في لحظات صدق مع الذات.. كنت أخط سطراً.. وأمحو الآخر استشعرت ما يكتب على أديم الصحافة فأمسكت أناملي بالقلم.. واستهوتني فكرة صياغة قصة تحاكي الواقع المعاش فخرجت الحروف والكلمات تلو الكلمات من رحم قلمي.. لتولد لي قصة خيالية هادفة - من بنات أفكاري- تعمق لنا الكثير الكثير من مضامين الكلمة الهادفة وأهمية الإحساس بالكلمة وأمانتها وبالموروث الثقافي.. لقد تخيّلت للتو قصة خيالية.. لا أستبعد أنها وقعت أو أنها ستقع في مستقبل الأيام فعندما كنت أفتح صندوقي الصغير الذي يحمل «مجموعة من الأقلام» جال في خاطري قصة كاتب كبير توفي وخلّف لابنه صندوقا مقفلاً وعندما همّ الابن بفتح هذا الصندوق «وإذا به يفاجأ بأن الصندوق لايحمل إلا أقلاماً «ناشفة» جافة ومجموعة من قصاصاته لأوراق ومقالات هادفة كان أبوه قد كتبها قبل وفاته - وكان بداخل الصندوق ورقة صغيرة كان الأب قد كتبها لابنه ليقرأها عندما يفتح الصندوق وهو يتوقع ردة فعل ابنه ولسان حال الابن يقول: «أهذا ما تركته لي يا أبتي!!؟» ففقط مجموعة من الأقلام ووريقات عتيقة!!» وكان الأب قد كتب في هذه الورقة رداً على مثار استغراب ابنه المتوقع قائلاً: «نعم يابني.. أورثت لك الحرف والكلمة والقلم!! فالكلمة أمانة ومسؤولية فخذ قلمي.. وشق به عباب الورق.. ولا تكتب إلا ما يمليه عليك دينك -كتاب الله وسنة نبيك«عليه أفضل الصلاة والتسليم».واعلم أن كل ما تخطه يداك تجده مسجلاً قُيِّد بحف وملائكة يسجلون ويدونون ما تكتبه إن خيراً فخير وإن شراً فشر.. نعم.. احمل يابني عني القلم.. وادِّ فيه الأمانة من بعدي رحلتك يابني مع الورقة والقلم جد شاقة فتحسس خطواتك.. ولا تقفز قفزة واحدة لأن القفز قد يفضي إلى المخاطر!! * يابني ان القلم.. هو طريقك إلى البسمة الجميلة.. وإلى مخاطبة عقول الناس فاحترم القارئ ولا تشوه بفكرتك أو بأسلوبك إلى ردهات حروف كالكهوف!! * إن هذا القلم الذي خلفته لك يابني هو رسول المحبة إلى قرائك.. وسفير الكلمة إلى عالمك.. ذلك العالم المليء بالأحاسيس والمشاعر المتناقضة فقلمك يابني هو جسر التواصل بين قلبك وقلوب القراء.. أي بني: استشعر.. قيمة كلمتك.. ودورها الفاعل في حل قضاياك الاجتماعية.. * سجل بقلمك واحفظ عني قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل يتكلم بالكلمة لايلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا». * أي بني: إنك إن أسففت وامتهنت الكلمة واستخدمتها فيما لايرضي الله.. والله تلقى بها خسرانا مبيناً. * واعلم يابني: أن قلمك هو أنف ضميرك.. فمتى رعف قلبك كتب قلمك.. وليكن ما تكتبه يابني.. صدى لعقول من حولك من الناس لا من نزف قلوبهم وليكن ما تكتبه مقروناً بإحساسك بمسؤولية كل كلمة تكتبها!! هذه هي الكلمة يابني.. هي الجوهرة الثمينة وذلك الكنز الثمين الذي تركته لك.. فقيمتها في معناها يابني.. لافي رسمها.. فمتى نعي ذلك ونحس بمسؤوليتها.. بعد ذلك كان حري بك ان تتوخى الأمانة وأن تحمل عني هذه الراية. * أي بني: احذر أن يكون قلمك أسيراً لتقلبات مايحدث من حولك من زفرات وجرات أقلام أخرى!! ،لا تقذف بسهام قلمك.. ولا ترشق حبر قلمك كيفما شاء.. ومتى شاء!! فتحسس خطواتك واغتنم فرص الكتابة!! وليكن لقلمك شخصيته كما لك شخصيتك.. التي تعتد بها!! * يابني: اتق الله فيما تكتب.. واكتب من منطق عقلك لا ما تمليه عليك عواطفك وميولك.. إذن حكِّم عقلك عند حكمك على مايعرض عليك من ظروف الحياة وأمورها. * واعلم يابني: أنك تكتب لأجيال مازالت تبحث وتفتش عن أرض قوية وصلبة لتقف عليها في هذه الساحة المتعددة الثقافات وأنت تصارع أقلاماً.. فيها الصفحات تغدو كحلبة مصارعة أو كمعركة تتقارع فيها السيوف!! فاجعل نصوص القرآن والسنة درعك الواقي الذي تتقي فيه شطحات الأقلام! * أي بني هذه وصيتي إليك.. فوالله ماكتبتها إلا خوفاً عليك لما علمت من شغفك بالقراءة وحبك الكتابة - وماكتبتها والله إلا لإحساسي بمسؤولية الكلمة» ولانصراف بعض المتعالمين معها من إعطائها ولو جزءاً من حقوقها علها تقف قوية صارخة على أرض الواقع المحسوس ويحقق جزءاً من أهدافها السليمة. * وختم الأب وصيته هذه بالبيتين التاليين: وما من كاتب إلا سيفنى ويبقي الدهر ماكتبت يداه فلا تكتب بكفك غير شيء يسرك في القيامة أن تراه * وبعد ان قرأ الابن وصية أبيه فاضت عيناه بالدموع حتى سالت على وجنتيه وبكى بكاء مريراً حتى إنه أخذ ينشج بالبكاء.. من صدمة هذا الموقف.. وعبر هذه الوصية.. وأخذ يترحم على والده إلى أن أخذ على نفسه العهد بتنفيذ وصية والده.. وأخذ ينكب على الكتب.. ويقلب الصفحات تلو الصفحات ويشحذ الحلم.. من بطون الكتب.. ويتصل بكبار العلماء والمثقفين والكتاب وينهل من خبراتهم.. حتى أصبح كاتباً كبيراً كأبيه.. وافتتح مكتبة كبيرة باسم أبيه يرتادها المثقفون من أبناء المدينة!! * عفواً أحبتي ما هذه الأسطر.. إلا نتاج خيال عابر حال في خاطري فأحببت صياغة قصته!! واعذروني إن شط قلمي أو قصرت في صياغة الهدف.. فماهو إلا خيال عابر آل إلى أمر هادف.. لحظة أحسست بانصراف المتعاملين مع الكلمة عن جزء من حقوقها.. واستشعار أمانتها.. [email protected]