** انصب اهتمام صحافة العالم بشكل واضح على ترتيبات عراق ما بعد الحرب، مستصحبة التطورات الميدانية التي أفرزتها المواجهات العسكرية في المدن العراقية الكبرى.والتي فرضت واقعا جديدا للطرح الإعلامي، كما كرست صحف عديدة تغطياتها لمتابعة لقاء بوش وبلير في بلفاست ومداولات بحث مستقبل العراق، بينما حظيت الأوضاع الانسانية، ومخاطر وآثار استخدام القنابل العنقودية على العراقيين باهتمام بعض الصحف التي أبرزت حجم المشكلة وخطورتها خاصة بعد انتهاء الحرب.واكدت الصحف الأمريكية من خلال ما أورده المراسلون أن القوات الأمريكية توغلت في شوارع العاصمة بغداد .واستولت على بعض القصور الرئاسية مشيرة الى أن سقوط النظام بات وشيكا. فيما استبعدت الصحف الروسية امكانية اقتحام العاصمة العراقية حاليا من قبل الأمريكان لعدم كفاية القوات اللازمة و قالت ان معركة بغداد لم تبدأ بعد .** البوسطن جلوب اهتمت الصحيفة بالحرب الدائرة في العراق وجاء المانشيت الرئيسي لها بعنوان «هجمات أمريكية في قلب بغداد.. احتلال القصور الرئيسية» وقالت ان ضابطاً أمريكياً كبيرا وبرفقة عدد كبير من الجنود ونحو مائة آلية عسكرية دخلوا قلب العاصمة العراقية اليوم وسيطروا على بعض المنشآت الحيوية. وكان العنوان التالي «الأمريكيون يحكمون اغلاق الدائرة حول بغداد» ورأت الصحيفة ان القوات الأمريكية تضيق الخناق على بغداد بعد يوم شهد قتالاً عنيفا أسفر عن مقتل نحو 2000 جندي عراقي وأضافت ان القوات المشتركة تحاصر حدود البصرة ثاني أكبر المدن العراقية واندفعت نحو وسط مدينة كربلاء، وذكرت الصحيفة ان حوالي 19 كرديا قتلوا في الشمال بنيران صديقة. ونشرت الصحيفة صورة كبيرة توضح اندفاع الجنود الأمريكيين «المارينز» للسيطرة على أحد الجسور الرئيسية بعد قيام هؤلاء بالسيطرة على طريق رئيسي خارج بغداد. شيكاغو صن- تايمز على صدر صفحتها الأولي كان العنوان «هجمة أمريكية جديدة على بغداد» وفي داخل الموضوع ذكرت ان القوات الأمريكية مدعومة بنيران ثقيلة وغطاء جوي مكثف تجولت داخل عربات مسلحة في عدد من شوارع بغداد لدحر أي مقاومة عراقية. وتابعت الصحيفة في خبر آخر تقول ان طائرات أمريكية توالي هبوطها في مطار بغداد الدولي وان أول طائرة حطت به يوم السبت الماضي. وتحدثت الصحيفة عن المعارك التي تدور في شمال وجنوب ووسط العراق وقالت ان ساعات الحسم باتت قريبة لكن علينا ان نضع في الحسبان رد فعل القوات الموالية لصدام حسين إذ من المنتظر ان تتصرف بعنف ودموية ربما يوقعان ضحايا كثيرين في وسط الأمريكيين أو المدنيين العراقيين.وحذرت من مغبة ذلك وطالبت باليقظة وعدم تجاهل أي شيء بهذا الخصوص. نيويورك تايمز أفردت الصحيفة في صور الصفحة الأولى تقريراً جاء بعنوان «العثور على الكيميائي علي ميتاً» وقالت ان علي حسن المجيد ابن عم الرئيس العراقي صدام حسين والشهير بعلي الكيميائي وجد مقتولا في الجهة الجنوبية، وعزت الصحيفة سبب هذا التسمية الى المعارضة نظرا لاصدار أوامره لاستخدام غاز سام عام 1988 تسبب في قتل آلاف الأكراد. ونقلت الصحيفة عن ضابط بريطاني القول ان الفرقة الثالثة مظلات ذكرت هذا النبأ وهو مقتل علي الكيميائي وقالت انه كان المسؤول عن المنطقة الجنوبية وأحد أقرب الأشخاص الى صدام حسين. وأبرزت الصحيفة العمليات التي تقوم بها القوات البريطانية إذ نشرت تحت عنوان «الهجوم البريطاني يسفر عن الاستيلاء على نصف مدينة بالجنوب» وشرحت ذلك قائلة إن مجموعتين عسكريتين بريطانيتين اندفعتا نحو البصرة واستولت على نصف المدينة على الأقل وانها استخدمت نيران الدبابات وقذائف المورتار في هذه العملية.