامل مع إدارة المال للأسرة إلى الاستهلاك العشوائي، وبالتالي يؤثر سلباً على اقتصادياتها، حيث فرض غياب ثقافة الادخار هيمنته على الأفراد؛ لنجد أنّ الغالبية منهم يلجأ إلى تيسير أموره وإيفاء متطلباته عن طريق الاستدانة أو الاقتراض، رغم أنّ الكثير من أولياء الأمور لديه أنماط استهلاكية سلبية، تلاحظ من خلال اتجاهه لاستهلاك حاجيات ثانوية ليست ضرورية؛ مما يؤدي إلى الوقوع بأزمات مالية نهاية كل شهر. كما أنّ سلوكيات الأفراد في الاستهلاك لا تعتمد على أطر اقتصادية سليمة، إذ تسيطر عليها نزعة الفوضى والهدر العشوائي في المال نتيجة غياب التخطيط المالي والاعتماد الكلي على مصادر أخرى في التوفير للمتطلبات، ولا شكّ أنّ غياب ثقافة الادخار لدى العديد من الأسر يعود إلى ضعف ثقافة الوعي لدى أربابها، لا سيما وأنّ البعض يعيش في مستوى مالي متضخم جداً؛ مما جعله يفرط في استنزاف الكثير من الأموال دون حاجة، في المقابل فإن ذوي الدخل المحدود نجدهم مقلدين في الاستهلاك رغم عدم الحاجة، وجعل الكثير منهم يعاني من عدم القدرة على إيجاد مردود مادي مدخر يعينه وقت الظروف الطارئة. قلة وعي وبيّنت"نوال البشري" -موظفة قطاع حكومي- أنّ الأسرة السعودية -خاصةً في الآونة الأخيرة- لم تعد تعي مفهوم الادخار، فباتت تنفق أموالاً طائلة في سبيل إرضاء النفس بمشتريات لا حاجة لها، حيث لا يكاد يمر يوم وليلة إلاّ ونرى الأسواق التجارية قد اكتظت بالمتسوقين، مؤكّدةً أنّ (30%) من المتسوقين لغرض، في حين الأكثر نسبة هم من فقط ينفقون دون أدنى حاجة، لافتةً إلى أنّ قلة الوعي بأهمية الادخار والإنفاق الإيجابي يشكل عدم الاستقرار مادياً طيلة الشهر، مشددةً على أنّ الادخار يسهِّل الحصول على الاستقلال المالي، وراحة البال، والحياة الخالية من الضغوط والتوتر، ويساعد على تخطّي الأزمات والأوقات العصيبة، إذ إنّه يعني السيولة، ويشكِّل خطّ الدفاع الأوّل عند الحالات الطارئة، إلى جانب أنّه يساعد على تشكيل ثروات اقتصادية لدى الأفراد، مؤكّدة أنّ السياسة الحياتية في إيجابيات الإنفاق تبدأ منذ بداية الحياة الزوجية، بالاتفاق بين الزوجين بتحديد الأولويات وادخار شيء من الراتب، مع تعويد الأبناء على ذلك، مستدركةً: "هذه سياسة يتبعها قليل من الأسر ولا يتبعها، إلاّ من تميز بحسن الإدارة والتصرف في المال والتخطيط السليم". سياسة مالية ورأت "أم شموخ العديلي" -معلمة- أنّ الادخار يشكل مرتكزاً آمنا للعائلة، فيحميها من مفاجآت المستقبل بكل الاحتمالات السلبية الواردة، إلى جانب الراحة النفسية التي يزرعها في نفوس أرباب الأسر، لافتةً إلى أنّ الخوف على الأبناء من الناحية المادية، يعكر صفو الحياة الزوجية وربما كثرة المشاكل وهذا واقع نعيشه ونراه، مستطردةً أنّ الرجل والمرأة متساويان في مسألة الادخار، مضيفةً أنّ المرأة في الادخار أو دورها في الصرف الإيجابي تتساوى مع دور الرجل، وعلى الزوجين أن يتبنيا السياسة نفسها، وأن ينتميا إلى الثقافة نفسها، بغية تعزيز أرضية مالية صلبة تقف عليها الأسرة مستقبلاً، دون منغصات. سلبية الاستهلاك ولفت "عبدالعزيز الشدوخي" -رجل أعمال- إلى سلبية الاستهلاك وأثره على هدر الأموال لدى الأسرة، مبيّناً أنّ مفهوم الاستهلاك بدأ يتغير تدريجياً، حيث إنّ معظم ربات البيوت تنفق أكثر فرد في الأسرة على أطفالها وبيتها، حتى على كماليات لا حاجة لها بها فقط مباهاة أو تقليد، وعندما تجد الأسرة نفسها في مأزق لجأت إلى الاستدانة أو الاقتراض، وهذا يعتبر أيضاً هدراً مالياً؛ لأنّها أساساً لم تعتمد على مدخرات مسبقة، بالتالي فهي ستهدر أكثر وأكثر، لا سيما وأنّ التجار الآن بدأوا باستغلال قلة إدراك معنى الادخار وتطبيقه واقعاً في استثمار مال الأسر لصالحهم، وذلك عبر القروض التي بدأت تنتشر في الآونة الأخيرة، والبعض من العوائل تلجأ لرهن عقار أو أراض في سبيل الحصول على قرض، والنتيجة هي عدم التوفير ووعي أن الاستهلاك العشوائي سبب في هدر أضعاف المال، وفي النهاية يجد رب الأسرة أنّه قد وقع في هموم الديون