دعا قرابة 500 حاخام اسرائيلي من مؤيِّدي الاستيطان والاحتلال أخيرا في مظاهرة حاشدة نظموها بالقدس الى محاربة تطبيق خارطة الطريق والتمرد على أوامر اخلاء البؤر الاستيطانية، واعادة بناء كل بؤرة يتم تفكيكها. جاء ذلك خلال الاجتماع الطارئ الذي عقدته هذه المجموعة المتطرفة من الحاخامات وكبار رجال الدين اليهود في مدينة القدس، حيث أعلنت رفضها القاطع لتطبيق خارطة الطريق، واعتبارها ان «الحكومة الاسرائيلية لا تملك أي تفويض بالاعلان عن قيام دولة أجنبية والتخلي عن اجزاء من «أراضي اسرائيل» للأغيار، وأن كل ما تفعله الحكومة بهذا الصدد يعتبر باطلاً باسم اسرائيل وباسم الشعب الاسرائيلي»، على حد ما جاء في بيان المجتمعين. وهاجم الحاخامون اخلاء البؤر الاستيطانية الاسرائيلية في الضفة الغربيةالمحتلة، ووصفوه ب«الأمر الرهيب الذي سيقود الى اقتلاع مستوطنات مزدهرة وتسليم أراضيها للعدو». وزعم هؤلاء ان التوراة تمنع الحكومة، بشكل واضح ومطلق، من اخلاء بؤرة أو مستوطنة. ودعوا الى «العمل بتفان من أجل منع اخلاء البؤر الاستيطانية واعادة اقامة وتوطين كل بؤرة يتم تفكيكها». وبادرت الى عقد هذا اللقاء مجموعة الحاخامين التي تطلق على نفسها اسم «اتحاد الحاخامين من أجل شعب اسرائيل وأرض اسرائيل» وهو تنظيم متعصب تأسس عام 1993. ويضم الاتحاد مئات الحاخامين الاسرائيليين من داخل اسرائيل ومن المستوطنات. وتحدث خلال اللقاء، الحاخام الرئيسي السابق لليهود الشرقيين، موردخاي الياهو الذي زعم ان هذه الأرض كلها تعود لليهود، وانه «لا يحق لأحد في العالم، سواء كان صغيراً أو كبيراً، حطاباً أو رئيس حكومة، التنازل عن حبة تراب من أرض اسرائيل». وبرأيه منح الرب هذه الأرض لليهود، ولكل حبة من ترابها قدسيتها. واعتبر الحاخام الرئيسي الأسبق، ميخائيل شبيرا «تسليم المناطق مخالفة خطيرة»! ودعا الى محاربة خارطة الطريق. وشن الحاخام العنصري حاييم دروكمان هجوما ساحقا على العرب وعلى الاتفاقيات الاسرائيلية الفلسطينية، متسائلا عما وصفه ب«العمى» الذي أصاب المسؤولين الاسرائيليين!! وزعم السكرتير العام لحركة «امناة» الاستيطانية، زئيف حبير (زامبيش)، ان الفلسطينيين في المناطق الفلسطينية يبنون «بؤراً استيطانية» أكثر من اليهود، وان «بؤر» الفلسطينيين تقام على الشوارع الالتفافية. ودعا الى شن معركة حكيمة لضمان الانتصار فيها!! أما حاخام مستوطنة الون موريه، وعضو لجنة حاخامي المستوطنات، الياكيم لافون، فقال انه يشعر بأن الأرض تحترق تحت أقدامه، و«ان اليهود لم يواجهوا، ابداً، ما يواجهونه من خطر، اليوم»!! واعتبر أحد الحاخامين، زلمان ملاميد، مقاومة الاخلاء في بؤرة «جبعات يتسهار» عملا مقدسا. وشن الحاخامون في بيانهم الختامي هجوما عنصريا على العرب الفلسطينيين، واصفين إياهم بالقتلة. وجاء في البيان «ان خارطة الطريق مخالفة للتوراة وسيؤدي تطبيقها الى تشكيل خطر على حياة كل اليهود، خاصة من يقيمون في بلدات متاخمة لبلدات العرب القتلة، كارهي اسرائيل