* س: - العلم سمة جليلة مُهمة في الحياة يحتاجه كل أحد خاصة العلماء ومن في صفتهم وحالهم لبذل المزيد من الاجتهادات في جميع نواحي العلم فماذا ترون «اليوم» عن: «مسؤولية الجامعات والهيئات العلمية وذلك نحو تأصيل العلم وبسطه» ليكون هذا باباً نحو: الحاجة إلى العطاء المبدع أفليست: الجامعات والهيئات العلمية والعلماء أحق من سواهم بمثل هذا أداءً لحق مهم؟ عبدالله م.م.م «الأفلاج» * ج: - العلم موهبة ربانية يكون من شأن صاحبه السَّمت والصّمت وحسن الخلق ووعي الرواية والدراية مع سابق تأمل طويل وتقوى وورع في إدراك وضبط أمر الولاء والبراء على كل حال يكون عليها العبد. وإني إن شاء الله تعالى أجلب من نوادر الصيد ما قيده الغير ولم يصده صاد ولم يرده راد إلا إن كان صاده وراده حقيق بضبط ما أراد الله تعالى ونبيه صلى الله عليه وسلم من خير دائم لا يزول لهذه الأمة التي تنظر الحوض وحافته وحرفه ورفه وجمه وطمه على سبيل يزول معه ادعاء المدعى وصياح الصائح، وزعيق من زعق على غرار الصوت المنكر نهى عنه المنزل في سطور تتلى إلى يوم البعث. والعلماء كل في تخصصه وذو المكانة من كتبة التاريخ والنقد واستخلاص المقاصد من الآثار واستنتاج الحكم من النفس هو أحوج ما يكون إلى ما سوف أورده من صيد قيدته بقيد، قيده قبلي ولم يزل عفناً طرياً من أجاد السبق ورام العبق وسدد بيراعه ناجيات الطرد. ما أكتبه هنا للعلماء والمؤرخين وذوي البحث والدرس إنما كتبته على حال حرص شديد ان تهلك هذه الأمة بضعف الهمة أو قصور النية وتقصيرها بيد آن وآن. ما أدونه هُنا حريٌ بمطالعه ان يدركه ويحوطه بناهض حي دائم من قبض متين حي لعله ينجو ولا أخاله من سوء فهم أو تقصير تجاه نص آخر وآخر ناه وهو بينهما بين بين إلا من شاء الله، وهل تدرك الجنة والنجاة من الحساب إلا بقلب سليم وعمل صواب يدور هذا ويدور ذاك بين سداد فهم ووعي حقيقة النص ودلالة مراد الولاء والبراء في حال يقظة تامة من سبيل جيد حينما يُقدَّمُ العقل على العاطفة وحيل النفس وتأويلاتها وخبث الهوى، وما ادراك ما الهوى..؟!! هنا إذاً مربط الفرس، وها أنذا أبدأ من سفر سفير وطرس نمير وعلم جليل جهير ومعنى هدير، لعل وعسى وهما نافعتان بإذنه وفضله وجوده، جاء في «تدريب الراوي» من طبع سنة «1385ه» مما خطه اليراعان الكبيران: «النووي والسيوطي» وقد بذل الأخير جهده لمراد الأول تحريراً وتفسيراً جاء في ص63 مما يهم أصول ضبط الآثار بضبط حالات الموصل إليها جاء هناك: «الصحيح وهو ما اتصل اسناده بالعدول الضابطين من غير شذوذ ولا علة» قال ابن لحيدان ذكر السيوطي في ص63 وما بعدها توجيها مُحرراً يوقف عليه يلازمه فمحرر قوله فقال: «أي بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه». وعن الشذوذ والعلة قال: «فخرج بالقيد الأول المنقطع والمعضل والمعلق والمدلس والمرسل، وبالتالي ما نقله مجهولُ عيناً أو حالاً أو معروف بالضعف، وبالثالث ما نقله مُغفل كثير الخطأ». لا جرم فقيام أحكام الشرع وآدابها وقيمها وأخلاقها وسير التاريخ والأخبار