حذّرنا الإسلام من الوقوع في شباك السحرة والمشعوذين الذين تعد أعمالهم من الجرائم العظيمة التي تعود على صاحبها بالوبال والهلاك وتلي الشرك بالله مباشرة. والسحر من أخطر الأمراض التي تصيب الإنسان، وقد استطار شرر السحرة والكهنة والمشعوذين، وعظم أمرهم وكثر خطرهم فآذوا المؤمنين وأدخلوا الرعب في حرماتهم. وتزايدات أعمال السحر والشعوذة في بلادنا على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذل لمكافحتها. وتصدّرت الجنسيات غير السعودية والجاليات المقيمة في المملكة قضايا السحر والشعوذة، وذلك بنسبة وصلت إلى 68% للذكور، وما يقارب 83% مقارنة بالإناث. وذلك بحسب ما ورد للمحاكم في جميع مدن المملكة خلال عام واحد. «الجزيرة» ناقشت القضية الخطيرة مع عدد من أصحاب الفضيلة ليتحدّثوا عن السبل المثلى لمواجهة براثن السحرة والمشعوذين في المجتمع. بلاء وخطر بدايةً يؤكّد معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد المستشار بالديوان الملكي وعضو هيئة كبار العلماء أنّ السحر والشعوذة داء من أدواء الدّجل قديماً ومشكلة من مشكلات العصر حديثًا، وإنك لتعجب ممن رضي بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ - صلى الله عليه وآله سلم - نبيًّا ورسولا.. تعجب ممن عرف ربه وعرف دين الحق وصح إيمانه وصدق توكله وتحقق توحيده، كما تعجب من عصرٍ يوصف بالتقدم العلمي والعلم التجريبي - تقدم علمي وتقني في الأدوية والعلاج والوسائل - ومع هذا كله يسود هذا الداء وينتشر هذا البلاء ويعم هذا الخطر.. خطر يهدد المجتمع وعامل من عوامل تفكك الأسر وهدم العلاقات الاجتماعية وتقطيع أواصر القربى وإحلال الحق محل المحبة والخوف مكان الطمأنينة.. داء يزرع الاضطراب وينزع الثقة، بل إنه صورة من صور ضعف العقول ونقص التفكير ناهيكم بضعف الديانة وخلل العقيدة، وهو داء يمارسه الفسقة والأراذل ولا يرضاه الصادقون وأهل التقى، إن نفوس من يقدم عليه تتصف بالخبث والدنائة والمكر تسلب كل الوسائل مهما خبثت وتقتحم السبل مهما انحطت ليس لصاحبه في الآخرة من خلاق؛ فساد في الدين وشر في العمل وتهويل ودجل، إنّه السحر والسحرة والكهانة والكهنة والدجل والشعوذة، والساحر شيطان من شياطين الإنس لا يحب الخير للناس حيث نزعت الرأفة من قلبه والرحمة من نفسه، وهمّه المال وإيذاء الناس، وقبيح المسلك في أعماله ما يوقع في الكفر أو يوصل إليه: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ} وهو لا يتوانى عن الكذب ولا يتورع عن الخداع والتلون. كما إنّ الساحر لم يقدم على سحره إلا لإعراضه عن ربه وشرعه، وقد علم أن كثيراً من أنواع السحر لا يحصل إلا بالكفر والتقرب إلى الجن والشياطين مما لم يأذن به الله. يقول الإمام الذهبي - رحمه الله -: «ترى خلقًا كثيرًا من الضلال يدخلون في السحر ويظنون أنه حرام فقط وما يشعرون أنه كفر» وفي الحديث: ثلاثة لا يدخلون الجنة: «مدمن خمر، وقاطع رحم، ومصدق بالسحر».. ومن دقائق المعاني أن الله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه الكريم إن الذين اتبعوا ما تتلوا الشياطين هم الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم.. فقال سبحانه: {وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْكَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ * وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ...} (الآية: 89 سورة البقرة). السبع الموبقات ويشير د. صالح بن حميد إن عمل السحر بغيٌ ومكرٌ وخبثٌ وظلم، والساحر يظلم نفسه ويغضب ربه ويخسر دينه ويوقع نفسه في سخط الله ومقته: ...{وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} (102 سورة البقرة).. وفي الحديث المتفق عليه: «اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات».. ويدخل في ذلك التنجيم والكهانة مما هو دجلٌ وتخبطٌ من أجل أكل أموال الناس بالباطل وإدخال الهم والغم عليهم، وهؤلاء المنجمون الدجالون يستدلون بالنجوم والكواكب وأحوالهم وأبراجها ومنازلها وحركاتها واقترانها وافتراقها يستدلون بذلك على الحوادث الأرضية وعلى أحوال ناسٍ من شقاءٍ وسعادةٍ وحظوظ، وكل ذلك حرامٌ باطل يقود بصاحبه إلى الكفر إذا اعتقد علم الغيب أو اعتقد أن لأحدٍ غير الله القدرة على التصرف في الخلق؛ فذلك كله كفرٌ بالله واستعانةٌ بغير الله وشركٌ به تعالى الله عما يقول الظالمون الجاحدون المعاندون علوًّا كبيراً. والحوادث الأرضية ليس للنجوم بها تعلق أو ارتباط أو تأثير؛ ففي الصحيحين من حديث خالد الجهني - رضي الله عنه - قال: « صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلةٍ على إثر سماء من الليل - أي على إثر مطر - فلما انصرف أقبل على الناس فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أصبح من عبادي مؤمنٌ بي وكافر.. فمن قال: مُطِرنا بنوء كذا وكذا فإنه كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب، ومن قال: مُطِرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب» والشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد أو لحياته، بل هما آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده، وقد جعلهما الله بحسبان.. يعلم الناس بهما عدد السنين والحساب، والنجوم زينةٌ للسماء ويهدى بها في ظلمات البر والبحر. الشعوذات الفضائية ويقول د. ابن حميد لقد عظم الضرر واشتد الخطب بهؤلاء الذين يمارسون هذه التخبطات والتكهنات ويلبسون على ضعاف العقول والبصيرة، وإذا كانت الشعوذات والخرافات ووصفات العلاج الجاهلية تملأ الأرصفة والطرقات في بعض البلدان الضعيفة والفقيرة، فمع الأسف ما كان على هذه الأرصفة التقطته بعض القنوات والشاشات ليقع التلبيس على الجميع كبارًا وصغارًا رجالًا ونساء؛ فلا ينبغي الاستهانة بهذه الشعوذات الفضائية والوصفات الزائفة، ممن يدخل في التحذير والوعيد: الذين يذهبون إلى السحرة والمشعوذين ليطلبوا منهم أن يسحروا غيرهم من أعدائهم أو أصدقائهم؛ فمن سلك هذا المسلك فهو ظالم لنفسه معتدٍ أثيم غايته الانتقام من أخيه المسلم يذهب إلى هذا الساحر ليفرق بين فلان وفلانة أو يمنع فلانًا من الزواج بفلانة أو أن ينفر فلانا من أهل بيته وفي الحديث: «ليس منا من تطير أو تُطيِّر له أو تكهن أو تُكُهِّن له أو سحر أو سُحِر له» رواه البزار بسند جيد.وأين هؤلاء من عقوبة الله وقد جاء في الخبر: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العاطهة المستعطهة»؛ يعني الساحرة والتي تستحل أن تسحر لها. وبيّن د. صالح بن حميد أنّه يحرم الذهاب إلى هؤلاء الكهنة والسحرة والدجالين ولا يجوز تصديقهم؛ فما أفعالهم ولا كلامهم إلا دجلٌ ورجمٌ بالغيب واستعانةٌ محرمةٌ بغير الله، وذلك محرمٌ في دين الله وكبيرةٌ من كبائر الذنوب يقود إلى الكفر والضلال، ومن ادعى علم الغيب فقد كفر.. يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أتى عرَّافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة» رواه أحمد.. وعند مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أتى كاهنًا أو عرّافًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -».. قال بعض أهل العلم: إن من