سارع وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد إلى نفي ما تردد بقوة من أنباء في واشنطن خلال الايام القليلة الماضية عن أن الرئيس الأمريكي جورج بوش سوف يعين مسؤولاً جديداً للادارة المدنية الأمريكية في العراق ليحل محل الجنرال المتقاعد جاي غارنر الذي يوصف بأنه صديق لرامسفيلد وتربطه علاقة وثيقة بإسرائيل. وكانت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية قد ذكرت أن الرئيس الجديد المنتظرلما يسمى بمكتب إعادة التعمير والمساعدة الإنسانية وهو الاسم الذي يطلق على حكومة الاحتلال الأمريكية في العراق هو الدبلوماسي السابق بول بريمر الذي يوصف بأنه من ممثلي التيار المحافظ في أمريكا أيضاً. وقال مسؤولون أمريكيون للصحيفة ان بريمر سيتولى تشكيل الحكومة المؤقتة بينما سيتولى الجنرال المتقاعد جاي غارنر مهمة الاشراف على إعادة النظام والخدمات الأساسية إلى العراق. غير أن رامسفيلد قال في بيان صادر باسمه ان جاي غارنر يقوم بمهمة عظيمة للولايات المتحدة وأن أي تلميح بعكس ذلك يفتقر للصحة تماماً ويعد أمراً مزعجاً. وشدد وزير الدفاع الأمريكي في بيانه على أن البيت الأبيض لم يعلن أية تعيينات بشأن مناصب أخرى. وكانت الصحيفة قد قالت ان بريمر سيكون له سلطة أعلى على الجنرال المتقاعد غارنر وأن تعيينه سيعتبر انتصاراً لوزير الخارجية كولين باول. ويقدم غارنر تقاريره في الوقت الراهن إلى وزارة الدفاع الأمريكية «بنتاجون» مباشرة وليس من المعروف إذا كان هذا الوضع سيتغير أم لا. وقد عمل بريمر (61 عاماً) في وزارة الخارجية الأمريكية لمدة 23 عاما شغل خلالها عدة مناصب رفيعة مرات كثيرة قبل أن يكلف في عام 1999 برئاسة اللجنة الوطنية لمكافحة الارهاب التي تقدم توصياتها للرئيس الأمريكي والكونجرس حول أفضل السياسات لمكافحة الإرهاب. ويوصف ترشيح بريمر على أنه انتصار لوزير الخارجية الأمريكي باول في معركة النفوذ مع وزير الدفاع رامسفيلد التي لا تزال مشتعلة بالرغم من الانتصار العسكري الذي حققته القوات الأمريكية في العراق. ويتبنى كل من وزارة الخارجية الأمريكية من ناحية والبنتاجون من ناحية أخرى وجهة نظر متباينة حول مستقبل الحكم في العراق في مرحلة ما بعد الاطاحة بصدام حسين بما في ذلك دور وأداء ما يسمى بالادارة الأمريكية المدنية للعراق قبل نقل السلطة لحكومة عراقية منتخبة. ولا يقتصر الانقسام في الادارة الأمريكية حول الدور أو المهمة التي يتولاها رئيس ما يسمى بالادارة المدنية الأمريكية في العراق أو هوية هذا الشخص حيث يتركز الخلاف بين الخارجية والبنتاجون أيضا على شخصية السياسي العراقي أحمد الجلبي رئيس المجلس الوطني العراقي. ويحظى الجلبي بتأييد قوي من البنتاجون لكن بعض المسؤولين في الخارجية الأمريكية ووكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه) يشككون في مصداقيته ويصفونه بأنه شخص متسلق لا يتمتع بأي تأييد شعبي أو سياسي داخل العراق ويحمل تاريخ معاملات مالية مشبوهة. وتفضل وزارة الخارجية الأمريكية بدلا من دفع أشخاص مثل الجلبي إلى الزعامة الجديدة في العراق وأن يتم اجراء عملية انتقال مطولة وتدريجية وموسعة تؤدي الى عقد مؤتمر وطني بين الفئات العراقية في العاصمة بغداد في نهاية الأمر لضمان التأييد لقيادة منتخبة. ولا يرتبط الجلبي بعلاقة وثيقة بالبنتاجون فقط بل بشخصيات تعرف بتوجهاتها المتشددة ضد العرب والمسلمين بوجه عام يقابلها علاقة وثيقة بإسرائيل وجماعات الضغط اليهودية الأمريكية مثل ريتشارد بيرل عضو مجلس سياسات الدفاع التي تقدم المشورة لوزارة الدفاع الأمريكية وجيم ولزي مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية السابق المرشح للعب دور مقبل في العراق. وقد تردد في بعض الدوائر السياسية والاعلامية في واشنطن أن الجلبي تعهد لما يعرف بفريق الصقور الموالي لإسرائيل في الولاياتالمتحدة بالاعتراف بإسرائيل بعد وقت قصير من توليه القيادة في العراق واقامة علاقة طيبة ووثيقة بين بغداد وتل أبيب تتناقض مع كان يوصف بتهديد عراق صدام حسين لإسرائيل.