تظاهر آلاف القبارصة الأتراك مساء «الخميس» وللمرة الثالثة خلال شهرين مرددين شعارات ضد نظام الحكم «الديكتاتوري» شمالي قبرص وضد قبضة الجيش التركي الجاثمة منذ 28 عاماً بينما كانوا يحملون أعلام الاتحاد الاوروبي الزرقاء.فقد تظاهر ما لا يقل عن نشطاء 90 منظمة ما بين معارضة سياسية ومنظمات اجتماعية وعمالية تحت شعار «هذا البلد بلدنا» وطالبوا بتنفيذ خطة الأممالمتحدة الخاصة بإعادة توحيد الجزيرة وإنقاذهم من وضع اقتصادي متدهور.وبدأت منظمة تسمى «28 شباط/فبراير» إضراباً عن الطعام لجذب تأييد للموعد النهائي المقبل الذي حددته الأممالمتحدة للتوصل إلى تسوية بين القادة القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك قبل تقديم وثيقة الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي في 16 نيسان أبريل المقبل في أثينا. وتعكس كل ردود الفعل هذه شعوراً برفض الحكم التركي الذي شمل استيطان أتراك من الأناضول في الشطر الشمالي من قبرص بالإضافة إلى وجود قرابة 35 ألف جندي تركي مما أدى إلى اختلال في عدد السكان بين الاتراك وبين القبارصة الأتراك الأصليين الذين أصبحوا أقلية على أرضهم المنفصلة عن بقية جزيرة قبرص.ولكن القبارصة الأتراك أصبحوا يتحدثون جهراً أكثر من أي وقت مضى عندما انهارت آمالهم في الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي تحت لواء جزيرة موحدة بعد أن أدت أوامر من أنقرة إلى فشل المحادثات التي جرت في آخر لحظة في قمة كوبنهاجن التي عقدت في الشهر الجاري.وقد تجمع أكثر من عشرين ألف شخص للمطالبة مجددا باستقالة الزعيم القبرصي التركي رؤوف دنكتاش وبرحيل القوات التركية عن الجزيرة القبرصية، مما من شأنه أن يمهد الطريق لانضمام القبارصة الأتراك إلى القبارصة اليونانيين في الجنوب إلى ركب الاتحاد الاوروبي.ويذكر أن الجمهورية القبرصية حصلت في قمة كوبنهاجن التاريخية في 12 كانون الأول ديسمبر الجاري على الضوء الأخضر للانضمام مع تسع دول أخرى معظمها من وسط وشرق أوروبا إلى الاتحاد الاوروبي بحلول ربيع عام 2004.وتعبر المظاهرات عن أقوى وأشد معارضة لدنكتاش حتى الآن حيث دعاه المحتجون إلى تقديم استقالته بل إنهم طالبوا بأن لا يعود من تركيا حيث لا يزال يخضع لفحوص طبية هناك.وقد تحدوا وجوداً حاشداً لوحدات عسكرية خاصة وأخرى لمكافحة الإرهاب ولوحوا بالعلم الأزرق للاتحاد الاوروبي، ورددوا شعارات مثل «دنكتاش.. ارحل.. ارحل.. ارحل» و«نعم لعنان ولا لدنكتاش» إذ يريد زعماء المعارضة الموافقة على المسودة التي طرحها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان كأساس لحل شامل ونهائي للمشكلة القبرصية المزمنة، كما وافق عليها الرئيس القبرصي لوناني جلافكوس كليريديس في تشرين ثان نوفمبر الماضي.ووصف ساسة المعارضة وكبار التجار دنكتاش بأنه «خائن» لتجاهله لمطالب الشعب القبرصي التركي واستسلامه لقيادات المؤسسة العسكرية في أنقرة التي حكمت نظام دنكتاش «الدمية» لمدة 28 عاماً.كان دنكتاش في صدارة عملية تقرير مصير القبارصة الأتراك قبل ذلك بحوالي 24 عاماً فخرب جهود القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك نحو العيش معا في الجمهورية التي تأسست حديثا بعد أن منحت بريطانيا جزيرة قبرص التي كانت تستعمرها الاستقلال عام 1960.ومنعت وسائل الإعلام القبرصية اليونانية من تغطية المظاهرات في شمالي الجزيرة في حين قطعت كل الخطوط الهاتفية. والتزم الإعلام القبرصي التركي بأمر التعتيم الاعلامي، بينما نقلت القناة الثانية بالتلفاز القبرصي اليوناني مشاهد هذه المظاهرات الصاخبة في صدر نشرتها الاخبارية.ومن المتوقع رغم ذلك أن تبرز صحف المعارضة القبرصية التركية صورا للمظاهرات في صدر صفحاتها الأولى خلال الأيام القليلة المقبلة. يذكر أن دنكتاش أعلن قيام جمهورية شمال قبرص التركية في تشرين أول نوفمبر من عام 1983 لم تعترف بها سوى أنقرة. وكانت القوات التركية قد اجتاحت شمال قبرص في صيف عام 1974 رداً على محاولة من جانب القبارصة اليونانيين الذين يشكلون الأغلبية إعلان الوحدة مع اليونان من جانب واحد.