وقائع حقيقية تفوق في غرابتها الخيال وتضع من ينظر اليها على حافة الجنون، ضحايا هذه الوقائع سقطوا فريسة لبعض ممن فقدوا الايمان فلجأوا للسحرة والكهنة للانتقام من بعض من يختلفون معهم لسبب او لآخر، فتتحول حياة هؤلاء الضحايا وذويهم الى جحيم بفعل كيد السحرة واعمالهم، ويبقى القرآن هو الحصن الحصين لانقاذ هؤلاء الضحايا وحماية المجتمع من كيد السحرة وموبقات السحر. وما اكثر ما يروى من مآسٍ صنعها كيد السحرة فها هي امرأة تجد نفسها فجأة وبلا ادنى مقدمات طريحة الفراش تعاني من اوجاع وامراض لا يعرف الطب لها سبباً ولا يجد علاجاً لها، وعندما يشار على زوجها بالرقية الشرعية لها، يكتشف ان احدى الخادمات من جنسية آسيوية قد عملت لها «عمل» في بلدها على يد احد السحرة هناك، بسبب خلاف نشب بينهما، واخفت هذا «العمل» في حقيبة ملابس بمنزل مخدومتها بعد ان خيطت عليه قطعة من القماش حتى لا ينكشف امره، وهذه فتاة يتم خطبتها اكثر من مرة ولا يتم الزواج دون سبب واضح، وغيرها عشرات القصص التي تدق اجراس الخطر وتنبه من مخاطر السحر والسحرة على استقرار المجتمع، وهي المخاطر التي يحدثنا عنها الشيخ/ عبدالله بن سليمان الخضيري من خلال هذا الحوار: * بم تفسر زيادة اللجوء الى السحرة في هذا العصر؟ - ان هذا العصر الذي ماج بالفتن من كل وجه، وتنوعت مشاكل الناس فيه ذلك بسبب ضعف الايمان وترك العمل الصالح هو ما جعل كثير من الناس يتساهلون ويلجأون الى السحرة والعرافين والكهان وتصديقهم، و ظنوا انهم بذلك يحققون مآربهم او بعضاً منها. وحيث ان هؤلاء الدجالين لا يستطيعون تغيير حقائق الاشياء فلا يمكنهم ان يحولوا الماء يابساً واليابس ماءً، ولا الليل نهاراً ولا النهار ليلاً، ولكنه تخيل وتمويه وتضليل وتوهيم الا انه حقيقة واقعية ملموسة شغلت الاذهان، وتهدد المجتمع. * لكن ما هو السحر، وكيف يتم عمله؟ - السحر من الحقائق الخفية والمراد به هو العمل الذي يقوم شخص معين تتوافر فيه شروط مخصوصة تحت ظروف واستعدادات غير مألوفة وبطرق سحرية غامضة، للتأثير على شخص او جملة اشخاص رغم ارادتهم لتحقيق غرض معين له او لغيره، وذلك بعقد الخيوط والنفث فيها، وغالباً ما يستعين الساحر بالارواح الخبيثة، ولذا فالسحر عقد مبرم بين الشيطان الكافر والانسان الجاهل، على ان يقوم الانسان بعبادة الشيطان والكفر بالله وسب الاديان وتنفيذ كل ما يأمره به مقابل ان يحقق الشيطان مآربه وبغيته في الاضرار بالناس. ولذا كان السحر من اكبر الكبائر، قال صلى الله عليه وسلم:« اجتنبوا السبع الموبقات اي المهلكات، قالوا: وما هن يا رسول الله، قال: الشرك بالله، والسحر.. الى آخر الحديث الشريف» رواه البخاري ومسلم. * وما هو التفسير لبعض الخوارق التي يقوم بها بعض السحرة؟ - قد يظهر على يد الساحر شيء من خوارق العادات مما ليس في مقدور البشر ان يفعلوه مثل السير فوق الخيط وسحب السيارة بالشعر، وثني الحديد بالعين، ونحو ذلك، والخارق للعادة اذا لم يكن مبنياً على الايمان والتقوى فهو حالة شيطانية، وبالتالي فان هذه الخوارق من فعل الشيطان بعد ان يمثل الانسان لاوامره الخبيثة. * وكيف يمكن الوقاية من كيد السحرة؟ - ان طرق الوقاية من السحر تكون بملء القلب بخشية الله ومراقبته وكثرة ذكره واستغفاره، ذلك ان السحر يتم تأثيره باذن الله على القلوب الضعيفة والنفوس الشهوانية فكلما ضعف حظ الانسان من التوكل على الله تعالى وتوحيده وقل نصيبه من الدعوات والتعويذات النبوية كان تأثير السحر فيه اقوى لالتفاته الى غير الله تعالى. وهل ثمة آيات قرآنية محددة لابطال فعل السحرة؟ (81) وّيٍحٌقٍَ اللَّهٍ الحّقَّ بٌكّلٌمّاتٌهٌ وّلّوً كّرٌهّ المٍجًرٌمٍونّ} وقوله تعالى:{فّوّقّعّ الحّقٍَ وّبّطّلّ مّا كّانٍوا يّعًمّلٍون } الى قوله {..وّانقّلّبٍوا صّاغٌرٌينّ } . * وماذا عن فك السحر عن طريق سحرة آخرين؟ - فك السحر بالذهاب الى السحرة محرم لقول النبي - صلى الله عليه وسلم:« من اتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة اربعين يوماً»، وعن ابي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال:« من اتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما انزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - » رواه ابو داود وخرجه اهل السنن الاربع، وصححه الحاكم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ «من اتى عرافاً او كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما انزل على محمد - صلى الله عليه وسلم» وعن عمران ابن حصين - رضي الله عنه - قال.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من تطير ا و تطير له او تكهن او تكهن له او سحر او سُحر له، ومن اتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما انزل على محمد» رواه البزار باسناد جيد. وفي هذه الاحاديث الشريفة النهي الشديد عن اتيان العرافين وامثالهم من السحرة وسؤالهم وتصديقهم وفي ذلك ايضاً الوعيد على من فعل ذلك، فالواجب على المسلمين تقوى الله عز وجل:{..وّمّن يّتَّقٌ اللّهّ يّجًعّل لَّهٍ مّخًرّجْا } .