والحوادث وما شابه ذلك ما بين سنة «1ه حتى 300ه» لابد ان يستند إلى أصل سالم صحيح من كل فادح ومعارض وكلام النووي والسيوطي هذا جزء مما أراده إذ لولا ما يكون من السند لكتب المؤرخون وصُنَّاعُ النقد والأدب وكرر العلماء المسائل وافتوا فيها بعموم مما يقع بين أيديهم من أسفار الأولين التي رُسم فيها الضعيف والمنكر وما لا أصل له لكن السند في أمة الإسلام ركن لا يتحول لصحة المتون، فلابد من صحة سند الرواية الدالة على حكم شرعي قولي أو فعلي أو حكم روائي من واقعة أو حدث أو غزوة أو سرية أو سيرة، لابد من هذا، ولا يحسن القول بالتساهل في روايات التاريخ والسَّير كلا فإن السيرة ومعرفة التاريخ وما كان مِنهما كيف نثبت الحق.. أو نثبت ما كان دون سند صحيح. إننا فيما نتساهل في التاريخ والاخباريين يفتح باب «سد الذرائع» على مصراعيه ويكون الكذب من خلال ضبط الآثار من هنا وهنا، فلابد إذاً من كون السَّند صحيحاً حسب الشروط التي ذكراها. ومن يتأمل ذلك يجده هو: الحق ولا محيص، ولو ان نفرا ما كُذب عليه أو عليهم أو زيد أو نقص بما كان له لحصل من ذلك النفر الجزع خاصة والفرية أو الزيادة أو النقص شر مستطير، ونظرة متأملة لكن حرة عادلة عاقلة في كتب: مروج الذهب، والأغاني، ومقاتل الطالبيين وخاص الخاص وسواها نظرة واحدة متأملة تعطيك حقا لكن الحق هذا جاء بحيلة نفسية مُروعة، طراوة طرح وجودة رواية وحبك لفظ وسبك عبارات متتالية لكنك إذا ما عدت إلى الأسانيد في أصولها وجدت الأفاعي وان لانت ملامسها ففي أنيابها العطب لابد إذاً من السند. وحرر السيوطي مسألة علمية فيما بين ص73 حتى ص77 في نظر «الجدل العلمي» بمطارحة الحاصل على غرار يكون يقول رحمه الله تعالى في حال «خبر الواحد»: «وقال أبو علي الحيائي من المعتزلة: لا يقبل الخبر إذا رواه العدل الواحد إلا إذا انضم إليه خبر عدل آخر، أو عضده موافقة ظاهر الكتاب، أو ظاهر خبر آحاد، أو يكون منتشراً بين الصحابة، أو عمل به بعضهم». ثم قال في نظر حججهم: «وللمعتزلة في رد خبر الواحد صحيح منها: قصة ذي اليدين، وكون النبي صلى الله عليه وسلم توقف في خبره حتى تابعه عليه غيره، وقصة أبي بكر حين توقف في خبر المغيرة في ميراث الجدة حتى تابعه محمد بن مسلمة وقصة عمر حين توقف عن خبر أبي موسى في الاستئذان حتى تابعه أبوسعيد»: ثم هوينا حسن ما لازمه التنبيه إليه من قبل «العلماء والباحثين وطلاب العلم وأهل السير ورواة الأخبار» قال: «وأجيب عن ذلك كله: فأما قصة ذي اليدين فإنما حصل التوقف في خبره لأنه أخبره عن فعله صلى الله عليه وسلم، وأمر الصلاة لا يرجع المصلي فيه إلى خبر غيره، بل ولو بلغوا حد التواتر. وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم رسله واحدا واحدا إلى الملوك ووفد عليه الآحاد من القبائل فأرسله إلى قبائلهم، وكانت الحجة قائمة بإخبارهم عنه مع عدم اشتراط التعدد. وأما قصة أبي بكر فإنما توقف إرادة الزيادة في التوثق وقد قبل خبر عائشة وحدها في قدر كفن النبي صلى الله عليه وسلم. وأما قصة عمر فإن أبا موسى