يأتي كاهنا فيسأله وإن لم يصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما، وإن سأله وصدقه بما يقول فهو داخل في حديث: «فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم»، مشيراً إلى إن الذين يذهبون إلى السحرة والكهان والمشعوذين وأصحاب الدجل يرجون نفعهم أو يطلبون الشفاء من أمراضهم إنما يزدادون سوءًا وإثما ولو حصل نفع في ظنهم أو وهمهم، فحسبهم أن ما نفع البدن أفسد الدين، وذلك هو الخسران المبين.. وأنى لهم النفع والله يقول: {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} (69 سورة طه). فليخش هؤلاء الذين يتعلقون بالسحرة والمشعوذين أن يكون ذلك ثمن دينهم وإيمانهم، وليتفكروا فما بعثهم على ذلك ولا دفعهم إليه إلا سوء ظنٍّ بربهم وخلل في عقيدتهم وقد علموا أن السحر من عمل الشيطان. أمراض العقائد ويؤكّد معاليه أن السحر والكهانة والشعوذة والدجل فتنٌ تصد صاحبها عن الحق وتعمي عن الهدى وتوقع في الضلال، ومن ابتلي بها تعلق بغير الله وابتعد عن منهج الله وضل ضلالًا مبينا، وإذا كان المرء حريصاً على أن يعرف الأمراض التي تؤذيه في بدنه فأولى من ذلك أن يعرف الأمراض التي تضره في دينه وعقيدته وتقدح في إيمانه؛ فأمراض العقائد والقلوب أشد فتكا وأعظم ضررا من أمراض الأبدان.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ* وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} (102- 103 سورة البقرة). أعقد المشكلات ويرى الدكتور خالد بن عبدالعزيز الشريدة الأستاذ المشارك بقسم الاجتماع في جامعة القصيم أن مجتمعنا يواجه عدداً من المشكلات التي يسعى بكل ما أوتي من علم وقدرة على معالجتها والحد منها؛ لكن من أعقد وأشد المشكلات التي يواجهها المجتمع ظاهرة السحر والشعوذة. لماذا كان السحر كذلك؟ لأنه مرتبط بعوالم أخرى وعقد لا يمكن أن يفكها إلا المختصون بها، ومع ذلك دعونا نعترف في البداية بأن لدينا ندرة في من يقومون بذلك. السحر يجتمع فيه كل الخبائث لأنه أولا خلل في الدين، وثانياً يقضي على الأسرة ويدمر كيان المجتمع؛ ولذلك عده الإسلام بأنه من أكبر الكبائر وتوعد من يتعامل معه بشديد العقاب. ولعظم المهلكة للمتعاملين مع السحره عده الرسول صلى الله عليه وسلم من الموبقات الكبرى التي تؤدي إلى دركات الهاوية، فقد روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: (الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ) ولاحظ هنا أن الحديث ذكر السحر بعد الإشراك بالله مباشرة. لما له من إخلال كبير في صحة المجتمع وأمنه وإيمانه، ولذلك أجمع علماء المسلمين على حرمته وتشديد عقوبته. برامج متخصصة ويذكر الدكتور خالد الشريدة بعض الأعمال التي تحد من ظاهرة السحر والشعوذة وذلك وفق التالي: أولاً: أدعو وبقوة الجهات المعنية بالعمل على تدريب مختصين من ذوي العلم والغيرة على الوطن لمواجهة هذا الداء. وأن تعد برامج متخصصة لإعدادهم بشكل علمي ويحصلون على شهادات توثق قدرتهم على التعامل مع هذه الظاهرة. ثانياً: التنسيق العاجل والمتبادل بين الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن يعنيه الأمر من الجهات لاتخاذ الإجراءات والجزاءات النظامية اللازمة للحد من هذه الظاهرة. ثالثاً: دراسة وحصر المتعاملين مع هذه الظاهرة وقضايا الشعوذة والتعامل معهم وفق ماتقتضيه المصلحة إما بالإيقاف والعقاب أو بالتأهيل النظامي الذي يعين على الاستفادة منهم بالشكل الذي نستطيع فيه مراقبتهم وتقييم دورهم. رابعاً: حصر كل المداخل والقنوات التي يروج من خلالها للسحر والشعوذة واستخدام كل