وجامعي الاسلحة القاتلة». واعتبر البيان المتطرف ان «حق اسرائيل وشعبها في هذه الأرض هو حق أبدي». من جانبة أشار المعلِّق السياسي في صحيفة معاريف حامي شليف إلى خطورة قضية اخلاء البؤر الاستيطانية. وقال في هذا الصدد: «اخلاء البؤرة الاستيطانبة في جبعات يتسهار أو أي منطقة أخرى هو موضوع جيد للتصوير في شبكات التلفزيونات في أرجاء العالم، وقد منح رئيس الحكومة أرئيل شارون نقاطاً ثمينة لدى الادارة الأمريكية. والحديث هو عن حالة من العلاقات العامة التي تم اخراجها جيدا، حيث قام كل واحد بدوره كما يجب: شارون نفذ تعهده، الجيش نفذ الأوامر، والمستوطنون صرخوا عاليا واظهروا مقاومة جيدة. وفي نهاية المسرحية، وبعد انزال الستار، يعود كل الى بيته بانتظار الحلقة القادمة». ويقول شليف عن مسرحية اخلاء المستوطنة: «نعرف ان الحديث عن متتالية هندسية على حلقات، فمقابل كل بؤرة استيطانية يتم اخلاؤها سيقيم المستوطنون عشر بؤر اضافية تنضم فورا الى قائمة البؤر «غير المسموحة» والتي يجب ازالتها بأسرع وقت. كما سيتم بث هذا المشهد الاحتدامي «الأشقاء مقابل بعضهما» الى ما لا نهاية مع نسبة مشاهدة عالية تصل السماء، والجميع سيكونون راضين. هكذا يتم ضمان الانشغال المتواصل بمعالجة توافه الأمور والتغاضي عن الأهم». ويكتب المحلل السياسي «ان المشكلة الأساسية ليست هذه البؤر المعدودة على رؤوس التلال بل المستوطنات الكبرى التي انتجت هذه البؤر، وهي التي تشكِّل عائقا غير قابل للاجتياز على المدى البعيد، حيث تمنع اقامة التواصل الفلسطيني». ويضيف ان المستوطنات تشكِّل شوكة في الحلق حيث لا تريد حكومة شارون تركها خلف الجدار الفاصل من جهة لكنها لا تريد أيضا وضعها داخل الجدار الفاصل. ويضيف شليف ان هذه المستوطنات هي ثمار أعمال شارون قبل عشرين عاما حين كان وزيرا للزراعة وأقام هذه المستوطنات لايجاد وضع لا تراجع عنه وكي يمنع أي حكومة إسرائيلية من الانسحاب من جميع المناطق الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية. وفي نفس الموضوع ونفس الصحيفة كتب شلومو جزيت المحلل السياسي في صحيفة هاارتس عن اخلاء المستوطنات ويقول ان اخلاء البؤر الاستيطانية ليس الا مسرحية اعلامية يقصد منها شارون حصد المكاسب ليس إلا، مستشهدا بقيام المستوطنون الاسرائيليون ببناء عدد من البؤر الاستيطانية الجديدة الى الغرب من مستوطنة يتسهار، في الضفة الغربيةالمحتلة. وقالت مصادر اسرائيلية ان عائلة اسرائيلية وخمسة متدينين من احدى المدارس الدينية، استوطنوا البؤرة. وقال مسؤولون في مجلس المستوطنات المعروف باسم ييشع ان اقامة البؤرة جاء ردا على «تخريب بؤرة جبعات يتسهار» التي اخلاها الجيش أخيرا. والمعروف ان شارون، المعروف في المستوطنات بلقب «مؤسس المشاريع الاستيطانية» منح لوزراء المستوطنين والنواب المؤيدين لهم في الكنيست حرية العمل والبناء في المستوطنات، «شريطة ان يتم كل شيء بهدوء، وعدم الرقص والاحتفال كلما صدر ترخيص جديد» على حد تعبير شارون.!!!