عندما كان وزير الخارجية الأمريكي كولن باول يتحدث على الهواء مباشرة عن حقوق الإنسان في العالم كان الجنود الأمريكيون يطلقون النار على حافلة مليئة بالنساء والأطفال في حادثة مؤسفة للغاية. جاءت هذه الحادثة وغيرها من المذابح التي ترتكبها الولاياتالمتحدة لتكون أفضل تعبير حقيقي عن سجل أمريكا في حقوق الإنسان، وجاءت كأفضل رد على كلام الوزير المتشدق بهذه الحقوق. حقاً إن الولاياتالمتحدةالأمريكية أدخلت نفسها في بيت من الزجاج لن تستطيع بعد اليوم أن ترمي الحجارة على الآخرين، هذا البيت الذي شيَّده وبدهاء كبير شارون وأنصاره في الإدارة الأمريكية وأدخلوا فيه بوش ووزير خارجيته وكامل إدارته حتى لا يستطيعوا بعد اليوم انتقاد إسرائيل على أي عمل تقوم به، هذا البيت المفخخ الذي دخلته أمريكا بطوعها واختيارها حصدت أول نتائجه عندما ألجمها اليهود عن مجرد الحديث عن أبشع جريمة في القرن الحادي والعشرين عندما قامت جرافة إسرائيلية بدهس ناشطة السلام الأمريكية «كوري» ذهاباً وإياباً وبشكل متعمد وهي جريمة لم يكن أشد المتشائمين يتوقَّع حدوثها في القرن الحادي والعشرين ومع ذلك لم تلفت هذه الحادثة نظر الأمريكيين ولم يعتبروا ذلك انتهاكاً لحقوق الإنسان حتى لو كان أمريكيا واضطروا لشطب العبارات التي جاءت ضد إسرائيل في تقرير الخارجية الأمريكية بحجة أنها وردت بالخطأ. والسبب الوحيد في ذلك أنهم دخلوا في بيت الزجاج الذي شيَّده أصدقاؤهم الإسرائيليون. لم أكن أتصور أن أشاهد أمريكا بهذا الوضع المؤسف وهي تتحول الى دولة بوليسية تذبح فيها كل قيم الحرية التي طالما تشدق بها العم سام ردحاً من الزمن ولم أكن أتوقع أن تتخلى الولاياتالمتحدةالأمريكية وبهذه السرعة عن قيمها ومبادئها التي اختلف العالم حول مصداقيتها إلا أنهم أجمعوا الآن على أنها كانت أكبر كذبة في تاريخ البشرية. القرن الحادي والعشرين أكبر شاهد على أن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي أول من ذبح حقوق الإنسان من الوريد الى الوريد لأنها اختارت أن تسير في فلك أعدائها الحقيقيين من الصهاينة وأدارت ظهرها لكل أصدقائها في العالم. وختاماً أتمنى أن يثأر العم سام لكرامته المهدرة ويخرج إدارة بوش من بيت الزجاج الذي ربما يكون الخطوة الأولى في سلم طويل قد ينتهي بتحطم أكبر إمبراطورية في القرن الحادي والعشرين.