الوسائل الجادة الممكنة للقضاء عليها. خامساً: إيجاد وسائل ووسائط اتصال تعين من لديه معلومة مفيدة عن العابثين بأمن الوطن من السحرة والمشعوذين وبالتالي الوصول إليهم والتعامل معهم بحزم. سادساً: إيجاد قنوات ووسائل نظامية وبديلة ورقم هاتف معلن لمعالجة من يرغب من العقد والمشكلات السحرية التي يعاني منها. لأن بعض الناس ونظرا لعدم معرفته بالوسائل النظامية والمباحة ربما يلجئ إلى الوسائل المحرمة. ومن المهم التسويق لها بشكل يخدم الهدف الذي أسست من أجله. إذا من المؤسف أن تجد الترويج الكبير للقنوات والمواقع والحسابات التي تروج لهذا الباطل. أخطر الأعمال ويؤكّد الدكتور عبدالله بن عبيد النفيعي أستاذ القانون المشارك بجامعة الطائف أنّ أعمال السحر والشعوذة من أخطر الأعمال ضد المجتمع، ولهذا جاءت الشريعة الاسلامية بمحاربتها وجعلتها من أعظم المحرمات والموبقات لما لها من تأثير خطير على ديانة المرء وعقيدته، وأخلاقه وسلوكياته. فهي ضرب من ضروب الفساد في الأرض، وتكثر أعمال السحرة والكهنة والعرافين والمشعوذين ومن في حكمهم - في الغالب بانتشار الجهل، وقلة الوازع الديني، وبعد الناس عن ربهم وتعلقهم بغيره، وعدم معرفة أصول العقيدة الصحيحة الراسخة التي عليها سلف هذه الأمة، والبعد عن دراسة التوحيد، كما أن للرادع الشرعي والسلطاني دور في القضاء على هذه الأعمال، فإن الله ينزع بالسلطان ما لم ينزع بالقرآن! ولقد شهدت الجزيرة العربية في زمن مضى وجودا كبيرا لهؤلاء السحرة والمشعوذين؛ بسبب الجهل والخرافات وكان فيها من الشرور والأعمال الشركية الشيء الكثير، حتى قيض الله لها بفضله ومنته الإمام محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله -، فلقد بذل وسع الجهد والطاقة في محاربة تلك الأعمال، ودعا الناس إلى التوحيد، وساهم في القضاء على الأوثان والأصنام وجميع الشرور والآفات العقدية، وألف كثيراً من الكتب في التوحيد التي أنقذت الناس من الجهل والظلمات وأخرجتهم إلى العلم والنور. ويعدّد الدكتور عبدالله النفيعي بعض الوسائل للتخلص من السحرة والمشعوذين، وهي: * العلم الذي هو ضد الجهل، وهذ العلم نستقيه من كتاب ربنا ومن سنة نبينا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، حيث جاء في الحديث: (ما بعث الله من نبي الا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم)، وإن مما علمنا به نبينا - صلى الله عليه وسلم - أن السحر من السبع الموبقات، وأن من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما بقول فقد كفر بما أنزل على محمد) صلى الله عليه وسلم. * أن يوضح العلماء والدعاة والخطباء خطر هؤلاء، ويقوموا بتثقيف الناس وتحذيرهم من أعمالهم. * أن يعي المجتمع بأن الله هو عالم الغيب والشهادة، وأن الشفاء بيد الله عزوجل، قال تعالى: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}، فإنه عند نزول البلاء لابد ان يعلم ان النافع والضار هو الله وحده سبحانه، قال تعالى {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ}. * ولا يمنع أن يأخذ بالأسباب لكن عليه اختيار المعروفين بعلمهم من الأطباء، أو الرقاة الذين يتمتعون بحسن المعتقد وسلامته. * تكاتف المجتمع في التبليغ عن هؤلاء، عن طريق قسم مكافحة السحرة والمشعوذين في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. * ردع هؤلاء من خلال تطبيق العقوبات التي سنتها الشريعة الإسلامية في حقهم، فإنه يروى عن عمر أنه أمر امرأة في قتل السحرة لمنع فسادهم في الأرض، وضررهم المتعدّي كما روي مرفوعاً (حد الساحر ضربة بالسيف).