لقد أصبح من الواضح جدا في الآونة الاخيرة زيادة الوعي العام في مجتمعاتنا العربية عامة تجاه مشاكل الأسنان وتشوهاتها، تلك المشكلة التي طالما عانت منها شعوب العالم قاطبة منذ فجر التاريخ بدرجات متفاوتة، وحتى عصرنا الحالي حيث لوحظ بشكل واضح زيادة معدلات الاصابة بتشوهات وسوء اطباق الأسنان، وقد ارتبطت مشاكل التقويم وتشوهات الأسنان ارتباطا وثيقا بتسوسات الأسنان اللبنية والقلع المبكر لها دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة للوقاية من عواقب عملية القلع المبكر لها التي تؤدي في غالب الأحيان الى تشوه الأسنان الدائمة البديلة بعد بزوغها. تبرز أهمية تقويم الأسنان ليس من منطلق كونه حاجة علاجية تجميلية فحسب، انما هناك حاجة وظيفية ماسة تفوق الناحية الجمالية أهمية، فعملية المضغ على سبيل المثال كذلك اللفظ والبلع والتنفس كلها وظائف حيوية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتشوهات التي تصيب الأسنان التي تؤدي الى عدم كفاءة الوظائف الحيوية السالفة الذكر، فالعلاقة متبادلة ووثيقة بين الأسنان وتلك الوظائف، كذلك سلامة اللثة والانسجة الداعمة للأسنان تعتبر شيئاً شديد الاهمية ووثيق الصلة بتشوهات الأسنان. أول ما يتبادر إلى ذهن أي انسان عادي او رب أسرة، والجواب هو أن كل شيء يبدأ من الطفولة كذلك هي الوقاية يجب أن تبدأ من الطفولة فالكثير من الناس ما زال راسخا في ذهنه بأنه ليس هناك أهمية لمعالجة الأسنان اللبنية في حال اصابتها، وهذا عين الخطأ، فمن الثابت علميا بأن الأسنان اللبنية هي التي تحفظ المساحة اللازمة لبزوغ الأسنان الدائمة بوضع سليم ومتناسق، وأي اصابة فيها يجب ان تعالج فورا وبكفاءة حتى تستمر في أدائها ووظيفتها التي سخرها الله سبحانه وتعالى لها حتى أوان سقوطها الطبيعي الذي يبدأ من عمر ست سنوات وحتى 13 سنة، كما يجب تفادي خلع أي من الأسنان اللبنية قبل أوان سقوطه الطبيعي قدر الامكان، اما في حال اضطر الطبيب لخلع شيء من الأسنان اللبنية لعدم امكانية معالجته، فيجب ان يتم حفظ الفراغ المتخلف عن الخلع بما يسمى حافظة المسافة التي للأسف الشديد يهملها العديد من الأطباء أو الأهل على سبيل عدم الاكتراث ليس اكثر، ولحافظة المسافة أشكال عديدة مرتبطة بحالة المريض، كما يتم ازالة هذه الحافظة والاستغناءعنها مع بداية بزوغ السن الدائم البديل خلفا للسن اللبني المخلوع. *متى وكيف تتم المعالجة التقويمية؟ التوقيت للمعالجة التقويمية هو شيء غالبا ما يبدأ الأهل السؤال عنه عند ظهور المشكلة في أسنان أولادهم، وللأسف هناك خطأ شائع متداول بين الناس ويقع فيه العديد من الاطباء العامين أحيانا وهو فكرة أن تقويم الأسنان لا يبدأ قبل عمر 12 سنة، وهذا الكلام ليس دقيقا، فصحيح ان هناك العديد من الحالات ليس من المفضل البدء بمعالجتها قبل عمر 12 سنة، ولكن بالمقابل هناك العديد من الحالات التي يعتبر عمر 12 سنة، هو عمر متأخر جدا للبدء بمعالجتها مثل حالات بروز الفك السفلي على سبيل المثال لا الحصر، فتقييم وتحديد التوقيت المناسب لبدء المعالجة يتم من قبل طبيب التقويم الذي يجب مراجعته للاستشارة عند ظهور بوادر مشكلة، وكما أن مراجعة طبيب الأسنان العام بشكل دوري قد تنبه الأهل الى مشاكل في أسنان أبنائهم لم يلاحظوها بأنفسهم. تتم المعالجة التقويمية، بعدة وسائل علاجية تسمى الاجهزة التقويمية وهي على عدة أنواع مثل الاجهزة التقويمية الثابتة، التي تتألف من أجزاء معدنية صغيرة تثبت على الاسنان عن طريق الالصاق، ويتم التحكم بتحريك الاسنان عن طريق الاسلاك المعدنية والنوابض والمطاط الذي يتصل مع هذه الحاصرات، وهناك الاجهزة التقويمية المتحركة التي تتألف من صفيحة من مادة الاكريل يرتبط بها أسلاك ونوابض خاصة يتم بواسطتها تحريك الأسنان، وهذه الاجهزة بخلاف سابقتها يمكن للمريض نزعها وتنظيفها ثم اعادتها داخل الفم واستخدامها بحسب ارشادات الطبيب وهناك الاجهزة الوظيفية التي غالبا ما تكون متحركة أيضا وتعتمد في عملها على تنشيط أو كبح أثر بعض العضلات التي ترتبط بالفم التي قد توجه النمو بحسب مقتضيات العلاج. وهناك أخيرا الاجهزة الخارج فموية التي تعتمد باستنادها على رأس المريض أو ذقنه ان اختيار أي من الاجهزة السابقة يعود الى مقتضيات العلاج وحالة المريض ويقرره الطبيب بنفسه. *كم هي مدة المعالجة التقويمية؟ إن مدة المعالجة التقويمية تختلف اختلافا شديدا بحسب شدة الحالة، فقد تستغرق اشهرا قليلة في الحالات البسيطة، وقد تمتد الى عدة سنوات في الحالات المعقدة. نصائح للمرضى المقدمين على معالجات تقويمية: ويجب عليه أن يلتزم بتفريش الأسنان بعد كل وجبة طعام مهما كانت بسيطة، فالإنسان العادي يجب ان يفرش اسنانه ثلاث مرات يوميا، ولكن مريض التقويم يجب ان يفرش أسنانه بعد كل وجبة طعام مهما بلغ عدد الوجبات، يجب على مريض التقويم الامتناع عن تناول بعض المأكولات القاسية مثل المكسرات لما يمكن ان تسببه من كسر او ايذاء لأجزاء الجهاز التقويمي، يجب على المريض عدم التهاون بمواعيد جلسات التقويم لأن الاهمال والتغيب عن الحضور بدون اعلام الطبيب قد يسبب اثراً سلبياً على الأسنان ويؤدي الى تشوهها، وأخيرا ننصح من يعاني من مشكلة تقويمية عدم التأخر بالمعالجة لأنه، كلما كان السن مبكرا كانت المعالجة أسهل وأسرع والنتائج أكثر ثباتا. د. خالد عادل رجب إخصائي في تقويم الأسنان والفكين