أعاد اعتقال القوات الأمريكية لعبد حمود التكريتي السكرتير الشخصي لصدام الحديث حول مصير الرئيس العراقي المخلوع وما إذا كان ميتاً أو حياً وحول قدرة الولاياتالمتحدة على الوصول إليه اذا كان مختبئا في مخبأ سري، فالقبض على عبد التكريتي من وجهة نظر القوات الأمريكية يعني انها وصلت الى أقرب نقطة يمكن ان توصلها الى الرئيس العراقي أو معرفة مصيره وهو الأمر الذى تركز عليه القوات الأمريكية بعد القبض على أي من المطلوبين ال 55 الذين تحددهم الكوتشينة الأمريكية حيث يكون مصير صدام أو مكانه أو أي معلومات عنه هو أول ما تريد القوات الأمريكية معرفته من المعتقلين المدرجة أسماؤهم على اللائحة الأمريكية. والأمر هذه المرة يختلف فالمعتقل هو السكرتير الشخصى للرئيس العراقي وأمين سره ويعد أبرز شخصية في النظام العراقي السابق بعد قصي وعدي ولدي صدام وهو المطلوب رقم (4) على اللائحة الأمريكية وهو ما يعني ان الولايا ت المتحدة اقتربت كثيرا من صدام وأصبح لا يفصلها عنه سوى ولديه قصي وعدي. وهنا تبرز الكثير من التساؤلات التي تتعلق بعملية اعتقال سكرتير صدام أولها: هل اقتربت الولاياتالمتحدة بالفعل من صدام أو اذا صح التعبير من معرفة مصير صدام وهل آن الأوان لوضع حد للعديد من التكهنات والمعلومات المتضاربة حول ما إذا كان صدام حيا أو ميتا أو هرب الى الخارج أو مختبئا داخل العراق من خلال معلومات يمكن ان تحصل عليها أمريكا من عبد التكريتي المؤكد ان الولاياتالمتحدة نفسها أكثر شغفا لمعرفة هذه المعلومات وحتى يتم الكشف عنها سيظل السؤال حائرا هل مات صدام أم ما زال حيا وإذا كان حيا أين هو؟؟ نجا أكثر من مرة سبق لصدام حسين أن نجا خلال حرب الخليج السابقة عام 1991 وخلال القصف الجوي الأمريكي الذى جرى عام 1998 وفي كلتا المرتين كانت هناك تأكيدات بأنه قتل ثم عاد الحديث حول نجاته ولذلك زادت الشكوك حول إمكانية ان يكون قتل خلال القصف الأمريكي الأول في بداية الحرب أو القصف الأخير في حي المنصور وتحولت الشكوك إلى تأكيدات حول نجاته بل واحتمالات عودته أيضا. المعروف ان القوات الامريكية كادت ان تنجح عام 1991 في قتل الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين حيث تعرض موكب صدام الذي كان يسير في صحراء جنوبالعراق لعملية قصف أمريكية دقيقة حين أغارت مقاتلتا أف 19 على الموكب يوم 27 يناير في بدايات حرب الخليج الثانية غير ان صدام تمكن من النجاة بأعجوبة من الهجوم كما تمكن من النجاة من محاولة اغتيال أخرى بالقصف الجوي عام 1998. وفي بدايات الحرب الأخيرة ضد العراق وبالتحديد في 20 مارس 2003 قصفت القوات الأمريكية مجمع مزارع الدورة بصواريخ كروز وبالقنابل المدمرة للمخابئ الأرضية بعد ورود معلومات مؤكدة عن وجود صدام وأفراد عائلته وبعض معاونيه في المجمع في محاولة منها لإنهاء الحرب قبل أن تبدأ بالقضاء على صدام، إلا ان صدام نجا من المحاولة وسط شكوك حول إمكانية مقتله زالت تماما بعد ظهوره على شاشات التليفزيون يتجول في أحد أحياء العاصمة العراقية وسط عدد من مؤيديه أثناء الحرب ومرة أخرى فشلت محاولة التخلص من صدام حسين. والمحاولة الاخيرة لاغتيال صدام حسين كانت في عملية قصف حي المنصور التي سبقت سقوط بغداد المفاجئ ولعل هذا السقوط المفاجئ للعاصمة العراقية هو ما زاد الشكوك حول إمكانية مقتل صدام في هذا القصف إلا ان عدم صدور إعلان أمريكي رسمي عن ذلك طوال هذه الفترة أعاد الشكوك حول نجاته وكان صدام قد ظهر في شريط تليفزيوني بثته قناة أبو ظبي الفضائية وقالت انه مسجل في يوم 9 أبريل للرئيس العراقي في أحد أحياء بغداد أي بعد يومين من إعلان مصادر أمريكية أن صدام قد قتل وهو ما عزز الشكوك حول نجاته. أين صدام؟ ولأن احتمال مقتل صدام غير قائم حاليا أو تراجعت الشكوك بشأنه بعد ظهور عدة مؤشرات على وجوده حيا يبقى هناك احتمالان أولهما ان يكون الرئيس العراقي المخلوع لا يزال موجودا في العراق مختبئا أو أن يكون هرب الى الخارج إما بمخططه أو عن طريق صفقة. والاحتمال الثاني كما يقول المراقبون ليس مطروحا بقوة حيث لا تشير شخصية صدام إلى تفكيره في الهروب ولصعوبة ذلك وسط محاصرة وترصد الأمريكيين له والأرجح ان كانت فكرة خروجه من العراق صحيحة أن يكون ذلك تم بناء على صفقه سرية وأشهر ما قيل حول هذه الصفقة إنها تمت بين الأمريكيين وصدام حسين بوساطة روسية ويرصد المراقبون حول ذلك ملاحظتين أولاهما ان السفير الروسي كان من أواخر الشخصيات التي غادرت العراق بعد أكثر من أسبوعين من الغزو وانه لولا تعرض موكبه وهو في طريقه من بغداد إلى سوريا لعملية قصف قيل إنها تمت بالخطأ لما كان أحد قد عرف بمغادرته والثانية أن كونداليزا رايس مستشارة الأمن القومي الأمريكي زارت موسكو في نفس يوم خروج السفير الروسي من بغداد وعقدت لقاءات أحاطها الغموض مع كبار القادة الروس وهو ما أثار الشكوك حول حدوث صفقة أمريكية روسية لتهريب صدام من العراق. وبعيدا عن خروجه من العراق تذهب آراء كثير من المحللين الى احتمال وجود صدام مختبئا داخل الأراضي العراقية ويقول المحللون انه قد توفر لصدام حسين ما يزيد على عشر سنوات بعد حرب 1991 لإجراء الترتيبات اللازمة بنجاته وبقائه في حال دخوله في حرب مع أمريكا إذا ظلت مسألة بقائه تتصدر قائمة أولوياته. ويسود الاعتقاد بأن صدام بنى خلال العشرين سنة الماضية سلسلة متقنة من الأنفاق والمخابئ تحت الأرض وحول بغداد وعبرها يستطيع هو مساعدوه والقوات الخاصة التي تقوم بحمايتهم التحرك بحرية وهي أنفاق محصنة أمام الأسلحة الأمريكية وقيل إنها قادرة على تحمل انفجار بنفس قوة انفجار هيروشيما. احتمالات العودة ويرى المراقبون ان جميع تصرفات صدام ومعاونيه قبل الحرب كانت تؤكد انهم خططوا للعودة وان هناك معلومات نشرت حول نقل الكثير من أثاث القصور الفاخرة إلى مخابئ آمنة وكذلك مبالغ مالية طائلة مما يؤكد انهم وضعوا في حسابهم العودة بعد الحرب والإدارة الأمريكية نفسها صرحت على لسان بعض مسئوليها عن تخوفها من احتمالات عودة صدام أو أن يقود مقاومة شرسة ضد قوات الاحتلال من مخبئه وفي حين يرى محللون ان تجريد صدام من القوات المسلحة التابعة له يعني عدم فاعليته عسكريا مرة أخرى يرى آخرون انه من المحتمل ان يتسبب في مشاكل كبيرة أمام الجهود الأمريكية لادارة العراق بعد الحرب إذ ان غالبية العراقيين يخشونه تماما بسبب ارتباطه في أذهان الكثيرين بالانتقام القاسي والوحشي. وتتردد حاليا معلومات كثيرة حول أن يكون صدام حسين وراء عمليات المقاومة الشرسة في الفترة الأخيرة ضد القوات الأمريكية وتجري حاليا حملة عسكرية أمريكية موسعة تحت اسم (عقرب الصحراء) هدفها المعلن تتبع وملاحقة فلول النظام العراقي السابق واتباع صدام من أعضاء حزب البعث الذين تقول الولاياتالمتحدة انهم وراء عمليات المقاومة الأخيرة وقد أتاح الغموض حول مصير الرئيس العراقي الفرصة لاطلاق شائعات بعودته وهو ما أثار حمية البعثيين للقيام بعمليات المقاومة ضد القوات الأمريكية وكانت رسائل قد ظهرت مؤخرا على شبكة الإنترنت ونشرتها بعض الصحف منسوبة الى الرئيس العراقي السابق تدعو العراقيين إلى مقاومة الغزاة الأمريكيين والبريطانيين. الأمريكيون أنفسهم بدأ يفكرون جديا في إمكانية عودة صدام ولو من خلف الأحداث لإثارة المشاكل لهم وتشجيع المقاومة ضدهم ويقول المراقبون إنه إذا ثبت بقاء صدام حسين حيا في العراق فانه سيترتب على ذلك نتائج مهمة أولها اشتعال المقاومة ضد الاحتلال وتفجر الأوضاع وثانيها ان عملية تعقبه والوصول إليه ستكون الشاغل الأكبر للإدارة الأمريكية وستكون عاملا رئيسيا فيما سيحدث مستقبلا فمن الناحية السياسية سيواجه الرئيس بوش انتقادات واسعة من الذين يعتقدون انه تهاون في فرار أسامة بن لادن من أفغانستان من قبل وانه سيكون سببا في فرار صدام أيضا ولذلك لن يكون هناك خيار سوى تعقب صدام.