أجمع العلماء على ان الحج ركن من اركان الاسلام لا يتم اسلام العبد الا بها مجتمعة، واقر العقل السليم والفطرة النقية ذلك لما في الحج من الحكم الدينية والدنيوية وما فيه من الحكم الخلقية والعقلية والنفسية والفكرية ولا يكاد يدرك هذا الا من تعمق بأسرار الحج ووعى القصد منه بفقه معناه والإحاطة بآثاره. وأصل الحج القصد، فهو ثلاثي أصلاً يقال: حج بمعنى: قصد والقصد هنا يراد به الاتجاه حساً ومعنى اي: نية، ويطلق الحج كذلك ويراد به النسك من اطلاق الجزء على الكل، ولا يقال للحاج منسك أو ناسك حسب علمي الا ان اريد بهذا انه اختار منسكاً معيناً من: تمتع او افراد او قران واصل الحج قصد النية في زمن خاص وهي (اشهر الحج) الى مكان خاص وهي (مكة) مشاعر الحج. واصل النسك مأخوذ من نسك بفتح الكل من تعبد أو عبد. وبتأنيث الاسم على وزن فعيلة نسيكة بمعنى: ذبيحة هكذا. وفرض الحج سنة تسع للهجرة وحج النبي صلى الله عليه وسلم حجة واحدة وهي (حجة الوداع) جاء في صحيح الإمام مسلم بشرح الإمام النووي ج8 ص/170 198 من منشورات/ دار الكتب العلمية/ بيروت قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن ابي شيبة واسحاق بن ابراهيم جميعاً عن حاتم قال ابو بكر حدثنا حاتم بن اسماعيل المدني عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: دخلنا على جابر بن عبد الله فسأل عن القوم حتى انتهى الي فقلت انا محمد بن علي بن حسين فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زري ثم نزع زري الاسفل ثم وضع يده بين ثديي وانا يومئذ غلام شاب فقال: مرحباً بك يا ابن اخي سل عما شئت فسألته، وهو اعمى وحضر وقت الصلاة فقام في نساجة ملتحفاً بها كلما وضعها على منكبه رجع طرفاها اليه من صغرها ورداؤه الى جنبه على المشجب فصلى بنا. فقلت اخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بيده فعقد تسعاً فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج ثم أذن في الناس في العاشرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس ان يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويعمل مثل عمله فخرجنا حتى أتينا ذا الحليفة فولدت اسماء بنت عميس محمد بن ابي بكر فأرسلت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف اصنع قال اغتسلي واستشفري بثوب واحرمي فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ثم ركب القصواء حتى اذا استوت به ناقته على البيداء نظرت الى مد بصري بين يديه من راكب وماش وعن يمينه مثل ذلك وعن يساره مثل ذلك ومن خلفه مثل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين اظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله وما عمل به من شيء عملنا به فأهل بالتوحيد (لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك) واهل الناس بهذا الذي يهلون به فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً منه ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته). هذا جزء مهم من حديث جابر يطول ايراده لو اردته وهو بكامله عند: مسلم بن الحجاج ورواه البخاري والاربعة واحمد ومالك وغيرهم من كبار العلماء اصحاب الاثر خلال القرون الثلاثة الاولى من الهجرة رووه بأسانيد مختلفة لكنها تصب بمعنى المراد. وسوف بإذن الله تعالى أجمل صفة الحج وحالاته وكيف يكون؟ حتى يكون المسلم منه على بينة و(الحج) لا بد فيه من معرفته خاصة ما لا يعذر مسلم بجهله مما هو لازم بحقه لزوم عين فأبدأ حديثي اقول: ان الحج يلزم المسلم/ البالغ/ العاقل/ المميز/ الواجد للنفقة/ القادر عليه. وقبل ارادة الحج فعلى المسلم العاقل الأمين ما يلي: 1 ان يعيد المظالم. 2 ، أن يعيد الديون. 3 ان تكون النفقة حلالاً. 4 أن يدع لأسرته ما يكفيهم حتى يعود. 5 ان يودع أهله ويوصيهم بالتقوى. 6 ان يلم بأحكام الحج ونسكه. 7 ان يلزم رفقة صالحة. 8 ان يكثر الذكر. 9 ان يعين نسكاً واحداً. 10 ان يحج عن نفسه قبل الحج عن غيره. 11 أن يسال دائماً في كل حال تشكل عليه. 12 ان يكون ذا صدق وامانة وورع. 13 ان يبتعد عن الشعارات والفتن. 