أخبره بذلك الحديث عقب إنكاره عليه رجوعه، فأراد التثبت، وقد قبل خبر ابن عوف في أخذ الجزية من المجوس، وفي الرجوع عن البلد الذي فيه الطاعون، وخبر الضحاك بن سفيان في توريث امرأة اشيم، قلت «السيوطي»: «وقد استدل البيهقي في المدخل على ثبوت الخبر بالواحد بحديث «نضّر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها فأداها» وفي لفظ: «سمع منا حديثا فبلغه غيره»، وبحديث الصحيحين: «بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ أتاهم آت فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل الله عليه قرآنا، وقد أمر ان تستقبلوا الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى: الشام فاستداروا إلى الكعبة. قال الشافعي: فقد تركوا قبلة كانوا عليها بنجر واحد ولم ينكر ذلك عليهم صلى الله عليه وسلم، وبحديث أنس: «إني لقائم أسقي أبا طلحة وفلانا وفلانا إذ دخل رجل فقال: هل بلغكم الخبر..؟ قلنا وما ذاك..؟ قال أهرق هذا القلال يا أنس. قال فما سألوا عنها ولا راجعوها بعد خبر هذا الرجل وبحديث ارساله عليا إلى الموقف بأول سورة براءة وبحديث يزيد بن شيبان كنا بعرفة فأتانا ابن مُربع الانصاري: فقال إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم يأمركم ان تقفوا على مشاعركم هذه» إلخ ما ورد في التدريب من هذا النقاش العلمي بأدلته المادية الجياد، ثم في ص81 وما يليها يُبين حقيقة ضبط الأمانة في نظر السند وتأصيل سبيل قائم يحتاجه ولابد العلماءُ والمفتون ونحوهم وكذا من يكتب: «التاريخ والسير والوقائع يقول: «قال حجاج بن الشاعر املح الأسانيد شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب يعني عن شيوخه، هذه عبارة شيخ الإسلام في نكته، وعبارة الحاكم: قال حجاج اجتمع احمد بن حنبل وابن معين وابن المديني في جماعة فتذاكروا الأسانيد» ص82. وهذا لعظم الإسناد في صحة وضعف الآثار فإن العلم حقيقة في العبادات والمعاملات مما ورد فيه نص لابد ان يكون السند الموصل إلى ذلك النص صحيحا تام الصحة من كل وجه ولهذا تحفز كبار العلماء مثل أحمد بن حنبل وابن معين وابن المديني إلى نظر السند لكل اثر يرد ووقفوا حيال ذلك مع جماعة من كبار العلماء في بلاد الإسلام وقفة جليلة لعلمهم ان السند لولاه لقال من شاء ما شاء فيدخل الكذب والتزوير والتزييف والباطل وصناعة اللفظ وتأليف الكتب والروايات ظلماً وزوراً ومن أجود ما جاء هذا الكلام كما في ص143 قال: «السادسة من مسائل الصحيح: «من رأى في هذه الأزمان حديثاً صحيح الاسناد في كتاب أو جزء لم ينص على صحته حافظ معتمد في شيء من المصنفات المشهورة، قال الشيخ ابن الصلاح: «لا يحكم بصحته لضعف أهلية هذه الأزمان» قال: لأنه ما من اسناد من ذلك إلا ونجد في رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابه، عُرياً عما يشترط في الصحيح من الحفظ والاتقان، قال في «المنهل الروي»: مع غلبة الظن أنَّهُ لو صح لما أهمله أئمة الأعصار المتقدمة لشدة فحصهم واجتهادهم» قال ابن لحيدان: هذا في زمن