جَذَبني ذلك المقال المهم الذي كتبه الدكتور الفاضل علي بن شويل القرني أستاذ الإعلام المساعد بجامعة الملك سعود حياه الله وذلك بتاريخ 8 ذي القعدة 1423ه الموافق 11/1/2003م.. كان عنوان المقال هو «مجتمعنا والإنترنت.. الثورة الرابعة الانفلات الأخلاقي للتكنولوجيا». وقد أدركت من العنوان أن الدكتور الفاضل أراد أن يركز على جانب «الانفلات الأخلاقي للتكنولوجيا» أي على الجانب السلبي من الموضوع.. يبدو ذلك واضحا في قوله إن «المتابع لما يبث عن طريق الإنترنت يلاحظ انعدام أي وازع ديني وأخلاقي» وفي قوله أيضاً إن «ما نحتاجه اليوم قبل غيره هو التوعية بسلبيات الوسيلة الإعلامية الجديدة أي الإنترنت التي التهمت كل الوسائل الأخرى وشوشت على كل الرسائل الأخرى وبعثرت مفاهيم أساسية في المجتمعات.. الأسرة والمجتمع والدولة».. هذا بعض ما قاله الدكتور القرني حول سلبيات الإنترنت ومعه كل الحق لهذا فقد حدث أن فكرت في أن يكون عنوان مقالي هذا.. هو: «الإنترنت.. ذلك الشيطان» ولكنني تراجعت «خوفا» من لوم وعتاب أولئك الذين يرون ومعهم حق أيضاً أن شبكة الإنترنت إنما هي نعمة كبرى على الإسلام ووسيلة عظمى لنشر دين الله بسهولة على مستوى العالم كله.. وأرجعوا إذا شئتم إلى المواقع الإسلامية على الإنترنت. عزيزتي الجزيرة: لقد اقترح الدكتور القرني «تكوين لجنة مختصة ضمن أجهزة الدولة».. «يناط بها دراسة الآثار المترتبة على المجتمع من الإنترنت و وضع حملات إعلامية بتنوير الشباب بشكل خاص بأوجه الاستفادة الإيجابية من استخدام الإنترنت وتبصيرهم بالسلبيات التي تواجههم وتواجه أسرهم ومجتمعهم» و خصوصا أن ما ينشر في الإنترنت لا يخضع لأي «شكل من أشكال الرقابة» كما ذكر سيادته. أيتها الجزيرة.. العزيزة.. إن ما ذكره الدكتور الفاضل.. جميل وعظيم ومفيد ولكنه من وجهة نظري يمثل خطوة أولى فقط على طريق طويل وصعب.. لهذا فإن لدي أنا الآخر اقتراحاً آخر.. لعله يمثل الخطوة الثانية على طريق تجنب سلبيات الإنترنت.. ويتلخص اقتراحي في تكوين «لجنة ثانية» مثل لجنة «الدكتور القرني» تماما.. على أن «يناط بها» عمل آخر يختلف عن عمل اللجنة الأولى فإذا كان عمل اللجنة الأولى يتلخص في «التنوير» و«التبصير» كما ذكر الدكتور القرني فإننا سنظل في حاجة إلى أن نتقدم خطوة خطوة جديدة تلي التنوير والتبصير وخصوصا أن «الحلال بين والحرام بين» كما أن «الإثم ما حاك في صدرك وخشيت أن يطلع عليه الناس» كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أن كل أو معظم الذين «سقطوا» في بئر سلبيات الإنترنت يعرفون الحلال والحرام ويعرفون الصواب والخطأ ولديهم من الوعي والتنوير ما يكفي ومع ذلك «سقطوا في البئر» فما الذي ينقصهم يا ترى؟! وكيف ننتشلهم من ظلمات ذلك البئر؟ هذا أيها الأحباب هو دور وواجب «اللجنة الثانية» وقد يدهش البعض إذا علم أن كل المطلوب من هذه اللجنة هو تعليم الناس كلمة واحدة.. نعم.. كلمة واحدة فقط لكن ما أصعبها من كلمة! وما أشقى من يعجز عن قولها.. إنها يا سادة كلمة «لا».. نعم.. لا.. ومن المؤكد أنني لا أقصد قولها باللسان فقط فما أسهل أن نقول «لا» لكن المشكلة حقا في أن نقولها باللسان والقلب والجوارح والسلوك العملي الواقعي في هذه الحياة الدنيا.. ولا يستطيع فعل ذلك إلا إنسان قوي الإرادة.. فكيف نقوي إرادتنا؟ كيف نربي أنفسنا من جديد؟.. أي كيف نستطيع أن نقول لا عند اللزوم؟ كيف نستطيع أن نقول لا لمغريات الإنترنت؟ إنها حقاً مهمة صعبة لكن بوسع «اللجنة الثانية» أن تقوم بهذا الدور بإذن الله لأن أعضاءها سيكونون من المتخصصين في جميع العلوم والفنون ولا شك عندي في أن قراء «عزيزتي الجزيرة» سيكون لهم دور ومشاركات كما عهدناهم دائماً.. أما عن نفسي فإن مشاركتي الأولى تتمثل في دعوة الجميع لترديد الدعاء التالي: يا رب.. يا هادي.. اللهم اهدنا بقدرتك وقوتك فنحن و حدنا عاجزون.. ولكننا بك يا رب قادرون اللهم املأ قلوبنا بنورك حتى لا يزحف إليها ظلام الإنترنت. محمد موسى رزق موجه بالتربية والتعليم