يحذر إخصائيو النفس وتربية الأطفال.. الآباء والأمهات.. من مخاطر وتأثيرات مشاهد العنف التي قد تطغى أثارها على سلوك الطفل وتصرفاته إلى درجة مطالبتهم بإجبار الطفل وحرمانه من رؤية مثل هذه المشاهد.. وعدم التنازل عن هذا الأمر.. تحت ضغط الدموع.. وكلنا يعرف.. بأن مثل هذه المشاهد.. لا تتوافر للطفل رؤيتها إلا عن طريق الأهل أنفسهم.. وما يحدث من تجاوزات لبعض الآباء.. أو من خلال وسائل الإعلام.. المقروء منها الذي قد يقل تأثيره عن شقيقتها المرئية. لم نكد نصحو.. من أزمة وأدمان اطفالنا.. لعائلة البيكمون.. بعد أن بلغ تعلقهم بها مبلغاً غريباً عجيباً.. حتى وقعنا بنوع آخر من الأزمات.. وهي أزمة ألعاب الفيديو (البلاي ستيشن).. التي جعلتنا نترحم على أيام البيكمون. فهذا السحر الجديد.. لم يقتصر هوسه على الأطفال فقط.. بل تعداه وتمكن من الكبار ايضا.. فلا يكاد يخلو مجلس للشباب من منها.. بل لا يكاد يخلو حديث لبعضهم.. من معرفة والتعرف على جديدها.. بل وصل هوسها إلى إنشاء مواقع وصفحات على الشبكة المعلوماتية (الإنترنت) تختص بأسرار ألعابها.. وفك شفرات تحدياتها. هذا بالنسبة لمختصر الكبار.. وليسوا هم مشكلتنا (على الرغم من أنها مشكلة لبعض الزوجات). إنما منبع قلقنا ومصدر حرصنا هو أطفالنا.. من أبناء.. وأخوان.. وأبناء أخ.. وأبناء أخت. فلسوادهم الأعظم.. أصبحت هذه الألعاب مأكلهم ومشربهم.. ولكثيرين منهم تحولت الانتصارات بها لأقصى طموحهم الطفولي.. دون تمييز لسن عشقاقها من الأطفال.. حتى أبناء السنة الثانية من العمر.. أصبحوا يحاكون ويتتلمذون على يد إخوتهم الأكبر سناً. ويكفي ان تستمع لحديث أطفال فتسمع العجب العجاب.. حتي تظن أن هذا الطفل.. يدرس في مدرسة أجنبية لجودة نطق المصطلحات ومسميات أبطال بعض الألعاب.. على الرغم من أنه لم يبلغ سن الدراسة!! بل قد تسمع مصطلحات.. تجبرك على استعمال حسك الفكاهي.. لتتخيل ان المتحدث بجانبك (مجرم) صغير.. أو (قاتل). مطارد .. «قتلته».. «فجرته».. «قتلوني».. وهذه الكلمات.. ان لم تقتصر خطورتها على سنوات الطفل.. قد تتعداه إلى تهمة الإرهاب.. تيمناً مع موضة هذا العصر!! العاب الفيديو.. لكثير من العائلات أصبحت حبل النجاة.. للتخلص من مشاكسة طفل.. أو أزعاجه.. ولبعض الأباء.. أصبحت جزرة المساومة لحل الواجبات الدراسية.. أو المنزلية.. هذا بالنسبة للجانب الإيجابي.. لكن ماذا عن السلبي؟ كثير من العائلات للأسف.. لا يعرف مضمون هذه الألعاب.. ولا ما تحمله بين طياتها.. وكثيرون لا يساهمون حتى في اختيارها وشرائها.. ويكتفي بإرسال الطفل مع السائق لإدخال ما قد يندم على إدخاله لبيته.. معتمدا على حرص.. ورقابة الجهات المسؤولة.. التي لا نعرف بالضبط من هي؟.. هل هي وزارة الإعلام.. أم هي وزارة التجارة؟ متناسياً أنها مسؤوليات موزعة.. يكون فيها المنزل طرفا أساسياً.. دون تبرئة الجهات المسؤولة منها. هل يعلم كثير من الآباء والأمهات ان بعض هذه الألعاب هي عبارة عن مشاهد عنف من أولها لآخرها؟ وأن اللعبة في بعضها أساساً هي لعبة قتل ومطاردة باستخدام جميع الأسلحة.. ومن ضمنها السكاكين المتوافرة كثيراً في مطابخنا؟ وهل يعلم كثير منهم.. ان بعض ألعابها يدخل فيها (الجنس) كمرحلة من مراحلها؟ البعض قد يظنها مبالغة.. ولكنها للأسف هي الواقع بعينه.. وهذا ما شهدته بنفسي.. في إحدى مراحل اللعبة.. وعندما كان ابن أختي ذو الستة أعوام مستغرقاً بها باعتباره بطلها.. وبعد ان نال منه اعداؤه فيها.. وأثخنوه بالجراح.. كان يجب عليه أن يقوم بتصرف تفرضه اللعبة أو يموت البطل.. وهو ركوب سيارة والتجول بحثاً عن فتاة لإركابها داخل السيارة.. ثم التوجه لمكان منعزل.. تهتز فيه السيارة لعدة دقائق.. ليعود مؤشر (الصحة) الى قوته ليستطيع مواصلة القتال.. ولو أغفلنا كل هذه المؤثرات.. من (عنف) و(جنس).. وغيرها مما نجهله.. وسلبياتها على اخلاقيات وسلوكيات الطفل.. هل سنغفل عن سلبياتها على نشأة الطفل ومستقبله؟ ألن تنشئ هذه الألعاب جيلاً خاملاً.. مفرطاً مضيعاً.. فاقداً للشعور بأهمية الوقت.. في ظل جلوسه لساعات طوال أمامها؟.. ليضيف لمآسي جيلنا الحالي ومشاكله ما لا ينقصه. مثل هذه الألعاب من سمح بدخولها للمنزل؟ بل من سمح بدخولها للوطن؟ أين ضمير التاجر؟ أين دور الرقابة على مثل هذه المصنفات؟ هل يكتفى بصورة الغلاف؟ أم تنبش لمعرفة مضامينها من قبل المسؤولين عن إدخالها؟ وبفرضية عدم مرورها على أجهزة الرقابة.. ألا تحدث عمليات تفتيشية لأدراج المحلات وما تحمله؟ أم يكتفى بنزاهة البائعين والاعتماد على ضمائرهم وشكاوى الأباء؟!! والسؤال الأهم.. هل ستعتبر مضامين بعض هذه الألعاب مشكلة أم سننتظر حتى يصدر لنا من خلالها كيفية تعاطي المخدرات وحقن ابرها؟؟؟!! [email protected]