ابن الصلاح قبل مئات السنين فكيف بحال هذه الأزمان التي طغا فيها لغة الصحف والسوق وركاكة اللفظ وضعف معرفة عمل الجوازم والنواصب والجار بالمجاورة والإضافة ونحوها، ثم بالله كيف حال كثير من الكتب في: تقرير الأحكام والسير والأخبار والمعرفة والتاريخ، ولعل من أطم ذلك كذب: الروايات التمثيلية والقصص والمسرحيات تلك التي تتناول سادة هذه الأمة وكبار علمائها خلال القرون الثلاثة المباركة لقد عانيت وغيري كذلك من غير نكير كثيراً من اسفار حُشيت: بقال، ويقول، وان، وعن يحكون عن النبي صلى الله عليه وسلم أو يروون عن صحابي أو صحابية فإذا ما عدنا إلى أصول الروايات من كتب العلم الصحيحة وجدنا الكذب والضعيف وما لا أصل له. بل وزاد الطين بلة سخافة طرح الصحيح من: الآثار تحت النظر العلمي بحجة النظر المادي وما يقبله العقل وما يدري هذا وما يدري ذاك: انهما يجهلون حقيقة علم السند والأسانيد والمسانيد بل ويتساءلون عما يراد بالمدلس الخفي وتدليس الشيوخ والاسناد والصيغ والعطف والمرسل الظاهر والخفي والمعضل والمعلق والمنقطع والموقوف والمبهم والمزيد والشاذ. هذا علم قائم بذاته قصر عنه أقوام عظام لما رأوا عمقه وموهبته ووعورته وخشونته وفحولته وطرة وقرة وعرة فكيف بالله بغر يسلك سبيل الخطاب المباشر والطرح الانشائي والنقد الثقافي ومعالجة الآثار والأدب بسطو شائن وفهم ردي وتعالم بيِّن هل بان الأمرُ إذاً لينجو: الحر المعترف بخطئه: نجا الخفيددِ. ولتكتمل الصورة بسبر جاد لادراك المرام مما يُرام يقول «السيوطي» في ص179 من كلام مثمر لا يبور: (النوع الثالث الضعيف وهو ما لم يجمع صفة الصحيح أو الحسن) جمعهما يقول السيوطي عن «النووي»: «جمعهما تبعا لابن الصلاح، وان قيل: إن الاقتصار على الثاني أولى، لأن ما لم يجمع صفة الحسن فهو عن صفات الصحيح أبعد، ولذلك لم يذكره ابن دقيق العيد، قال ابن الصلاح: وقد قسمه ابن حبان إلى خمسين إلا قسما، قال شيخ الإسلام: ولم نقف عليها، قال ابن لحيدان: بل هي معروفة من طرائق قددا مبثوثة منثورة في جملة من كتب العلم من مصنفات الضعيف وسواه». ثم هو يورد أمثلة على أوهى الأسانيد فهو ينقل عن الحاكم ليقول: فأوهى أسانيد: الصديق صدقة الدقيقي عن فرقد السبخي عن مرة الطيب عنه، وأوهى أسانيد أهل البيت: عمرو بن شمر عن جابر الحبني عن الحارث الأعور عن علي رضي الله تعالى عنه. وأوهى أسانيد العمرين: محمد بن عبدالله بن القاسم بن عمر بن حفص بن عاصم عن أبيه عن جده فإن الثلاثة لا يحتج بهم. وأوهى أسانيد أبي هريرة: السري بن اسماعيل عن داود بن يزيد الأودي عن أبيه عنه. وأوهى أسانيد عائشة: نسخة عند البصريين عن الحارث بن شبل عن ام النعمان عنها. وأوهى اسانيد ابن مسعود: شريك عن أبي فزارة عن أبي زيد عنه. وأوهى أسانيد أنس: داود بن المجد عن قحذم عن أبيه عن ابان بن أبي عياش عنه. وأوهى أسانيد المكيين: عبدالله بن ميمون القداح عن شهاب ابن فراسن عن إبراهيم بن يزيد الحوزي عن عكرمة عن ابن عباس. وأوهى اسانيد اليمانيين: حفص بن عمرو العدني عن الحكم