في رؤية إعلامية جديدة يطالب الخبير الإعلامي عادل معاطي بضرورة التركيز على عناصر الضعف والتفكيك داخل إسرائيل و إبراز التناقضات والنزاعات والهويات المختلفة التي تعتمد على ثقافة المواطن الإسرائيلي. وقال عادل معاطي رئيس القناة السابعة المحلية بالتلفزيون المصري وصاحب دراسات عديدة في الأدب والمسرح الإسرائيلي في حواره ل«الجزيرة»: انه لابد من التأكيد على التشتت والعنصرية الكامنة داخل المجتمع الإسرائيلي وصولا إلى تعرية هذا الكيان والعمل على انهياره مؤكدا ان بنية المجتمع الإسرائيلي لا تجد أي حل سلمي لمشاكلها. الوطن والاستيطان * قمتم بدراسة حول علاقة المواطن الإسرائيلي بالأرض فما هو موضوعها، وماهي أهم محاورها ؟ - كانت الدراسة تدور حول العلاقة بين الفرد الإسرائيلي والأرض هل علاقة وطن أم استيطان وحاولت من خلالها تحديد ماهية العلاقة من خلال تحليل مضمون لسبعة أعمال مسرحية لأشهر مؤلفي المسرح الإسرائيلي في بداية التسعينات، معتمداعلى جماهيرية تلك الأعمال وشهرة مؤلفيها داخل إسرائيل، وحاولت التعرف على علاقة المواطن الإسرائيلي بالأرض التي جاء اليها مهاجرا وهل هي علاقة مواطن بوطن عزيز عليه نشأ وتربى فيه ويلهث وراء الاستقرار ودعم الأمن والسلام وهو مرتبط فيه ببيئة ثقافية وعرقية واحدة أم علاقة استيطان قائمة على السلب والنهب والصراع والاختلاف في البنية الثقافية والعرقية وفرض القوة من أجل البقاء. * ما هي الدلالات والنتائج التي توصلت اليها.... ؟ - توصلت الدراسة لعدة نتائج كان من اهمها، الاقرار بتعقد بنية المجتمع الإسرائيلي، وتداخل خصائصه والتناقض الشديد بين اجزائه، فالسكان يعيشون في حالة من الصراع الشديد بين ولائهم لوطنهم الأم الذي جاءوا منه مهاجرين وبين ولائهم لوطنهم الذي يعيشون على أرضه وهو إسرائيل وبين هذا وذاك نجد تضارب الاتجاهات وصراع المصالح والقوى داخل بنية المجتمع هذا بجانب اختلاف الثقافات فهناك ثقافة غربية يحملها المهاجرون من أوروبا وأمريكا وأخرى آسيوية يحملها المهاجرون يهود آسيا والاتحاد السوفيتي وثقافة أفريقية يحملها يهود اثيويبا وجنوب أفريقا ووسط هذه الاختلافات تنشب اختلافات عرقية شديدة تؤدي في أغلب الأحيان لتصادمات داخل البنية الثقافية للمجتمع بل وداخل المؤسسات السياسية والدينية الأمر الذي جعل من الصعب أن يعيش المجتمع الإسرائيلي الا في ظل الحروب والصراعات داخلية أو خارجية وهوما جعلها في صراع دائم مع جيرانها فبنية المجتمع الإسرائيلي لا تقبل أي حل سلمي لمشاكلها. ومن الأمثله الواضحة على عنصرية المجتمع وتناقض قيمه تشكيك الحكومة في ولاء عرب 48 للدولة العبرية بالرغم من أنهم يحملون الجنسية الإسرائيلية وكذلك عنصريتهم مع اليهود السود القادمين من أفريقيا. * هل ترى لهذه التضارب والتناقض في البنية الثقافية للمجتمع الإسرائيلي أثرا على بنيته السياسية؟ - بالتأكيد هناك تأثير قوي على البنية السياسية وأول هذا التأثير هو حدوث تصادمات واختلافات سياسية بين السلطة الحكومية والسلطة الدينية داخل المجتمع وأعطي مثالا لذلك : بعد توقيع اسحاق رابين معاهدة السلام مع عرفات رأى الكثيرون في إسرائيل أن رابين اعطى تنازلات كثيره لعرفات وتوقعت بعدها عزل رابين أو اغتياله وقد كان ذلك وحتى القيم السياسية داخل المؤسسات الإسرائيلية تعاني من تناقض شديد نتيجة لتناقض التركيبه العرقية والثقافية للمجتمع. الإعلام العربي * هل يمكن للاعلام العربي الاستفادة من التناقض الحالي في المجتمع الإسرائيلي لخدمة القضايا العربية؟ - هذا هو ما أنادي به منذ سنوات فالإعلام العربي يجب أن يعتمد على استراتيجية جديدة في مخاطبة المجتمع الإسرائيلي وهي اللعب على التناقضات مع محاولة استقطاب كافة الاطراف من خلال مداخلها الثقافية والعرقية علاوة على اللعب على اوتارالنزاعات العرقية والدينية و العنصرية داخل المجتمع وكلها أشياء من شأنها اثارة الخلافات السياسية والثقافية داخل المجتمع وتهدم تماسكه واستقراره وهو ما يخدم بالتأكيد مصالحنا في المواجهة مع إسرائيل. * ما هي التحديات التي تواجه الإعلام العربي في الوقت الراهن وتراها معوقا لاداء دوره؟ - أنا لا أرى أن هناك أية مشكلات تواجه الإعلام العربي فقد بدأ يخطو خطوات صحيحة وواعية ولا توجد أي تحديات تعوق عمله سوى التحدي التكنولوجي الناتج عن الفجوة الكبيرة بين صناعة الإعلام العربي والإعلام العالمي وهذه ليست مشكلة في حد ذاتها فالتكنولوجيا قد تصنع شكلا ولكن لا تصنع مضمونا فمن الممكن أن نضع برنامجا بسيطا ومؤثرا بأقل الامكانيات وأتذكر في ذلك تجربة خاصة مرت بي عندما كنت أعد برنامجا تلفزيونيا باسم خواطر صيفية بتلفزيون الشارقة وكان لدى من الامكانيات القليل جدا ولكن استطاع البرنامج أن يترك صدى وتأثيرا كبيرا على المشاهدين لفترات طويلة وقد استطاع اختراق الحواجز الجغرافية ووصل لأوروبا وأمريكا. * ما رايك في معالجة وسائل الإعلام العربية لأحداث 11 سبتمبر وما تبعها من متغيرات عالمية؟ - أنا لا أخفي عليكم أن إعلامنا العربي قد عانى كثيرا في سرعة نقل الخبر واذاعته فلم يكن لدى بعض القنوات مراسلون مستقلون في مناطق الأحداث بواشنطن ونيويورك وأكتفت بالنقل المباشر من C.N.N وبعض القنوات الأجنبية الأخرى ولكن نقل الحدث ليس بمشكلة بل تناوله بالتحليل الموضوعي أكثر أهمية وهو بالفعل ما ينقص اعلامنا العربي خاصة عقب مثل تلك الأحداث وهو ما يعني نقصا في الكوادر الإعلامية الواعية والقادرة على قراءة ما بعد الحدث. التبعية والتحديات * هناك من يرى أن استيراد مضامين أجنبية كما في البرامج ترسخ من التبعية الإعلامية للغرب فما رأيكم في ذلك؟ - ليس في ذلك أي نوع من التبعية فاستيراد البرامج الجيدة لا يرتبط بدولة أو ثقافة فالمادة الإعلامية ليس لها ثقافة أو هوية ويمكن تطويرها لتتوافق مع أية لغة وأية ثقافة فهناك قنوات أجنبية تبث أعمالاً لنجيب محفوظ وأدباء وشعراء عرب كثيرين وغيرها من المواد الثقافية التي تحمل الهوية العربية وهذا لا يعني أن هناك غزواً عربيا للثقافة الغربية أو العكس ولكن يمكن أن نطلق عليه تبادلا إعلاميا تحكمه معايير الجودة فالمادة الإعلامية أصبحت سلعة تباع وتشترى ولا تحمل هوية أو ثقافة. * بدأت الحكومة الإسرائيلية بث قناة فضائية باللغة العربية بجانب وجود اذاعة صوت إسرائيل وغيرها من وسائل الإعلام الأخرى التي تسيطر عليها إسرائيل وتخاطب الجماهير العربية فهل ترى من خطورة في ذلك على المنطقة العربية؟ - العملية الإعلامية دائما تضمن التفوق للأقوى شكلا ومضمونا واذا كانت إسرائيل قد سيطرت على بعض وسائل الإعلام العالمية بجانب وسائلها الخاصة فالدول العربية أيضا لها وسائل إعلام ضخمة ما بين قنوات أرضية وفضائية مستقلة وحكومية وجميعها لديها قدرات للوصول للمستقبل العربي والتأثير فيه بأسرع وقت ممكن وهو ما تعاني منه وسائل الإعلام التي تبثها إسرائيل فالجماهير العربية تتعامل مع صوت إسرائيل او اي قناة فضائية إسرائيلية من منطلق أنها قنوات للعدو وبالتالي لديها حاجز نفسي يرفض تقبل أية معلومة أو خبر على عكس تعامله مع القنوات العربية التي تستطيع أن تستفيد من ذلك بتصحيح المفاهيم الخاطئة وزيادة التوعية بخطورة تلك القنوات سياسيا وثقافيا.