التي لا تنقضي إلاّ بعد عدة سنوات، ليقع في مشاكل اجتماعية وأسرية. ترشيد سليم وكشفت "سارة القويعي" -ربة منزل- أنّ سوء إدارة الأموال والتصرف غير السليم في المشتريات والإنفاق والبذخ والإسراف أوقع بعض الأسر في مشاكل أدت لتردي أوضاعهم الاجتماعية والمالية، مضيفةً أنّ عدم الشعور بأهمية الادخار واقتطاع جزء من الراتب لصالح الأسرة في البنك أوقع الكثيرين في عدم تحقيق التوازن لمستوى المعيشة، مبيّنةً أنّ مشاركة الزوجة في الإنفاق والترشيد الصحيح على حب أسرتها وبيتها وأبنائها، ومستوى إدراكها للأمور وقدرتها على تدبير الأمور والتعامل مع متطلبات العصر واحتياجاته بفكر واع، وأن تبعد عن التأثر بزخم الموجات الإعلانية المحفزة على الشراء الذي لا طائل منه، بل هو هدم لمدخرات الأسرة يعتبر أهم ركيزة تركز عليها الاسرة وإلا وقعت في وحل الديون. محاولة مجاراة ذوي الدخل الأعلى أوقعت البعض في شباك «الديون» و«التقسيط» ثقافة غائبة ونوّهت "حسناء البراهيم" -مديرة مبيعات بإحدى شركات التجميل بحائل- بأنّ مفهوم الاستهلاك العشوائي الذي لا يأتي على قدر الحاجة منتشر بين الكثيرين، معتبرةً ذلك أصلاً للكثير من أزمات الأسر المالية، خاصةً ما يعرف باسم "مشكلة القروض"، مشددةً على أنّ مفهوم الاستهلاك بغير الحاجة إليه أدى بالكثير من الأسر والأفراد إلى الاقتراض من البنوك دون تخطيط سليم، أفضى إلى عجز العديد منهم عن سداد التزاماته البنكية، حتى أصبح الكثير من الأفراد مكبلين لا يستطيعون الإنفاق الأساسي لأسرهم، مبيّنةً أنّ العجز عن التحكم في عمل الموازنة المالية من أسباب انتشار ثقافة الاستهلاك وعدم الادخار، إضافةً إلى عدم الاهتمام بالثقافة العامة واللجوء إلى الشراء لتعويض النقص وعدم الثقة بالنفس، وكذلك محاولة مجاراة ما تفعله الطبقات الثرية والتشبه بها. ترشيد الأبناء وأوضحت "لمياء الجريس" -سيدة أعمال- أنّ تبصير الأبناء بأسس ترشيد نفقاتهم من سن مبكرة أمر ضروري يجب أن يعيه الوالدان؛ كي لا يقع الأبناء في جهل بثقافة الادخار من المال الفائض، حتى وإن كانت الأسرة تتمتع بوضع مالي جيد، فإن الإدارة المالية أصبحت مهارة ضرورية لا تقتصر على فئة معينة، في ظل تصاعد النمط الاستهلاكي الذي يعد طارئاً اجتماعياً وثقافياً، وضاغطاً على مجمل حياتنا المعاصرة، مشيرة إلى أنّ انعدام ثقافة الادخار من الأسباب المباشرة في خلخلة ميزانية الأسرة وانخفاض مدخراتها، وتفاقم مشاكلها المالية الذي يقر بغياب التخطيط السليم للمستقبل، وانعدام المسؤولية في جدولة الأولويات والأقل أهمية في التفريق بين الضروري وما يمكن الاستغناء عنه. تخطيط سليم وقالت "وجدان القحص" -المستشار الأسري في مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بحائل- إنّه ورغم التقدم الحاصل في الحركة بشتى الميادين، إلاّ أنّ ثقافه ميزانية الأسرة في الإنفاق تقف عائقاً، وتفقد الأسر ضرورة التوفير، حيث تظهر في نهاية كل شهر التفكير في طرق البحث عن المال، كالدين من الأصدقاء أو الشراء بالآجل من بعض المحال التي تربطهم بسندات قبض مؤجلة مع النسبة، وفي بعض الأحيان بضعف الثمن الأصلي فلم يجدوا سوى الديون ملجأً لهذا المأزق المالي في عدم التوفير والادخار، لافتةً إلى أنّه وبعد سنوات من العمل الجاد والتعب والتقاعد يجدون أنفسهم وجيوبهم خالية من ريال واحد ينفقونه على أنفسهم في فتره الراحة بعد سنوات العمل، مشيرةً إلى أنّ ميزانية الأسرة لابد أن تسير في تخطيط من المصدر المالي للأسرة، وأن تسير مصروفاتهم المالية في توازن بالإنفاق المالي. وأضافت أنّ الأسر الناجحة هي تلك التي تسعى إلى تخطيط ميزانيتها وتشرك أبناءها في التخطيط للميزانية المالية، واضعةً نصب عينيها الماضي المتمثل في الديون والأقساط، واللحظة الراهنة المتمثلة في الاحتياجات اليومية، والمستقبل الذي قد يأتي متمثلاً في بيت ملك ومدخر لهم وللأبناء. غياب ثقافة الادخار يؤثر على الأسر اجتماعياً واقتصادياً سلبية الاستهلاك في السوق ناتجة عن عدم التنظيم المالي للأسرة