بن ابان عكرمة عن ابن عباس،.. قال البلقيني فيهما لعله أراد إلا عكرمة، فإن البخاري يحتج به، قلت: لا شك في ذلك. وأما أوهى أسانيد ابن عباس مُطلقا فالسدي الصغير محمد بن مروان عن الكلبي عن ابي صالح». ثم قال الحاكم «يقول صاحب: التدريب»: وأوهى اسانيد المصريين أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين عن ابيه عن جده عن قرة بن عبدالرحمن عن كل من روى عنه فإنها نسخة كبيرة. وأوهى أسانيد الخرسيين: عبدالرحمن بن مليحة عن نهشل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس. وأوهى أسانيد الشاميين: محمد بن قيس الصلوب عن عبيد بن زمر عن علي بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة. وجاء في ص198 قال شارحاً: «ثم المرسل حديث ضعيف» لا يحتج به «عند جماهير المحدثين والشافعي» كما حكاه عنهم مسلم في صدر صحيحه، وابن عبدالبر في التمهيد وحكاه الحاكم عن ابن المسيب ومالك «وكثير من الفقهاء وأصحاب الأصول» والنظر للجهل بحال: المحذوف لأنه يتحمل ان يكون غير صحابي، وإذا كان كذلك فيتحمل ان يكون ضعيفاً وان اتفق ان يكون: المرسل لا يُروى إلا عن: ثقة فالتوثيق مع الابهام غير كافٍ، ولأنه إذا كان المجهول المسمى لا يقبل فالمجهول عينا وحالاً أولى» جملة قليلة هنا عن المرسل تُبين انه أمر غاية في أهمية وركنية علم السند على كل حال، وكل نوع من أنواع الأسانيد له ضوابط وشروط وصفات فهل يُطرح هذا العلم بحجة تحكيم العقل ليدخل كل: هوى/ وزيغ/ وبدعة/ ورأي مجرد/ وحكم نفسي/ ونظر عجول.. كلا، الأمر بداهة: أمانة وشريعة ومسؤولية تحتاج إلى الحذر من التساهل بايراد كل ما هب ودب من أثر وقول ورأي وميل ونظر، وإذا كان: «المرسل» مثلاً أو المعضل أو المعلق أو المنقطع كل واحد من هذه الانواع له حد وتعريف وضابط وحال وشرط فإن معنى هذا عظم هذا الأمر العلمي الذي من جهله عاداه واخفاه ورماه، ولهذا تجد من يستشهد بروايات كثيرة يظلم بحذف السند أو بايراده دون علم منه بحقيقة هذه الرواية، وهذا أمر جليل الخطورة ان يكون المحققون وبعض العلماء والمؤرخون وأهل التحليل والنقد والأدب لا يدركون حال راو من الرواة ليحكموا على ما ينقلونه مثلاً من: مروج الذهب أو الأغاني أو العقد الفريد أو مثلاً: البحر الزحار أو حاشية ابن عابدين أو المبسوط أو صدر الشريعة أو الموافقات: للشاطبي أو الأحكام: للآمدي.. إلخ.. ونحوها من أسفار كثيرة مختلفة. ثم هو يقسم المراسيل على البلدان في الجملة يقول بعد سبر وافقه عليه غيره وسبقه إليه آخرون «الثامن «وهو يحكي عن الحاكم» قال الحاكم في علوم الحديث: أكثر ما تُروى المرسيل: من أهل المدينة/ عن سعيد بن المسيب. ومن أهل مكة/ عن عطاء بن أبي رباح. ومن أهل البصرة/ عن الحسن البصري. ومن أهل الكوفة/ عن إبراهيم بن يزيد التيمي. ومن أهل مصر/ عن سعيد بن أبي هلال. ومن أهل الشام/ عن مكحول». وهذا بيان في حال ما إذا مر حديث مرسل كيف يكون موقف العالم والمؤرخ والباحث والدارس..؟ لأن مجرد النقل إنما هو مرض خطير تتهاوى بسببه المواهب وتزول «لا تضعف» الهمم، والمراسيل هذه ليست هي كلها لكن هذه أشهرها عن هؤلاء العلماء الكبار فوجب أيضاً نظر كل سند بدقة وعلم وفهم وسؤال ومطارحة، لذوي العلم المكين والفهم العميق ولن تعدم الأمة منهم أبداً إن شاء الله تعالى، وقال بعد أن عدد أنواعاً كثيرة مما يجب نظره إلى ص223: «النوع الثاني عشر/ التدليس/ وهو قسمان بل ثلاثة أو أكثر كما سيأتي «كذلك قال السيوطي» على النووي: الأول تدليس الإسناد بأن يروي عمن عاصره زاد ابن الصلاح أو لقيه «ما لم يسمع منه» بل سمعه من رجل عنه «موهماً سماعه» حيث أورده بلفظ يوهم الاتصال ولا يقتضيه»، قال ابن لحيدان والتدليس معيبة عظمى بسببه زلت الأقدام ودخل الكذب في بعض الروايات، وهو أنواع كثيرة لعلها تصل إلى عشرة كنت بينتها في غير هذا المكان، قلت/ والثاني الذي يُريده السيوطي هو: تدليس الشيوخ وهذا كذلك أنواع: وفي ص227/228/229 يُبين الإمام السيوطي حال المدلسين ليَحذرَ منهم ومن رواياتهم العلماءُ والمحققون والباحثون كافة يقول: «الأول/ قوم لم يُميزوا بين ما سمعوه وما لم يسمعوه. الثاني/ قوم يدلسون فإذا وقع لهم من ينقل عنهم ويلج في سماعاتهم ذكروا له،. الثالث/ قوم دلسوا عن مجهولين لا يدري منهم. الرابع: قوم دلسوا عن قوم سمعوا منهم الكثير وربما فاتهم الشيء «عنهم» الكثير. الخامس: رووا عن شيوخ لم يروهم، وبتتبع حال ما جاء هنا وما رصده كبار العلماء ابتداءً من القرن حتى الثالث حيث انقطاع ومن الثالث إلى العاشر من القرون حيث التقعيد والشرح والبسط والبيان وبالنظر إلى حال كثير وكثير جداً من المصنفات والرسائل والدراسات والتحقيقات الشخصية وسواها نجد وايم الحق ضرورة المراجعة لكثرة ما يكون فيها من الخلط بين الحكمة والمثل والحديث وما يكون فيها من عدم التفريق بين الحسن لذاته والحسن لغيره وما يكون فيها من الآثار الضعيفة والآراء المرجوحة وما يكون فيها كذلك من عدم تحرير ما يحتاج إلى بسط وتحليل مثل قول: أصح القولين في المسألة هذا ما ذهب إليه الجمهور. هذا هو: الصواب. هذا ما حققه أهل العلم. هذا هو: الراجح. هذا: محل إجماع. نجد هذا.. كثيراً.. دون بسط وبيان مع الدليل أو التعليل، خاصة والناس اليوم يقرؤون وكثير منهم يحيط خبراً بما يجب اتمامه وبسطه من مثل ما ذكرت وان على الجامعات وكلياتها العلمية والهيئات العلمية والمؤلفين والمحققين وكتبة التاريخ والأدب نظر هذا النقص الذريع الذي لعله ان دام أصبح أمراً طبيعياً بسببه يغيب: التأصيل ويسود النقص ويطغى الإنشاء والخطاب المباشر بدلاً عن البحث العلمي بدليله الصحيح أو تعليله السليم من الخطأ ولعل الجامعات أولى من غيرها في نظر هذا الأمر المهم في حين مثل هذا الحين الذي يتطلب وضعه: صحة النظر بدليل سليم ونظر سليم وبسط حسن وتأصيل متكئ على علم متين دون مجرد الحفظ الذي وان كان ذا فائدة إلا انه لا يُغني أبداً عما هو أجل وأعظم. وكذا الحال بالنسبة للهيئات العلمية الرسمية والمستقلة ولعلماء فإن دورهم ذو أهمية بالغة جداً في التأصيل وتجديد الاجتهاد في النص.