يتلقى الجنرال جاي جارنر العديد من الألقاب المثيرة رغم أنه لم يتول بعد دوره الجديد في الحياة. وما ألقاب الرئيس المعين، الحاكم المنتدب، الوصي والحاكم العسكري إلا أوصافا غريبة ومغلوطة للمهمة التي أسندت لمدير مكتب إعادة الإعمار وتقديم المعونات الإنسانية في العراق، الذي استحدث مؤخرا في البنتاجون. وتتمثل المهمة التي سيتعين على هذا العسكري المتقاعدة من ولاية فلوريدا، في قيادة إدارة مدنية في عراق ما بعد الإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين. غير أن موعد شروع جارنر (64 عاما)، في مباشرة مهامه يبقى رهنا لما ستسفر عنه تطورات الأمور. وقد أنيطت بجارنر على المدى القصير مهمة المساعدة الإنسانية ، بدءا بإعادة بناء ما دمرته الحرب من البنى الأساسية وتهيئ السبيل لإدارة مدنية تتولاها سلطة عراقية انتقالية. وباختصار فإن مسئوليته ستتمثل في ايجاد التصور الأمريكي للديمقراطية في العراق. مهلة زمنية وبعد أن اختاره صديقه القديم وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، منح جارنر لنفسه ثلاثة أشهر فقط لاستكماله مهمته.. غير أن عددا محدودا من الأشخاص يعتقدون أن المهلة الزمنية معقولة. ومنذ البداية هناك خلافات داخل الإدارة الأمريكية حول من سيتولى الإدارة المدنية، عراقيو الداخل أم من كانوا في المنفى مثل أحمد الجلبي. كما يتعين على الولاياتالمتحدة أن تجد حلا للخلافات العميقة مع حلفائها حول المسؤوليات التي يتعين أن تسند للسلطة الانتقالية، وأيضا المهام التي قد تضطلع بها الأممالمتحدة في عراق ما بعد الحرب. ولا يستبعد أن يتعرض الجنرال جارنر لضغوط شديدة على الصعيدين الدولي والداخلي، أثناء سعيه للتخلص من أنصار حزب البعث وإقامة إحدى صيغ الحكم الديمقراطي. ومن المؤكد أن الشك والعداء لأي شكل من أشكال الحكم الأجنبي، مهما قصر أمده، سينتشر سريعا في العالم العربي. غير أن أنصار الجنرال يقولون إن له من المؤهلات ما سيجعله قادرا على إنجاح مهمته. ومن بين هذه المميزات أنه حسن الإصغاء ولا يعتقد أنه يحتكر الحقيقة ناهيك عن معرفته بالمنطقة. خبير صواريخ وقد عمل جارنر الذي شارك في حرب فيتنام، خبيرا في الصواريخ ، وأشرف خلال حرب الخليج الثانية على نشر بطاريات صواريخ باتريوت. وتولى بعد نهاية تلك الحرب مسؤولية عملية إعادة توطين آلاف من اللاجئين الأكراد في شمالي العراق. ويقول بعض المسؤولين إنه تميز ببعد النظر والقدرة على التنفيذ. وبحلول عام 1994 أصبح قائدا لقيادة الدفاع الاستراتيجي الفضائي الأمريكي ، ثم مساعدا لرئيس الأركان إلى حين تقاعده عام 1997. ويقيم جارنر علاقة وثيقة بمن يسمون بالصقور في الإدارة الأمريكية، هؤلاء الذين يتزعمهم وزير الدفاع دونالد رامسفيلد. وتقول بعض التقارير إنه ساهم في إعداد خطة نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي- الذي يلقب بوليد برنامج حرب النجوم. وبعد حصوله على التقاعد أصبح جارنر رئيسا لشركة (SY Coleman) المتخصصة في بيع أنظمة الصواريخ. وتشمل هذه الأنظمة صواريخ باتريوت التي نشرت على نطاق واسع في الحرب الجارية، وأيضا أنظمة صواريخ (آرو) التي بيعت لإسرائيل. ولجارنر علاقات وثيقة بالجماعات الإسرائيلية المحافظة، وقد وجهت إليه انتقادات حين أيد في عام ألفين بيانا أصدره (المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي) وكان يشيد بالجيش الإسرائيلي الذي تحلى بضبط النفس في مواجهة الانتفاضة الفلسطينية. وقد أدت هذه الروابط إلى إثارة شكوك العرب الذين يعتقد بعضهم أن الهدف الأساسي من تعيين جارنر في الإدارة المقبلة للعراق هو حماية إسرائيل وليس تحرير العراق. ومن المؤكد أن جاي جارنر سيحظى بإشادة عالية إن هو نجح في تبديد تلك الشكوك خلال الفترة القصيرة التي رسمها لنفسه. عن بي بي سي نيوز أونلاين