14 ان يدعو لمن ظلمه ان كان ميتاً ويلح في: الدعاء. 15 ان يتدبر ويتفكر بالخلق يوم البعث. 16 ان يتزود ما استطاع من: الطاعات. وهنا اذا جاء الميقات والمواقيت هي: 1 ميقات المدينة: ذو الحليفة وهو أقرب الى المدينة وهو لاهل المدينة ولمن مر عليه ممن أراد الحج او العمرة. 2 ميقات اليمن: يلملم . 3 ميقات الشام ومصر وافريقيا الجحفة وهي قريب من مدينة (رابغ). 4 ميقات نجد ومن حولهم: قرن المنازل أو السيل فكل ما كان قبله: شرقاً فيحرم منه. 5 منه ميقات الشمال الشرقي للارض كبخارى العراق ولبنان الخ ذات عرق . فاذا وصل المسلم مريد: الحج فإنه في هذا يحرم من الميقات لانه بإحرامه هذا يكون قد حرم على نفسه ما لم يكن جائزاً من قبل وعند إرادة الإحرام فإنه يتنظف من الشعر والأظافر وما يلزمه نظافته ثم يلبس الإحرام وهما رداءان أبيضان، ولبس الإحرام غير نية الدخول في النسك فإذا نوى نية الدخول في نسكه قال: أولاً: لبيك عمرة متمتعاً بها إلى الحج، (وهذا نسك التمتع). ثانياً: لبيك حجاً وعمرة، وهذا: (القران). ثالثاً: لبيك حجاً، وهذا: (إفراد). ولا يجوز لمسلم لن يحرم هكذا لا يعلم كيف يُعيد نسكه. فاذا أحرم الحاج بأحد هذه النسك الثلاثة حَرُمَ عليه ما يلي: 1- تقليم الأظافر. 2 تغطية الرأس قصداً بملاصق له. 3 التطيب,, او استعمال ما شابه طيب. 4 قص او حلق الشعر. 5 لبس المخيط. 6 الجماع. 7 قتل الصيد. 8 عقد النكاح. 9 مباشرة الزوجة. 10 السعي لعقد النكاح لغير نفسه مع علمه بحرمته. 11 الافساد واثارة الشر، وهذا محظور ابداً لكنه في موسم الحج اكبر نهياً قال تعالى ومن يرد فيه بإلحاد نذقة من عذاب اليم . والمرأة الحاجة لا تغطي وجهها اذا احرمت بالحج الا عند من ليس محرما لها كأخ الزوج وابناء العم والخال والعمات والخالات وكل من تحرم عليه فانها تغطي وجهها لصحة ما ورد في هذا عن عائشة وغيرها وهو نهي عام لعموم نساء المؤمنين وكل محظور من المحظورات السابقة عليه (فدية) تقدر بقدرها عند اقترافها قصداً الا رقم (11) فعلى من فعل ذلك التوبة الصادقة والندم وعدم العودة واصلاح ما افسد والتعاون على البر والتقوى وحسن الخلق. والحاج المتمتع والقارن والمفرد عليهم جميعاً دوام التلبية حتى يروا البيت وحينئذ يقطعونها ثم يطوف المتمتع طواف العمرة ويسعى ويقصر ثم يلبس ثيابه وكذا القارن، والمفرد يكون طوافه تحية للبيت الحرام لانه لم ينو العمرة فلا يسعى بعد الطواف والقارن والمفرد يبقيان على احرامهما حتى يوم النحر. فاذا جاء اليوم الثامن (8) من يوم التروية خرج الجميع الى منى وبيتوتة هذه الليلة سنة حسب علمي فاذا اشرقت الشمس من يوم تسعة (9) خرجوا الى عرفة وهو الركن الاكبر لما جاء في الصحيح الحج عرفة فيصلون فيها الظهر والعصر جمعاً وقصراً وعند الغروب يذهبون الى المزدلفة فيصلون فيها المغرب والعشاء جمعاً وقصراً ويمكثون فيها حتى يأتوا المشعر الحرام ويكونوا قد صلوا الفجر قبل ذلك ثم يذهبوا الى منى ويبدأ الحجاج برمي (جمرة العقبة) بسبع حصيات صغيرة قدر حبة الفول ولا يجوز الرمي بالنعال او بحجر كبير ونحو ذلك ثم بعد ذلك: 1 ينحر: المتمتع والقارن. 2 ويحلق. 3 ويطوف الجميع بالبيت طواف الزيارة وهو ركن فيكون هنا قد حصل له التحلل الأول فيباح له كل حلال الا: الزوجة ثم يبقى في حال: التأجيل الى اليوم الثالث عشر (13) وفي حال التعجل اليوم الثاني عشر (12) وخلال هذه الايام يرمي كل الجمرات الثلاث كل جمرة بسبع حصيات بعد الزوال بعد (الظهر) وذلك خلال ايام 11 12 13 والمريض/ والحامل/ والكبير/ لا بأس بأن يوكلوا من يرمي عنهم. ثم يكون طواف الوداع بعد ذلك وان أخر الحاج طواف الزيارة ليجعله مع طواف (الوداع) مرة واحدة فلا ضير وطواف الوداع يسقط عن الحائص والنفساء لما صلح في هذا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. وعلى الحاج ان لا يمكث بمكة بعد طواف الوداع بل يخرج الى بلاده حالاً لان مكوثه فيها يلغي طواف الوداع الذي هو آخر اعمال الحج.