وقالت ان ضباطا في الفرقة السابعة المعروفة باسم «فئران الصحراء» تعسكر غرب المدينة وان دبابات ومشاة ميكانيكيين في عربات عسكرية مدرعة دخلوا البصرة من الغرب وجنوب غرب وان هذه القوات التقت جميعا في وسط المدينة. وعن الوضع ما بعد الحرب والاطاحة بصدام كتب المحلل السياسي تود بوردوم قائلاً: إنه من المحتمل ان تبقى القوات الأمريكية في العراق مدة تزيد على ستة أشهر حتى تنسحب وهي فترة سيتم خلالها تثبيت سلطة مدنية تقود العراق في الفترة المقبلة. وتابع بوردوم قائلاً: إن هذا الكلام الذي جاء على لسان بول وولفيتز نائب وزير الدفاع يعني انه لن يكون للأمم المتحدة دور جوهري في مرحلة ما بعد الحرب وأوضح انه ربما تستعين كل من أمريكا وبريطانيا بمتطوعين عراقيين لبسط وتأمين الأوضاع بما يمكن الحكومة العراقية الجديدة من بناء قواتها العسكرية والأمنية. وأشار الى ان الحكومة الجديدة المؤقتة ستضم عناصر من داخل العراق وخارجه، وان دونالد رامسفيلد وزير الدفاع لا يزال يؤكد للرئيس بوش انه من الضروري اشراك بعض العراقيين في الخارج بهذه الحكومة. ولفتت الصحيفة في عنوان آخر الى ان العديد من المقاتلين التابعين لجماعات اسلامية في شمال العراق يستسلمون للقوات الأمريكية في الوقت نفسه لا يزال القلق يساور الأكراد. وقالت إنه بعد أسبوع من شن القوات الأمريكية والأكراد لهجوم على جماعة أنصار الاسلام المتشددة وطردها من مواقعها في الجبال شمال البلاد فإن أعداداً كبيرة من هؤلاء يعرضون الاستسلام حتى لا يتعرضوا للموت والقتل من قبل الأكراد والأمريكيين. ونقلت الصحيفة عن أحد أعضاء هذه الجماعة القول بأن عددهم الفعلي حوالي 326 وهم يرغبون بالاستسلام بعد ان أصبحوا بلا مأوى ومتعبين بدرجة كبيرة. وكان هؤلاء الذين يرتبطون بعلاقة مع تنظيم القاعدة قد أشاعوا حالة من عدم الاستقرار في المنطقة الشمالية بقيامهم بعمليات انتحاريةوتفجير عربات مفخخة وهجمات عسكرية، كما ان القرى التي كانت واقعة تحت سيطرتهم تطبق أسلوبا يشبه ذلك الذي كانت تتبعه القاعدة في أفغانستان من قبل الاطاحة بها منذ ما يزيد على العام. لوس أنجيلوس تايمز تصدر الصفحة الأولي للجريدة عنوان «القوات الأمريكية تسيطر على مبان رئيسية في بغداد» وقالت ان نحو 25 ألف من قوات المارينز مع القوات العسكرية الأخرى استولوا على غالبية الطرق المهمة في بغداد، وان تقريرا للمخابرات الأمريكية توقع ان يكون سقوط صدام حسين وشيكا. وحول عودة الديمقراطية الى العراق بعد انتصار القوات المشتركة قالت ان الطريق طويل لعودة الديمقراطية الى هذا البلد الذي ظل عقوداً طويلة محروماً من أبسط حقوقه المعيشية. وذكرت انه ينبغي الاسراع بشيئين اثنين هما اعادة الاعمار من جانب وعودة الحياة الديمقراطية. وأشارت الصحيفة الى ان الهجمات العنيفة التي تقوم بها القوات الأمريكية تجعل من الصعوبة بمكان على العراقيين فيما بعد الترحيب بهده القوات، في اشارة الى انه ستوجد حواجز نفسية عالية بين الجانبين بعد انتهاء الحرب ومن الصعب تجاوزها. الواشنطن بوست جاءت افتتاحية الصحيفة بعنوان «الحرب الدائراة في العراق لا تولد لدى الأمريكيين الكراهية ضد العدو العراقي». وقالت إنها حرب لم تولد الكراهية ضد العدو لاننا نعتبر انه حتى غالبية القوات العراقية ضحايا أبرياء للنظام الذي يرهب شعبه وقالت إن الأمريكيين يقتلون أمريكيين وعراقيين في الوقت نفسه. غير ان الافتتاحية تطرقت الى جانب انساني آخر إذ أشارت الى مخاطرة بعض العراقيين من أجل مساعدة جنود أمريكيين واجهوا مواقف صعبة، واستشهدت على ذلك بما فعله محام عراقي قام بابلاغ وحدات من قوات المارينز بمكان وجود المجندة الأمريكية جيسكا لانش التي كانت أسيرة لدى القوات العراقية وتم تحريرها. وقالت الصحيفة ان العائلات العراقية تعيش وضعا مأساوياً نظرا للأضرار البشرية والمادية التي تعرضت لها وان هذه العائلات تشعر بالبغض للأمريكيين والبريطانيين. وتابعت ان غالبية العراقيين يشعرون بالخوف حتى الآن بطريقة يصعب على الأمريكيين تصورها، الى ان تتم هزيمة الرئيس صدام حسين ونظامه المستبد بالكامل. وعن هدف الحرب الحالية قالت الواشنطن بوست انها تهدف الى التقليل من مخاطر ديكتاتور أو أولئك الذين يمكنهم ان يستخدموا الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية ضد الولاياتالمتحدة وحلفائها وذلك في اشارة الى الرئيس صدام وبعض الأنظمة المستبدة الأخرى. وتعتقد الصحيفة ان هذه الحرب إذا انتهت بالنصر فإنها ستجلب الفائدة الكبرى وهي إزالة شعور الخوف لدى الشعب العراقي الذي يعاني منذ سنوات طويلة من القهر والكبت والحرمان.