مني رئيس الوزراء الأسترالي جون هوارد بهزيمة نكراء في مجلس الشيوخ بسبب موقفه من الأزمة العراقية. فقد صوت أعضاء مجلس الشيوخ الذين ينتمون إلى حزب العمل وحزب أنصار البيئة (الخضر) بالإضافة إلى الديموقراطيين والمستقلين على مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة بأغلبية 34 صوتا مقابل 31 ما يشكل سابقة في تاريخ أستراليا. وهي المرة الأولى خلال 102 عام يسقط فيها رئيس حكومة وهو في السلطة بمذكرة حجب ثقة في مجلس الشيوخ. ونددت مذكرة حجب الثقة أيضا بقرار الحكومة الائتلافية المحافظة في أستراليا إرسال قوات إلى الخليج تحسبا لاندلاع حرب في العراق. يذكر أن أستراليا وبريطانيا هما الدولتان الوحيدتان اللتان انضمتا حتى الآن إلى الولاياتالمتحدة في نشر قوات عسكرية في الخليج استعدادا لشن هجوم على العراق. ويبرز تصويت مجلس الشيوخ الأسترالي الانقسام القائم في البلاد بشأن الاشتراك في أي حرب تقودها الولاياتالمتحدة ضد العراق. وتعرض هاوارد وهو من حلفاء الولاياتالمتحدة للهجوم لإرساله قوات أسترالية إلى الخليج والموافقة على نشر طائرات مقاتلة هناك للانضمام إلى القوات الأمريكية والبريطانية في حرب محتملة ضد العراق قبل أن تنتهي عمليات التفتيش التي تقوم بها الأممالمتحدة بحثاً عن أسلحة دمار شامل عراقية مزعومة. وقال السناتور بوب براون من حزب الخضر الأسترالي للصحفيين «إنه تصويت تاريخي لمجلس الشيوخ. «لقد خذل جون هاوارد هذه الأمة، أداءه السيء في قضية المشاركة الأسترالية يستحق أشد التأنيب». ولم تلزم كانبيرا نفسها بعد بالانضمام إلى أي تحرك عسكري ضد العراق سواء بموافقة الأممالمتحدة أو بدونها لكن قرار هاوارد بشأن نشر القوات أحدث انقساما عميقا وفجر احتجاجات شعبية. وأظهرت أحدث استطلاعات الرأي أن 76 في المئة من الأستراليين يعارضون مشاركة أستراليا في حرب العراق بينما أيد 57 في المئة المشاركة بشرط صدور قرار من الأممالمتحدة. واحتشد يوم الثلاثاء المئات من المتظاهرين المناهضين للحرب أمام البرلمان الأسترالي في الوقت الذي بدأ فيه رئيس الوزراء مناقشة حامية حول تأييد حكومته القوي للموقف الأمريكي المتشدد من العراق. ومع إظهار استطلاعات الرأي معارضة متنامية لمشاركة أستراليا في حرب تقودها الولاياتالمتحدة ضد العراق ألغى هاوارد أول أمس المناقشات العادية للبرلمان العائد من العطلة الصيفية ليشرح أسباب مساندته لواشنطن. وقال هاوارد خلال الجلسة الأولى للبرلمان الأسترالي في عام 2003 «هذاليس وقت تخفيف الضغوط عن العراق، هناك طريقة واحدة للضغط يفهمها «الرئيس العراقي» صدام حسين وهو التهديد باستخدام القوة المسلحة». واحتشد نحو400 نشط مدافع عن السلام أمام البرلمان وهم يحملون لافتات تقول «لا للدم مقابل النفط» و«أعيدوا قواتنا للوطن» احتجاجا على تأييد كانبيرا القوي للرئيس الأمريكي جورج بوش وقرار رئيس الوزراء الأسترالي نشر قوات أسترالية في الخليج. وفي احتجاجات الأمس خارج البرلمان شارك قدماء المحاربين والزعماء الدينيين وجماعات الخضر ومسنين على مقاعد متحركة وأمهات جلبن أطفالهن في عربات الأطفال للاعتراض على قرار كانبيرا نشر قواتها في الخليج. ومن جانب آخر سيحل رئيس الوزراء ضيفا على البيت الأبيض الاثنين المقبل حيث يجتمع مع الرئيس الأمريكي جورج بوش في ظل تصعيد الاستعدادات للحرب المحتملة على العراق.